الضرائب الإسلامية وآثارها الاقتصادية

النظام الاقتصادي الإسلامي: هل يمكنه تحقيق أهداف مختلفة؟

هناك مزيدا من التركيز في الإسلام على نوع المنتجات، والتكاليف الاجتماعية الكامنة في النمو الاقتصادي. يؤكد هذا أن الفرق بين الاقتصاد الإسلامي وغيره هو في الغالب في درجة التركيز على أهداف معينة. وبالمقابل لا يوجد في النموذج الإسلامي ما يجعل الاقتصاد الإسلامي محصنا من المشكلات التي تواجه الغرب، فالتركيز على هدف يتطلب التضحية بأخر؛ إذ لا يمكن تحقيق جميع الأهداف الاقتصادية الكلية في أن واحد.

الاجتهاد: تتحدد فاعلية أي نظام مالي ولو جزئيًا بقدرته على مساعدة المجتمع على بلوغ أهدافه الاقتصادية المقبولة. ومبدئيا لا يبدو أن هناك فرقا جوهريًا بين الأهداف الاقتصادية المقبولة في الغرب ونظائرها في اقتصاد إسلامي حقيقي. فإن أهم ما يميز أي اقتصاد هو الرغبة في الوصول إلى العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

وعندئذ فإن المسألة الأساسية هي وضع الأهداف الاقتصادية الكلية وتحديد وسائل بلوغہا۔ وقد حدد شابرا (ه١٩٨) أهم الأهداف الاقتصادية الكلية للنظام الإسلامي في بلوغ التشغيل الكامل، والوصول إلى المعدل الأمثل للنمو الاقتصادي، مصحوبا باستقرار الأسعار: ولا شيء يستحق الجدل في هذا الباب.

ولأن كان ثمة فرق عن النماذج الغربية، فإنه يتعلق بدرجة التأكيد على هذه الأهداف فقط. حيث يلحظ أن ثمة تأكيدا على أولوية الهدف الأساسي المتعلق بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وبلوغ توزيع عادل للدخل والثروة، وهو ما يسميه الاقتصاديون المسلمون العائد العادل من التنمية الاقتصادية لجميع أفراد المجتمع (45-33 .Chapra, 1985, p).

فالنظام الإسلامي يؤكد أساسا على الحاجة إلى تعظيم رفاه المجتمع الإسلامي بكامله. وفي هذا السياق تتم المفاضلة بين السياسات الاقتصادية في الإسلام في ضوء قدرتها على تخفيف المعاناة أو تحسين الرفاه الاجتماعي. ويلحظ في هذا الصدد أن استمرار النمو الاقتصادي يمكن أن يتحقق، في رؤية بعض الاقتصادات الرأسمالية، من خلال إعادة توزيع الدخل والثروة نحو أفراد المجتمع الأغنى حالا، وهو ما يتطلب تضحيات برفاه الفئات الأقل دخلا، على الأقل في الأجل القصير.

ولكن هذا غير مقبول في الإسلام، فالتشغيل الكامل يجب بلوغه في الاقتصاد الإسلامي، ليس فقط لأنه يسمح لكل فرد بسد حاجاته الأساسية، بل لأنه يمنح أيضا هؤلاء الأفراد الكرامة في المجتمع، ولا يُقبل النمو الاقتصادي إلا إذا كان من شأنه تحقيق الرفاه الاقتصادي على نطاق واسع. فلا يقبل في الإسلام أن يتحقق هذا النمو بإنتاج سلع غير ضرورية، أو بتخريب البيئة الأخلاقية والطبيعية (6-35 .Chapra, 1985, pp).

التركيز على أهداف معينة في الاقتصاد الإسلامي

ولهذا فإن هناك مزيدا من التركيز في الإسلام على نوع المنتجات، والتكاليف الاجتماعية الكامنة في النمو الاقتصادي.

يؤكد هذا أن الفرق بين الاقتصاد الإسلامي وغيره هو في الغالب في درجة التركيز على أهداف معينة. وبالمقابل لا يوجد في النموذج الإسلامي ما يجعل الاقتصاد الإسلامي محصنا من المشكلات التي تواجه الغرب، فالتركيز على هدف يتطلب التضحية بأخر؛ إذ لا يمكن تحقيق جميع الأهداف الاقتصادية الكلية في أن واحد.

وفي نهاية المطاف فإن النظام الاقتصادي الإسلامي يبحث عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية لجميع أفراد المجتمع الإسلامي، ولكن بلوغ هذا الهدف يظل أمرًا صعبًا، لأن تحقق العدالة يتأثر بمدى التزام الناس بالواجبات المتعلقة بملكية المال، ومدى تقيدهم بمبادى التوحيد والأخوة. ودرجة التقوى والإيمان بالله هي التي تحكم في النهاية صلة الإنسان بأخيه.

وفي حين تسهم العدالة الاجتماعية في رفع مستوى التعاون الاقتصادي، إلا أنها لا تستلزم المساواة في الدخل والثروة، بل المساواة في الفرص بين جميع الناس القادرين على العمل، وتحفيزهم لعرض ما يملكون من إمكانات في سوق العمل.

المصدر : الصفحة 23 من كتاب (التمويل الإسلامي النظرية والتطبيق : بقلم: بول ميلز، جون بريسلي )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky