الامام الحسين عليه السلام بيني و بين الله لم يكن هدفه أن يمشي الناس إليه خمسة مئة كيلومتر أو خمسة آلاف كيلومتر ( فحسب)، بل كان يريد عليه السلام أن تجعل قضيته مشعلاً تضيء الطريق للإنسانية و للبشرية. و لهذا عندما ترجع إلى خطب الإمام عليه السلام في كربلاء تجدون تقول: إن لم تكونوا تؤمنون بالمعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم. يعني انا خطابي ليس موجه: للشيعه؟ لا..للمسلمين؟ لا.. للبشرية المؤمنة بالله؟ لا… لكل إنسان خطابي موجه إليه،حتى لو لم يؤمن بالمعاد؟ هذا هو الحسين.
خاص الاجتهاد: بمناسبة الأربعينة الامام الحسين عليه السلام المباركة تكلم المفكر الإسلامي السيد كمال الحيدري حول قضية الشعائر الحسينية التي الآن نعيش أجوائها المباركة.
يقول السيد الحيدري: الحق و الإنصاف واقعاً ظاهرة الاربعين من الأمور التي يعجز الفكر عن تفسيرها عادتا. في الحقيقة هناك كثير من قضايا، الإنسان يستطيع أن يرجعها الى أمور إجتماعية أو إلى أمور تربوية.
لكن تجدون أنّ هذه الظاهرة، أعني ظاهرة السير مشياً علي الاقدام إلى زيارة أبي عبدلله الحسين(سلام الله عليه) أن الانسان واقعا يبقى حائرا أمام هذه الظاهرة،
و لكن …
و لذا انا أقول هذا الكلام لأن البعض يحاول أن يقول أن السيد الحيدري لا يؤيد الشعائر، يريد أن يخفف من قيمة هذه الشعائر. لا أبدا، و الله العظيم ليس الأمر كذلك.. أبدا..
أنا معتقد بهذه الشعائر تبقى هذه القضية. القضية الحسينية التي عبر عنها الإمام سلام الله عليه: إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول لله صلى الله عليه و آله لآمر بالمعروف و أنهى عن المنكر. هذا هو الشعار العام الذي رفعه الإمام حسين عليه السلام.
الدليل على أن الحركة الإصلاحية المباركة هي عنوان مدرسة أهل البيت
قلت بان هذه الحركة الإصلاحية المباركة للإمام الحسين عليه السلام هي عنوان مدرسة أهل البيت. و عندي دليل على ذلك و هو:
أنه أنت لا تجد في أي مورد، أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، و أن الإمام الأمير المومنين عليه افضل السلام، و أن الامام الحسن يقفون عند هذه الحركة المباركة قبل وقوعها. نحن لا توجد عندنا ظاهرة، أن الائمة سلام الله عليهم أخبروا عن قضية بهذا المستوى من الحجم. اقرءوا روايات واردة عن رسول الله صلى الله عليه و آله ماذا تكلم عن دم الحسين وماذا تكلم عن امته و ماذا يفعلون؟
هل تكلم عن ظاهرة الأخري، لم يتكلم
هل تكلم عن ما يجري علي الامام الرضا عليه السلام؟
هل تكلم عن ما يجري علي الامام الصادق؟
و مع أن كل هؤلاء ضحوا بكل وجودهم في سبيل الله
و لكن لأنه هذه القضية، هي القضية التي ستكون عنواناً لمدرسة اهل البيت، يعني هي لافتة التي من خلالها نستطيع أن نهيأ الأمة لظهور الإمام سلام الله عليه، و لكن بشرطها و شروطها.
الأصول الثلاثة لإقامة العدل الإلهي
أنا ذاكرا مرارا و تكرارا، هذا الأمر، أنه توجد عندنا أركان ثلاث لابد من تحققها لإقامتة العدل الالهي:
الأصل الأول: وجود شريعة كاملة قابلة للاستجابة و لكل متطلبات الحياة. و هذا ما نعتقده في الشريعة الإسلامية كما في الطريقة التي اعتقدها.
الأصل الثاني: وجود قائد رباني لا يُخطأ عِلماً و عملا. يعني ليس فقط لا يخطأ علما، بل لا يُخطأ تطبيقاً، و الّا اذا كان يخطأ علما أو يخطأ تطبيقاً يصير في عصر الغيبة يعني ماذا؟ هذا الذي الان تجده أن آراء العلماء: مختلفة، متنافرة، يسقط بعضهم بعضا، يقتل بعضهم بعضا. لا بدّ أن الذي يريد أن يقيم العدل الالهي أن يكون معصوماً علماً و تطبيقاً.
الأصل الثالث: ما أشار إليه الآيه 25 من سوره الحديد “ليقوم الناسُ بالقسط . و هذه هي القضية الأصلية التي لا بدّ ان نقف عندها. الآيه تقول: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناسُ بالقسط. اذن، الفاعل ليقيم الحجة هل هو القسط؟ أم الحجة كقائد، و الناس لابد من إقامة القسط؟ اي منهم؟!
إذن لابد من توفر الأمّة، التي تحمل هذا المشروع الإلهي. و الأمة كانت موجودة. يعني الشرط الاول و الثاني كان موجود في عهد رسول الله و في عهد الأئمة كلهم الى الامام الهادي احد عشر.
و لكن هل تحقق العدل الالهي على الارض لو لم يتحقق؟
لم يتحقق!
لماذا لم يتحقق؟
لعدم وجود العنصر الثالث.
بل هؤلاء الناس هم نفس الأمّة،
قتلوا ماذا؟ قتلوأ هولاء القائل(باقامة القسط). كما قتلوا الامام الحسين بهذه الطريقه في هذه الملحمة.
المشي في الاربعينية أهمّ المفاتيح للحركة و لكن بشرطها و شروطها
لا بدّ ان تتهيأ الأمّة! و كيف نهيأ الأمة؟ كونوا على ثقة، لو إستطعنا أن نستفيد من قضية الحسين بحقيقتها، لا ببعض الممارسات الخرافية و التي ما أنزل الله بها من سلطان. اذ استطعنا ان نفعّل هذه القضية في وجدان لا فقط الشيعه، لا بد من تفعيلها في وجدان المسلمين. لا فقط في وجدان المسلمين! لا بدّ من تفعيلها في الانسانية.
ومن هنا انا أقول بأنه الشعائر، عندما نريد أن نأسس لها لا بدّ أن تأخذ بعين الإعتبار: ثقافات الأمم، فهم الأمم، وعي الأمم، حتي يفهموا هذه القضية. و لكن مما يأسف له، و انا اتصور أنّ المشي الى الامام الحسين في الاربعينية هذه واحدة من أهمّ المفاتيح و أعمدة هذه الحركة و لكن بشرطها و شروطها: أن تستغل و أن تستثمر إعلامياً و فكرياً و ثقافياً و وعياً في الأمّة.
و لكن الآن موجود لو غير موجود؟
هل نجد أنه كل المواكب اتجاهها اتجاه الفكر و الثقافة؟ إما إتجاه المواد الإطعام أو غيرها و الخدمات فقط ! أي منهما؟ (جزاهم الله خيرا، هؤلاء الذين يقدمون هذه الخدمات.)
و لكن القضية أكبر من قضية الخدمات. الامام الحسين بيني و بين الله لم يكن هدفه أن يمشي الناس إليه خمسة مئة كيلومتر أو خمسة آلاف كيلومتر، بل كان يريد عليه السلام أن تجعل قضيته مشعلاً تضيء الطريق للإنسانية و للبشرية. و لهذا عندما ترجع إلى خطب الإمام أمير المؤمنين في كربلاء تجدون تقول: إن لم تكونوا تؤمنون بالمعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم.
يعني انا خطابي ليس موجه:
للشيعه؟ لا..
للمسلمين؟ لا
للبشرية المؤمنة بالله؟ لا…
لكل إنسان خطابي موجه إليه
حتى لو لم يؤمن بالمعاد؟
هذا هو الحسين.
الخطاب الموجه للمؤسسة الدينية وكل الملايين السائرة إلى قبر أبي عبدالله الحسين
خطابي الآن أوجهه لكل هذه الملايين السائرة إلى قبر أبي عبدالله الحسين. بغض النظر عن الروايات الصريحة، النص القرآني يكفينا.
هل واقعا الآن نحن إستطعنا أن نستثمر القضية الحسينية لنجعل منها خطابا الي الانسانية؟ أو نجدها مع الأسف الشديد أن هذه القضية المباركة و أن هذه الملحمة الالهية التي لا سابقة لها في التاريخ الإنساني، و لم يكون لها مثيل في ما سيأتي الى قيام الساعة، هذه نجد بأنه وقعت بيد الجهلة، طبعاً أقول الجهلة والله لا أشكك في نوايا أحد أبدا. انا ما أريد أن أقول بأنّ هؤلاء الذين ليدعون الى بعض الممارسات، مرتبطين بهذا أو مرتبطين بأحد أو عملة… أبدا. وإنما أريد أن أتكلم أن هذه الممارسات واقعاً على نقيض من حركة الامام الحسين عليه السلام.
و على المؤسسة الدينية مرة أخري أصرخ و أصيح، أن تأخذ القضية الحسينية و تجعلها ملفاً من أهم ملفاتها لتوجيهها و لتوجيه البشر و لوعي الأمة للوصول الى الأهداف التي أرادها الإمام الحسين عليه السلام.