كثر الحديث عن الاختلاف في ثبوت الهلال وبداية الشهور القمرية وخاصة بداية شهر رمضان وشوال و ذوالحجة لارتباطها بشعيرة الصوم والحج. وإنه من دواعي الاستغراب والأسى في آن واحد أنه وبعد كل ما قدم من بحوث ودراسات جادة من قبل المختصين في مجال تحديد بداية الشهور القمرية وتقدم العلوم المتعلقة بهذا الموضوع وجود الفوضى والبلبلة وشياع الشبهات والأخطاء الجسيمة التي يقع فيها بعض علماء الفلك وبعض الفقهاء فضلاً عن ما يدور بين عامة المجتمعات الإسلامية.
الاجتهاد: في هذه الورقة سنتطرق لأهم هذه الشبهات لكشفها وتبيان الحقيقة لكي تشيع وتقل الخلافات السلبية في موضوع بداية الشهور القمرية.
قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب )
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)
وروي عن الإمام الباقر(عليه السلام): (إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا، وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية)
١ – الشبهة:
بعد التقدم العلمي وسهولة الاتصالات من المفترض أن يكون بداية الشهر القمري واحدة في العالم كما هو عليه في الشهر
الميلادي.
الحقيقة:
يمكن وضع تقويم قمري موحد مدني فقط ولا يمكن وضع تقويم قمري شرعي واحد تتبناه كافة المجتمعات الإسلامية في مختلف مناطق العالم وذلك للأسباب التالية:
– اختلاف شرعي – اختلاف آراء الفقهاء حول طريقة إثبات بداية الشهور
– اختلاف الآراء في تعريف بداية الشهر القمري ومعاييرها (أكثر من ١٢ معيارًا). فهناك العديد من الطرق يمكن العمل بها
ومنها:
– التحديد الفلكي (ولادة الهلال فلكيا): حيث يتمحور حول اقتران القمر أو وصوله لحظة المحاق فيبدأ الشهر بعد الاقتران.
ولهذه الطريقة عدة آراء:
١- بداية اليوم الأول من غروب الشمس الذي يلي المحاق
٢- بداية اليوم الأول من طلوع الفجر الذي يلي المحاق
٣- بداية اليوم الساعة ١٢ مساءً الذي يلي المحاق
٤- حساب الاقتران المحلي (من سطح الأرض)
٥- حساب الاقتران العالمي (من مركز الأرض)
الهلال
– التحديد الهلالي: تدخل في تحديد بدايته عوامل غير فلكية (كالموقع الجغرافي والظروف الجوية وغيرها)، فهو ليس واحدا بالنسبة للكرة الأرضية، ولهذه الطريقة عدة آراء:
١- التحديد بحساب إمكانية الرؤية: حيث يدخل الشهر في البلاد التي يتوقع فيها رؤية الهلال حسابيًا بعد
المغرب.
أ – محلي ( اختلاف المطالع)
ب- عالمي ١ (اتحاد المطالع أو وحدة الأفق)
ج – عالمي ٢: أول بلاد يتوقع فيها رؤية الهلال حسابيًا بعد المغرب ويتبعها باقي البلدان التي لم يسبق غروبها هذا البلد
د- مناطقي ( عدة مناطق حول العالم):
– اقتراح تقسيم العالم لأربعة أقسام (آسيا الشرقية: من خط الطول ١٥٠ إلى ٧٥ شرقًا، آسيا الصغرى: من ٧٥ إلى ٣٠ شرقًا، إفريقيا وأوربا: من ٣٠ شرقًا إلى ١٥ غربًا، الأمريكتين: من ٤٥ إلى ١٢٠ غربًا – د. نضال قسوم، محمد العتبي، د. كريم مزيان)
– اقتراح تقسيم العالم لثلاث أقسام “التقويم الهجري العالمي” (النطاق الشرقي: من ١٨٠ إلى ٦٠ شرقًا، النطاق الوسطي: من ٦٠ شرقًا إلى ٢٠ غربا، النطاق الغربي: من ٢٠ إلى ١٢٠ غربًا – لجنة الأهلة والتقويم والمواقيت- الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك)
٢- التحديد بالرؤية والحساب: يعتمد على الحساب الموثوق إلا في حالة استهلال الناس في الجو الصافي وعدم
رؤيتهم للهلال.
٣- التحديد بالرؤية: حيث يشترط رؤية الهلال بأحد الطرق:
أ – بالعين المجردة الطبيعية.
ب- باستخدام أدوات بصرية بسيطة
ج – باستخدام المنظار الفلكي
لكل من هذه الطرق محاسن ومؤاخذات وندعو جميع المتخصصين الفلكيين والفقهاء لتضييق الخيارات لأخذ طريق أقرب لرؤية
الهلال واعتماده لوضع تقويم مدني ومن هذا التقويم يمكن للعالم الاتفاق على أن يكون محور التعاملات الرسمية وتنظيم المجتمعات الإسلامية.
أما بالنسبة للتقويم الشرعي لأي شهر يمكن أن يتفق مع هذا التقويم أو يتقدمه أو يتأخر عنه بيوم فقط حسب رؤية الهلال في ذلك البلد في بعض الشهور، وهذا التقدم والتأخر أمر منطقي فكيف نريد أن نبدأ اليوم (من غروب الشمس) بينما لا يمكن رؤية الهلال في ذلك البلد إذا اعتبرنا أن رؤية الهلال هي العلامة الشرعية لدخول الشهر.
فطلب توحيد بداية الشهر القمري حول العالم شرعًا شبيه بتوحيد وقت صلاة المغرب مث ً لا حول العالم، لان الغروب هو العلامة الشرعية لصلاة المغرب.
الهلال بين الشبهات والحقيقة
بقلم: محمد عبدالله آل رضوان
عضو مؤسس وعضو مجلس إدارة جمعية الفلك بالقطيف
عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك
ورقة مقدمة في الملتقى الفلكي الخليجي السابع – البحرين
لتحميل المقالة أضغط على الملف