السيد علي فضل الله

فضل الله: الجهاد في الإسلام دفاعي، والمتطرفون يأول النصوص بما يخدم اهدافهم

المشكلة ليست في الأديان، ولكن في تأويل الكثير من النصوص وإخراجها عن سياقها ومكانها، بما يخدم أهداف الجماعات المتطرفة التي تلجأ إلى تبرير ما تقوم به من قتل وإجرام، مؤكداً أن الجهاد في الإسلام مرتبط بالدفاع عن النفس والأرض.

الاجتهاد: ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله محاضرة في جامعة أوسلو، بعنوان “حوار الأديان في ضوء التحديات الراهنة”، بحضور حشد من الطلاب…
وجاء في كلمته: “هناك نماذج كثيرة في تاريخنا يمكن الاعتماد عليها والأخذ بها للتخفيف من التوتر الذي نعيشه، ففي عهد رسول الله محمد (ص)، جاءه نصارى نجران ليلتقوا به، فاستقبلهم في المسجد. وعندما أرادوا أن يدقّوا الأجراس والنواقيس في المسجد، اعترض عليهم بعض أصحابه، ولكنّ النبي نهرهم، وسمح للنصارى بالصلاة في المسجد”.

وأضاف سماحته: “هناك الكثير من مثل هذه الحادثة التي تؤكّد عمق العلاقة بين الأديان، ويمكن الاستفادة منها لتطوير هذه العلاقة وتفعيلها بين أتباع الأديان”، مشيراً إلى أنّ المشكلة ليست في الأديان، ولكن في تأويل الكثير من النصوص وإخراجها عن سياقها ومكانها، بما يخدم أهداف الجماعات المتطرفة التي تلجأ إلى تبرير ما تقوم به من قتل وإجرام، مؤكداً أن الجهاد في الإسلام مرتبط بالدفاع عن النفس والأرض.

ولفت سماحته إلى ضرورة أن ندرس الواقع بعيداً عن التعصّب والانحياز، حتى يتسنّى لنا معرفة الحقيقة، فعندما يصدر فعل سيئ عن مسيحي، لا يجب أن نوجّه الاتهام إلى المسيحيّة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسلمين، فعندما يسيء أحدهم إلى الآخرين، لا يعني أن نتَّهم الإسلام بهذا العمل.
وأكَّد أنَّ هناك فهماً خاطئاً للأديان من أتباعها، بسبب ظلم أو غبن حدث هنا أو هناك، أو بفعل التراكمات الَّتي حدثت في التاريخ من حروب صليبيَّة أو فتوحات إسلاميَّة، جعلتنا نصدر الأحكام المسبقة تجاه بعضنا البعض، ومن دون أن تستند إلى وقائع فعليّة، إضافةً إلى استغلال الواقع السياسيّ للمسألة الطّائفيّة والمذهبيّة.

وقال إنّ الكثير من الأحداث والحروب والفتن التي حصلت، تتطلَّب منا أن ننظر إلى عمق الصورة، وليس إلى ظاهرها، ولا سيَّما أننا نجد أن كثيراً من الحروب كان دافعها سياسياً واقتصادياً، ولكنها غلِّفت بغلاف ديني أو طائفي أو مذهبي أو عرقي.
ورأى سماحته أنَّ مسؤوليَّتنا جميعاً العمل على تبديد كلّ الهواجس والخوف المصطنع، فلا بدَّ من أن نتحلَّى بالوعي الكافي والتواصل، لنؤكّد قدرة الأديان على التَّلاقي، وتشكيل جبهة واحدة في وجه كلّ من يريد أن يضرب هذه العلاقة المبنية على الاحترام المتبادل وعلى القيم الأخلاقية والإنسانية المشتركة، وأن نجسّد هذه القيم عملياً وعلى أرض الواقع، وأن لا تبقى على المستوى النظري…

وأكّد ضرورة تكافل الجهود الفكرية لمحاربة هذا التطرف الَّذي يشكّل وباءً يصيب الجميع، ويسعى إلى ضرب علاقة الأديان مع بعضها البعض، ويهدف إلى نشر الحقد والكراهية بين أتباعها.
وعن علاقة المسلمين والمسيحيين في لبنان، قال سماحته: “هناك قواسم مشتركة حقيقيَّة بين الأديان والمذاهب، وإن حصلت بعض الخلافات، فهي تعود إلى الارتباطات السياسية لهذا الفريق أو ذاك بهذه الدولة الإقليمية أو الدولية، ولاستخدام هذه القوى للغطاء الطائفي لهذه الصراعات السياسية”.

وأشار سماحته إلى أنّ الاستقرار والأمن الَّذي يعيشه لبنان، يعود إلى توافق قواه السياسية على إبعاد شبح أي فتنة عن الوطن، إضافةً إلى وجود قرار دولي بعدم السماح للعبث بهذا الاستقرار، بسبب وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين، خوفاً من أن تتدفّق إلى أوروبا.
وختم قائلاً: “إنَّ ما نشهده من صراعات وحروب وفتن في العراق وسوريا واليمن، هو صراعات سياسية ومصالح ونفوذ، لكنه يأخذ طابعاً طائفياً بسبب إثارة الغرائز والمشاعر، لشد عصب هذه الجهة أو تلك…”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky