الصكوك الإسلامية

دور الصكوك الإسلامية في تنمية ودعم قطاع الوقف الإسلامي (1)

الصكوك اصطلاحاً، أنّ المبدأ الذي تقوم عليه الصكوك الإسلامية، والقاعدة التي ترتكز عليها، وهو مبدأ التوريق أو التصكيك “securitization “، والذي يُقصد به عملية تحويل الأصول المالية غير السائلة إلى أوراق مالية قابلة للتداول في أسواق الأوراق المالية، وهي أوراق تستند إلى ضمانات عينيّة أو ماليّة.  بقلم: بن عزة هشام – الجزائر*

الاجتهاد: تُعتبر الصناعة المالية الإسلامية أحد روافد الاقتصاد في العالم، سواء العالم العربي والإسلامي، وكذلك عموم دول العالم، وقد نهجت العديد من الدول على تقديم المنتجات المالية والمصرفية الإسلامية، ومنها الصكوك كإحدى أدوات التمويل لأصولها الثابتة أو لتمويل رأس المال العامل فيها، وحتى توسّعت في استخدامها كمصدرٍ لتوفير السيولة النقدي؛ سواء لتسديد الذمم المالية للجهات المصدرة، أو للبدء بنشاطٍ جديد، أو توسعةِ نشاطٍ قديمٍ.

ونتيجة لذلك تمكنت الصكوك الإسلامية من استقطاب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى أنّ العديد من المستثمرين الأفراد يُفضّلون الصكوك انطلاقاً من اعتباراتٍ أخلاقيةٍ في المقام الأول.

في الحقيقة أنً إصدار الصكوك المبنية على أحكام الشريعة الإسلامية الغرّاء، كان من أهم أهداف العمل المصرفي الإسلامي، ومن أعظم الوسائل المرموقة لتنمية الاقتصاد الإسلامي في المجتمع، بشرط تُراع في آلياتها جميعُ المبادئ الأساسية التي تُميّز الاقتصاد الإسلامي عن غيره، حيث كانت الفكرة الأساس من وراء إصدار الصكوك، أن يشارك حملةُ الصكوك في ربح المشاريع الكبيرة أو الدخل الناتج منها، ولو أُصدرت الصكوك على هذا الأساس لأدت دورا كبيراً في تنمية العمل المصرفي الإسلامي، وساهمت مساهمةً كبيرةً في الوصول إلى المقاصد النبيلة التي تهدف إليها الشريعة الإسلامية.

تنامت السوق العالمية للصكوك الإسلامية واتسعت بصورةٍ كبيرةٍ السنوات الأخيرة، فلم تَعُد حِكراً على دولةٍ أو إقليمٍ ُ؛ بل ولم تعد حِكراً على الدول الإسلامية فحسب، بل امتدت المنافسة لإصدار الصكوك في كلِّ دول العالم، حيث لا تزال هذه الصناعة تتمركز في ماليزيا، ودول الخليج إضافة إلى السودان، حيث تصدّرت ماليزيا دولَ العالم في صناعة الصكوك الإسلامية، فقد صدر منها ما نسبته 62% من القيمة الإجمالية العالمية لإصدارات الصكوك حسب البلدِ بقيمة 260 مليار دولار، حيث حسب وكالة “ستاندرد آند بورز” في تقريرٍ لها، نمو سوق الصكوك لعام 2013 إلى أكثر من 100 مليار دولار، متوقّعة أن تقودَ السعودية والإمارات، زيادة في إصدارات الصكوك خليجياً بنسبة 10% خلال 12014، ومن المتوقّع أن يتوسّع هذا الاهتمام والإقبال على الصكوك الإسلامية في بعض الدول التي شملها “الربيعُ العربيّ”.

من جهة أخرى فإنّ التاريخ حافل بالأوقاف التي حقّقت مصالحَ المسلمين، والتي شُيّدت لدعم البِر والخير والتنمية، فقد قامت الأوقاف بتمويل العديد من الحاجات والخدمات الأساسية والعامة للمجتمع، مما يخفف العبء على ميزانيات الدول، أيضا في نموذج رائع لإشراك تعاون الجهات الشعبية مع المؤسسات الرسمية في سبيل تحقيق أهداف التنمية،

فعلى الرغم من كثرة الأعيان الوقفية في العديد من البلدان على غرار الجزائر، إلاّ أنّ الإهمال والتهميش قد طالها بشكلٍ أو بآخرَ، ومن ثَمّ دعت الضرورة إلى إعادة النظر في كيفية تنمية واستثمار هذه الأوقاف، سيما مع وجود العديد من أساليب استثمار، التي عرفت بالأساليب التقليدية أو الحديثة، ولعل من أبرز هذه الأساليب الصكوك الإسلامية، لقدرتها على جمع الأموال، والتي تستغل حصيلتها لإعمار أموال الوقف واستثمارها، لتفعيل الوقف والقيام بدوره الجوهري في تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع الإسلامي.

وعليه ضمن ما تقدم، فإنّ الإشكال التي نعمل على معالجته في هذه الورقة يتلخص في التساؤل الرئيس التالي:

إلى أيّ مدىً تساهم الصكوك الإسلامية في تنمية ودعم قطاع الوقف الإسلامي؟ وكيف يمكن الاستفادة من التجارِب الرائدة لتطوير الأوقاف في الجزائر؟

ولمعالجة الإشكال السابق سوف نتطرق إلى المحاور التالية:

المحورِ الأول: الإطار المفاهيميّ للصكوك الإسلامية

المحورِ الثاني: الوقف والمفاهيم المرتبطة به ( مفهومه، أركانه، أنواعه).

المحورِ الثالث: تحديات واقع الوقف في العالم الإسلامي ومتطلبات تنميته.

المحورِ الرابع: تصكيك الموارد الوقفية وتجارب بعض الدول.

المحورِ الخامس: الصكوك الوقفية وتمويل المشاريع الوقفية في الجزائر (مقترحات وتصورات)

المحور الأول: الإطار المفاهيميّ للصكوك الإسلامية

1-مفهومُ الصكوكِ الإسلاميةِ:

الصّكوك في اللغة جمعُ صكٍّ، وأصل الصَّكّ في اللغة العربية هو الدَفعُ فيقال: صَكّه صَكّا، أي دفعَه بقوّةٍ وضرَبَهُ، ومنه قوله تعالى «. . . فصكّت وجهها. . . » (صورة الذاريات، الآية 29)، أي ضربت بيدها على وجهها2.

وفي معجم الرائد، الصكّ يعني وثيقةَ اعترافٍ بالمال المقبوض أو نحوه، وثيقة تُثبت حقّاً في مِلك أو نحوه3.

الصكوك اصطلاحاً، أنّ المبدأ الذي تقوم عليه الصكوك الإسلامية، والقاعدة التي ترتكز عليها، وهو مبدأ التوريق أو التصكيك “securitization “، والذي يُقصد به عملية تحويل الأصول المالية غير السائلة إلى أوراق مالية قابلة للتداول في أسواق الأوراق المالية، وهي أوراق تستند إلى ضمانات عينيّة أو ماليّة4.

عرّفت هيئةُ المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، الصكوكَ الإسلاميةَ والتي أطلقت عليها اسم “صكوك الاستثمار” تمييزاً لها عن الأسهم والسندات التقليدية، بأنّها “وثائقُ متساويةُ القيمة، تمثّل حِصصاً شائعةً في مِلكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروعٍ معينٍ، أو نشاطٍ استثماريٍّ خاصٍّ، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك، وقفل باب الاكتتاب، وبدء استخدامها فيما أُصدرت من أجله”5.

2-أهدافُ الصكوكِ الإسلاميةِ:

تتمثل الأهداف الأساسية لإصدار الصكوك الإسلامية فيما يلي6:

· المساهمة في جمع رأس مال تمويل إنشاء مشروعٍ استثماريٍّ من خلال تعبئة موارده من المستثمرين وذلك من خلال طرح صكوك وفق مختلف صيغ التمويل الإسلامية في أسواق المال؛ لتكون حصيلة الاكتتاب فيها رأسَ مال المشروع.

· تسعى إلى الحصول على السيولة اللازمة لتوسيع قاعدة المشاريع وتطويرها، وهو الإجراء الذي يتم بمَوجبه تحويل الأصول المالية للحكومات والشركات إلى وحداتٍ، تتمثّل في الصكوك الإسلامية، ومن ثَمّ عرضها في السوق لجذب المدّخرات لتمويل المشاريع الاستثمارية طويلةِ الأجل.

3-خصائصُ الصكوكِ الإسلاميةِ:

يمكن تلخيص أهم هذه الخصائص فيما يلي:

· أنها وثائق تصدر باسم مالكها بفئاتٍ متساويةِ القيمة؛ لإثبات حقِّ مالكها فيما تمثِّله من حقوقٍ عن الأصول والمنافع الصادرة مقابلها.

· تمثّل حصّةً شائعةً في ملكية أصول، أو منافع، أو خدمات، يتعيّن توفيرُها، ولا تمثّل دَينا على مصدرها لحاملي الصكوك.

· أنها تصدر بعقدٍ شرعيٍّ، بضوابطَ شرعيةٍ، بين طرفيها، و آلية إصدارها وتداولها والعائد عليها.

· يكون تداول الصكوك، بناءً على الشروط والضوابط الشرعية لتداول الأصول، و المنافع، و الخدمات التي تمثّلها7.

· الصك الاستثماري الإسلامي يُلزِم صاحبَه بتحمّل مخاطر الاستثمار كاملةً.

· المضارِبُ أو الوكيلُ أو الشريكُ، لا يتحمّل الخسارةَ إلاّ في حالة ثبوت تقصيره، أو تعدّيه، وهو في الوقت نفسه لا يضمن رأسَ المال لحامل الصّك8ّ.

4-أهميةُ الصكوكِ الإسلاميةِ:

ازدادت أهمية إصدار الصكوك الإسلامية نتيجة العديد من العوامل نذكر منها:

· تُلبّي احتياجات الدولة في تمويل مشاريع البِنية التحتية، والتنموية، بدلاً من الاعتماد على سندات الخزينة والدَّين العامّ9.

· تُسهم الصكوك في جذب شريحةٍ كبيرةٍ من أصحاب رؤوس الأموال التي ترغب في التعامل وِفق أحكام الشريعة الإسلامية، و خاصّة في الخارج.

· تُتيح للشركات الحصولَ على تمويل مشروعٍ يُساعدها في التوسّع في أنشطتها الاستثمارية.

· المساعدةُ في إدارة السيولة على مستوى الاقتصاد الكُليّ، من خلال امتصاص فوائض السيولة، و توفير تمويلٍ مستقرٍ وحقيقيّ للدولة (استخدام الصكوك الإسلامية من قِبل البنوك المركزية كأداةٍ من أدوات السياسة النقدية)، وِفقا للمنظور الإسلامي.

· المساعدةُ في تطوير سوق المال من خلال عرض أوراق ماليةٍ قابلةٍ للتداول10.

5-أنواعُ الصكوك ِالإسلاميةِ:

تصنف الصكوك الإسلامية باختلاف آليات إصدارها، التي تتم وفق صيغ التمويل الإسلامية؛ لذلك يمكن تصنيف تلك الصكوك على النحو التالي:

*صكوك الإجارة: هي عبارةٌ عن أوراق مالية ذات قيمةٍ متساويةٍ، قابلةٍ للتداول، تمثّل مِلكية أعيان مؤجَرة، أو منافع، أو خدمات، وتتخِذ من أحكام الفقه الإسلامي مرجعاً رئيساًً لها11.

*صكوك المضاربة: هي عبارةٌ عن أوراق ماليةٍ قابلةٍ للتداول، تُعرَض على أساس قيام الشركة المصدِّرة بإدارة العمل وِفقاً لصيغة المضاربة، ويُمثّل فيها الملاّك أصحابَ رؤوس المال، بينما المستثمر يُمثّل عاملَ المضارَبة، وتتوافر فيها شروطُ عقد المضاربة، ومعلوميةُ رأس المال، ونسبةُ الربح12.

*صكوك المشاركة: هي وثائقُ متساويةُ القيمة، يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في إنشاء مشروعٍ، أو تطوير مشروعٍ قائمٍ، أو تمويلٍ نشاطٍ، ويصبح المشروع مِلكاً لحملة الصكوك في حدود حِصصهم.

*صكوك السلَم: تسمح هذه الصيغة بأن يشتري المصرِف من العميل بثمنٍ حالٍّ، سلعةً موصوفةً في الذمّة مؤجّلةَ التسليم، إلى موعدٍ محدّدٍ وله استخدامات مختلفةٌ في التمويل13.

* صكوكُ المزارعة: هي وثائقُ متساويةُ القيمة، تُصدَر بغرض تمويل مشروعٍ زراعيٍّ، ويصبح لحامليها حصّة في المحصول الناتج.

*صكوكُ المساقاة: وهي التي يكون الغرض من إصدارها، سقيُ الأشجار المثمرة، ورعايتها، ويتحصّل أصحابها على حصّة من الثمار.

*صكوكُ المغارَسة: وهي وثائقُ متساويةُ القيمة، يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في غرس الأشجار، ويصبح لحملة الصكوك حصّة في الأرض والغرس.

*صكوكُ الاستصناع: وهي وثائقُ متساويةُ القيمة، يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تصنيع سِلعةٍ، ويصبح المصنوعُ مملوكاً لحملة الصكوك.

*صكوكُ المرابحة: وهي وثائقُ متساويةُ القيمة، يتم إصدارها لتمويل شراء سلعة المرابحة، وتصبح سلعةُ المرابحة مملوكةً لحملة الصكوك.

المحورُ الثاني: الوقفُ والمفاهيمُ المرتبطةُ به (مفهومُه، أركانُه، أنواعُه)

يُعتبَر الوقفُ من أهمّ الموارد المالية في الدولة الإسلامية، حيث تحكمه مجموعةُ الخصائص، والميزات، التي تجعلُه يتميّز عن باقي الأعمال الخيرية، باعتباره من المندوبات الشرعية التي يبتغي بها صاحبُها وجهَ اللهِ تعالى ودوامَ الأجر له من بعدِ موته، وله شروطٌ، وأركان، وحدود، وضوابط يجب الالتزام بها شرعاً.

مفهومُ الوقف:

الوقفُ في اللغة، هو المنعُ أي الحبسُ مطلقاً سواء كان مادياً أو معنوياً، ويُسمى التسبيلُ، أو التحبيسُ، وهو الحبسُ عن التصرّف، وفي الاصطلاح الفقهيّ، فقد قُدمت تعريفاتٌ كثيرةٌ للوقف متفاوتةٌ، فهو تحبيسُ الأصل، وتسبيلُ منفعته إلى الجهات الموقوف عليها14.

عرّفه أبو زهرةبأنّه: “الوقفُ هو منعُ التصرف في رقَبة العَين التي يُمكن الانتفاعُ بها، مع بقاء عينها، وجعل المنفعة لجهةٍ من جهات الخبر ابتداءً وإنتهاءً”15، فالوقف هو: “حبسُ مالٍ يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه على مصرِف مُباحٍ”16، أي بقطع تصرُّف الواقف وغيرِه في رَقبته17، يصرف في جهة خير تقرّب إلى الله تعالى.

وعرّفه ابنُ قُدامة الحنبليّ على أنه “تحبيسُ الأصل، وتسبيلُ المنفعة”18، ويتضح من التعاريف السالفة الذِّكر، أنها اقتُبست من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّمَ لعمرَ بن الخطّاب رضي اللهُ عنه: اِحبس أصلَها وسبّل ثمرِتها.

أما اقتصادياً، فهو تحويل جزءٍ من الدخول، والثروات، إلى موارد تكافلية دائمة، تخصَّص منافعُها من سِلعٍ، وخدماتٍ، وعوائدَ، لتلبيةِ احتياجات الجهات، والفئات المتعدّدة المستفيدة، ممّا يُساهم في زيادة القُدرات الإنتاجية اللازمة لتكوين ونمو القطاع التكافلي الخيري، الذي يُعدُّ أساسَ الاقتصاد الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي19، حيث يُعتبر الوقف من أهم مكوّنات القطاع الثالث، الذي لا يهدف إلى تحقيق الربح، وإنّما على سبيل التطوع من قِبل المتبرعين20.

وقد عرّفه الدكتور منذر قحف على أنّه: هو حبسٌ مؤبّدٌ، ومؤقّتٌ للمال، للانتفاع المتكرّر به، أو بثمرته في وجهٍ من وجوه البر العامّة أو الخاصّة21.

2-أركانُ الوقف:

لابُدّ من توافر أركان معينّة لقيام الوقف، فلا يتم إلاّ بها، كالواقف، والموقوف، والموقوف عليه، والصيغة22.

*الواقفُ، وهو المكلّف الرشيدُ الحرُّ الذي صدر منه الإيجابُ بإنشاء عَقد الوقف.

*الموقوفُ، وهو كلّ عينٍ مملوكةٍ يصحُّ بيعُها.

*الموقوفُ عليه، وهو الذي يخصَّص الوقفُ أو ريعُه عليه.

* الصيغةُ، وهو القول الذي دلّ على إنشاء عقد الوقف، كمَن يبني مسجداً، وخلّى بينه وبين الناس.

3-أنواعُ الوقفِ:

يختلف أنواع الوقف، باختلاف الاعتبارات التي يُنظر إليها، فمنها حسب فئات المستفيدين منه، أو حسب الأنشطة، أو حسب مشروعية، أو حسب مُدّته، أو حسب الجهة الواقفة، أو حسب اتصاله أو انقطاعه، وأهمّ أنواع الوقف حسب الغرض منه ما يلي:

أ) الوقف الأهليُّ (الذريُّ): وهو الذي يعود ريعُه، أو إيرادُه للواقف نفسِه، أو لذريته من نَسله، فلا تنقطعُ منفعتُه إلاّ بعد انقطاع عَقِبه، ثم بعد ذلك يكون لجهةٍ خيريةٍ، حيث يمكن اعتباره مصدراً دائماً للرِّزق23.

ب)الوقفُ الخيريُّ (العامُّ): وهو الذي يقوم على حبس عينٍ معيّنةٍ، على أن لا تكون مِلكاً لأحدٍ من الناس، وجعلها وريعها لجهة من جهات البِر، لتعمّ جميع المسلمين، كبناء المدارس، والمساجد، والمستشفيات، وغير ذلك مما يُحقّق النفعُ العامّ24.

ج) الوقفُ المشتركُ: هو الذي يجمع بين الوقف الأهلي، والوقف الخيريّ، أيّ الذي خصّصت منافعه إلى الذرية وجهة البِر معاً.

4-أهدافُ الوقفُ: للوقف أهدافٌ خيريةٌ واجتماعيةٌ، واقتصاديةٌ، نذكر منها:

– تحقيقُ مبدأ التكافل بين الأمّة المسلمة، وإيجادُ التوازن في المجتمع، فهو عاملٌ من عوامل تنظيم الحياة، بمنهجٍ حميدٍ، يرفع من مكانة الفقير، ويقوّي الضعيف.

– في الوقف تحقيقٌ لأهداف اجتماعيةٍ واسعةٍ، وأغراضٍ خيريةٍ شاملةٍ، كبناء المستشفيات25.

-الوقفُ ضمانٌ لبقاء المال، ودوام الانتفاع به، والاستفادة منه مُدّةً طويلةً، فالموقوفُ محبوسٌ أبداً، لا يجوز لأحدٍ أن يتصرّف به تصرّفا يُفقدِه صفةَ الديمومةِ والبقاء.

– الوقفُ استمرارٌ للنفع العائد من المال المحبَس، فثوابُه مستمرٌّ، أي أنّها من العمل الذي لا ينقطع.

– الوقفُ تطويلٌ لمدّة الانتفاع من المال، ومدّة نفعه إلى أجيالٍ مُتتابعةٍ.

المحورُ الثالثُ: تحدّياتُ واقعِ الوقف في العالم الإسلاميّ ومتطلباتُ تنميتِه

تحدياتُ واقعِ الوقفِ في العالمِ الإسلاميّ:

يُشير واقعُ الوقف الإسلامي في العديد من البلدان الإسلامية على أنّه يُعاني من ضَعفٍ شديدٍ وتراجع دوره في حياة المسلمين، ويمكن رصدُ أهمّ الأسباب التي أدّت إلى هذا الضَعف ومن أهمها:

-الغموضُ حولَ حجم الأصول الوقفية، والتفاصيل المتعلقة بأماكنها، وطرق إدارتها، وسياسات استثمارها، وعوائدها.

-تدخُّل الحكومة في أعمال الوقف، وإدارتها، والاستيلاء عليها، كما فُرِضت ضرائبُ، ورسوم ٌعلى بعض عمليات الوقف في بعض الدول26.

-توقّفُ إنشاء أوقافٍ جديدةٍ، فالملاحظ أنّ النسبة ا لأغلبية من الأوقاف القائمة، هي من تُراث الأجداد، ويقلُّ إقبال المسلمين على إنشاء أوقاف جديدة، كنتيجة لما يرونه من تولي الحكومة شؤون الوقف، واعتقاد الكثير منهم أن الوقف نشاطٌ حكوميٌّ، على خلاف طبيعته، بصفته نشاطاً أهلياً27.

-ضآلةُ العائد من الاستثمارات الوقفية؛ نتيجة الإدارة الحكومية، وضياع بعض أعيان الوقف لاعتداء الآخرين عليها، بالتواطؤ مع ذوي النفوس الضعيفة، بالإضافة إلى مؤسسات الدولة العامّة والسِّياديِّة.

-ضيقُ نطاق مجالات الصرف؛ نتيجةً لإعطاء وزير الأوقاف حقَّ تغيير مصرِف الوقف، وذلك لتوجُّهات سياسية، وليس الحاجة الاجتماعية، فضلا عن ظهور أغراض صرفٍ في أوجه خيرٍ معاصرة مثل إنشاء الجامعات.

-نقصُ الإفصاح والشفافية بنشر المعلومات عن إدارة مال الوقف، والتصرف في الإيرادات القائمة، ممّا يُقلّل من رغبة المواطنين بإنشاء أوقافٍ جديدةٍ.

-الانفصال بين الوقف، والجمعيات، والمؤسسات الخيرية28.

ظهرت بوادر في بعض الدول لمحاولة تلاقي ما سبق من أسباب أدّت إلى ضَعف الوقف الإسلامي بهذه الصّورة، وتُحاول إحياء الوقف ودوره؛ إذ تحتاج الأوقافُ إلى تغييراتٍ عميقةٍ في البِنية الفكرية، بعرض ابتكاراتٍ، وتجديداتٍ في مصارف الأوقاف، وأنواعها، وطرق إدارتها، وحوكَمتها النظامية، والمؤسسية، والتي يجب أن تنعكِس في البِنية القانونية المنظمة للأوقاف، كقطاعٍ هامٍّ وحيويّ داخل الاقتصاد والمجتمع.

الوقفُ ودورُه في التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ:

يقوم الوقف بدورٍ تنمويّ، ولا يختلف أحدٌ على ذلك الدور الذي يقوم به، وإذا أردنا توضيح العلاقة بين الوقف، والتنمية، فإنّها تتّضح من خلال إسهاماته عَبر التاريخ الإسلامي في تنمية مؤسسات المجتمع الدينية، والعلمية، والاقتصادية، والاجتماعية، حتى يمكن القول أنّ حضارتنا الإسلامية هي حضارةُ الوقف29، فالأعيان الوقفية ملزمة بالتحوّل إلى أصولٍ منتجةٍ30، أي تحويل الأوقاف المخصّصة بعد صيانتها، والعمل على استمرارها، وذلك من أجل تحقيق ما هو مطلوبٌ منها في جميع المجالات، فقد كان له دورٌ في توفير الأمن الغذائيّ، وتحقيق الحاجات الأساسية للفقراء، وفي توزيع الثروة، وتقليل الفجوة بين طبقات المجتمع، وفي توفير التعليم المجانيّ للفقراء، من خلال المدارس التي وقفها المسلمون، وتوفير الأمن الصحي للفقراء والمحتاجين، ورعاية الأيتام وكفالتهم، وتربيتهم، مما سنأتي على استعراضه إجمالاً فيما يلي:

دورُ الوقفِ في المجالِ الاقتصاديّ:

كان للوقف آثارٌ بارزةٌ في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي؛ فقد أسهم في حفظ الأصول الموقوفة من التلاشي، فهو يسعى إلى تحقيق النمو الاقتصادي، والرفاه الاجتماعي لأفراد المجتمع على حدٍّ سواء؛ فالوقف يُعتبر أحدَ الأنشطة الهامّة في تفعيل الدورة الاقتصادية، وتحقيق النمو، ومعالجة المشاكل الاقتصادية، والتخفيف من العوائق والانحرافات التي تؤثر على الاقتصاد، فالوقف يعدُّ مورداً اقتصادياً مُهمّاً يُسهم في إعادة ترتيب علاقات المجتمع، حيث أنّ المضمون الاقتصادي للوقف لا يعني تجميدَ رأس المال، والثروة الوطنية، وحبسها عن الانتفاع الاقتصادي، بل هو مصدر اقتصاديّ، يهدف إلى توليد دخلٍ مستمرٍ، يوفّر حاجاتِ المستهدفين في الحاضر والمستقبل31، وقد ساهم في معالجة أحد أهداف التنمية الاقتصادية ألا وهو الفقر،

ويمكن إبراز الأثر البارز للوقف في المجال الاقتصادي، من خلال أنشطته المتنوعة، وآثاره المتعددة، والتي يمكن إبرازها في العناصر التالية:

أ-دورُ الوقفِ في العمليةِ الإنتاجية:يعمل الوقف على استثمار المال الموقوف، أو استغلال الأصول الوقفية في مشاريع استثمارية، حيث يُعدُّ ذلك من الأمور الأساسية التي ينبغي على الوقف القيامُ بها، حتى يستمرَ وينمو ويحقق أهدافه، ويُعتبر العملُ الاستثماريّ والإنتاجيّ والعُمرانيّ أحدَ أسس بقاءها واستمرارها، حيث أنّ الوقف يُساهم في زيادة الطّلب الكليّ من خلال الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري.

الإنفاق الخدماتيّ والاستثماريّ: وهو الإنفاق على بناء المدارس، والمستشفيات، والطرق، والجسور . . . الخ، بالإضافة إلى الإنفاق الاستثماريّ في مجال التجارة، مثل إقامة الأسواق، وإنشاء تأجير المحلاّت التجارية، ممّا يُسهم في تشجيع حركة التجارة32، حيث يؤدي وقفُ رؤوس الأموال العقارية والنقدية، كي تُستثمَر في مجالاتٍ اقتصاديةٍ ذات نفعٍ عامٍّ، إلى إخراج الأموال الزائدة عن كفاية أصحابها من الاكتناز، وتحويلها إلى استثمارات ذات عائدٍ اجتماعيٍّ اقتصاديٍّ طويل المدى، الأمر الذي يُسهم في زيادة حجم التراكمات الرأسمالية، والتوسع في الطاقة الإنتاجية.

الإنفاق الاستهلاكي: يتمّ إنفاقُ جزءٍ من موارد الوقف على توفير الغذاء، والسكن والملابس، وبقية الحاجات الاستهلاكية، بالإضافة إلى تخصيص عوائد الوقف على المحتاجين، والطلبة، والمرضى وغيرهم، فضلاً على ما يحصل عليه القائمون على الوقف من مرتّباتٍ وعطاءاتٍ على اختلاف وظائفهم، كُلّ هذا له الأثرُ الواضحُ في الإنفاق الاستهلاكيّ.

ب-دورُ الوقفِ في التقليلِ من مشكلةِ البطالةِ والحدِّ من الفقر: يُسهم الوقف في تشكيل طلبٍ كبيرٍ على الأيدي العاملة بالمجتمع من خلال ما تستخدمه المؤسسات الوقفية من الأيدي العاملة من جهةٍ وفي تحسين قوة العمل في المجتمع لما يوفّره من فُرص تعلّم المِهن، والمهارات من جهة أخرى، ممّا يُساهم في الرفع من الكفاءات المِهنية، و القُدرات الإنتاجية للأيدي العاملة.

ج- تخفيضُ مشكلةِالفوارقِ بين الطبقاتِ: وذلك من خلال إسهام الوقف في توزيع الموارد على طبقات اجتماعية مُعيّنة، تساعدهم في سدّ حاجاتهم، وتحولّهم إلى طاقة إنتاجية؛ حيث تتحسّن، وترتفع مستويات معيشة الفقراء، والمساكين وتتقارب الفجوة بين الطبقات33.

د- تحقيقُ عدالةِ توزيعِ الثرواتِ: إنّ توزيع الثروات توزيعاً عادلاً، وعدمَ حبسِها بأيدٍ محدودةٍ يجعلها أكثرَ تداولاً بين الناس؛ لأنّ الواقف عندما يُوصي بتوزيع غلّةِ موقوفاتِه على جهةٍ من الجهات، يعني توزيعَ المال، ومن المعلوم أنّ التوزيع في مراحله الأولى يتفاوت بين الأفراد في الدخول، ثم في المدّخرات، وبالتالي في تراكم الثروات، ممّا يعمل على ظهور الطبقات في المجتمع، فتأتي عمليةُ إعادة التوزيع من خلال سياساتٍ إمّا تكون إلزاميةً كالزكاةِ، والمواريثِ، أو اختياريةً مثل الوقفِ، والهباتِ، وبذلك يكون الوقف أحدَ الجهات التي تعمل على النهوض بعملية إعادة التوزيع لصالح الطبقات الفقيرة34.

توفيرُ التمويلِ الذاتيّ: الوقف يوفر الكثير من الموارد، ويقوم بتغطية الكثير من النفقات، مما يدفع الكثير من المصاعب من أمام الحكومات، حيث لا تضطر إلى القروض الخارجية التي يصحبها الكثير من الشروط والضغوط السياسية والاقتصادية.

دورُ الوقفِ في المجالِ الاجتماعيّ والأخلاقيّ:

يرى الكثيرُ من الباحثين أنّ الأوقاف عملٌ اجتماعيٌّ، دوافعه في أكثر الأحيانِ اجتماعيةٌ، وأهدافه دائماً اجتماعيةٌ، فالأوقافُ الإسلاميةُ في الأصل عملٌ اجتماعيٌّ، ويعتبر الوقف الإسلاميّ الخيريّ دعامة للتكافل الاجتماعي، والالتزام الأخلاقيّ؛ فقد شُرعَت الأوقافُ ليكون ريعُها صدقةً جاريةً لا تنقطع تدرُّ الثوابَ المتصل على الواقفين، وعملاً صالحاً يدرُّ الخيرَ على المحتاجينَ، والمستحقينَ، وهذا له دورٌ في مجال التضامن الاجتماعي في المجتمع الإسلامي35ّ، وقد تنوّعت القضايا التي أسهم الوقفُ في التخفيف من سلبياتها، أو معالجتها كُلياً، حيث شكّل على مرّ العصور عنصراً ثابتاً في معالجة همومٍ اجتماعيةٍ كثيرةٍ، يمكن أن نُبيّنَها في العناصر التالية:

أ-الوقفُ يُشجِّعُ التكافلَ الاجتماعيَّ: لم يقتصر مجالُ التكافلِ الاجتماعيّ على الجانب المادّيّ فحسب؛ بل تعدّاه إلى الجانب المعنويّ، ممّا يقدّمه من يد العون والمساعدة لأفراد المجتمع على اختلافهم، المحتاجِ، العجَزةِ، الأيتامِ، لما يوفره من تحقيق الأمان الاجتماعي، ويعززه بمحاربته للفقر والقضاء عليه، جاعلا بذلك العدالة الاجتماعية تسير نحو شكل مستدام، بما يضمن توزيع الثروة نحو كل طبقات المجتمع المحتاجة36، في هذا السياق طرحت الأمانة العامة للأوقاف في الكويت عدة مشروعات اجتماعية، مثل مشروع ” إصلاح ذات البين” للتوفيق بين المتخاصمين، ومشروع “وقف الوقت” لتشجيع ثقافة التطوع، ومشروع “زادي من يدي” للحد من البطالة مما يرسخ ثقافة التطوع الفردي37.

ب-تعزيزُ الجانبِ الأخلاقيّ والسلوكيّ في المجتمعِ: الوقف يساعد في تعزيز الجانب الأخلاقي، والسلوكي في المجتمع، من خلال التضييق على طرق الانحراف، فوجود الوقف لرعاية النساء الأرامل، والمطلقات، يعتبر حصانة لهن وللمجتمع من سلوك دروب الانحراف بسبب الحاجة، ويظهر الوقف الحسّ التراحُميّ الذي يملكه المسلم، ويترجمه بشكل عملي في تفاعله مع هموم مجتمعه، مما يعمل على تعزيز روح الانتماء المجتمعيّ بين أفراد المجتمع.

ج-الوقفُ يُخفِّف من الأعباءِ الاجتماعيةِ للدولة: الأنشطة التي تعالجها الدولة أصبحت متعددة، بحيث ترهق كاهلها وخاصة من الناحية الاجتماعية، فالدولة في هذا العصر أصبحت تحتاج إلى أموال طائلة للرعاية الاجتماعية، لا مناص من العودة إلى المجتمع، وإلى القادرين فيه لتقديم المزيد من العطاءات التطوعية.

د-مساهمةُالوقفِ في توسيعِ الطبقةِ المتوسِّطةِ في المجتمع: تعمل سائر الحكومات في الدولة الحديثة إلى توسيع دائرة الطبقة الوسطى، أو على الأقل المحافظة على وجودها وبقاءها، وقد ساعد الوقف الإسلامي كثيرا في توسيع دائرة هذه الطبقة باعتبارها لحمة أي مجتمع بشري، وأوسعها ثقافة وتعلما، فيؤدي تآكلها بالمجتمع إلى التخلف والاضمحلال.

دورُ الوقفِ في مجالاتِ التنميةِ الأُخرى: يتمثل بما يلي:

أ-دورُ الوقفُ في الجانبِ التعليميّ والثقافيّ:شهد التاريخ الإسلامي تجربة فريدة لدور الوقف في دعم المنشآت التعليمية، وكان الإهتمام بالوقف في مجال التعليم ظاهرة إجتماعية، إذ لم تكن هناك موازنات مالية للدولة من أجل منافسة نظام الوقف في رعاية خدمات التعليم، والتي أثبتت فعالية في استقطاب أفراد المجتمع، حيث كان للوقف دور كبير في نشر التعليم في الدول الإسلامية، وذلك بتشييد صروح العلم، والثقافة، حيث أن الأوقاف العلمية كانت من أهم ما اعتنى به المسلمون في تاريخهم، فقامت أوقاف المدارس، والجامعات . . . الخ، أضف إلى ذلك تخصيص كثير من الأوقاف لفروع علمية محددة، كالطب، الكيمياء، فوجدت الأوقاف المخصصة للأطباء، والأوقاف لمعلمي الأولاد الصغار38.

ب- دورُ الوقفِ في الجانبِ الصحيّ: إن المتتبع لتاريخ الطب والمستشفيات في الإسلام، يجد تلازما شبه تام بين تطور الأوقاف، وإتساع نطاقها، وإنتشارها في العالم الإسلامي من جهة، وبين تقدم الطب، والتوسع في مجال الرعاية الصحية للأفراد من جهة أخرى، بحيث يكاد الوقف أن يكون هو المصدر الأول الوحيد في كثير من الأحيان للإنفاق على المستشفيات، والمدارس الطبية، والمعاهد، حيث يذهب عدد من المفكرين إلى أن التقدم العلمي والإزدهار في العلوم الطبية، والعلوم المرتبطة بها كالصيدلية، والكيمياء، كان ثمرة من ثمرات الوقف، وكان له الفضل الكبير في مجالات الرعاية الصحية، والخدمات الإجتماعية39.

ج- دورُ الوقفِ في الجانبِ الدينيّ: تظهر الأهداف الأساسية للوقف في الجانب الديني، من خلال الحفاظ على مكانة الدين الإسلامي، وتوفير السبل المناسبة للدعوة الإسلامية عموما، كما يظهر في كثير من الجوانب الجزئية من إنشاء المساجد، وتوفير مستلزماتها، حيث كان الوقف وما يزال المصدر الأول والرئيسي في بناء المساجد، كما تعد المساجد من أهم الأنماط التي حظيت بعناية الواقفين.

د- دورُ الوقفِ في التنميةِ الحضرية: مشروعات البنية الأساسية، هي تلك الخدمات التي لا يمكن بدونها أن تعمل الأنشطة في المجتمع، حيث أسهمت الأوقاف إسهاما كبيرا في بناء الطرق، وتعبيدها، وتوفير الخدمات اللازمة للمسافرين، حفر الآبار، وتزويد المجتمع بالماء الصالح للشرب، وعمل الوقف على إنعاش المناطق التي لم يكن فيها أي نشاط اقتصادي أو اجتماعي، من خلال إقامة منشآت وقفية متعددة، وكذلك توفير أماكن خاصة بدفن الموتى . . . إلخ، فمن خلال ما سبق يظهر أن الوقف قد لعب دورا مهما في اقتصاد الكثير من المناطق وازدهارها، وشارك في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعدّتها لكلّ المجالات.

مُتطلباتُ تنمية مواردِ الوقف:

إنّ المقصود بتنمية موارد الوقف الإسلامي، تنمية الأصول الوقفية وريعها، بالإضافة إلى جذب أوقاف جديدة، ولا يمكن أن تتحقق تنمية الموارد الوقفية، إلا إذا سبقتها أو صاحبتها تنمية العديد من المتطلبات أهمها:

أ-استقلاليةُ مؤسّسةِ الأوقاف: فإن منح الوقف صفة المؤسسة العامة لها شخصية اعتبارية، مستقلة، حقيقية، يعطي له القوة كي يضطلع بواجباته.

ب-تنميةُ ثقافةِ المجتمعِ تُجاهَ الوقف: في هذا المجال يدخل الدعوة في الندوات، والمشاركة في المؤتمرات، والحلقات النقاشية عن الوقف، والحث على الجهد العلمي في موضوع الوقف، للاستفادة من التجارب، والخبرات، والتواصل المباشر والدائم مع المهتمين بالوقف، ومعرفة النماذج الوقفية والخبرات المعاصرة في بعض البلدان.

ج-تنميةُ قدراتِ القائمينَ على الوقف: وذلك بوضع معايير نوعية خاصة لشغل وظائف قطاع الأوقاف.

د-اتّباعُ مفهومِ الوقفِ النامي:جاء مفهوم الوقف النامي ليرسخ مبدأ المخصص التنموي، باقتطاع جزء من عوائد الوقف بخلاف المخصصات الأخرى، لإعادة استثمارها في أوجه استثمارية مباحة، وهذا ما يمكن من تحويل مؤسسة الوقف النامي إلى مؤسسة مالية.

التهميشُ والإحالاتُ

1-مقال إلكتروني بعنوان: ‘ستاندرد آند بورز’: انتعاش إصدار الصكوك خليجيا، http://www. alaan. cc/pagedetails. asp?nid=172112&cid=79، منشور بتاريخ 09/02/2014.

2-المصباح المنير الصادر مع الكاف، نقلاً عن: محمد علي القري بن عيد، الصكوك الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها، ورقة بحث مقدمة إلى “الدورة 19 لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، إمارة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 1-5 جمادى الاولى 1430 الموافق ل 26-30 أبريل 2009، ص1.

3-أشرف محمد دوابه، الصكوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق، ط 1، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، مصر، 1430 ه- 2009م، ص 13.

4-أشرف محمد دوابه، نفس المرجع السابق، ص15.

5-. المعايير الشرعية: هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعيار الشرعي رقم ( 17 ) صكوك الاستثمار، البحرين، 1431 ه/ 2010 م، ص 238

6-أشرف محمد دوابه: الصكوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق، ط 1، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، مصر، 1430 ه- 2009 م، ص 27.

7-صفية أحمد أبو بكر: الصكوك الإسلامية، بحث مقدم إلى: مؤتمر المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، دبي-الإمارات، 31 ماي-. 3جوان 2009، ص. 13، 14.

8-عبد الله بن محمد المطلق: الصكوك، ندوة الصكوك الإسلامية (عرض وتقويم)، جامعة الملك عبد العزيز، جدة- السعودية، 24-26 ماي 2010، ص 14.

9-زياد الدماغ، ” دور الصكوك الإسلامية في دعم قطاع الوقف الإسلامي”، المؤتمر العالمي “قوانين الأوقاف وإدارتها-وقائع وتطلعات”، الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا، . 20. 22 أكتوبر 2009، ص4.

10-عادل عيد: الصكوك الإسلامية، وثيقة رقم: 8608/2012 جمعية النهوض بالأزهر وتطويره، مصر، 2012، ص 13.

11-محمد مبارك البصمان: صكوك الإجارة الإسلامية (دراسة قانونية مقارنة بالشريعة الإسلامية)، ط 1، دار النفائس للنشر والتوزيع، عمان-الأردن، 2011، ص ص: 21. 22.

12-شوقي جباري، فريد خميلي: دور الهندسة المالية في علاج الأزمة المالية، المؤتمر العلمي الدولي حول: الأزمة المالية والاقتصادية العالمية المعاصرة من منظور اقتصادي إسلامي، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، عمان- الأردن، 1. 2 ديسمبر 2010، ص: 15.

13- لحلو بوخاري، وليد عايب: آليات الهندسة المالية كأداة لإدارة مخاطر الصكوك الإسلامية وأثر الأزمة المالية على سوق الصكوك الإسلامية، الملتقى الدولي الأول حول: – الاقتصاد الإسلامي، الواقع. ورهانات المستقبل، جامعة غرداية. 23، 24 فيفري 2011، ص ص: 6، 7.

14- سامي الصلاحات، مرتكزات أصولية في فهم طبيعة الوقف التنموية والاستثمارية، مجلة الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، مجلد 18، العدد2، 2005، ص05.

15-محمد أبو زهرة، محاضرات في الوقف، دار الفكر العربي، الطبعة2، القاهرة، 1972، ص05.

16-عبد الستار إبراهيم الهيتي، الوقف ودوره في التنمية، مكتبة الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، الوقفية العالمية، قطر 1997، ص14.

17-العياشي صادق فراد ومحمود أحمد مهدي، الاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي، المعهد الاسلامي للبحوث والتدريب، البنك الاسلامي للتنمية، جدة 1997، ص12.

18-أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المغني، مطبعة الملك فهد بن عبد العزيز، الجزء8، السعودية، 1999، ص184.

19- صالح صالحي، المنهج التنموي البديل في الاقتصاد الإسلامي، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006، ص638.

20-محمد بوجلال، الحاجة إلى تحديث المؤسسة الوقفية بما يخدم اغراض التنمية الاقتصادية، المؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة، مارس 2003، ص09.

21-منذر قحف، الوقف الإسلامي، تطوره، إدارته، تنميته، دار الفكر، دمشق، سوريا، 2000، ص62.

22-بدين ناصر البدر، الوقوف على القرآن -مجلة البحوث الإسلامية، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، http:// www. Alifta. com، العدد 77 ص 109.

23- الطيب داودي، الوقف وآثاره الاقتصادية والاجتماعية في التنمية، مجلة البصيرة، دار الخلدونية، الجزائر، العدد1998. 2، ص59.

24- محمد بن أحمد بن صالح الصالح، الوقف في الشريعة الإسلامية وأثره في تنمية المجتمع، مكتبة الملك فهد الوطنية، السعودية، 2001. ص21.

25- عبد الله بن أحمد الرايد، أهمية الوقف وحكمة مشروعيته، مجلة البحوث الإسلامية، عدد36. ص207.

26-د. فؤاد عبد الله العمر، إسهام الوقف في العمل الأهلى والتنمية الاجتماعية – نشر الأمانة العامة للأوقاف بالكويت 1421ه – 2000م، ص55-62.

27- عطيه فتحى الويشى- أحكام الوقف وحركة التقنين المعاصر فى دول العالم الإسلامى المعاصر- الأمانة العامة للأوقاف بالكويت 1423ه- 2002م.

28- د. فؤاد عبد الله العمر- إسهام الوقف فى العمل الأهلى والتنمية الاجتماعية- الأمانة العامة للأوقاف بالكويت 1421ه-2000م- ص81-83.

29-د. علي محي الدين القره داغي، تنمية موارد الوقف والحفاظ عليها، مجلّة أوقاف الصادرة عن الأمانة العامة للأوقاف دولة الكويت، عدد 7، ص 16 17.

30- سامي الصلاحات، مرتكزات أصولية في فهم طبيعة الوقف التنموية والإستثمارية، مجلة جامعة الملك عبد العزيز، السعودية، 2005، ص:53.

31- لمغربي، محمد الفاتح، “دور الوقف في التمويل الاقتصادي”، الملتقى الدعوي الثالث، . السودان، 2010.

32-عبده، عبد العزيز، “أثر الوقف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع دراسة تطبيقية. للوقف في اليمن”، رسالة ماجستير، 1997

33- منصور، سليم، “الوقف ودوره في المجتمع الإسلامي المعاصر”، مؤسسة الرسالة. للنشر، 2004، ص116.

34-السدحان، عبد الله، “دور الوقف في بناء الحياة الاجتماعية وتماسكها”، مؤتمر الأوقاف. الأول، السعودية، 2001، ص234.

35-الجمل، أحمد، “دور نظام الوقف الإسلامي في التنمية الاقتصادية المعاصرة”، دار السلام. للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2007، ص159.

36-سليم هاني منصور، الوقف ودوره في المجتمع الإسلامي المعاصر، مؤسسة الرسالة، ناشرون، ط01، 2004، ص 42.

37-د. ريهام خفاجي، أ. عبد الله عرفان، إحياء نظام الوقف في مصر. . . قراءة في النماذج العالمية، الجامعة الامريكية بالقاهرة، مركز جون جرهارت للعطاء الاجتماعي والمشاركة المدنية، 2006، ص02.

38-الصالح، محمد، “الوقف في الشريعة الإسلامية وأثره في تنمية المجتمع”، الطبعة الأولى، . 2001. ص179.

39-الجمل، احمد، “دور نظام الوقف الإسلامي في التنمية الاقتصادية المعاصرة”، دار السلام. للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2007.

بن عزة هشام طالب دكتوراه  _ كلية العلوم الاقتصادية والتسيير والعلوم التجارية جامعة تلمسان – الجزائر –

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky