الاجتهاد: ومضة فقهية حول ثبوت الهلال: من الواضح ان الاختلاف في بداية الشهر الفضيل محل خلاف بين العلماء ويرجع ذلك الى الاختلاف في مباني الفقهاء اعزهم الله ومن اهم مسائل الخلاف مسالة تعدد الآفاق ووحدة الآفاق والرؤية بالعين المجردة وبالعين المسلحة.
قد ذهب المشهور الى اعتبار ثبوت الهلال اذا تمت رؤيته في بلد المكلف والبلاد المجاورة له بشروط , فمتى ما ثبت الهلال لبلد كان كافيا لهذا البلد والبلاد المتحدة معه في الافق (القريبة منه)حيث ان رؤية الهلال في احدهما ملازمة للرؤية في البلد الآخر لولا بعض الموانع مثل الغيوم وغيرها وذهب آخرون الى ان ثبوت الهلال في بلد ما يؤدي الى ثبوته في البلدان التي تشترك معه في الليل ولو بجزء يسير بغض النظر عن الافق وهذا ما يسمى بتعدد الآفاق.
وهذا اختلاف جسيم كما هو واضح وبالإضافة لهذا الاختلاف يوجد أمر معضل آخر له اليد الطولى في الاختلاف وهو جواز ثبوت الرؤية بالأجهزة المكبرة- التلسكوب- وعدم جوازه عند آخرين الا بالعين المجردة.
نعم توجد اراء اخرى لكنها قليلة جدا تقبل الاعتماد على التقاويم الفلكية الدقيقة لثبوت بداية الشهر القمري سنعرض عنها.
وسنعرض لكم باختصار اراء بعض فقهاء الامامية بمسألة هلال الشهر القمري :
يرى المراجع ( السيد الخوئي-قدس-, السيد الحائري, السيد محمود الهاشمي, الشيخ الفياض, دامت ظلالهم-) ان ثبوت الهلال في بلد يؤدي الى ثبوته في كل البلدان التي تشترك في الليل ولو بجزء يسير ولو تعددت آفاق هذه البلدان واختلفت.
نعم ينفرد السيد سعيد الحكيم بأمر وهو وان كان يقبل بتعدد الآفاق لكنه يحصرها فقط ببلدان العالم الاسلامي القديم لا مطلق بلدان العالم.
واتفاقهم هذا يقابله اختلافهم بمسألة الرؤية المسلحة, ففي الوقت الذي يرى فيه امثال المرجع السيد الخوئي –قدس- والشيخ الفياض والسيد الحكيم وجوب الرؤية بالعين المجردة حصرا يذهب امثال السيد الحائري والسيد الهاشمي الى جواز الرؤية بالعين المسلحة , نعم يشترط السيد الهاشمي ان تكون الرؤية بالمنظار ولا يكفي التلسكوب كما هو منشور في موقعه الرسمي .
وهذا الأمر يؤدي الى اختلاف في النتائج وان اتفقوا على مبنى تعدد الآفاق, فلا نستطيع الخروج بنتيجة واحدة دائما اللهم الا اذا كان الهلال واضحا مرتفعا .
اما من يرى وحدة الآفاق في ثبوت الهلال بمعنى اذا ثبت في بلد كان كافيا للثبوت في البلاد المتجاورة بشرط الملازمة في الرؤية الا اذا منع مانع مثل الغيوم او نحو ذلك, وهم كل من المراجع (السيد السيستاني, السيد الخامنئي, السيد صادق الشيرازي, الشيخ ناصر مكارم الشيرازي, الشيخ شبير الخاقاني , الشيخ الاحقاقي – دامت ظلالهم- والشيخ امين الدين زين الدين – قدس-) نعم يتفقون كلهم كذلك على شرط ان تكون الرؤية بالعين المجردة ما عدا السيد الخامنئي فهو لا يمنع ان تكون الرؤية بالعين المسلحة.
وهذا معناه وجود اربعة اراء لحد الآن وهي:
( وحدة افق + رؤية بالعين المجردة) ( وحدة افق + عين مسلحة) ( تعدد الافق + عين مجردة) ( تعدد الافق + عين مسلحة) .
نعم افتى المرجع السيد المدرسي بشرط وحدة الافق والعين المسلحة وأضاف ايضا وآخرون جواز الاعتماد على التقاويم الفلكية الموثوقة .
وتوجد كذلك بعض التفاصيل التي يختلف فيها الفقهاء كحكم الحاكم وغيرها فلاحظ.
ما يهمنا بيانه بعد هذه العجالة هو الامر التالي:
اذا كان الفرد منا ليس مجتهدا ولا محتاطا فبراءة الذمة تقتضي عليه التقليد لأحد المراجع العدول فإذا تم هذا التقليد بشروطه المعروفة فأي معنى يبقى لكثرة الكلام هنا وهناك في كل سنة بحلول شهر رمضان وشهر شوال؟؟؟
الا يكفي لكل فرد الرجوع لمرجع تقليده والامتثال لفتواه؟؟
الا يكفي لكل فرد ان لا يتهم غيره بالتقصير وعدم الفهم؟؟
الا يكفي لكل فرد التعبد بما دل الدليل عليه تاركا ما لا يعنيه؟؟
الجواب نعم يكفي لكن الجهل وثقافة الاقصاء والاهتمام بالقشور وترك اللب وتفريع التفريعات ثم تفريع التفريعات حتى يتم نسيان الاصول وهذه كارثة الكوارث.
اقول والله من وراء القصد
ثبوت الهلال من الموضوعات الخارجية يتم تشخيصها من قبل المكلف داخل حدود فتوى مرجع تقليده , فمثلا عندما يفتي الفقيه بحرمة شرب الخمر فهو لا يقول لك ان الشراب الفلاني خمر فلا تشربه أو من كان هذا اسمه او شكله. كلا فتحديد المصداق على المكلف وعلى الفقيه الفتوى. فالشراب الذي امامك انت تحدده أهو ماء أو خمر نعم اذا سألت الفقيه اهذا شراب او خمر وشخص لك الموضوع تعتمد حينئذ تشخيصه للموضوع مع عدم الاشتباه.
فالهلال من الموضوعات الخارجية فلو ثبت عند المكلف هلال شوال مثلا ولم يثبت عند مرجع التقليد وجب الافطار على المكلف شرعا وهذا الامر من البديهيات.
فعلى المكلف بدلا من كثرة الكلام بلا معنى الاستهلال فإذا ثبت فبها ونعمت والا فلا واذا ثبت عند المرجع وتم تشخيص الموضوع فبها ونعمت والا فلا وانتهى الموضوع بلا تطويل وبلا اي كلام وكل مكلف واجب عليه امتثال فتوى مرجع تقليده من وحدة الافق والرؤية بالعين المسلحة من عدمها , فلا معنى لأتهام فلان بالتقصير وانه افطر في رمضان او صام يوم عيد الفطر فهذا الامر غير صحيح اطلاقا .