وفاة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي .. المرحوم يروي سيرته الذاتية ومسيرته العلمية

الاجتهاد: يمثل العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي واحد من المعالم العلمية البارزة في تاريخ علماء جبل عامل المعاصرين في لبنان، وهو إلى ذلك يعتبر من الوجوه العلمية الرصينة في الساحة الإسلامية،

فهو كاتباً ومفكراً إسلامياً وعالماً حيث أثرت كتاباته الفكرية والمعرفية والتحليلية في المكتبة الاسلامية، فكان من المساهمين في رفد النهضة الثقافية للواقع الديني المعاصر بعطاء واضح وفي مجالات عديدة من خلال موسوعاته الموضوعية وإجاباته على إشكالات وشبهات المشككين بطريقة علمية رصينة مقنعة بعيدة عن التعصب والغلو،

فكان موضوعياً وحيادياً في فهمه وتفسيره لأحداث التاريخ، وآثاره خير دليل على ذلك وموسوعته الصحيح من سيرة النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسيرة الامام علي (عليه السلام) التي جاوزت كل واحدة منها الخمسين مجلدا خير دليل على ذلك . أجرى الحوار: موقع مكتبة الروضة الحيدرية بتاريخ  7 ربيع1 1431 – 22/2/2010 .

البطاقة الشخصية وتاريخ الولادة لسماحتكم؟

جعفر بن العلامة السيد مرتضى العالمي ولد في جنوب لبنان (جبل عامل) في بلدة رأس العين في الخامس والعشرين من شهر صفر في عام 1364هـ الموافق 1945م، وبعدها سكنا في عيثا الجبل والتي كانت تسمى قديماً (عيثا الزط)، أسرتنا من الأسر العريقة والكريمة ولها احترامها وشأنيتها وقد برز فيها الكثير من العلماء وقد ترجم لهم أغا بزرك الطهراني مثل السيد حيدر بن السيد مرتضى والسيد جواد فقد كانوا من كبار العلماء.

هل درستم الدراسة الأكاديمية؟

لم يكن في قريتنا مدارس أكاديمية بالشكل المتعارف اليوم ولكن كانت هناك غرفة صغيرة وكان فيها ما يقارب (20) طفلاً وكان هناك معلم يدرس فيها فجعلني والدي معهم ولم استمر لأكثر من شهر و نصف بسبب كتاب كان المعلم يدرسنا وعلى ما أتذكر كان اسمه (المسلم الصغير) وكان هذا الكتاب يثني على معاوية فرفض والدي وقريتنا هذا التدريس،

وكان والدي يهتم كثيراً بتعليمي فعلمني حروف الهجاء وقراءة القرآن وكان عمري 4 سنوات ولوالدي مكتبة يعطيني منها بعض كتب الأدب والقصص والتاريخ لأطالعها وبعدها يطلب مني كتابة ما قرأته وكان يشجعني ويحثني على التعلم وطلب العلم يمنيني بأنه سيرسلني إلى النجف الأشرف للدراسة هناك، فتعلمت نظم الشعر وأنا في العاشرة وعند بلوغي الخامسة عشر أو السادسة عشر قال لي والدي أريدك أن تكون عالماً لا أن تكون شاعراً.

الهجرة إلى النجف الأشرف، وبداية الدرس الحوزوي فيها، متى بدأت؟

لقد هاجرت من بلادي جبل عامل إلى النجف الأشرف في سنة 1962م ـ 1382هـ، فعند قدومي إلى النجف لم أكن أعرف أحد وسكنت في مدرسة البروجردي ما يقارب السنة وأربعة أشهر وبعدها انتقلت إلى جامعة النجف الدينية وبعدها تزوجت في النجف واستأجرت بيتاً مستقلاً في منطقة الجديدة.

بدأت درسي الحوزوي بدراسة الألفية ولم أدرس القطر لأني درسته عند والدي فدرست المقدمات وقسماً من السطوح كالألفية والشرائع والمنطق والحاشية ومختصر المعاني وغيرها ومكثت في النجف 6 سنوات ثم طلب والدي الهجرة إلى قم المقدسة فاستخرت الله تعالى فجاءت الاستخارة موافقة فذهب إلى قم وبقيت هناك حوالي (27) سنة.

أبرز أساتذة السيد جعفر العاملي؟

أول أساتذتي هو سيدي الوالد (رحمه الله) وهناك شيء مهم أود أن اوضحه هو أني كنت اعتمد على نفسي كثيراً في التعلم والدراسة من خلال كثرة المطالعة والتحليل ولم أكن اعتمد على الأستاذ بشكل كبير، ومن ابرز أساتذتي في النجف الأشرف الشيخ محمد تقي الجواهري، والشيخ محمد هادي معرفة والسيد جليل عبد الصاحب الحكيم الذي كان استاذاً فذاً.

أما في قم فمن ابرز أساتذتي آية الله السيد علي الفاني والشيخ مرتضى الحائري، والسيد موسى الزنجاني وغيرهم، وعلى العموم كان لأساتذتي فضل بتوجيهي وللأستاذ فائدة روحية أيضاً.

الإجازات التي حصلتم عليها؟

لا أحب الإجابة عن هذا السؤال لأنه يدخل في باب التباهي والسمعة وبدون ذكر الأسماء أقول لك حصلت على إجازات بالاجتهاد من كثير من العلماء، والمهم بعطاء الإنسان وثمرة علمه فأنا كطالب علم ما زلت في كل يوم أشعر بأنه هناك مجهولات كثيرة يجب كشفها ولحد هذه الساعة لم أشعر إن ما لدي يغنيني ويكفيني ويشبعني وما زلت أتعلم وأطلب العلم.

ما أول كتاب ألفتموه؟

لا أتذكر بالضبط أول مؤلفاتي، ولكن أول مؤلفاتي أحد هذه الكتب وهي (ابن عباس وأحوال البصرة، وكتاب الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) ، وكتاب الزواج المؤقت).

ما عدد مؤلفاتكم وما أعزها لديكم؟

عدد الكتب المؤلفة التي تم طبعها حوالي (70) عنواناً والذي ألفته ضعفي هذا العدد لكن قسم كبير منها لم يطبع لحد الآن، وقد تلف الكثير منها واحترقت في حرب تموز بسبب قصب إسرائيل للبيوت التي أسكنها في بيروت وفي جنوب لبنان.

أما أعز كتاب عندي فهذا الكتاب الذي ينتفع به الناس، وأي كتاب أقوم بتأليفه أشعر ما مقدار حاجة الناس إليه، فليس المهم التأليف بحد ذاته ما لم يكن لرفع شبهة أو هداية إنسان وإرشاده إلى الطريق الصحيح وعلى العموم فأبرز كتاب لنا هو الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه واله وكتاب الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) من الولادة إلى الخلافة.. وكتاب الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) وكتاب مأساة الزهراء عليها السلام.

كيف تقرؤون الواقع الثقافي والأدبي في لبنان؟

الوسائل العلمية الحديثة هي سلاح ذو الحدين إذا لم يحسن الإنسان استخدامها فقد أضحى الكثير من الباحثين والدارسين الابتعاد عن سبل البحث والتقصي وبذل الجهد والقراءة والاعتماد على الكومبيوتر والانترنت ومتابعة البرامج التلفازية وهذا أثر بشكل أو بآخر على تدني المستوى الثقافي بشكل عام، وأتوقع أن الوضع يزداد سوءً، لقد لعبت الفضائيات دور كبير في استقطاب الشباب وبالتالي توجيههم بالوجهة التي يردونها، حتى القرآن هذا الكتاب العظيم كتاب الله صار يسمع لأجل الصوت الجميل وليس للمعنى والتفكر في الله تعالى.

من خلال حديثكم نلمس التشاؤم، فهل عملتم لتغيير الواقع؟

لقد كان اهتمامنا منصباً على معالجة المواضيع والمشاكل وحث الناس بطريقة الكتابة، وبفضل أهل الخير والصلاح قمنا بإنشاء مدرستين في قم ولبنان للطلبة اللبنانيين باسم منتدى جبل عامل، وحوزة الإمام علي (عليه السلام) لتدريس العلوم الدينية من اجل الإجابة على أسئلة الناس العقائدية ودفع الإشكالات والشبهات التي ترتبط بالمذهب خاصة وبالدين عامة، كذلك أسست حوزة باسم حوزة المرتضى في بلدة عيثا الجبل للاهتمام بطلبة العلوم الدينية، والمطلوب في هذه المؤسسات أولاً وأخيراً خدمة الدين والاهتمام بالطلبة.

إزدادت في الآونة الأخيرة هجمات الناصبين على مذهب الحق مذهب أهل البيت عليها السلام وكثير من الناس يطالبون العلماء بالرد على هؤلاء بصورة أكبر وأوسع؟

الحمد لله فالعلماء والمفكرين قد ردوا الكثير من الشبهات والتشكيكات ووضع الشبهات تحت طاولة التحقيقق والتشريح من أجل الرد على كل مفصل بل كل جزئية من جزيتها وكانت حاسمة وصارمة ولكن العلماء والمفكرين الشيعة بالخصوص لهم نظرة يجب على العوام الانتباه لها.

وهي أولاً: أكثر هذه الشبهات والإشكالات تم الإجابة عنها منذ أكثر 1400 سنة ولكن الناصبين مستمرين بترديدها ولا يعترفون بالحقيقة ولو جئتهم بألف دليل ودليل ويحاولون التخلص من الأجوبة الصحيحة بالاتهام بالباطل والسب والشتم ويصل الأمر إلى التكفير واستحلال الدم.

وثانياً: إن الكثير من العلماء وأهل الفكر يسعون لتحاشي الدخول في هذه المهاترات العقيمة لإثارة أجواء الفتنة، فعلماؤنا مسؤولين عن حفظ كيان الأمة ووحدتها ولا يستجيبون لكل ما يشمون منه رائحة الفتنة.

المراقب للأوضاع يشاهد بأن هناك هجمة قوية ضد أتباع أهل البيت عليهم السلام من خلال التكفير أو بث الشبهات فبماذا تنصحون؟

يجب أن نتسلح بالعلم والمعرفة ومعرفة عقائدنا بالصورة الصحيحة وأن نسلح أبناءنا بهذه المعايير وأن نشيعها ونقويها لكي نكون أبناء الدليل كيفما مال نميل وفق المعايير الإيمانية والعلمية والعقلية والأخلاقية الصحيحة.

بماذا توجهون القراء الكرام لمطالعة الكتب؟

أنصح بقراءة كل ما يشعر القارئ أنه بحاجة إليه وأنه يحل له مشكلة ويدفع عنه شبهة أو يغنيه في جهة يظن أنه بحاجة إلى إثرائها وإغنائها أو تقويتها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky