العلامة-العسكري

نيابة الفقهاء عن الامام في حمل اعباء التبليغ .. العلامة السيد مرتضى العسكري

مـارس خريجو مدرسة اهل البيت (ع ) حمل اعباء التبليغ على عهد الائمة تدريجيا, وتكامل عملهم فـي عـصر غيبة الامام الصغرى, وتنامى في عصر غيبته الكبرى, حيث تحولت الحلقات الدراسية التي كانت تعقد في المساجد والبيوت على عهد الائمة الى معاهد تعليمية وحوزات علمية شيدت في بلاد كبيرة مثل بغداد, على عهد المفيد والمرتضى , والنجف الاشرف على عهد الطوسي وغيره, ثم كربلاء والحلة واصفهان وخراسان وقم في ازمان غيرهم. / من كتاب : معالم المدرستين للعلامة العسكري ره / المجلد الثالث

الاجتهاد: بـعدما انصرفت قلوب بعض المسلمين عن مدرسة الخلافة اثر استشهاد الحسين (ع ) وادركوا ان اولئك ليسوا على حق في ما يقولون ويفعلون , ومالت قلوبهم الى اهل بيت رسول اللّه (ص ), عند ذاك اسـتطاع ائمة اهل البيت ان يبصروا بعضهم امر دينهم , ويعرفونهم ان مدرسة الخلفاء تعتمد الراي فـي الدين في قبال ائمة اهل البيت الذين يبلغون عن اللّه ورسوله , وكان الفرد المسلم بعد تفهم هذه الـحـقـيـقـة , يـتهيا لقبول ما يبينه الامام من ائمة اهل البيت ,

ومن ثم بدا بعض الافراد يتلقى الحكم لاسلامي الذي جاء به رسول اللّه عن طريقهم وكذلك استبصر الفرد بعد الاخر حتى تكونت منهم جـمـاعات اسلامية واعية , ومن الجماعات الواعية مجتمعات اسلامية صالحة قائمة على اسس من الـمـعـرفـة الاسلامية الصحيحة , وعند ذاك احتاجوا الى مرشدين فعين لهم الائمة من يقوم بذلك ويـنوب عنهم في اخذ الحقوق المالية , فكانوا يرجعون الى الوكلاء النواب في ذينك تارة , واخرى يجتمعون بامامهم اذا تيسر لهم السفر اليه .
والـى جـانب ذلك ساعدت الظروف احيانا الائمة منذ الامام الباقر (ع ) على تكوين حلقات دراسية يـحـضـرها الامثل فالامثل من اهل عصرهم , يحدثهم الامام فيها عن آبائه عن جده الرسول (ص ) تـارة , ويـروي لـهـم عـن جامعة الامام علي (ع ) تارة اخرى , وثالثة يبين لهم الحكم دونما اسناد, وتـوسـعـت تـلـك الحلقات على عهد الامام الصادق (ع ) حتى بلغ عدد الدارسين عليه اربعة آلاف شـخص , وكان تلاميذهم يدونون احاديثهم في رسائل صغيرة تسمى بالاصول , دابوا على ذلك حتى بـلـغوا عصر المهدي , ثاني عشر ائمة اهل البيت (ع ), وغاب عن انظار الناس وارجع بدءا شيعته اينما كانوا الى نوابه الاربعة التالية اسماؤهم :
ا ـ عثمان بن سعيد العمري .
ب ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري .
ج ـ ابو القاسم حسين بن روح .
د ـ ابو الحسن علي بن محمد السمري .
ومـارس هـؤلاء النيابة عن الامام زهاء سبعين عاما يتوسطون بينه وبين الشيعة حتى تعودت الشيعة عـلى الرجوع الى نواب الامام وحدهم في ما ينوبهم , والف في هذا العصر ثقة الاسلام الكليني اول مـوسـوعـة حـديـثية في مدرسة اهل البيت (ع ) اسماها الكافي , جمع فيها قسما كبيرا من رسائل خريجي هذه المدرسة التي كانت شائعة في ذلك العصر يرويها المئات عن اصحابها, وبذلك بدا عهد جديد في تدوين الحديث بمدرسة اهل البيت (ع ).

جـاهـد الائمة بعد استشهاد الحسين (ع ) لاعادة الاسلام الصحيح الى المجتمع فاعادوه حكما بعد حـكـم وعقيدة بعد عقيدة حتى تم في نهاية هذا العهد تبليغ جميع ما جاء به الرسول , وابعد عنه كل مـحـرف وزائف فـي حدود من تقبل منهم , وتم تدوين جميع سنة الرسول (ص ) في رسائل صغيرة ومدونات كبيرة .
وكذلك جاهدوا في ارشاد ابناء الامة فردا بعد فرد حتى تكونت منهم مجتمعات اسلامية صالحة فيها علماء يرجعون الى مدونات حديثية , حوت كل ما تحتاجه ابناء الامة من حقائق الاسلام , وبذلك انتهى واجـب الائمـة التبليغي في نهاية هذا العهد, كما انتهى واجب رسول اللّه التبليغي في آخر سنة من حياته فقبضه اللّه اليه صلوات اللّه عليه وآله .

وكذلك اقتضت حكمة اللّه ان يحتجب في نهاية هذا العهد الامام المهدي (ع ) عن الانظار الى ما شاء اللّه , فـارجـع شيعته الى فقهاء مدرستهم وانابهم عنه نيابة عامة دون تعيين احد بالخصوص , وبذلك بـدا عـصـر غيبة الامام المهدي الكبرى , وناب عنه فقهاء مدرستهم في حمل اعباء التبليغ الى اليوم والى ما شاء اللّه كما نبينه في ما يلي :

مـارس خريجو مدرسة اهل البيت (ع ) حمل اعباء التبليغ على عهد الائمة تدريجيا, وتكامل عملهم فـي عـصر غيبة الامام الصغرى , وتنامى في عصر غيبته الكبرى , حيث تحولت الحلقات الدراسية التي كانت تعقد في المساجد والبيوت على عهد الائمة الى معاهد تعليمية وحوزات علمية شيدت في بلاد كبيرة مثل بغداد, على عهد المفيد والمرتضى , والنجف الاشرف على عهد الطوسي وغيره , ثم كربلاء والحلة واصفهان وخراسان وقم في ازمان غيرهم.
ولـم يـزل منذئذ ولا يزال يهاجر الى تلك المعاهد والحوزات طلاب العلوم الاسلامية من كل صقع عملا بالاية الكريمة : (فـلـولا نـفـر مـن كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) التوبة / 122. يـجـتـمـعـون في تلك المعاهد والحوزات حول اساطين العلم ويستقون من معينهم ثم يرجعون الى بـلادهم ليقوموا بحمل الدعوة الاسلامية الى كل صقع , دابوا على ذلك في خدمة الاسلام جيلا بعد جـيـل , وكـانوا وما يزالون مع المسلمين في كل نازلة , يحاربون خصوم الاسلام اعداء اللّه واعداء رسـولـه ابدا, ويدافعون عن المسلمين في كل مكروه وكذلك لم يزل وما يزال يحاربهم بكل سلاح فـي كـل عصر, كل كافر وملحد ومنافق عليهم يريد ان يقضي على الاسلام هؤلاء حملوا لواء الاسلام بعده , وطبيعي ان يهاجم في المعارك حامل اللواء.

ونـذكر على سبيل المثال من نواب الامام في الغيبة الكبرى الشيخ الكليني , وكان اول موسوعي في هـذه الـمـدرسة اشتهر بتاليفه الكافي , ثم توالت التليف الموسوعية بعده غير ان الذين جاؤوا بعده كانوا يعنون بنوع واحد من الحديث فيجمعونه في مؤلفاتهم , وغالبا ما كانت العناية متجهة الى تجميع احـاديـث الاحـكام مثل ما فعله الشيخ الصدوق في : ((من لا يحضره الفقيه )) والشيخ الطوسي في : ((التهذيب والاستبصار)) والشيخ الحر العاملي في : ((وسائل الشيعة )) الى ان لمع نجم المجلسي الـكبير والف موسوعته الكبرى ((البحار)) على غرار موسوعة الكليني ((الكافي )) في تجميعه انـواع الاحـاديث , وبز المجلسي الموسوعيين جميعا لما جمع في موسعته تلك بين الكتاب والسنة وفـسـر آيـات كـتـاب اللّه وشرح بعض الاحاديث وبين علل بعضها, الى غير ذلك من المميزات , وشـارك الـكليني في دراساته حول احاديث الكافى بكتابه (مرآة العقول ) استوعب فيها شرح الفاظ الحديث وكشف معانيها وذكر علل الحديث وقوته وصحته وفق القواعد المتبنـاه لدى المحدثين منذ عـصر العلامة الحلي وابن طاووس , وخالفهم احيانا فقال : (ضعيف على المشهور معتمد عندي ) او (معتبر عندي ) وكان نتيجة تقويمه لاحاديث الكافي انه وجد منها خمسة وثمانين واربعمائة وتسعة آلاف حديث ضعيف من مجموع 16121 حديثا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky