الدكتور سامي براهم: التجديد لا يتوقف عند الخطاب والفكر بل يجب اليوم الحديث عن التجديد في التفكير الديني / الدكتور محمد المستيري: الفقه الاسلامي اليوم هو فقه احيائي وليس فقها تجديديا / السيد زهير اسماعيل: التراث غير قادر على تقديم أجوبة لما نحن فيه اليوم وهو نفس الأمر بالنسبة للحداثة.
موقع الاجتهاد: ضرورة تجديد الفكر الديني والخروج من منظومة الاجتهاد الفكري الأصولي القديم إلى أفق معرفي جديد يتماشى مع متطلَبات العصر و مقتضيات المرحلة الرَاهنة,كانت أهم المحاور التي أجمع عليها المتداخلون خلال النَدوة.
تفاعلا مع ما يطرح على الساحة من قراءات فكرية وفقهية متواصلة حول مختلف القضايا العامة والشؤون الخاصة للمسلمين تم تنظيم ندوة فكرية رمضانية تحت عنوان “الاجتهاد والتجديد في الإسلام” وذلك بمركز دراسة الإسلام والديمقراطية مونبليزير- تونس وقد تمت دعوة مختصين في الشأن الديني، وممثلين عن المجتمع المدني ومجموعة من الأئمة والخطباء.
انطلقت الندوة بتأطير عام للجلسة من قبل رئيس المركز الدكتور رضوان المصمودي الذي أكد على أن هذه الندوة تأتي في إطار تعميق البحث حول الاجتهاد في الشريعة الاسلامية لأن العالم الاسلامي يحتاج لفهم جديد للإسلام يتماشى مع العصر. كما أكد الدكتور المصمودي أنه ليس بالإمكان ايجاد اجتهاد حقيقي دون تحقيق مكسب الديمقراطية ولكن اليوم وبعد أن تم انجاز شرط الحرية في تونس صار ممكنا الالتفات الى مسألة التجديد في الفكر الديني الاسلامي.
مداخل الاجتهاد والتجديد في الفكر الديني
المداخلة الأولى قدمها الدكتور سامي براهم الباحث بمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية بتونس والذي استهل كلامه بالتأكيد على أن قضية التجديد والاجتهاد هي مسألة ملحة في واقعنا اليوم، وانطلق بالحديث حول قضية الخطاب وما يحمله من عبارات ومجازات مرتبطة بالإسلام وأكد أن التجديد هو ليس في الاسلام ولكن في الفكر الاسلامي، ثم بين أن الاسلام الواحد الثابت هو ما جاء في القرآن وما تواتر في السنة دون تأويل، أما الاجتهاد فهو مصطلح شرعي أصولي له ضوابط ومعايير ويجدر به أن ينسجم مع تحديات الواقع.
وفصل الاستاذ سامي نقاط الخلاف في الاجتهاد التي اختلف حولها العلماء واعتبر أن الضوابط الاصولية تمنع الاجتهاد من الانفتاح على عصره. واعتبر أن التجديد لا يتوقف عند الخطاب والفكر بل يجب اليوم الحديث عن التجديد في التفكير الديني، وقد عدد الأستاذ براهم ما اعتبره أسس الافق التجديدي في الفكر الاسلامي والتي من بينها تحويل علوم ومعارف الشريعة من علوم قدسية إلى علوم انسانية، تجديد النظر في علاقة النص بالزمان، النظر إلى النص المؤسس في علاقته بالأحكام، المصالحة بين الأحكام والقيم أي البعد التربوي الروحي واحلال الواقع المكانة اللائقة به في تأويل النصوص.
وبين الأستاذ أنه لابد من النظر إلى النص في إطار سياقات الواقع الموضوعية. واختتم بالقول بأنه لا يمكن غلق الفكر الديني على القرون الاولى وانه يجدر بالتأويل ان يكون كما الاسلام صالحا لكل مكان والزمان وذلك بمراعاة السياقات والظروف.
نحو تأسيس فكر ديني معاصر
المداخلة الثانية كانت للدكتور محمد المستيري الأستاذ بجامعة الزيتونة ورئيس منتدى الزيتونة للفكر الاسلامي المعاصر الذي انطلق بداية بالتأكيد على أن مسألة الاجتهاد متعلقة بمفهومي الدين والتدين، وأوضح الدكتور أن المجتمعات لم تنجح في وضع تصور ديني يتطابق مع واقعه، واعتبر أن الخلل هو في فهم الدين وفي ضعف الاجتهاد. وبين الدكتور أن التماهي بين احياء العلوم الشرعية والتجديد في الفكر الديني هو من اهم معضلات الاجتهاد، وبذلك يكون الفقه الاسلامي اليوم هو فقه احيائي وليس فقها تجديديا. وأكد الدكتور على انه من الضروري تأسيس فكر اسلامي معاصر. واعتبر أن التجديد هو تجديد للفهم قصد التنزيل، والفهم يجب ان يكون وفقا لقياسات الواقع. وأنهى الدكتور كلامه بالتأكيد على ضرورية تحديد معنى المرجعية الاسلامية وتصورها لمختلف الجوانب الانسانية والاستحقاقات البشرية.
الخطاب الشريعي عائق من عوائق التجديد
المداخلة الاخيرة كانت للسيد زهير اسماعيل الجامعي والباحث بمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية الذي أكد على ان الخطاب الشريعي هو عائق من عوائق التجديد، وبين الأستاذ أن الخطاب الشريعي هو الخطاب الذي أنتجه فهم الشريعة الاسلامية. واعتبر الأستاذ أن الاجتهاد انطلق مع التأصيل والكتابة، والأمر السلبي في هذا الإطار هو ان الاجتهاد لم يستطع الخروج عن الاصول ثم فصل الأستاذ أربع خطابات في الفكر الديني وهي الخطاب الشريعي واستدل بالوهابية والسنوسية كمثال، الخطاب النهضوي الاصلاحي الذي جاء في مقارنة مع الغرب، ثم الخطاب الاسلامي السياسي. واعتبر ان هذا الخطاب هو جوهر الأزمة التي يعيشها الفقه الاسلامي اليوم. واعتبر ان الاشكال اليوم هو اشكال ترجمة، وأن التراث غير قادر على تقديم أجوبة لما نحن فيه اليوم وهو نفس الأمر بالنسبة للحداثة.
خلال فترة النقاش أكد المتدخلون على أهمية الموضوع المطروح وبينوا أن المداخلات عبرت عن ازمة الفقه الاسلامي وانه من الضروري البحث حول كيفية ايجاد تجديد من الذات والخروج من الفكر الاحتجاجي إلى الفكر البنائي. في المقابل عبر البعض على ان هناك رغبة في تغيير الدين وليس في تجديده وعبروا عن خشيتهم من التجديد الفوضوي وتساءلوا عن حدود التجديد والاجتهاد.
المصدر: مركز دراسة الاسلام و الديمقراطية