الاجتهاد: ترك الشيخ محمد مهدي شمس الدين من التراث الفكري ـ فيما يتصل ببحثنا ـ عدداً من الأبحاث المهمة، وآخر من المقالات والمقابلات.. عالج فيه جملة من المسائل والموضوعات من وجهة النظر الفقهية. لنتلمَّس من خلال قراءتها الأبعاد الخاصة التي رسمها الشيخ شمس الدين لمنهجه الفقهي. / بقلم محمد السيد طاهر الياسري الحسيني في هذا المنهج الذي قد يتفق مع نظرائه الفقهاء تارة، وقد ينأى عنهم تارة أخرى، بما يؤسس له من مقولةٍ هنا أو رأي هناك، كما هو دأب الفقهاء وديدنهم في الاتفاق والاختلاف، تبعاً لاختلافهم في اختيار المناهج التي تحكم طرائق تفكيرهم، بما يترك أثره في نتائجها.
المرجعية الفكرية: من زاوية التصنيف المذهبي السائد يُصنَّف الشيخ محمد مهدي شمس الدين على مذهب اهل البيت (عليهم السلام) ويعتمد الآليات العلمية المشروعة من وجهة نظرهم ـ وهو المعبّر عنه في إصطلاح الأصوليين بالأدلة الشرعية ـ ويستبعد ما استبعده أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، على ما هو مقرر في علم أصول الفقه، تبعاً للاختلاف في دليلية بعض ما يدّعى صلاحيته للدلالة على الحكم الشرعي، من قبيل الاستحسان والقياس والمصالح المرسلة.. فالأدلة الشرعية ـ عنده ـ هي الكتاب الكريم (النص القرآني)، والسنة الشريفة حصراً (1) .
وإذا كان قد اشتهر على ألسن علماء أصول الفقه ـ من الإمامية ـ أنَّ الأدلة الشرعية أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والعقل، فإنَّ الشيخ شمس الدين يرجع هذا الاشتهار إلى <<توسعٍ وتسامحٍ لا يتناسبان مع المنهج العلمي، الذي يقتضي الدقة بقدر الإمكان>> (2) .
ويرى الشيخ محمد مهدي شمس الدين <<أنَّ الشيعة الإمامية أدخلوا مصطلح الإجماع في أصولهم التي تأخر تدوينها ـ وربما تأسيسها ـ عن أصول أهل السنة، متأثرين بمنهج البحث الأصولي عند أهل السنة، وربما استجابة لمقتضيات الحوار والجدل الكلامي>> (3) ، وهو رأي نجده في تضاعيف أبحاث فقهاء آخرين، مثل الإمام الخميني الذي ذكر: <<ان إنسلاك الإجماع في سلك الأدلة وعدَّة في مقابلها إنما نشأ من العامة>> (4) .
ومهما يكن من أمر، فالإجماع ليس <<حجة في موازاة الكتاب والسنة، بل هو ـ على فرض حصوله ـ حاكٍ عن السنّة كخبر الواحد مثلاً. ومن هنا فإنَّ حجية الإجماع إنما هي من جهة تضمنه لرأي المعصوم أو كشفه عنه، كما صرَّح بذلك الفقهاء والأصوليون الإمامية في تعريفهم للإجماع وبحثهم فيه. ومن دون ذلك لا حجية للإجماع ولا عبرة به في مقام الاستدلال والاستنباط، مهما بلغ عدد المجمعين ومهما بلغت منزلتهم>> (5) . فالإجماع إذاً <<صيغة من صيغ حكاية السنة>> (6) .
وموقف الشيخ محمد مهدي شمس الدين هذا مسبوق بما أشار إليه الشهيد الصدر ـ بإيجاز في رسالته العمليةـ مذكِّراً أنَّ ما يسمى بالإجماع فهو ليس مصدراً إلى جانب الكتاب والسن>>(7).
وعوداً إلى إدراج الاجماع في جملة الأدلة على الحكم الشرعي، يرى الشيخ شمس الدين أنَّ اعتبار إجماع الفقهاء دليلاً شرعياً موازياً للكتاب والسنة أدى إلى <<إعاقة نمو الفقه، لأنه يحول بين الفقيه وبين البحث عن أجوبة غير جاهزة عن المسائل الطارئة، لأنه يقدم للفقيه جواباً جاهزاً يعفيه من عبء البحث ومسؤولية القرار الفقهي، فيعطل نمو البحث عن أجوبة جديدة عن الأمور الطارئة. وبذلك يحول أيضاًـ بطبيعة الحال ـ دون استجابة الشريعة لمستجدات الواقع، لأنه يحصر الشريعة في صيغ جامدة ومحددة، هي صيغ الإجماع على قولٍ ما أو الشهرة على قولٍ ما>> (8) .
وعليه فإنَّ <<حجية إجماع الفقهاء أدّى إلى تعطيل النمو الحضاري في المجال الحياتي العام، وإلى شل مشاركة الأمة في قيادة نفسها في المجال التنظيمي السياسي>> (9) ، مما يعني ضرورة الدعوة <<إلى إعادة النظر في دعوى حجية الشهرة والإجماع، وإلى البحث في المسائل الإجماعية عن أجوبة عن الأسئلة الجديدة تتجاوز الشهرات القائمة والاجماعات المدّعاة>> (10) .
ولذلك شكّك الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كثير من دعاوى الإجماع، لجهة أن بعض ما يدّعى أنه مجمع عليه ليس مجمعاً عليه (11) ، خاصة في التفريعات التي في أبحاث الفقهاء المتأخرين عن عصر القدماء، إذ لا وجه لسماع دعوى الإجماع فيها، وكذلك القضايا المبنيَّة على مبادئ ومقدمات عقلية فلسفية أو منطقية أو نقلية قابلة للمناقشة فلا يمكن سماع دعوى الإجماع فيها أيضاً (12) .
ولذلك لم يُصغ الشيخ شمس الدين لدعاوى الإجماع في عددٍ من المسائل الحرجة من قبيل: دعوى اشتراط الذكورة في رئيس الدولة وعدم جواز أو أهلية المرأة لتولي السلطة (13) ، ودعوى الإجماع على اشتراط الذكورة في القاضي (14) ، ودعوى الاجماع على انحصار حرمة الاحتكار في موارد منصوصة لا يمكن التعدي منها إلى غيرها (15) ..
ولعدم الإصغاء هذا استثناء، فقد يتمسك الشيخ بالاجماع، بل وينّظر له، كما في دعوى الاجماع على اشتراط العدالة في المفتي ومرجع التقليد، فإنه استظهر اشتراط العدالة فيه لدليلين:
أحدهما الاجماع، وذكر أن <<قضية عدالة وفسق الفقهاء في الأحكام الشرعية ورواة السنة كانت من الأمور المتداولة والمطروحة على بساط البحث عند الأئمة المعصومين(ع) والفقهاء وشيوخ الرواية، فدعوى الاجماع على اعتبار العدالة في المفتي ممن ادعاها تقوم على اساس متين من فتاوى الفقهاء القدماء وعملهم المتصل بزمان الأئمة(ع)، ولذا فإنَّ الاجماع في هذه المسألة مما يُعلم باشتماله على قول المعصوم>> (16) ، وإن كان تكرر منه <<أن ثبوت الإجماع في مسائل التقليد ومتفرعاتها غير معلوم>> (17) ، خاصة مع ما ذكره من كون <<الولاية من قِبَل الفقيه خصوصية زائدة على صِرْف الافتاء>> (18) ، فإنه عندئذٍ لا ينفع الاستدلال باشتراط العدالة في ولاية الأمور الحسبية الملازمة لكون المفتي مرجعاً في الفتوى (19) ، لأنَّ هذه الولاية خصوصية زائدة، والبحثُ في المفتي من حيث هو كذلك.
وموقف الشيخ شمس الدين من إدارج العقل في الأدلة الشرعية موقفه ذاته من الإجماع، فإنه ـمن وجهة نظرة ـ <<ليس دليلاً تشريعياً في موازاة الكتاب والسنة ـ أي أنه ليس مصدراً للتشريع ايضاً ـ وليست له <<أحكام>> بالمعنى المصطلح، بل هو يدرك الأشياء وعلاقتها ولوازمها>> (20) .
ويمكن أن نشير إلى ماذكره الشهيد محمد باقر الصدر في هذا السياق، فإنه ذكر في (الفتاوى الواضحة): <<وأما ما يسمى بالدليل العقلي الذي اختلف المجتهدون والمحدثون في أنه هل يسوغ العمل به أو لا، فنحن وإن كنّا نؤمن بأنه يسوغ العمل به، ولكنا لم نجد حكماً واحداً يتوقف إثباته على الدليل العقلي، بل كل ما يثبت بالدليل العقلي فهو ثابت في نفس الوقت بكتابٍ أو سنة>> (21) .
وبالعودة إلى ما أشرنا إليه من كون الكتاب والسنة الشريفة المصدرين الوحيدين للتشريع، فإن الشيخ شمس الدين يشير إلى أن الكتاب هو <<القرآن المتداول بين المسلمين منذ عهد صاحب الرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما بين الدفتين لا زيادة فيه ولا نقصان ولا تحريف… وهو قطعي السند لا ريب في صدوره عن الله تعالى على لسان رسول الله (ص)، وبعضه نص قطعي الدلالة وبعضه ظاهر الدلالة>> (22) .
وما يقرره الشيخ محمد مهدي شمس الدين في هذا الصدد لا يُضيف شيئاً ولا يزيد. إنما المهم ما يلاحظه الشيخ شمس الدين على المنهج السائد في التعاطي مع الكتاب الكريم، إذ يرى <<أنَّ الفقهاء رضوان الله عليهم والأصوليين القدماء.. انطلقوا في تعاملهم مع القرآن باعتباره مصدراً للتشريع من خللٍ أو من ضيقٍ في الرؤية المنهجية، جعلتهم يرون فقط آيات الأحكام المباشرة التي يتعاطونها، وهي ما يتصل بفقه الأفراد، عبادات الفرد، تجارة الفرد، جريمة الفرد، الأسرة>> (23) ، وأنهم <<غفلوا عن البُعد لتشريعي للمجتمع وللأمة في المجال السياسي والتنظيمي وللعلاقات الداخلية في المجتمع وعلاقات المجتمع مع المجتمعات الآخرى غير المسلمة>> (24) ، وأصبح الفقيه يتعاطى مع أقل من عُشر القرآن الكريم، متغافلاً عن الباقي منه.
كما لاحظ على منهج الاستنباط الفقهي أنه يتجاوز حاكمية القرآن الكريم، وأنه يتصدى لفهم النصوص الدينيةمن الروايات والأحاديث الشريفة بمعزل عن التوجيه القرآني، ذلك (الأساس) الذي ينبغي اتباعه في الاستنباط (25) ، وذلك لأن <<الرؤية القرآنية هي المناخ التشريعي للأحكام، فهذه الأحكام ليست بلا جذور وليست بلا إطار (فلسفة)، بل هي تركز على قاعدة عامة تعبّر عنها هذه الرؤية، وبذلك تكون هذه الرؤية مرجعاً في فهم النصوص التشريعية وتفسيرها>> (26) .
وعليه فإنّ<<الرؤية القرآنية تضيء النص التشريعي، وتكشف فيه عن أبعاد وخصوصيات قد تضيف إليه دلالة أخرى تضمنية أو إلتزامية على خصوصيات لا تدل عليها بالمطابقة وبصورة مباشرة>> (27) . وهذا المعنى وإن لم يتجاهله الفقهاء، إلاّ أنهم لم يؤصّلوا الموقف منه، ولعلَّ من أوائل من نّبه عليه من الفقهاء الشهيد الصدر فيما أسماه باشعاع المفاهيم على الأحكام ودورها في فهم النصوص الشرعية (28) .
وأما المصدرالثاني من ادلة التشريع فهو السنة، <<وقد وصلت إلينا السنة عن طريق النقل على أَلسنة الرواة، وقد جمعها ائمة الحديث وعلماء السنة في مجاميع تداولها المسلمون وتدارسها علماء الحديث والفقه والأصول، وصنفوها في أقسام: منها ما يصح الاحتجاج به واعتماده في استنباط الأحكام الشرعية، وهو الصحيح وما دونه من الموثق والحسن، ومنها مالا يصح الاحتجاج به، وهو الضعيف وإخوته>> (29) .
ولم تصل السنة بطريق قطعي في معظم الحالات، ولذلك اختلف الفقهاء المسلمين في اعتبار هذه السنة، لجهة إختلافهم في طرق توثيق الأخبار والروايات، واعتبار ما هو معتبر منها، فنشأت حقول معرفية خاصة تعنى بالتوثيق ودراسة الروايات من حيث الاعتبار واللا اعتبار، مثل علم الدراية والجرح والتعديل.
وفي هذا الصدد يظهر من الشيخ محمد مهدي شمس الدين أنه يرى <<إنَّ المدار في الحجية ـ يعني حجية الخبر واعتباره والاعتماد عليه ـ على حصول الوثوق بالصدور و… أن العقلاء في شؤونهم العملية إذا وثقوا بصدق مخبر عملوا بخبره ورتبوا عليه الآثار وإن لم يكن ثقة في نفسه من جهات أخرى (30) >>. وقد اختلف الفقهاء وتباينت مواقفهم تجاه هذه المسألة بين من يعتبر أن الخبر المعتبر هو خبر الثقة، وبين من يعتبر أنه الخبر الموثوق به وإن لم يكن المخبر ثقة.
وبناءً عليه اختلفوا في مسألة ما عرف عندهم بأنَّ عمل مشهور الفقهاء جبر له، وأنَّ إعراضهم عنه يوهنه، وقد ظهر من بعض ابحاثه أنَّ عمل المشهور يُولَّد الوثوق بالخبر (31) . غير أنه يظهر منه التأمل في هذا الرأي ومما ينبغي إعادة النظر فيه (32) ، بل أنه نشأ وشاع إيثاراً للسهولة واليسر (33) .
غير أنَّ الأهم في هذا المجال التذكير بملاحظته الجريئة حول التصنيف المذهبي للسنة الشريفة، فيكون للشيعة سنتهم الخاصة، ويكون للسنة سنتهم الخاصة بهم، فيرمى الخبر الشيعي بالكذب الوضع، ويرمى الخبر السني بالكذب والوضع، وتساءل عن السرِّ في تجاهل السنة أخبار الشيعة التي تجمع شرائط الحجية، وتساءل عما إذا كان ثمة جهود بذلت لدراسة هذه الأخبار من الطرفين، وإلاّ كيف يتصور أن يكون هذا العدد الهائل من اخبار وروايات الشيعة كله أكاذيب! وكيف يتصور ان يكون هذا العدد الهائل من اخبار السنة كله اكاذيب (34) !
نشير إلى أنَّ للشيخ شمس الدين آراء ونظرات في مسائل وقواعد رجالية تستدعي الدراسة والتأمل، فقد اختار ما يُعرف بالتوثيق العام لرواة كتاب (كامل الزيارات) للمحدث أبي جعفر بن قولوية (35) ، وهو مطابق للرأي الذي عدل عنه استاذه السيد الخوئي، وهو رأي ـ ربما ـ تفرد به السيد الخوئي، كما أنه وثَّق من يروي عنه ما اصطلح عليهم أصحاب الاجماع (36) .
كما أنَّ له رأياً في دلالة بعض الألفاظ على التوثيق في الوقت الذي يرى فيه معظم علماء الرجال عدم دلالتها عليه (37) . وجرح بعض الرواة على الرغم من التنصيص على وثاقتهم وفقاً لمعطيات علم الرجال (38) .
يبقى أن نشير إلى أنَّ ما يعرف بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة ليس من الأدلة علىالحكم الشرعي، وهو ما ينسجم فيه الشيخ شمس الدين مع الموقف العام لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) شأنه شأن أعلامها وفقهائها الأقدمين والمتأخرين والمعاصرين.
ولكنَّ للشيخ راياً في هذا الصدد، فإنَّ عدم مشروعية هذه الأدلة من وجهة نظر مدرسة أهل البيت <<لا يعني أنه يوجد تباين كامل بين هذه المذاهب في هذه الأدوات الاستنباطية، ففي بعض الموارد يكون الاختلاف لفظياً، أي أن الاختلاف يكون في التسمية فقط، وبعض الموارد التي تعتبر قياساً عند أهل القياس لا يسميها فقهاء الأمامية قياساً، كذلك في باب الاستحسان مثلاً، ما يسمى باب التزاحم في الفقه الإمامي قسم كبير منه يمكن تصنيفه بسدّ ذريعة أو استحسان>> (39) .
بل يمكن القول ـ من وجهة نظرالشيخ شمس الدين ـ: <<أنَّ من لا يلتزم بحجية المصالح المرسلة فلإلتباس في الأسم، وإلاّ في استنباطاته الفقهية هو يستعمل هذا المنهج>> (40) . وعليه<<لا يجوز التعميم بنفي صلاحية الاستدلال وصفة الدليلية عن كل ما يسمى قياساً، كل ما يسمى استحساناً، كل ما يسمى سدّ ذريعة. إنَّ هذا التعميم ليس دقيقاً في التعبير عن حقيقية الحال، حيث إنَّ بعض الموارد التي تستعمل فيها هذه المناهج أو هذه المفردات في المنهج هي موارد صحيحة> (41) >.
رؤى جديدة:
إنتماؤه لمدرسة فكرية معينة لم تمنعه من الإنفتاح، إذ شاد لنفسه رؤية تبتعد به شيئاً ما عن السائد والمألوف، بل انه يجد في المألوف والسائد إجتراراً وتقليداً، بما ينفي صفة الاجتهاد والتفكير والتأمل.
ويرى ـ بكل صراحة ـأنَّ ما <<يُحكى عن باب الاجتهاد مفتوح عند الشيعة، مغلق عند السنة، هذه مكرمة وهمية، باب الاجتهاد إذا كان مفتوحاً في مذهب الشيعة فهو مفتوح في المذاهب السنية، وإذا كان مغلقاً عند المذاهب السنية فهو مغلق عند مذاهب الشيعة>> (42) ، وأنَّ <<عملية الاجتهاد التي تجري الآن وقبل الآن هي اجتهاد في داخل المذهب، حتى عند الشيعة الذين يستعملون مصطلح مجتهد مطلق في مقابل مجتهد متجزئ>> (43) .
ويرى أنَّ <<من أكمل مظاهر وحدة الأمة وجود مجتهدين على الاطلاق تتمثل فيهم وحدة الشريعة الغراء بجميع تجلياتها في فقه المذاهب، ويغتني كل مذهب في فقهه بأنظار المذاهب الأخرى>> (44) ، ولعلَّ اخطر ما يواجهه المسلمون هو غياب الفقيه الإسلامي، من امثال السيد المرتضى والشيخ الطوسي، والشهيد الأول، والشهيد الثاني، في أفقهم الإسلامي العلمي الرحب، بحيث <<أصبح من المألوف أن يتهم فقيه شيعي بأنه أصبح قريباً من الأنحراف إلى الدائرة السنية إذا تبنى حكماً موافقاً للمذهب السني، أو يتهم فقيه سني بالخضوع للمؤثرات الشيعية إذا افتى بما يوافق مذهب الشيعة>> (45) .
وفي هذا السياق يُلاحظ الشيخ شمس الدين أنَّ <<التطور ـ غير الملائم ـ في علم الأصول لم ينعكس على نتائج الإستنباط، حيث نجد أنَّ المعالجات الفقهية تنتهي إلى نتائج واحدة عند اقدم الفقهاء وعند أحدثهم>> (46) . وينبّه الشيخ شمس الدين إلى أنَّ <<هذه الشريعة ليست قوالب جامدة، كما أنها ليست كلها احكاماً نهائية.
كما انها ليست كلها احكاماً محدودة بجيل من الجيال وعصر من العصور، ومحددة في مجال معين من مجالات حياة الإنسان، بل هي منهج عام لحياة البشر في جميع أبعادها على مدى تاريخ البشرية الآتي وعلى مدى عمرالدنيا>> (47) .
ولذلك دأب الفقهاء على البحث الدائم للوفاء بمتطلبات الأنسان المسلم، والاستجابة لأسئلته الملحة.. وكان ثمة عدد من المناهج والأصول التي اعتمدها الفقهاء بغية استكشاف الحكم والموقف الشرعيين، غير أنَّ بعض هذه المناهج قد يشكَّل عائقاً لتطور التفكير الفقهي وقد يخلّ بالمعطيات العلمية، كما هو حاصل بالنسبة لعلم أصول الفقه في صورته التي هي قائمة فعلاً ـ عند علماء الأصول في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام)ـ إذ أنَّ <<كثيراً من أبحاث علم الأصول قد تحولت عند بعض الأصوليين المعاصريين إلىأبحاث فلسفية تجريدية او يغلب عليها الطابع الفلسفي التجريدي ولاعلاقة لها بالنص القرآني او السنتي إلاّ من حيث التسمية والعنوان، ولا يحتاج إليها الفقيه في بحثه واستنباطه، و هي تستهلك الوقت والجهد على غير طائل، بل قد تؤثر على سليقة الفقيه العرفية، وذوقه اللغوي وقدرته على الفهم السليم>> (48) .
ويرى الشيخ محمد مهدي شمس الدين أنَّ آليات الاستنباط الفقهي التقليدية لا تستجيب للمتغيرات المجتمعية، وما يظهر من تطور في اصول الفقه لا يعدُّ تطوراً صحيحاً، لأنَّ هذا التطور ادخل في علم الأصول افكاراً وقضايا ليست منه ولا تتصل بالشريعة من قريب ولا بعيد (49) . بل ما نراه من تطور في علم الأصول إنما <<عكسَ حذاقة علمية نظرية، وسعة في الخيال الأصولي، وتنويعاً في أبحاث الفلسفة وعلم الكلام وفلسفة اللغة وما إلى ذلك و.. لم يؤد إلى أية نتائج>> (50) .
ويعرب الشيخ شمس الدين عن رأيه بشكل أوضح بشأن مركز علم أصول الفقه ـ كما هو عليه الآن ـ فيقول: <<نعتقد أنَّ علم الأصول بصيغته السائدة قاصر عن الاستجابة لحاجة الاستنباط الفقهي المتجددة بحسب ما يطرأ من تغيرات على المجتمع في حركته وتفاعله مع المجتمعات الأخرى.
وهذا القصور تاريخي وليس طارئاً، لأن أبحاث هذا العلم لم توضع ـ أساساًـ لتنبني عليها عملية اجتهاد شاملة… لم يوضع المنهج لمجال معرفي مقصود داخل في دائرة الوعي بشموليته وابعاده وإنما عولج هذا المجال المعرفي من خلال قضاياه الصغرى: قضايا الطهارة، أو قضايا الانكحة، أو قضايا البيوع، أو قضايا الدماء، وهكذا.. أما السبيل لصياغة مناهج ملائمة لاجتهاد معاصر يستجيب لقضايا التنظيم المجتمعي في مختلف الحقول، فنحق نعتقد أنَّ هذا الأمر الآن ميسور لنا أكثر مما كان ميسوراً للاجيال السابقة.
نحن نمتلك الآن رؤية شاملة للمجتمع ولقضاياه، سواء في ذلك القضايا الراهنة القائمة أو التي تستشرقها، و التي نتوقع ان تحدث في المستقبل، ونحن نمتلك الآن وعياً نرى فيه الفقه على أنه كلٌّ متكامل مترابط، أو هذا ما يجب أن نراه. ونحن ندرك الآن في صورة افضل التفاعل بين الحياة المعاشة وبين النص القانوني أو الحكم الشرعي، وكيف يمكن أن يتأثر التقنين بضرورات الواقع او بخياراته، وكيف يمكن أن يؤثر التقنين في تغيير هذه الضرورات وفي تغيير هذه الخيارات>> (51) .
وفي ضوء هذه العلامات الفارقة لاحظ الشيخ على عملية الاجتهاد طغيان النظرة الجزئية إلى الحياة، وهي نظرة تركت بصماتها واضحة على نتائج الفقه واستنباط الفقهاء. يقول في هذا الصدد: <<والنظرة الجزئية إلى الحياة واستنباط الأحكام لشرعية لمسائل جزئية حوّل الفقه ومعه عملية الاجتهاد، في جانب كبير منهما، إلى فقه أفراد، وليس فقه مجتمع فضلاً عن فقه أمة.. فالفقيه يلاحظ حالة جزئية، او حالة لمجموعة أفراد، وليس فقه مجتمع فضلاً عن فقه أمة.. فالفقيه يلاحظ حالة جزئية، أو حالة لمجموعة أفراد، ويحاول أن يستنبط حكمها الشرعي، هذا في المنهج. اما في التعامل مع النص، فنلاحظ أن النصوص الفقهية في الكتاب والسنة تُقرأ على اساس انها نصوص مطلقة.
من هنا نجد ان بعض الاستنباطات، من الناحية الفنية، أي ما يسمى صناعة الاحتهاد، صناعة الاستنباط، هو سليم من الناحية الشكلية، اما من الناحية الواقعية فيظهر فيه الخلل، وأذكر هنا بعض الأمثلة: مسألة نجاسة أهل الكتاب وطهارتهم، مسألة <<السبيرتوه والقول بأنه نجس، لأنه مسكر، بناء على أن الخمر نجس العين. مسألة ملكية الجهة، واستطراداً هل أن الدولة تملك أو لا تملك، وما يترتب على ذلك من اعتبار جانب كبير من الأموال العامة مجهولة المالك واستحلالها بهذا العنوان? إضافة إلى الموظف الحكومي، معلم المدرسة، موظف في وظيفة معلومة الشرعية، أو معلومة الرجحان.
هل يستحق كل منهم راتبه أم لا? أمور من هذا القبيل، او في بعض المسائل الكبرى كدائرة التقليد، واعتبار أن المقلَّد يجب أن يكون الأعلم.. وهكذا أمور كثيرة في الأطار الفقهي، فقه المراة، فقه الأسرة، المجتمع، الاقتصاد، التنظيم، الفن، إذا صحّ هذا التعبير، النظرة الشائعة عن تحريم الموسيقى التي لا اساس لها، بمعنى من المعاني، الفكرة الشائعة وشبه الاتفاقية حول الغناء وفيها كلام طويل، أو بالنسبة إلى الموسيقى، فهذا امر شديد الوضوح.
هذه النظرة التجزيئية والجزئية مسؤولة عن تقصير كبير يظهر في عملية الاستنباط، ومن ثم يظهر في عملية تكوين الخطاب التنظيمي والتعبوي وحتى التثقيفي، <<ثقافة الحكم الشرعي…>> (52) ، وكان قد نّبه الشهيد الصدر قبل اكثر من ثلاثين سنة على غلبة الطابع الفردي لتفكير الفقيه بما يؤدي إلى ما أسماه بالانكماش في الهدف والنتيجة، ليتحول الفقه إلى خشبة خلاص للفرد على حساب خلاص المجتمع (53) .
ولكنه أمل وتنبأ بضمور هذا التفكير في مايأتي من زمانٍ، ليمحى من <<مفهوم حركة الاجتهاد أي تصور ضيق للشريعة ويزول من الذهنية الفقهية، وتزول كل آثاره وانعكاساته على البحث الفقهي والأصولي>> (54) . ولعل اسهامات الشيخ شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله وغيرهما من الفقهاء تَعِدُ بخطواتٍ جديدة لاحقة في هذا الاتجاه.
وفي هذا السياق يمكن التذكير بالطابع العرفي الذي دأب عليه الشيخ شمس الدين في استظهاراته وقراءاته للنصوص، بعيداً عن التاثيرات الفلسفية وغيرها من التدقيقات التي لا تتصل بالفقه ولا عملية الاستنباط. ولعلّ في مقدمة ما يُصنَّف على هذا السياق ملاحظته على الفقهاء استغراقهم في المنهج الفلسفي والمنطق الأرسطي، واستعارتهم مصطلحات هذه الفنون والحقول المعرفية التي لا علاقة لها بالفقه والشريعة، واستغرب التفكيك الملحوظ عند الفقهاء في فهمهم لما يرد في الأدلة الشرعية من ألفاظ وتعابير مثل: الصعيد والحجر والطعام والبيع والعقد والستر والاستطاعة، فيرجعون إلى العرف في تحديد دلالاتها، وفهمهم لما يرد من تعابير من قبيل: العلم والشك والوهم واليقين، فيجنحون في فهمها إلى الفلسفة والمنطق الأرسطي، على مستوى تحديد دلالاتها أصولياً، مما يشكل مفارقة واضحة في تعاطي الفقيه وإدارته عملية الاستنباط (55) .
ولذلك استغرب من الفقهاء تعريفهم الاجتهاد بالملكة، ورأى أنه من التأثر بالمنهج الفلسفي، وذلك لأن الاجتهاد مفهوم أوعنوان منتزع من الأدلة الشرعية ويجب أن تحدد دلالته وفقاً لأصول المحاورات العرفية لا الفلسفية (56) . وفي السياق نفسه مناقشته للاستدلال المعروف ـ عند معظم الأصوليين ـعلى سقوط اعتبار فتوى الفقيه الميت، فإنه لاحظ أنه استدلال يتنكّر للفهم العرفي ومتأثر بالفلسفة والتدقيق العقلي (57) .
منهج جديد وفقه جديد:
هذه الرؤية النقدية خلّصت فقة الشيخ محمد مهدي شمس الدين مما أسماه بالفتوى الصحيحة بالمعنى التقني أو الميكانيكي، وهي الفتوى الصحيحة شكلاً على الرغم من أنها ليست صحيحة بالمعنى المفهومي (58) ، وهي فتوى انتجتها الذهنية الهندسية بتعبير السيد محمد حسين فضل الله (59) .
وفي ضوء هذه الرؤية أدان الشيخ شمس الدين جملة مقولات، شاعت في الوسط الفقهي، وغلبت على الذهنية الفقهية.
ومن ذلك: ملاحظته على المنهج المتبع في تكييف حجية الأدلة الشرعية، ومحاولة تبرير الاعتماد على الأدلة غير اليقينية (بالمصطلح المنطقي) أصولياً، تارة بما أُسمي بالجعل التعبدي، وأخرى بما عرف بـ(متمم الكشف)، وثالثة بما سمي بالمصلحة السلوكية، وهي محاولات تنطلق ـ من وجهة نظر الشيخ شمس الدين ـ من رؤية بعيدة عن العرف، ومعبأة بالموروث الفلسفي الذي طرأ علىأصول الفقه (60) ،
ومن ذلك: موقفه من شيوع ذهنية الاحتياط، تلك الذهنية التي قد تتسبب، بوقوع المكلف في امرٍ يكون على خلاف مقصد الشارع، وبما يؤدي إلى تفويت مصلحة الحكم الشرعي على الأمة، مميزّاً بين موقف احتياطي منشوؤه عدم وضوح الدليل على الحكم الشرعي، وآخر منشؤوه ورع في غير محله (61) .
وقد أرجع هذه الظاهرة التي نشأت ـ عند فقهاء الشيعة ـ إلى ثلاثة أمور: أحدها النظر إلى الشريعة على أنها شريعة الأفراد، بما يمكن الإفتاء معه بالاحتياط، على خلاف النظر إلى الشريعة بمنظور تشريعي عام للمجتمع كله، فإنه يلزم من الاحتياطات نتائج كارثية. وثانيها: شيوع العقلية الحذرة في الإفتاء، وثالثها: النظر إلى نصوص السنة باعتبارها مطلقات وعمومات ثابتة بصرف النظر عن خصوصيات الزمان، أو تأثراً بالإجماعات والشهرات.. (62) .
وقد بدأ هذا الموقف النقدي من شيوع ظاهرة الاحتياطات غير اللازمة يشق طريقه في الوسط الفقهي، وهو يعود في جذره التاريخي القريب إلى الشهيد الصدر قبل ثلاثين عاماً تقريباً، إذ نبّه إلى أنَّ هذه الذهنية تنسجم مع غلبة التفكير الفردي وانحسار الهم الاجتماعي للفقيه، وإلا فإنَّ هذه الذهنية لا تصلح ـ من وجهة نظرهـ أن تقود مجتمعاً، إذ لا يمكن للجماعة <<أن تقيم حياتها وعلاقاتها الاجتماعية والاقتصادية والتجارية والسياسية على أساس الاحتياط>> (63) .
ومن ذلك: تصنيف الخطابات الشرعية إلى نحوين من الخطاب، نحو منه متوجه إلى الأمة باعتبارها مكلفاً، وآخر متوجه إلى الأفراد (64) . ولهذا التصنيف أثر كبير في معطيات التفكير الفقهي وعملية الاجتهاد.
ولم يُعرف هذا التصنيف في المحافل الفقهية، إلا أنه موضع نظر بعض الفقهاء، ويعثر عليه الباحث في بعض الأبحاث الفقهية للشيخ حسين المنتظري (65) ، فيما سبقه إليه الشهيد الصدر كما هو واضح في أبحاثه الأخيرة (66) .
ومن ذلك: تصنيف الأحكام الشرعية إلى ما يُحمل على التعبد الشرعي فيقتصر على مورده، ولا يتعدى منه إلى غيره، وإلى ما يقبل الفحص والمقارنة والتظهير. ولذلك لا يمكن التعامل مع النصوص الشرعية وفقاًـ لما هو سائد وشائعـ لما يعرف بفكرة التعبد، لأن التعبد ـ من وجهة نظر الشيخ شمس الدين ـ إنما يتصور في ما هو عبادي، وأما في مجالات المجتمع وفيما يسمى بالفقه العام وبعض الفقه الخاص في باب الأسرة، أو المكاسب الفردية، فإنه لا معنى للتعبد على الإطلاق (67) .
ويرجع هذا التصنيف إلى ما أثاره الشيخ محمد جواد مغنية، ولعلّه من أوائل من أثاره إن لم يكن الأول، كما أشار إليه الشهيد الصدر (68) .
وفي هذا الإطار نبّه على ضرورة اعتبار ما يعرف بحكمة الحكم (في مقابل علة الحكم) في المعاملات والمجالات غير العبادية، تلك الحكمة المتصيدة من استنطاق النصوص وعلى ما يُفهم من المناطات المستفادة من النص أو المستكشفة من مقارنة النصوص حسب ظروفها وملابساتها، وإن لم تكن المصالح والمفاسد الواقعية معلومة (69) .
وإذا كانت المصالح والمفاسد خفية في مرحلة من مراحل الاجتماع البشري، فإنَّ التقدم العلمي قد يكشف عن مصالح ومفاسد تؤثر على أحكام الأشياء والأعمال والأوضاع في مجال علاقات المجتمع وعلاقات الإنسان مع الطبيعة من قبيل التدخين وزراعة وتجارة واستعمال المخدرات وكثير من القضايا المتعلقة بتعلم الطب أو ممارسة الطب (70) ..
ومن ذلك: بل لعله الأكثر جرأة تحديده لدور الاجتهاد الفقهي، إنه ذكر للاجتهاد وظيفتين: إحداهما، البحث عن حكم الله الثابت في الواقع والممتد في الزمان للموضوعات والأفعال والعلاقات الإنسانية، على مستوى الأحكام الأولية والأحكام الثانوية الناشئة من طروء الضرورات أو الحاجات، وثانيهما: هو البحث عن حكم الله سبحانه وتعالى فيما يستجد، يعني اكتشاف علاقة تغيّر الزمان وتغيّر الظروف بالتفاصيل التي يتكيّف بها حكم الله سبحانه وتعالى.
إذ أن التكيّف ـ كما يذكر الشيخ ـ من مبادئ الشرعية الثابتة وليس دخيلاً عليها، وما ورد في السنة بالأخذ بالأحدث (خذوا بالأحدث) برهان على مراعاة الشارع المقدس لهذه الحقيقة. ولذلك فإنَّ بعض ما اعتبره الفقهاء أحكاماً شرعية إلهية، هو ليس أحكاماً شرعية إلهية، بل هو تعبير عن تطورات آنية اقتضتها ظروف عصورها،
كما في كثير مما ورد في الفقه السياسي في العلاقة مع غير المسلمين في داخل المجتمع الإسلامي وخارجه، داخل الدولة الإسلامية وخارجها ـ في حال الحرب وحال السلم ـ، إن كثيراً من ذلك يمكن أن يقال إنه من التشريعات المحلية، إلا أنها ليست نتاجاً للعقل البشري المحض وبمعزل عن الوحي، بل إنها من استنباط العقل الفقهي بإرشاد الوحي، ولذلك لا تعدُّ أحكاماً أزلية، بل هي أحكام باعتبارها تكيّفاً مع مرحلة تاريخية (71) .
فما كان وسوسة ـ على حد تعبير الشيخ محمد حسن النجفي أحد أبرز فقهاء الإمامية ـ أو خروجاً عن مذاق الفقه، أو مؤسساً لفقه جديد، أصبح دليلاً على الانفتاح الفقهي. لا لأنه يُحدِّث الإسلام والفقه، بل لأنه يثّور الفقه والإسلام. يقول الشيخ شمس الدين في هذا الصدد: <<عندما كنّا في النجف كان يقال لنا إنّ اعتماد هذا الدليل أو فهم هذا الدليل على صورة ما يؤديان إلى انتاج فقه جديد. أنا أقول فليكن، ولينتج فقهاً جديداً، إذا كانت الأدلة تساعد عليه الآن..>> (72) .
ولذلك لم يرَ الشيخ شمس الدين بأساً في الإفتاء أو استقراب أو محاولة استقراب عدد من الفتاوى والآراء التي لم تكن مألوفة، بل يدعى التسالم على خلافها. ابتداءً من الفتاوى التي تتصل بعالم التقليد من اشتراط الإيمان والذكورة في المفتي (المقلَّد) إلى ما يتصل بعالم الملكية، ملكية الدولة ـ وملكية الجهة، وحدود الملكية من حيث الاحتكار والتسعير، بل إلى عالم الفن، كما في الموسيقى والغناء..
لكن الأهم من ذلك فتاواه أوآراؤه في:
1ـ عدم مشروعية ما يسمى بجهاد الدعوة، أو الجهاد الابتدائي، وهو حرب غير مشروعة أساساً، ولم يمارسه الرسول (صلى الله عليه وآله) (73) .
2ـ عدم اشتراط الذكورة في تولي منصب الرئاسة أو منصب القضاء، وعليه فيجوز للمرأة تولي هذين المنصبين (74) .
3ـ احتمال عدم انطباق أدلة حرمة الربا على القروض الاستثمارية، وذلك لأن هذه العلاقة المالية لم تكن موجودة عند صدور النص، وهي علاقة مستحدثة، فلا تكون مشمولة بأدلة حرمة الربا (75) .
4ـ سقوط ولاية الزوج على الطلاق في حالة عدم مراعاة حاجات زوجته الجنسية، كما في حالة هجرها أو حالة العجز عن ذلك، ومع عدم استجابته للطلاق فإنه لا ولاية له على الطلاق، وتؤول السلطة على العلاقة الزوجية إلى الحاكم الشرعي (76) .
5ـ التوسع في مفهوم أهل الكتاب، على نحو يشمل اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم (77) .
6ـ جواز منع الإنجاب بصورة دائمة إذا كان للزوجين أولاد وذرية، على خلاف المشهور (78) .
7ـ عدم قتل المرتد الفطري على خلاف ما هو مشهور الفقهاء. ويُستتاب ويُصبر عليه، في ظل حوار هادئ جامعٍ لشروط الحوار وبما يتجاوز المقرر عند مشهور الفقهاء، وهو ثلاثة أيام، واما في حالة الإصرار فربما يقتل إذا كان هناك دولة إسلامية، ولم تكن ردّته مجرد تعبير ثقافي، وعليه فيكون القتل عقوبة للخروج السياسي ضد المجتمع وضد دولة المجتمع، فيندرج تحت عنوان الحرابة (79) .
8- التوسع في ترتيب آثار السفه على خلاف المشهور عند الفقهاء، إذ خصَّ الفقهاء السفه بحالة فقدان ملكة اصلاح المال، فيما وسّع الشيخ شمس الدين السغة إلى فقدان ملكة الإصلاح، كل بحسبه، على نحوٍ لو كان الشخص غير قادر على اصلاح أولاده وعائلته، لإغنه يترتب عليه آثار السفه وتسقط ولايته ويحجر عليه (80) .
حضور القديم:
المنهج الجديد والفقه الجديد لا يعني استحداث منهج وفقه ينقطع عن جذره الفكري وينفصل عن مرجعيته، بل يعني ان هناك ضرورة لتجاوز القراءة المتقدمة، لتعميقها تارة او لنقضها تارة أخرى، وفقاً لأصول لمنهج العلمي وقواعده المحكّمة. وقد تقدمت الإشارة إلى تاثيرات هذه الرؤية على تراث الشيخ شمس الدين، إلاّ أنَّ ثمة رؤى ومقولات يعتقد الشيخ أنها صحيحة بالرغم من تصنيفها على التراث التقليدي.
ولعلَّ أهم ما يمكن أن يشار إليه هو قضية مراتب الحكم الشرعي، وهي فكرة ـ فيما اعلم ـ تعدُّ من مبتكرات الآخوند كاظم الخرساني ـ أحد ابرز علماء اصول الفقه عند الأمامية ـ إذ جعل للحكم أربع مراتب: مرتبة الإقتضاء وهو ما يعرف بالشأنية ـ أيضاًـ وهي عبارة عن المصالح والمفاسد المقتضية لتشريع الحكم على طبقها، ومرتبه الإنشاء، وهي عبارة عن مجرد الجعل والتشريع، والفعلية وهي عبارة عن وصوله إلى المكلف، والتنجز وهي عبارة عن استجماع المكلف لجميع شرائط التكليف وفقده لموانعه، وهي محل نظر عند الفقهاء والأصوليين (81) .
غير أنَّ للشيخ الدين رأياً إذ كتب يقول: <<ويحسن الإشارة هنا إلى قضية مراتب الحكم الشرعي، فهل الاحكام الشرعية فعلية كلها أو أنَّ منها ما هو في مرحلة الشأنية والإنشاء دون أن يبلغ مرحلة الفعلية التي يتوقف عليها التنجز، لا يمكن أن ننفي رتبة الشأنية في الأحكام الشرعية المقدسة، بمعنى أن في الشريعة المقدسة أحكاماً لم تبلغ مرحلة الفعلية في زمن الرسول (ص)، ولذا فإنها بقيت في دائرة الشأنية، وقد بينَّها بعد ذلك الأئمة المعصومون (ع) بحسب الأجيال التي تعاقبوا فيها، وكذلك يستنبطها الفقهاء من الكتاب والسنة في ما بعد عصر الغيبة الكبرى، أو فيما بعد عصر النبوة على مدرسة الخلفاء.
لا يمكن أن ننكر رتبة الشأنية في الأحكام الشرعية، لأن إنكار أن هناك احكاماً في مرتبة الشأنية يقتضي أحد أمرين: إما ان الأحكام التي بيّنت في عهد الرسالة هي كل الشريعة.
وهذا يقتضي أن كل المستجدات هي مسائل لاحكم لها، ومن ثم فينبغي أن تكون من المباحات، وإما أن نقول: إن الرسول ـ حاشاهـلم يبِّين الشريعة. وهذا مخالف للعلم الضروري الذي دلَّت عليه النصوص القطعية في الكتاب والسنة الناصَّة على أنَّ الرسول قد بلَّغ وأنه لم يبق شيء لم يبلغه.
هنا التبليغ على قسمين: احدهما: تبليغ عام للأمة. وثانيهما: تبليغ خاص للامام المعصوم (ع) نصَّت عليه الروايات الواردة في تعليم النبي (ص) لعلي (ع) ولأبنائه المعصومين. ومن هنا لا بد لنا من الالتزام بان الأحكام المستقبلية هي احكام شأنية وانها تستنبط من الشريعة بعد ذلك.
إذن لا مجال لإنكار أن الأحكام الشأنية موجودة. وهذه الفكرة الأصولية المهمة مستفادة من النصوص الشرعية الدالة على أن هناك علماً بيّنة الرسول للخاصة ولم يبِّينه للعامة، لأن وقته لم يحن بعد، هذه الفكره الأصولية لا بد من التمسك بها إذا أردنا أن نؤمن بديمومة الشريعة وتطورها وأنها الشريعة التي تضمن تنظيم المجتمع على مدى العصور إلى يوم القيامة>> (82) .
كما ظهر في فقه الشيخ شمس الدين ما يشكِّل استثناءً لأهم المقولات التي كان بصدد التأسيس لها، إذ في الوقت الذي نظَّر لضرورة التمييز بين الأحكام على المستوى العبادي فلا يقبل فيها التظهير والفحص والمقارنة وبين الأحكام على مستوى الفقه العام فتقبل المقارنة والتظهير ـ فإنه اعتبر (عقد الزواج) امراً تعبدياً بالرغم من أنه ليس عبادياً ـ او على حد تعبير الفقهاء عقد فيه شائبة العبادة،
ولذلك اعتبر أنه لا ينعقد إلاّ بالصيغة اللفظية المخصوصة وهي (زوجتك نفسي) للإيجاب من المرأة، و(قبلت) للرجل، ولا يمكن التعويض عنها بأيه طريقة أخرى أومبرز آخر لإرادة الزوج، كما في الكتابة وغير ذلك. وبَّرر الشيخ ذلك بأنه لا يمكن أن نكونَّ أسرة بغير الطريقة التي حددها الفقه (84) .
ملامح الشخصية الفقهية:
يمكن تحديد ملامح الشخصية الفقهية للشيخ شمس الدين في أنها:
اولاً: شخصية جريئة. ويكفي في هذا السياق قراءة بعض فتاواه وآرائه، التي تعكس هذه الجرأة بوضوح. وقد تقدم بعضها.
ثانياً: شخصية ذات أبعاد متعددة، مما ألقى هذا التعدد بثقله على نتاجه الفقهي، فتجاوز معه الأطر التقليدية والمناهج السائدة. ولعل فيما أشرنا إليه غنى وكفاية. فكان لانفتاحه على عصره وثقافته دور في توجيه تفكيره الفقهي بالاتجاه الصحيح. مع إسثناء يمكن غض النظر عنه ـ كما في موقفه من الاستنساخ، وطريقة استدلاله على حرمته، او في موقفه من معطيات علم الفلك بصدد تحديد ولادة الهلال فيما له أثر شرعي.
ثالثاً: شخصية ناقدة. ويمكن القول إنه توفر على فكر متوثب لا يذعن بسهولةٍ إلى التاثيرات المكانية والزمانية. وقد أشرنا في مطاوي البحث إلى عددٍ من مظاهر هذا النقد العلمي.
ويمكن أن نشير إلى نقده اللاذع لما اسماه بالفتاوى الصحيحة شكلاً وتقنيناً، كما في الموقف الفقهي السائد تجاه قضية الانجاب المردّد بين حكم الإباحة وبين حكم الرجحان، فلاحظ على مثل هذا الموقف أنه يتجاوز الواقع وهو حبيس الظروف القديمة التي كان يعيشها الفقهاء يومذاك، وإلاَ كيف يصلح هذا الموقف الفقهي في ظل الانفجار السكاني في بعض البلدان والعجز الاقتصادي الذي تعاني منه (85) .
وفي نقده لفتوى المشهور بخصوص حق الزوجة في المعاشرة الجنسية وتحديد هذا الحق بمستوياتٍ تشي بعدم احترام حق المرأة، فإنه صنَّف هذه الفتوى في باب (الحيل الشرعية)، بل ينطبق عليه ـ من وجهة نظره ـ عنوان (اتخاذ آيات الله هزوا) (86) .
ويظهر ذلك في نقده لفتاوى تتصل بقضايا المخدرات وزراعتها وإستهلاكها والاتجار بها (87) .
وكذلك في نقده لبعض الفتاوى التي تخضع لاعتبارات خاصة، كما في الفتاوى التي تتصل ببعض الشعائر الحسينية والتي دأب عليها عامة الناس، فقد وصفها بأنها ليست فقهاً، بل هي إدارة سياسية أو ثقافية للمجتمع، ولا تثبت امام النقد العلمي (88) .
بل يظهر هذا النقد في ملاحظاته حول التقسيم الشكلي لمسائل الفقه واللغة الفقهية السائدة في مخاطبة الجمهور، تلك اللغة التي لا تأخذ بعين الاعتبار تقافة المخَاطَب ولا حاجاته، فضلاً عن نقده لدور الفقيه نفسه على المستوى التبليغي ومهماته على مستوى الدعوة (89) .
محمد الحسيني
بحث منشور في مجلة الكلمة
الهوامش:
1)شمس الدين، الشيخ محمد مهدي، الاجتهاد والتقليد، ط أولى ـ 1998 / المؤسسة الدولية للدراسات والنشر ـ بيروت، ص 26.
2) المرجع السابق نفسه.
3) المرجع السابق، ص 28.
4) الإمام الخميني، روح الله، انوار الهداية في التعليقة على الكفاية، ط أولى ـ 1413 هـ ـ نشر مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني ـ ايران، ج1/253
5) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 26.
6) الحسيني، محمد، الاجتهاد والحياة، حوار على الورق، ط اولى ـ 1996، نشر مركز الغدير للدراسات الاسلامية ـ بيروت، ص 15.
7) الصدر، السيد محمد باقر، الفتاوى الواضحة، ط ـ 1992، دار التعارف ـ بيروت، ص 98.
8، 9، 10) الشيخ شمس الدين، مقاصد الشريعة (حوار) منشور في مجلة قضايا إسلامية معاصرة (تصدر في ايران رقم2) العدد (9ـ10) للعام 2000م، ص 19.
11) المرجع السابق نفسه، ص 16.
12) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 27، وأهلية المرأة لتولي السلطة، ط أولى ـ 1995 المؤسسة الدولية للدراسات والنشر ـ بيروت، ص 121.
13) الشيخ شمس الدين، أهلية المرأة لتولي السلطة، المرجع السابق، ص118.
14) المرجع السابق نفسه، ص 122، ص 128.
15) الشيخ شمس الدين، الاحتكار في الشريعة الإسلامية، ط ثانية ـ 1998، المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، بيروت، ص 115.
16) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 291.
17) المرجع السابق نفسه، ص 296.
18) الشيخ شمس الدين، أهلية المراة لتولي السلطة، المرجع السابق، ص 50.
19) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 292.
20) المرجع السابق نفسه، ص 28.
21) الصدر، السيد محمد باقر، الفتوى الواضحة، المرجع السابق، ص98.
22) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 33.
23، 24) الحسيني، محمد، الاجتهاد والحياة، المرجع السابق، ص 12.
25) الشيخ شمس الدين، الستر والنظر، ط ثانية، 1994، المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، بيروت ص 23.
26) المرجع السابق نفسه، ص 39.
27) المرجع السابق نفسه، ص 40.
28) الصدر، السيد محمد باقر، اقتصادنا، ط العشرون، دار التعارف ـ بيروت / 1978، ص 374 وما بعد ويعثر عليه الباحث في أبحاث السيد محمد حسين فضل الله. 0راجع كتاب النكاح بقلم الشيخ جعفر الشاخوري، محاضرات السيد فضل الله في الفقه ج1/ص168، ط دار الملاك 1996/ ومجلة المرشد، العددان (3 ـ 4) ـ 1995، محاضرة للسيد فضل الله حول (المنهج الاستدلالي) ص 253.
29) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 33.
30) الشيخ شمس الدين، الستر والنظر، المرجع السابق، ص 156، وراجع أهلية المرأة ص 82.
31) الشيخ شمس الدين، الستر والنظر، ص 156. ويظهر منه المناقشة لرأي استاذه السيد الخوئي. الاً أنه في كتابه (الاجتهاد والتقليد) وافق السيد الخوئي واثنى على رأيه. راجع (ص 82). ويظهر من تواريخ كتابه البحوث ان البحث المنشور في الاجتهاد والتقليد أسبق تاريخاً مما هو منشور في (الستر والنظر).
32) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد في الفقه الاسلامي، ط أولى ـ 1999 ـ المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، ص 224.
33) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، المرجع السابق، ص 82.
34) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص 137.
35) الشيخ شمس الدين، الاحتكار في الشريعة، المرجع السابق، ص 34.
36) المرجع السابق نفسه، ص 34.
37) المرجع السابق نفسه، ص 35، وراجع الاجتهاد والتقليد، ص 255.
38) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد ـ ص 535.
39) الحسيني، محمد، الاجتهاد والحياة، المرجع السابق، ص 23.
40) الشيخ شمس الدين، (الوحدة الاسلامية ـ اطلالة على المؤثرين التاريخي والمنهجي) بحث منشور في مجلة (المنطق) اللبنانية العدد (113) للعام 1995، ص 101.
41) الحسيني، محمد، الاجتهاد والحياة، ص 24.
42) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، المرجع السابق، ص 84.
43) الشيخ شمس الدين، مجلة المنطلق، المرجع السابق، ص 101.
44) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، ص 143.
45) فضل الله، السيد محمد حسين، الفقيه والمثقف (بحث) منشور في مجلة المنطلق العدد (99) ـ 1413 هـ ص 10.
46) الشيخ شمس الدين، مناهج الاجتهاد وتجديد أصول الفقه (حوار) منشور في مجلة (قضايا اسلامية) (تصدر في قم)، العدد الخامس ـ 1997، ص 56.
47) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، المرجع السابق، ص 51 ـ 50.
48) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، ص33 و256.
49) الشيخ شمس الدين، الاجتتهاد والتجديد، ص33 و ص256.
50) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص256، وراجع ص16.
51) الشيخ شمس الدين، مجلة قضايا إسلامية، المرجع السابق، ص50، 51.
52) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والحياة، ص200.
53) الحسيني، محمد، الاجتهاد والحياة، المرجع السابق، ص156.
54) المرجع السابق نفسه، ص159.
55) الشيخ شمس الدين، الستر والنظر، المرجع السابق، ص160.
56) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتقليد، ص74.
57) المرجع السابق نفسه، ص336.
58) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والحياة، ص157.
59) فضل الله ـ السيد محمد حسين، كتاب النكاح، المرجع السابق، 140/44.
60) الشيخ شمس الدين، الستر والنظر، ص157 وما بعد.
61) المرجع السابق نفسه، ص217ـ220.
62) الشيخ شمس الدين، مجلة قضايا إسلامية معاصرة، المرجع السابق، ص29، 30.
63) الحسيني، محمد، الاجتهاد والحياة، ص157، وراجع الاجتهاد والتجديد ص156.
64) الشيخ شمس الدين، مجلة قضايا إسلامية معاصرة، المرجع السابق، ص10.
65) منتظري، الشيخ حسين علي، دراسات في ولاية الفقيه، ج1/499 ط2/1988ـ الدار الإسلامية ـ بيروت.
66) الصدر، السيد محمد باقر، الإسلام يقود الحياة، ط دار التعارف، بيروت/1990، ص64.
67) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص90.
68) الحسيني، الاجتهاد والحياة، ص106.
69) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص90.
70) الشيخ شمس الدين، مجلة قضايا إسلامية معاصرة، المرجع السابق، ص12.
71) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص23، 24.
72) الشيخ شمس الدين، مجلة المنطلق، المرجع السابق، ص107.
73) المرجع السابق نفسه.
74) خصص الشيخ شمس الدين لمعالجة هذه الإشكالية كتابه <<أهلية المرأة..>> المرجع السابق.
75) الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، الستر والنظر، ص43.
76) الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، مجلة قضايا إسلامية معاصرة، المرجع السابق، ص28.
77) الشيخ محمد مهدي شمس الدين ، الاجتهاد والتجديد، ص243.
78) صحيفة القرار، تصدر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، العدد 13 من السنة الثانية، تاريخ 3/محرم/ 1418هـ.
79) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص239ـ240.
80) المرجع السابق نفسه، ص272ـ273.
81) نفى السيد حسين البروجردي ـ أحد أبرز فقهاء الشيعة في القرن الميلادي الأخيرـ أن يكون ثمة مراتب للحكم، إذ ليس له إلا مرتبة واحدة. (راجع الحاشية على كفاية الأصولـ افادات البروجردي بقلم الشيخ بها الدين الحجتي البروجردي 1/8، ط قم ـ مؤسسة انصاريان/1412هـ). ومثله رأي السيد عبد الأعلى السبزواري ـ أحد المراجع المتأخرينـ في نفي تعدد مراتب الحكم (راجع تهذيب الأصول، ط3/1996 ـ قم، 2/19). ونفي السيد الخميني، أن يكون من مراتب الحكم الاقتضاء والتنجز. (راجع أنوار الهداية في التعليق على الكفاية ـ مرجع سابق 1/39). وراجع للاستزادة: (نهاية الدراية في شرح الكفاية للشيخ محمد حسين الأصفهاني ـ أحد ابرز الأصوليين المتأخرين ـ ج3/27، ط أولى/1415هـ نشر مؤسسة اهل البيت/ قم).
82) الشيخ شمس الدين ـ الاجتهاد والتجديد، ص258.
83) المرجع السابق نفسه، ص207.
84) المرجع السابق نفسه، ص202. وكتب الشيخ في كتابه (في الاجتماع السياسي الإسلامي ص38): <<فالوضع الأُسري في الشريعة الإسلامية ليس مجرد تعبير عن التزام قانوني بين الرجل والمرأة، وليس مجرد ارتباط عاطفي وأدبي بينهما، وإنما هو ذلك كله، وفيه ـ زيادة على ذلك ـ شيء من معنى العبادة، لأنه التزام روحي بين الرجل والمرأة وذريتهما، ولأنه يتكون لتحقيق غاية من غايات خلق الله للأرض والإنسان..>>.
85) الشيخ شمس الدين، مجلة قضايا إسلامية، المرجع السابق، ص51.
86) الشيخ شمس الدين، مجلة قضايا إسلامية معاصرة، المرجع السابق، ص28.
87) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص157.
88) محمد مهدي شمس الدين ، مجلة المنطلق، المرجع السابق، ص105.
89) الشيخ شمس الدين، الاجتهاد والتجديد، ص152، وراجع: في الاجتماع السياسي الإسلامي، ط أولى، المؤسسة الدولية للنشر والدراسات، بيروت/1992، ص42 وما بعد.