السيد محمد سعيد الحكيم

محطات في حياة المرجع السيد محمد سعيد الحكيم (ره).. حوار مع سماحة السيد الحسيني

الاجتهاد: ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي نصّ الحوار الذي أجراه مع ممثّل قائد الثورة الإسلاميّة في العراق سماحة السيّد مجتبى الحسيني، والذي يتناول فيه سماحته الحديث حول أبرز المحطات في حياة آية الله العظمى السيّد محمد سعيد الحكيم (رحمة الله عليه)، ويشير إلى دور سماحته في مكافحة نظام صدام والتصدي له، ودخول سماحته إلى السجن ونشاطاته العلميّة فيه، والأثر الذي تركه سماحته في قضيّة مكافحة داعش والجماعات التكفيريّة في العراق، ثمّ يتحدّث السيّد الحسيني حول المكانة العلميّة البارزة لآية الله الحكيم.

وصف قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئي، المرحوم آية الله السيد محمد سعيد الحكيم في رسالة التعزية بأنه مرجع تقليد وعالم محقّق، ويعتبر فقدانه خسارة علمية للحوزة المباركة في النجف الأشرف. يُرجى تبيين مكانته العلمية، لاسيّما لناحية تربيته للطلاب ومؤلفاته العلميّة في الفقه والأصول.

بسم الله الرحمن الرحيم، من الطبيعي أن يصفه قائد الثورة الإسلامية بذلك حيث كان أحد المراجع العظام، ويُدرّس بحث الخارج لسنوات طويلة، هو أستاذ البحث الخارج لأكثر من 50 سنة تقريباً. له الكثير من المؤلّفات، معظمها في الفقه والأصول، وقد أشار قائد الثورة الإسلاميّة إلى هذه النقطة تحديداً. مؤلفاته في الفقه والأصول، تقترب من ثلاثين مؤلفاً وعنواناً، طبعاً بعضها عبارة عن عدة مجلدات، بعضها خمسة عشر مجلداً، بعضها ثلاثة مجلدات، وبعضها أكثر أو أقل. وفي الموضوعات، تتركز بشكل أساسي في الفقه والأصول، ولكن أحياناً هناك بعض الموضوعات التي تعتبر معاصرة وفق التعبير الرائج. على سبيل المثال، رسالة إلى المغتربين. كتبها إلى أولئك الذين يعيشون في الدول الغربية.

أيضاً لديه رسالة في فقه الكمبيوتر والإنترنت، في فقه الاستنساخ، حيث يعتبر الاستنساخ البشري من القضايا المهمّة التي تطرح اليوم، ولديه رأي في هذا الصدد. بالطبع، بعضها موجز وبعضها مُفصّل. والمهم أنه كتب الكثير من هذه الكتب، لاسيما النقاط الأساسية في الأصول والفقه، في السجن حيث لم تتوافر إمكانات الكتابة اعتمد على ذاكرته. بعدها، وحينما خرج من السجن عمد إلى مراجعتها وإكمالها ونشرها بحمد الله.

كان يعدّ أستاذاً بارزاً في النجف. بالإضافة إلى ذلك، كان مهتمّاً بمسألة الحوزة، ولعب دوراً مهمّاً في مسألة برامج الحوزة والدفاع عن الحوزة والطلاب من مختلف البلدان. كان أيضاً مشاركاً في الهديّة المالية التي تقدّم لطلاب الحوزة، ويقدم لهم الدعم المناسب. أكتفي بهذا المثال للإجابة على هذا السؤال، وسأشرح المزيد أثناء الإجابة على الأسئلة التالية.

كان آية الله السيّد محمد سعيد الحكيم من كبار آل الحكيم، وحفيد المرجع الشيعي الكبير آية الله العظمى السيّد محسن الحكيم. ما هو الموقف العلمي والفقهي لعائلة الحكيم في الحوزة الشيعية وخاصة في النجف، بدءاً من آية الله العظمى السيد محسن الحكيم ووصولاً إلى المرحوم السيّد محمد سعيد الحكيم؟

فيما يخص السؤال الثاني، هو بالطبع من كبار آل الحكيم، وهو حفيد المرحوم السيّد محسن حكيم، الذي كان من كبار العلماء وزعيم الشيعة في عصره، هو حفيد السيّد الحكيم من أمّه، وقد انخرط في الدراسة الحوزوية باكراً، قبل سنّ العاشرة.

هو من عائلة علميّة في النهاية ، وكان موفّقاً في دراسته، لذا فإنه يمتلك هذه المنزلة العلمي والفقهي، وقد استطاع التأثير جيّداً في الحوزة الشيعية. وقد أشرت إلى أنّ لديه الكثير من الكتب. طبعاً، العديد من كتبه، قد كتبها في عهد صدام، بعضها كُتب في السجن حيث سأذكر بعضها الآن.

إنّ عائلة الحكيم هي عائلة مشهورة ومعروفة في النجف الأشرف، على رأسها المرحوم آية الله العظمى السيّد محسن الحكيم، وكان هناك أيضاً أفراد بارزين، في الغالب أبناؤه الذين كانوا علماء، علماء بارزين. المرحوم السيّد الشهيد محمد باقر الحكيم، وإضافةً إلى منزلته العلمية، كان مجاهداً بارزاً، وقد لعب دوراً سياسياً لافتاً ومهمّاُ في محاربة صدّام حسين وتوجيه الشعب العراقي، ورسم الخط الثوري في العراق.

ولذا فإن هذه العائلة هي عائلة كبيرة، وقد تلقّت الكثير من الضربات في عهد صدام، وقدّمت الكثير من الشهداء. حسناً، أكتفي بهذا المقدار.

ما هو دوره في فترة الضغط والقمع في عهد نظام صدام البعثي، وكيف كان أسلوبه في النضال؟

بطبيعة الحال، كان مثل جميع العلماء في النجف حيث كانوا في حالة من الضغط والضيق الشديدين، لكنهم رغم ذلك لم يتركوا الدراسة، وقد حافظوا على تواصلهم. بالطبع، كان مسجوناً قرابة ثماني سنوات، ويقال أن سبب سجنه هو انتمائه إلى عائلة الحكيم، وهذا هو سبب حساسيّة النظام البعثي تجاه سماحته.

في أيام الحرب المفروضة، أقام صدام حسين ندوة في بغداد ضد إيران وضد الثورة الإسلاميّة، وذلك من أجل أن يُبرّر العلماء مواقف صدام، أي الحرب والفتنة التي أشعلها. وبالنظر إلى أنه من عائلة مشهورة، فقد تمت دعوته خصيصاً للمشاركة في هذا البرنامج. رفض سماحته الدعوة، دعوة صدام نفسه، وقد تم تهديده لكنه لم يبالِ. اعتقلوا سماحته وسجنوه.

سُجن معه حوالي سبعة عشر فرداً من عائلة الحكيم، واستشهد الكثير منهم في السجن. قد استشهد نحو السبعين من عائلة الحكيم. يبدو أن حوالي سبعة عشر أو ثمانية عشر شهيداً من عائلة المرحوم السيد محسن حكيم سجنوا، وقداستشهد بعضهم هناك،أي حوالي ستة عشر منهم، وبعضهم قد حفظهم الله تعالى، ومن جملة هؤلاء سماحته حيث أفرج عنه بعد سجن طويل.

بالطبع، ألّف عدّة كتب في السجن في عهد النظام البعثي. على سبيل المثال، كتب كتاباً في أصول الفقه تحت عنوان “المحكم في أصول الفقه”، وهو دورة في علم الأصول كاملة وموسعة، نُشر منها ستة مجلدات، وقد بدأ ذلك في السجن. بطبيعة الحال، لم تُقدّم إليه الإمكانات حينها، وقد عمل على استكمالها وإعدادها للطباعة بعد الخروج من السجن.

مصباح المنهاج موسوعة فقه استدلالي قد نُشر منها حتى الآن خمسة عشر مجلداً. هذا الكتاب أيضاً قد بدأه في سجنه. غير ذلك، الكافي في أصول الفقه. دورة في تهذيب علم الأصول، بدأ بها في فترة الإعتقال أيضاً، طبع في مجلدين.

إن معظم كتبه قد دوّنها في السجن. في ذلك الحين، كان يعاني أولئك الذين كانوا في النجف، خارج السجن، من مشكلات كثيرة، وهو أيضاً قد عانى منها قبل دخوله إلى السجن وبعد خروجه منه، حيث كانوا يعيشون في وحشة شديدة. يمكن القول أن العراق في ذلك الحين كان سجناً رهيباً للعلماء والشخصيات حيث يتربصهم الخطر في كل لحظة.

لكنّه فعل ذلك في نهاية المطاف، حيث ساهم نضاله في الحفاظ على الشيعة. إضافةً إلى الكتب والمؤلفات التي أنجزها، كان حضوره في العراق مهمّاً. ويضاف إلى ذلك رفضه الصريح لدعوة صدّام مما أدّى إلى سجنه حيث كان معرّضاً بشدة لخطر الموت والشهادئ، لكنّ الله تعالى حفظه وحال دون ذلك كي يؤدّي خدمات كثيرة فيما بعد. أكتفي بهذا القدر في هذا السؤال.

أثناء فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، وكذلك فتنة داعش، ما هو الدور الذي لعبه آية الله السيّد محمد سعيد الحكيم في المجالين الاجتماعي والسياسي في الدفاع عن الشعب ومواجهةالتيارات التكفيرية والقوات المحتلة؟ وما هو الدعم الذي حظيت به فصائل المقاومة من قبل سماحته؟

أثناء الاحتلال الأمريكي بعد سقوط صدام، كان يعتقد كثير من الناس أن أمريكا قد أتت الآن لإنقاذهم، بل إن بعض المفكرين والسياسيين قالوا إن أمريكا ستجعل العراق مثل اليابان، من أجل إيقاف إيران. هذه الفكرة لم تكن صحيحة بالطبع. كانوا متفائلين، وهذا التفاؤل قد أوجد حالة من الانقسام الشديد مما يجعل اتخاذ المواقف أمراً شائكاً. كان للسادة في النجف إرشادات في هذا الصدد، في حين أنّهم لم يتمكنوا من اتخاذ موقف واضح في أحد الاتجاهين في هذه المرحلة الصعبة.

في مرحلة داعش كان الأمر مختلفاً حيث أن داعش كانت موجوداً خطيراً للغاية، وكانت تشكل تهديداً خطيراً للعراق. لكن من ناحية أخرى كانت داعش السبب في أن يعود الشعب العراقي إلى ذاته، ويعرف أن أمريكا التي أتت إلى هنا لم تجلب لهم أي أمن، وأن وجود أمريكا هو وجود الشر.

لذلك كانت الفتوى التي أصدرها آية الله السيستاني والمساعدات التي قدمتها الجمهورية الإسلامية في هذا الشأن، وبالطبع كان لآية الله الحكيم دوراً هذا الصدد. کان له دورٌ في تشجيع الناس الذين يذهبون إلى الجبهة على المساعدة وأمثال ذلك وكذلك التوجيهات الخاصة التي قدمها سماحته في هذا الصدد.

وهنا ألفت انتباهكم إلى أنه في القضايا الاجتماعية والسياسية، وبالنظر إلى ظروف وحيثية سماحته، لديه الكثير من الرسائل للناس في الدول الأخرى، والتي هي عبارة عن كلام لسماحته وقد تمّت طباعتها فيما بعد. لدى سماحته رسائل إلى بلدان مختلفة مثل باكستان، مثل أذربيجان والدول الغربية لتوجيه الناس. في الداخل أيضاً، كانت توجيهاته وأفعاله دفاعاً عن التشيّع، ودفاعاً عن الإسلام، وبالطبع وقوفاً في وجه الانحرافات الفكرية التي أراد البعض إيجادها هنا.

كيف كانت علاقة آية الله الحكيم كواحد من المراجع العظام في حوزة النجف مع الحوزات الأخرى وخاصة حوزة قم؟ هل تتذكر أي شيء عن علاقته العلمية مع قائد الثورة الإسلاميّة؟

حسناً، كان لسماحته مكتباً في مدينة قم المقدسة، وقد عيّن حفيده الأكبر هناك للحفاظ على هذا الارتباط. كلّما أتت شخصيّة من قم كان يستقبلها ويرحب بالحديث والحوار معها.

في الواقع، كان وجود مكاتب آية الله الحكيم في إيران نوعاً من التعاون في قضية الارتباط مع الحوزة في قم. فيما يخص بعثته، كان معظم أفرادها يجتمعون في قم ويتوجّهون إلى الحج، ويؤدّون دورهم. الآن، حفيدهم الأكبر متواجد هنا. بالطبع، هناك مثل هذه الأمور. بالطبع،

قلت إن فحوى علاقتهم العلمية مع قم، كانت إرسالهم الأكاديمي والممثلين الذين لديهم. إستقبال الشخصيات من قم هناك، المدرسين، العاملين في الحوزة، والاحترام الخاص لقائد الثورة حيث كان يغمرني بلطفه حيث يُجلسني إلى جانبه في كلّ مرّة أتشرف بزيارته، رغم وجود وجود العديد من الشخصيات الفاضلة في المجلس، لكن كان يُجلسني، أنا الخادم الصغير، إلى جانبه.

قبل أيام من رحليه، قد توجّهت إلى زيارته، تحديداً في الثامن من المحرّم، كان مرتاحاً وبشوشاً جدّاً. كان سلوكه هذا يشير إلى مدى احترامه لقائد الثورة الإسلاميّة ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة، وإلاّ كان بإمكانه ألا يتصرّف معنا على هذا النحو. ولكن بحمد الله كان ودوداً معنا.

ما هو رأيه في أهمية الوحدة في المجتمع الإسلامي وصيانة الأمة الإسلامية من الاختلافات القومية والقبلية والاختلافات المذهبيّة التي لا داعي لها؟

إن وحدة المجتمع الإسلامي هي من مُسلّمات الإسلام والدين والقرآن، وجميع المراجع يؤكدون على هذه القضيّة. بالتأكيد كان قلقاً من أي فتنة، فتنة داخل العراق نفسه، أي بين السنة والشيعة أو بين المذاهب الأخرى الموجودة في العراق، ولذلك كان يستقبلهم وعلى علاقة معهم. كان يأتي إليه أشخاص من الفلوجة والموصل من مناطق أخرى، وكان يستقبلهم ويدعمهم.

إن نهج الوحدة وضرورة الوحدة الإسلاميّة من القضايا المُسلّمة، بل أبعد من الوحدة الإسلاميّة، التعايش بين الأديان، بين الشعب العراقي، بين الأديان لأي شعب في بلد ما، حيث كان له اهتماماً خاصّاً بهذا الأمر. بطبيعة الحال، إن وجهة نظر أي مرجعية مرتبطة بشكل طبيعي بالقرآن والروايات والرؤية الإسلامية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky