الاجتهاد: السبب في تخلف معظم بلداننا الاسلامية في الاهتمام بالنظافة وحماية البيئة يکمن: أولاً: في فقدان التوعية اللازمة والثقافة البيئية المطلوية و ثانياً: ضآلة القوانين البيئية إن وجدت، وعدم تطبيقها. و ثالثاً: ضعف الأجهزة المعنية بهذا الشأن عدداً وعدّة
ينبهر الكثير من المسلمين لحجم التطور الذي شهدته البلدان الأوربية أو غيرها من الدول المتقدمة صناعبة، وربما أصابهم الدهشة عند رؤية التنظيم والتخطيط المدني إن على مستوى تنظيم البيوت والشوارع وإنارتها ونظافها وتشجيرها وتجهيزها بإشارات المرور وغيرها، أو على مستوى إعداد الحدائق العامة بجمالها الساحر وأزهارها وأشجارها الجميلة، مضافة إلى النظافة الملفتة في كل مكان من الأمكنة العامة، وربما تألم البعض إذا ما أجرى موازنة بين وائع بلده الإسلامې ویبن ما رأته عيناء في بلاد الكفر، وتساءل باستغراب لماذا تقدم هؤلاء، وتأخرنا نحن؟
وفي مقام الإجابة على هذا التساؤل نقول: إن الترتيب والتنظيم والنظافة التي تشاهد في الدول الأوروبية لم تأت من فراغ، بل إنها جاءت نتيجة جهد متواصل من قبل تلك الدول التي جعلت الحفاظ على البيئة في صلب أولوياتها، فأنشأت الوزارات المختصة بذلك، ووضعت الخطط والبرامج باستمرار، وعملت على تنفيذها، وأرفقت ذلك كله بحملة توعية وتربية في المدارس والمعاهد، وعزّزت الثقافة البيئة ونشرتها بواسطة أجهزة الإعلام المختلفة، ووضعت عقوبات صارمة لمن يخالفون القوانبن البيئيه، ويلوثون الطرقات أو الساحات العامة أو غيرها، أو لا يُصلحون محرکات سياراتهم ما يجعلها تبثّ غازاتها المحترقة في الهواء، وهكذا من يقطع الأشجار أو يقوم بأي عمل مضر بالبيئة،
وفوق ذلك كله فإن لدى تلك الدول أجهزة کافية من حيث العدد والعدة تعمل على الاهتمام بالنظافة وحماية البيئة بشكل عام، بل إنها تنشئ وزارات خاصة بشؤون البيئة.
وإذا اتضح أن السبب في تقدم بلدان الغرب في هذا المجال ما أشرنا إله، يتضح أن السبب في تخلف معظم بلداننا فيه في ذلك أيضا، أي أنه يکمن:
أولاً: في فقدان التوعية اللازمة والثقافة البيئية المطلوية
ثانياً: ضآلة القوانين البيئية إن وجدت، وعدم تطبيقها.
ثالثاً: ضعف الأجهزة المعنية بهذا الشأن عدداً وعدّة.
والمشكلة في ذلك كله لا تكمن في الإسلام، بل في المسلمين وذلك لأنه بالنسبة للأمر الأول: سيتضح فيما يأتي أننا لا نحتاج إلى وصابا من مفكري الغرب وفلاسفته، لأن الوصايا والتعاليم الإسلامية في القرآن والسنة كافية لتكوين ثقافة بيئية متميزة، إلا أن المشكلة هي في عدم تفعيل هذه الثقافة وتحريكها في الأمة.
وأما بالنسبة للأمر الثاني: إن القوانين الإسلامية والقواعد الفقهية الإسلامية كفيلة بأسيس ققه بيئي، لكن المشكلة في عدم بذل الجهد الكافي لاستخراج هذه القوانين من الكتاب والسنة وتحويلها إلى مواد قانونية، ولو تمّ ذلك فلن نبقى بعدها بحاجة إلى استيراد هذه القوانين من الغرب.
وبالنسبة للأمر الثالث: فإن الدولة هي المسؤولة عن تطبيق القوانين ومعاقبة المتخلفين عن تطبيقها، كما أنها مسؤولة عن التوعية، وفي دولنا الإسلامية نجد نقصاً في الأجهزة والمعدات والكادر البشري المعني برعاية البيئة.
المصدر: كتاب : الاسلام والبيئة خطوات نحو فقه بيئي – الصفحة 24
رابط تحميل الكتاب ( هنا )