قرينة السياق

قرينة السياق ودورها في استنباط الأحكام الشرعيّة

الاجتهاد: إن جميع الباحثين في الشأن الديني، بكافّة الاتجاهات والأساليب التي يتبعونها في أبحاثهم، يحتاجون إلى مصدرٍ روائي ونقلي، كما أنهم في الاستفادة من هذا المصدر النقلي يحتاجون إلى كشف الظهور، أكثر من حاجتهم إلى السند والجهة. / بقلم: الشيخ محمد حسن گلي شيردار / الشيخ سپهر كرد؛ المترجم: حسن علي مطر الهاشمي.

وعلى هذا الأساس، فإن من بين أهمّ المسائل، التي يجب أن تقع مورد اهتمام العلماء في هذا المجال في ما يتعلَّق بفهم المصادر النقلية، تنقيح المسائل المؤثِّرة في تشكيل الظهور. ومن الواضح جدّاً أن القرائن المتّصلة تحظى بدَوْرٍ كبير فيما نحن فيه.

ومن هنا فإن الدَّوْر الصارخ للقرائن المتصلة في فهم الكلام، وتشكيل الظهور، يضاعف من أهمِّية وضرورة التحقيق حول أقسام وشرائط وحدود وثغرات هذه القرائن.

وعلى الرغم من الجهود المتواصلة من قِبَل العلماء العظام في إطار الوصول إلى ضوابط وقوانين الاستظهار، لا يزال هناك الكثير من القرائن التي لم يتمّ بحثها بشكلٍ جامع ومدوَّن، كما لم يتمّ إفراد فصلٍ مستقلّ لهذه الأبحاث.

ومن ذلك، على سبيل المثال: لم يتمّ حتى الآن فتح أيّ باب للقرائن العامة في علم الأصول تحت عنوان: التعليل، والحكمة، ومناسبات الحكم والموضوع، والسياق، والتمثيل، وما إلى ذلك.

هذا مع أن العلماء والمنظِّرين في مجال العلوم الإنسانية الإسلامية يتمسّكون بهذه العناوين من الناحية العملية، سواء في الأصول أو الفقه والقانون، بل ينتقدون بعضهم أحياناً بسبب أخطائهم في تشخيص وتوظيف هذه القرائن.

ومن هنا فإنهم يعمدون إلى طرح مباحث من قبيل: قرينة التعليل والحكمة، وقرينة السياق، وقرينة التمثيل، وما إلى ذلك؛ طَرْداً للباب، وعلى نحوٍ غير منضبط.

وتسعى هذه المقالة إلى بيان وشرح قرينة السياق المتّصلة بشكلٍ مدوَّن وجامع. وعلى سبيل المثال: نذكر في ما يلي نموذجاً لتطبيقات هذه القرينة المتّصلة، والتمسُّك بها في كلمات الفقهاء:

إن من بين تطبيقات قرينة السياق كشفَ المراد الجدّي دون التصرُّف والتغيير في المراد الاستعمالي. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: ما ذكره السيد الخميني في قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (الإسراء: 15)، حيث قال [ما معناه]: «إن المراد من العذاب في هذه الآية هو العذاب في الآخرة؛ لوروده في سياق آياتٍ ترتبط بيوم القيامة».

إن المراد الاستعمالي من كلمة العذاب هو مطلق العذاب قطعاً، وإلاّ كان من قبيل: استعمال اللفظ في المصداق مجازاً، بل المراد الجدّي من العذاب ـ بالنظر إلى سياق الجملة العامّ ـ قد اختصّ بالعذاب الأخروي.

وتتعرَّض هذه المقالة أوّلاً: إلى بحث المفاهيم والأمور العامة المرتبطة بهذا الموضوع؛

ثمّ تعمل ثانياً: على بيان أقسام السياق (السياق الضمني، والسياق الترتيبي، وسياق التأخير، وسياق العدول، وسياق المقابلة، وسياق الانتخاب)، وأقسام كاشفيّتها (الكشف عن المراد الجدّي، والكشف عن المراد الاستعمالي، وكشف الخصائص، والكشف المقدَّر، وكشف المصداق، وكشف الداعي)؛

وتبحث ثالثاً: شرائط إحراز هذه القرينة في قسمَيْ إحراز أطراف السياق، وإحراز محدوديّة قرينية السياق.

 

المصدر: العدد الجديد (59 – 60) من مجلة الاجتهاد والتجديد

 

تحميل العدد (60 – 59) من مجلة الاجتهاد والتجديد

بصيغة وورد

59-60 الاجتهاد والتجديد

البي دي إف

 59-60-.pdf الاجتهاد و التجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky