الاجتهاد: كتاب (النواصب .. بحث فقهي استدلالي في الهوية والأحكام)، للشيخ الدكتور أكرم بركات دام عزه يقع في 201 صفحة، نشر بيت السراج بيروت، لسنة 1443ه ـ ـ 2022م / بقلم: الشيخ محمد صافي الخاقاني
الكتاب عبارة عن دراسة وبحث فقهي استدلالي قام بها المؤلف خلاصة سلسلة الدروس الفقهية التي ألقاها المؤلف.
ولا شك أن مصطلح (النصب والنواصب) من المفردات الاسلامية المتداولة عبر قرون، ولكنها غير واضحة في اغلب الأحيان عند عامة الناس، بل لم تتضح عند الطبقة المثقفة، بل عند الكثير من طلبة العلم، وندعي ولا حتى المؤلف انها لم تبحث بالمرة، بل بحثت بشكل متفرق ومبعثر وموزع على الكتب والبحوث الفقهية، والعقدية، وما قام به المؤلف جهد كبير وحيث نقح هذا المطلب موضوعاً وحكماً بأحسن وجه!
والدراسة التي تعرض لها المؤلف، يمكن اجمال ذلك في عدة نقاط، هي:
1ـ يتميز اسلوب ولغة الكتاب بوضوح العبارة، وتجنب الاصطلاحات والمفردات المعقدة، وهي عادة احدى لوازم البحوث العلمية التخصصية, إلا ان المؤلف عمل قدر الامكان تلافي هذه المشكلة وتذليلها جهد الامكان، مع انني ـ واعتقد المؤلف كذلك ـ هناك مصطلحات او قواعد تحتاج الى لغة تخصصية لا يدركها كما هي إلا من درس هذه العلوم.
2ـ تعرض المؤلف الى تعريف النصب و(النواصب) وما هو الجذر اللغوية لهذه المفردة، ومن أين جاءت.
3ـ تعرض لذكر الروايات وكان عددها (5) روايات متعارضة، والاقوال التي تدور حول الموضوع بشكل تفصيلي وبشكل مستوعب، وكان (28) رأياً لفقهاء الطائفة.
4ـ من المعلوم هناك نقاش فقهي ومستنده بعض الروايات في معنى الناصبي، هل هو من لا يؤمن بولاية اهل البيت (ع)؟ أو هو من يعادي اهل البيت (ع) فقط؟ أو من يعادي الشيعة ؟ وغير ذلك من اقوال،
وقد طرح كل تلك الاقوال مع ادلتها، وناقشها بأسلوب علمي رصين وفق الصناعة المتبعة في الدروس العلمية، وخلص الى النتائج التالية:
أ- لم يثبت في الرّوايات تعميم معنى الناصب لكل من يقدم غير الامام علي (ع) ويعتقد بإمامتهم. ومن ذلك ما نقل قول الشيخ الصدوق: (والجهال يتوهمون أن كل مخالف ناصب وليس كذلك)[من لا يحضره الفقيه: ج3 ص 253].
ب ـ لم يثبت في الرّوايات أنّ معنى الناصب هو من نصب العداء لشيعة أهل البيت.
ج ـ لم يثبت في الرّوايات أن معنى النّاصب هو مطلق من نصب حرباً على أهل البيت (ع) من دون عداوة وبغض، بل من اجل المصالح الدنيوية، وهذا عين ما ذهب إليه السيد الخوئي (ره) في ابحاثه، كما اشار المؤلف لذلك في الصفحة 172 ـ 173.
د ـ القدر المتيقن ممّا يُفهم من الرّوايات هو كون النواصب فرقة خاصة تتدين ببغض اهل البيت (ع)، كما ذهب لذلك جملة من الاعلام منهم السيد الخميني والشيخ حسين الحلي (قدهما). انظر: الصفحات: 176، 63 ـ 64، 65 ـ 67.
5 ـ أما خلاصة أحكام النواصب
أ – لم يثبت كفر النّاصب بالمعنى المصطلح شرعًا، وإنّما أقصى ما ثبت كفر المبغض لأهل البيت كفرا باطنيًّا، لما يحمل من خبث وقذارة معنويتين.
ب – ثبتت حرمة تزويج النّاصب من المؤمنة، والمؤمن من الناصبة.
ج – ثبت حرمة ذبائح الناصبي.
د – ثبت عدم صحة الحج النّيابي عن الناصب، إلا إذا كان أبا.
هـ – لم تثبت النّجاسة المادية للنّاصب، وإن كان معنويا أنجس الأنجاس.
و ـ لم يثبت جواز قتل الناصب من دون إذن خاص من الإمام.
ز ـ لم تثبت حلية مال النّاصب بالحكم المولوي. ولذلك منع أمير المؤمنين (ع) جيشه اخذ الغنائم في حرب الجمل.
وعليه فإن الأحكام الثابتة للنّاصبة تؤدّي إلى القطيعة له اجتماعيا واقتصاديا ومعنويا دون إخراجه من دائرة المسلمين ظاهرا، ودون إثارة ما يمكن أن يؤدّي إلى فتح نزاع مربك قد يحصل جراء تحليل القتل والمال.
يبقى في حال وجود مصالح عاليا تحصل من خلال إجراءات استثنائية، فإن ذلك موكول للإمام أو من يقوم مقامه في إصدار الأحكام الولايتية الموائمة لذلك.
6ـ توجد ملاحظة نقدية؛ وهي فنية لا تمس الجانب العلمي للبحث، بل الجانب الفني فحسب، وهي حصول تكرار في بعض الخلاصات التي يطرحها عقب كل مطلب، لاسيما أواخر الكتاب، وهذا يسبب ارباكا احياناً او مللاً لدى القارئ، وكان بالامكان تجنب ذلك.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
الزواج بين حاكمية القانون ومرجعية الأخلاق / الشيخ أكرم بركات