خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 5 مذكرة / قانون الأحوال الشخصية.. ثغرات وضرورة التعديل / الأستاذ الشيخ حسن عطوان

قانون الأحوال الشخصية.. ثغرات وضرورة التعديل / الأستاذ الشيخ حسن عطوان

الاجتهاد: بين يدي الأخوة المتصدين لتعديل قانون الأحوال الشخصية..

يقول عزّ مَن قائل في كتابه الكريم:

(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [ النور : 47 – 51 ] .

 لعلَّ من الإنصاف أنْ نقول: إنَّ قانون الأحوال الشخصية الحالي – ذا الرقم (188) الصادر عام (1959 م)، والذي جرت عليه لاحقاً عدة تعديلات – يعتبر جيداً إذا ما لوحظ بالقياس الى ما يناظره من القوانين الوضعية .

ولكنّ هذا لا يمنع من القول إنَّ في بعض فقراته و موادّه ثغرات مهمة أوقعت كثيراً من الناس في الإشكال الشرعي، لذا صار من الواجب العمل على تعديل تلك الفقرات والمواد ، ومن أمثلة ذلك:

1. المادة (40) من هذا القانون وما يليها:

أعطتْ للقاضي صلاحية التفريق بين الزوجين عند تحقق شروط.

والفقهاء جميعاً يفتون ببطلان هذا التفريق إذا لم يكن الحاكم به هو الفقيه العادل، وبطلان ما يترتب عليه، فزواج المرأة برجل آخر إعتماداً على هذا التفريق يعدّ باطلاً.

بل وتحرم هذه المرأة – بحسب الرأي المشهور – على الرجل الثاني حرمة مؤبدة إذا كان قد دخل بها، بل مطلقاً إذا كان عالماً بالحكم والموضوع، بحيث لو طلقها زوجها طلاقاً صحيحاً شرعاً فمع ذلك لا يصح لها الزواج من الثاني .

2. المادة (57) منه:

أعطتْ للأم حق حضانة الأطفال حتى بعد إكمال سنتي الرضاعة، وهذا أمرٌ أدخل كثير من المؤمنات في الإشكال الشرعي، وتسبب في الوقوع في مشاكل جمّة، لعل منها عدم قدرة الأم – غالباً – على تربية أطفالها بالنحو المناسب ، لا سيّما الأولاد .

3. الفقرة الأولى من مادته رقم (7)، بعد التعديل رقم (21) الصادر في عام (1978):

منعت من الزواج قبل إكمال الثامنة عشر من العمر، ممّا تسبب في وقوع حالات كثيرة من الزواج خارج إطار المحكمة، وحصلت مشاكل كثيرة بسبب ذلك .

مع أنّه في أصل القانون كانت هذه المادة تقول: ” يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ ” .

4. الفقرة (4) من المادة (3) من القانون :

منعت الرجل من الزواج بإمرأة ثانية إلّا بإذن القاضي، واشترطت في إذنه توفر أمرين، وتُرِكَ إثبات تحققهما من عدمه لتقديره.

وتسبّب ذلك ايضاً في وقوع حالات كثيرة من الزواج خارج إطار المحكمة، ممَا ترتب عليه ايضاً مشاكل عدّة يعرفها المطّلعون .

5. المادة ( 74 ) منه :

إذا مات الولد ذكراً كان أو أنثى قبل وفاة أبيه أو أمه فإنّه يُعتبر بحكم الحي إذا مات أيٌّ منهما، وينتقل حقه من الإرث الى أولاده ذكوراً كانوا أو أناثاً، بما إصطُلح عليه بالوصية الواجبة، على ألّا تتجاوز ثلث التركة .

بينما يعتبر مشهور الفقهاء ذلك أكلاً للمال بالباطل إذا لم يرض بقية الورثة .

وهكذا، توجد مواد أخرى فيها مثل هذه المخالفات الشرعية، اقتصرت على المهم منها .

 لذلك فالتعديل الى ما يكفل عدم وقوع الناس في إشكالات شرعية، لا سيّما في القضايا التي تتعلق بالأعراض والنسل والأموال من الضرورة بمكان .

وأمّا الإشكال بأنَّ التعديل سيُقَسّم المجتمع ويثير حساسيات طائفية فهو مجرد تهويل لا مبرر له؛ لأنَّ الذي يطّلع على التعديل فسيرى أنّه لم يؤسس شيئاً جديداً، غاية ما هناك أنَّه أرجع ما يتعلق بالأحوال الشخصية الى مؤسستيَن قائمتين بالفعل هما الوقف الشيعي والوقف السُنّي .

 وأمّا الإشكال بأنّه قد يؤدي الى الإخلال بحقوق المرأة فهو تسويل من تسويلات الشيطان، إذ الشريعة الإسلامية هي التي تحفظ للمرأة حقوقها وكرامتها وعزّها .

 فإذا كان المقصود أنَّ الشريعة تجيز زواج البنت بأقل من عمر ال (18) سنة بموافقة الولي الشرعي.

فجوابه:

إنَّ الشريعة أجازت ذلك، ولم توجبه، فغاية ما تقوله الشريعة إنّه وبعد دراسة كون الزواج صالحاً للطرفين فإنّه جائز بعد موافقة الولي، وهو الأب عادة، وليس هناك مَن هو أحرص من أبٍ على مصلحة ولده أو بنته إلّا مَن شذّ، على أنَّ للقاضي الشرعي أنْ يرفض الموافقة على زواج ما إذا رأى عدم توافره على أسباب النجاح .

بل إنَّ الإشكال نفسه إنْ كان وارداً فيرد على سن ال 18) الذي أوجبه القانون الحالي ايضاً، إذ البنت وكذا الولد قد لا يكونان مؤهليَن حتى في هذا السن، بل حدّدت دول أخرى سنّاً آخر هو بلوغ ال (21) عاماً أو إكمالها !

وعليه فالمدار يدور على توافر الأهلية، وهذا ما أقره القانون في الفقرة الأولى من مادته الثامنة .

إذ جاء فيها :

“إذا طلب مَن اكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج فللقاضي أنْ ياذن به إذا ثبت له اهليته وقابليته البدنية بعد موافقة وليه الشرعي … ” .

 وأمّا الإشكال بأنَّ ذلك قد يسلب حق الأم بحضانة أولادها عند الطلاق ، وهو ما يكفله القانون الحالي .

فجوابه :

إنّه بعد إكمال سن الرضاعة، فعادة ما يكون الأب أكثر قدرة على رعاية أطفاله، لا سيّما مع إشتراط كونه مؤهلاً، هذا من جهة .

ومن جهة أخرى: في ذلك تخفيف عن كاهل الأم؛ فهي في العادة تعود للسكن مع أهلها، أو تتزوج، وفي كلتا الحالتين يكون بقاء الأطفال معها فيه من الحرج ما لا يخفى .

 وأمّا الإشكال: بأنَّ التعديل قد يؤدي الى السماح بتعدد الزوجات .

فجوابه :

إنَّ جواز التعدد إنّما هو حل لمشكلة إجتماعية واضحة للعيان، اذ عادة ما يضطرب التوازن بين عدد النساء والرجال؛ لتعرض الرجال للمخاطر في الحروب وغيرها أكثر من النساء، ولذلك يكون عدد النساء – في أغلب الشعوب – أكثر من عدد الرجال .

ولأجله فالتعدد يصب في مصلحة نوع المرأة ، وإنْ لم يكن أحياناً في مصلحة هذه المرأة أو تلك .

ولو كانت الجمعيات النسائية تبحث عن مصلحة الغالب من النساء لطالبت بالتعدد، لكنَّ الكثير من المتصديات للجمعيات النسوية لا يدركْنَ ذلك، أو هنّ ممَن يؤدّينَ أجندة مشبوهة .

 أجوبتي هنا على وفق مذاق المعترضين والمعترضات، وإلّا فالمفروض أنّنا نتّبع ما جاء به محمد وآل محمد .

(وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّـهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) .

 على أنَّ هناك مشكلة أعمق ترد على القضاء الوضعي برمّته حتى في غير الأحوال الشخصية، حاصلها :

إنَّ الفقهاء يفتون بحرمة التقاضي عند ذلك القضاء، إلّا إذا انحصر تحصيل الحق بذلك، وهو ليس منحصراً ما دام يمكن تحصيله بمراجعة مؤسسة شرعية تصطبغ بصبغة قانونية رسمية، يُوضَع لها قانون مصدره الشريعة.

فلماذا نُوْقع أهلنا وقضاتنا في الحرام ؟!
مع أنّنا يمكن أنْ نؤسس لذلك مثل هذه المؤسسة التي تُراعى فيها أحكام الله سبحانه .

فهل نحن أكثر حكمة في قوانيننا ممَن خلق هذا الكون والإنسان وشرّع له ؟؟! (سُبْحانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ). عظّم الله أجوركم.

[حسن عطوان ] 17 / محرم الحرام / 1446 هج.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign