عضو مجلس كربلاء ناصر الخزعلي: قرر جلس محافظة كربلاء، الثلاثاء (18 كانون الأول 2018)، تفعيل قانون “قدسية المحافظة”. والذي” يتضمن منع لعب الأقمار والجهر بالاغاني وعدم دخول النساء غير المحجبات وغيرها”.
الاجتهاد: يؤكد علماء نشأة المدن وتكونها ،ان وراء تكوّن المدن عدة أسباب منها قربها من مصادر المياه الصالحة للسقي والشرب، ومنها الوقوع على طريق تجاري ،فيما هناك مدن تتكون وتتسع لسبب ديني حيث قدسية هذا المكان او ذاك، فتبدأ من تقديم الخدمات للزوار ثم تتحول الى مناطق استراحة فأسواق فمدن عامرة.
الذين يعمدون السكن في هذه المدينة او تلك يدركون معنى التأسيس ،ويتبيّؤون مع واقعها حتى وان قدموا من أماكن اخرى ،فيها من العادات والتقاليد والثقافة والملبس مالايشبه حاضرة المسكن الجديد .
ان المدن المقدسة تحمل طابعها الثقافي والاجتماعي والديني ،وتعبر عنه وفق هذه المنظومة ،سواء في طريقة البناء والعمران او في السلوك الاجتماعي والأزياء والثقافة العامة وغيرها ،وعندما نقصد اي مدينة مقدسة سواء كانت تتفق مع عقيدتنا او لم تتفق لابد ان نراعي طابع اهلها ولانحاول ان نمس معتقداتهم ولاطريقة حياتهم ،وهي واحدة من القيم الحضارية والأخلاقية العامة لأهل الارض عموما من الواجب ان يتحلوا بها .
ارض النجف لاتصلح للسكن فهي ارض حصباء ،غير صالحة للزراعة ،وقبل ان يدفن فيها جثمان الامام علي عليه السلام ليس فيها من سكن ،وشاء الله ان يكون القبر الشريف سببا ان تهوي لها القلوب ،وان تكبر وتتسع وتضم مقبرة هي الاكبر في العالم ،وكذلك محافظة كربلاء المقدسة ، لم تسكن ولم تكن لها هذه المنزلة حتى حدثت بها واقعة ألطف التي استشهد فيها الامام الحسين ع وعدد من اهل بيته واصحابه الغر الميامين ،ليبنى الضريح الشريف وبقية الأضرحة الشريفة وتزار ،وتتحول الى مدينة بشوارعها واسواقها ومنتزهاتها، حتى باتت الأكثر مزارا بالعالم سنويا !!
هذه المدن ومن امثالها (المقدسة )حملت إرثها التأريخي والديني ولابد انها كانت احد دعائم المشاعر الدينية والاجتماعية والحضارية للبلد ، والحفاظ على وجودها وتراثها وعادات اهلها جزء مهم من الحفاظ على تراث هذه الامة وتأريخها ، وعندما تحاول اجيال ربما جاءت لاحقا للعيش بها ان تتمرد على قيمها وقدسيتها إنما هو تمرد على قيم وتأريخ هذه الامة بعيدا عن اي نوع من الانحياز او التزمت ،وعندما تواجه هذه الدعوات ردة فعل قاسية ،فذلك أمر طبيعي وعلى الاخر ان يتقبله .
لاحظ عندما جاءت سفيرة بلجيكيا لزيارة مرقد الامام علي ع وهي ليست مسلمة ،ارتدت زي المحافظة من حجاب وسواه ، وأدت المراسيم مثلما يؤديها المسلمون ،مع انها بعد مغادرتها محافظة النجف عادت الى زيها وحياتها الخاصة .
حالات الرقص واحتساء الخمور والغناء في الأماكن العامة التي حاول البعض من أبناء المدينة(كربلاء) القيام بها بدعوى انها (حرية شخصية)
هذا صحيح ضمن المفهوم العام للحرية لكنها حرية تتقاطع مع حرية الاخرين ومع القيم الدينية والاجتماعية للمحافظة وقدسيتها ، وممارستها لاتصب بصالح المدينة لانها ستحدث حالة من التشوّه والتجاوز ومخالفة القيم العامة السائدة ثم الضرر بهيبة المدينة وقدسيتها ،ومن أراد ان يمارس الموبقات خارج المحافظة فليس هنالك من يحاسبه الاّ نفسه وما يُؤْمِن به فقط .
اما من الناحية الدينية كمسلمين فنحن نعتقد ان الارض التي تحتضن قبر الامام الحسين وأخيه العباس ومن جوارهم من ابنائهم وأحفادهم وأصحابهم كل مافيها مقدس ، ومحط إجلال كبير لجميع المسلمين ونأمل ان لانسمع صوت منبه العجلات ولا حتى أصوات الباعة في اسواقها وشوارعها ومن يزعجه ذلك فأرض الله واسعة وله ان ينتقل حيث يرغب.
،لذا نقف مع القانون بكل تفاصيله وتداعياته
وفِي ذلك حفاظ على تاريخ المدينة وإرثها الديني والحضاري وقدسيتها التي حفظتها من يوم ديف ترابها بدم الحسين الطاهر وحتى يومنا هذا .