آملي

في ذكراه.. أضواء على المنزلة العلمية للشيخ المفيد/ العلامة حسن زاده الآملي + تحميل

الاجتهاد: قدم العلامة الشيخ حسن حسن زاده الآملي هذا المقال” أضواء على المنزلة العلمية للشيخ المفيد” للمؤتمر العالمي بمناسبة الذكری الألفية لتكريم وفاة الشيخ المفيد -ره – الذي عقد في قم المقدسة، وتناول فيه الشخصية العلمية لزعیم الطائفة في حیاته الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه، كما تطرق سماحته إلى بعض آراءه الشامخة.

منذ زمن الشیخ المفید وحتیٰ یومنا الحاضر، کان الشیخ موضع ثناء کل من اطلع علیٰ شخصیته، و وصف بالتبحر والتعمق في الفنون والعلوم. وقد ذکرت عنه کتب الفریقین و کتبت ان مجلس درسه كان يحضره الشيعي والسني، فمثلاً تشرف بحضوره القاضي أبو بكر الباقلاني، كما تشرف أعاظم الإمامية أمثال السيد المرتضی والسيد الرضي والشيخ الطوسي والنجاشي.

فقد خضع لعلمه وعظمته الشيعي كما خضع له السني، وقالت عنه كتب التراجم انه كان عالماً تقياً خشن الملبس زاهداً تاركاً للدنيا قد شرح الله تعالى صدره، واصبح يذكر على اطراف السنة الخواص والعوام والسنة والشيعة في درايته وبصيرته في اصول المعارف وفروعها.

ونكتفي في هذا المقام بنقل عدة جمل عن السيد القاضي نورالله في مجالس المؤمنين، وقول الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست باعتباره من كتب الرجال الاربعة.

يقول السيد القاضي نورالله الشهيد في التعريف بالمفيد: «الشيخ الأجل السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي الملقب بالمفيد، ملاذ الفائدة، یستفید العقل من قوته القدسیه، ویتناظر فکره مع الملأ الاعلی.

مجتهد قدسی الضمیر و متکلم تحرير… من سطوة مناظرته حصر الأشاعرة في زاوية الاعتزال، واصبح أرباب المعتزلة من حيرة مباحثته کالحال…».

( الشيخ المفيد من أعاظم علماء الشيعية الإمامية الإثني عشرية، عاش في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الخامس الهجري، إسمه الحقيقي هو محمّد بن محمد بن النعمان. كان تلميذ الشيخ الصدوق، وأستاذ السيّدين الرضي والمرتضى وكذلك الشيخ الطوسي.

اشتُهرت قبل الشيخ المفيد ظاهرة التمسّك بظواهر الحديث، ولم يكن هناك رواج للاستفادة من العقل كعنصر في عملية الاستنباط بحيث تحول هذا إلى عائقٍ أمام تكامل العلوم وازدهار العلماء.

لذلك انتفض الشيخ المفيد مقابل هذا الجوّ من الجمود الذي هيمن على الواقع آنذاك، فقام بتدوين أصول الفقه ليؤسس فقهاً جديداً وينطلق صوب اجتهاد صار يمثل الطريق الوسط بين المنهجية الحديثيّة التي تبنّاها الشيخ الصدوق والمنهجية القياسية التي ذهب إليها ابن الجنيد في الفقه.

دوّن الشيخ في البداية أصولاً في كتاب التذكرة بأصول الفقه لاستنباط الأحكام. وسار في هذا الخطّ كل من السيّد المرتضى في كتابه الذريعة والشيخ الطوسي في كتاب عدّة الأصول معتمدين على ما ابتكره أستاذهما من منهج أصولي. يذكر أن الشيخ نفسه كان قد استلهم هذه المنهجية من أستاذه ابن أبي عقيل العماني.

ويعتبر الشيخ المفيد المؤسس للفقه المقارن، من خلال تأليفه الذي أطلق عليه عنوان الإعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من أحكام، واكتمل هذا المشروع من خلال كتاب الانتصار للسيد المرتضى، والخلاف للشيخ الطوسي، وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلّي.

ويعدّ الشيخ المفيد من أكبر العاملين على إحياء العلوم الإسلامية ومن المروجين الجادّين للثقافة الشيعيّة والناشرين للفقه الإمامي.
ولد الشيخ المفيد في قرية سويقة ابن بصري التابعة لـ عكبرى شمال بغداد في اليوم الحادي عشر من ذي القعدة كما روى ابن النديم (ص197ـ ط اوروبا) سنة 338 هـ.

وذهب النجاشي إلى أنّ ولادته كانت سنة 336 هـ. وتوفي ليلة الثالث من شهر رمضان ببغداد سنة 413، وصلى عليه الشريف المرتضى بميدان الأشنان الذي ضاق على الناس رغم سعته، ولم يُرَ يوم أكبر منه لشدة زحام الناس للصلاة عليه، ومن كثرة بكاء المؤالف والمخالف، ودفن في داره سنين، ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من السيد أبي جعفر عليه السلام. فاستناداً لهذين الرأيين يتردد عمره بين 75 و77 عاماً. ( ويكي فقه)

من محتويات المقال:

عدة شهر رمضان

هل ان شهر رمضان ثلاثين يوماً في كل سنة؟

للشيخ الصدوق رأي في هذه المسألة، فهو يقول في كتاب من لا يحضره الفقيه بعد نقله لبعض الروايات: لهذا فان شهر رمضان ثلاثون يوماً دائماً.

وثمة روايات أخرى عن الخاصة والعامة نقل عن بعض الصحابة قولهم انهم صاموا على عهد رسول الله أشهر رمضان التي بلغت أيامها ٢9 يوماً أكثر من تلك التي بلغت 3٠ يوماً، لكن الشيخ الصدوق ينقل بعض الروايات ويرد على رأيه شيخ الطالفة الطوسي في التهذيب والاستبصار. وقد ذکرت الرأیین في الدرس 75 من کتاب «دروس معرفة الوقت و القبله».

ففي قول الشيخ الصدوق من ان شهر رمضان هو ثلاثين يوماً دائماً والروايات المؤيدة لهذا الرأي التي أوردها اشارة إلى نكنة علمية لم يأت عليها – وللأسف – الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار ولم يشر إليها.

وقد قال العلامة الشعراني ان هذه الروايات صحيحة ولكن يجب التفريق بين الهلال الاصطلاحي النجومي والهلال الحقيقي السماوي، فهذه الروايات ترتبط بالهلال النجومي لا الهلال السماوي، ذلك أن المطلع على علم الهيئة والرياضيات والنجوم والجداول يعلم ان ترتيب الجداول – اي الازیاج – هوکالتالي: محرم، صفر، ربیع الاول، ربیع الثاني، و هکذا الی النهایة، فالاشهر الفردية كاملة (30 يوماً) والاشهر الزوجية ناقصة (٢٩ يوماً)، وهذا الترتيب لا يتعلق بالهلال الخارجي، وانما يرتبط بنظام رياضي وحساب خاص لابد ان تنظم وفقه جداول خاصة للأهلة.

وبحسب المستخرج عند الاستخراج مما جري تنظيمه والذي يبحث في علم الهیئة والجداول، وكذلك التعديلات والكسور والكبيسة و… ثم ينتقل منها إلى الهلال الخارجي. إذن، فهلال الجدول مقدمة للعثور على الهلال الخارجي، وليس ملاكاً ومعياراً بنفسه، ويطلق الغرب على مصطلح الجدول بکلمة لا تابل.

يقول الشهيد الأول في كتاب الصوم من اللمعة: ” لا اعتبار بالجدول” ويقصد به ان لا يؤخذ بالاعتبار علم الرياضيات والهيئة، أي أن لا يؤخذ ترتيب الجدول كملاك ومعيار في تعيين عدد أيام الشهر، لان الجدول نظم وفق معالة خاصة تكون الاشهر الفردية بمقتضاها تامة والاشهر الزوجية ناقصة، بل لابد ان يُستخرج الهلال الخارجي من هذا المعيار.

وقد قال البعض في بيان كلام الشهيد هذا، ان الجدول يعني التقويم المستخرج المتعارف لا يعتدّ به. ولم يفقه هؤلاء السادة كلام الشهيد. لقد قال الشهيد الاول عبارته بدقة تامة، ذلك ان الجداول نظمت حسب قاعدة المعادلة الاستخراجية بان الاشهر الفردية 30 يوماً والزوجية ٢٩ يوماً، فقال الشهيد عبارته: «لا اعتبار بالجدول». وأمامي الآن عدة جداول.

اعني بها عدة أزياج – لوفتحتها لرأیت أن شهر محرم يتكون من 30 يوماً وصفر من ٢٩ يوماً، وهكذا إلى شهر رمضان الذي يقع ضمن الاشهر الفردية فيكون عدد ايامه في الجدول 30 يوماً حتى قيام القيامة. وقد قیل للإمام الصادق (ع) ان أساس تنظيم الجداول هو ان یکون عدد ایام شهر رمضان ۳۰ یوماً دائماً فاستحسن الامام نظم الشهور و ترتیبها في الجدول وکون شهر رمضان ۳۰ بوماً دون ان یذکر نقصانه، فماکان من الراوی وکان عادلاً و متقیاً و صادقاً الا أن اعلن بأن الإمام أيّد كون عدد ايام شهر رمضان ولم يميز بين الحالتين.

يقول العلامة الشعراني: ان الروايات التي سردها حضرة الشيخ الصدوق في ” من لا يحضره الفقيه ” تستند إلى تصورات اولئك الرواة الاعزاء الذين لم يستوعبوا كلام الإمام على وجه الدقة، ولم یبحث الشیخ الطوسي هذا البعد الرياضي، ولم يبين ذلك، وقال فقط: ان هذه الاخبار لا يجوز العمل بها من وجوه منها… ومنها 19 … ولم يتطرق في الوجوه التي ذكرها إلى هذا الجانب الرياضي. وقد تناولت هذه الاقوال بعد تقسيمها وتنقيحها وتحريرها في الدرس 75 من كتاب «دروس معرفة الوقت والقبلة)

فهرس المقال

المفيد
هوية المقال:
اسم المقال: أضواء على المنزلة العلمية للشيخ المفيد (ره)
المؤلف: حسن حسن زاده آملي
نقله الى العربية: عباس أسدي
صف الحروف: القسم الكومبيوتري لمؤسّسة البعثة – قم – هاتف: 30034
المطبعة: مهر
عدد النسخ: 1000
الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكری الألفية لتكريم وفاة الشيخ المفيد -ره – قم -الحوزة العلمية رمضان المبارک 1413 ه.ق المطابق ل فروردین ۱۳۷۲ ه.ش.

.

تحميل المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky