الاجتهاد: ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي نصّ الحوار الذي أجراه مع الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال شعبان حول الدور الذي يمكن للحجاج أن يلعبوه ضدّ الكيان الصهيوني ومن خلال إعلانهم عن البراءة منه ومن داعميه.
1ـ نظراً إلى انّ الحج أحد أعظم الأرضيّات لتضافر الأمّة الإسلاميّة وتآزرها وتعاطفها، كيف يمكن الاستفادة من هذه الإمكانيّة العظيمة [للحج] من أجل حلّ مشكلات العالم الإسلاميّ بأفضل نحو ممكن؟
لا يمكن جني أي مكسب للأمة في الحج، اللهمّ إلا الدعاء، وبعض التحركات الفردية برفع علم من هنا أو إطلاق شعار من هناك، ونَشْرُ ذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وبالتالي، فإن السياسات المتبعة لإدارة الحج تخنق أي تحرك، وكذلك السلطات التي تقف في وجه أي تعبير أو تآزر أو تضامن، وتقوم بدفنه في مهده عبر الرقابة المشددة على أداء الأئمة والخطباء في الحرمين الشريفين، أو حتى الشدّة التي يُعامل بها الحجاج الذين يعبّرون عن رأيهم في التعاطف مع قضايا الأمة، لا سيما قضية فلسطين، إذ يتم احتجازهم لساعات، أو فرض عقوبات تصل لحدّ منعهم من استكمال الشعائر.
فمجرد الدعاء لفلسطين، أو ترداد شعار يتعلق بقضية الأمة الأساسية، أو جمع التبرعات، كل ذلك ممنوع وفق قوانين المملكة بكل أسف. لذلك، العمل يجب أن يكون إعلاميًا وتوجيهيًا للحجاج قبل الذهاب والسفر لأداء هذه الفريضة؛ ليفعل كل منهم ما يستطيع وما يطيق في هذا المجال.
فلو كان التضامن والتآزر متاحًا للحجاج من مختلف الألوان والأعراق، لخرج أكثر من مليوني حاج بصوت تلبية واحد يصل صداه الى مختلف القارات، فيشكّلون حالة تؤكد قوة المسلمين، ووقوفهم إلى جانب إخوانهم بالتضامن معهم؛ فيهزّون الأرض تحت أقدام الصهاينة، ويعلنون أن الفلسطينيين وراءهم أمة – يقارب تعدادها 2 مليار نسمة – قوية بإمكاناتها المادية والعسكرية والمعنوية، تكفي لكسر الكيان الغاصب، وهزيمته مع كل مَن يدعمهم ويقف خلفهم، من أوروبيين وأمريكان.
ورسول الله ﷺ يقول: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسلمه، يعني: ولا يخذله، ومَن كان في حاجة أخيه؛ كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا؛ نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومَن سَتَرَ مسلمًا؛ سَتَرَه الله يوم القيامة.
2ـ يُكوّن الحجّ فرصة مميّزة من أجل التعبير عن دعم الأمّة الإسلاميّة عامةً، والحجّاج خاصّةً، لأهالي غزّة. ما هي برأيكم الخطوات التي يمكن القيام بها في هذا الصّدد ضمن إطار الحج؟
أن يعقدوا الألوية والرايات، وتُجيّش الجيوش من طنجة حتى جاكرتا لنصرة المظلومين في غزة، وطرد المحتلين من الأقصى، واستعادة الثروات المنهوبة. فغاية الحج شهود المنافع، وأهم منفعة اليوم درء مفسدة الاحتلال.
وكذلك، يمكن للحج – وهو أكبر مؤتمر شعبي عالمي – أن يصدر قرارات منع التطبيع، وتحريم التبادل الاقتصادي مع المحتلين، واتخاذ قرار قاطع جازم يُلزم بكسر بوابة رفح، وإدخال الدعم والغذاء والدواء عنوةً لشعبٍ محاصر من الأقربين قبل الأبعدين.
وعلى الحجاج أن يرفضوا كل أشكال الدعم الغربي الأميركي لحكومة العدو بالمال والسلاح، كما يتوجب عليهم أن يجمعوا التبرعات الشعبية لدعم مَن يدافع عن أرضه ضد المحتلين نيابةً عن الأمة جمعاء. وكذلك أن يرفعوا أصواتهم خلال التلبية بالدعاء لإخوانهم، وأن يعلنوا صراحةً قطع العلاقات مع الدول التي تدعم الكيان، وأن يعلنوا المقاطعة للشركات التي تصبّ أرباحها في اقتصاد الكيان أو تدعمه.
3ـ ما هي مكانة «البراءة من أعداء العالم الإسلامي» في الحج؟ بعبارة أفضل: إلى أيّ مدى تنطوي البراءة من أعداء الأمّة الإسلامية – وعلى رأسهم أمريكا والكيان الصهيوني – على الأهميّة، خاصّة في حجّ هذا العام الذي يتزامن مع إبادة المسلمين في قطاع غزّة؟
لو تُركت الحرية لشعوبنا دون أي ملاحقة أو رقابة أو عقوبة، لتبرّأت من المحتلين وكل المستعمرين، ولما بقي كيان الاحتلال الصهيوني فوق أرضنا أيامًا. والبراءة من أعداء العالم الاسلامي وأعداء الانسانية مِن أهم مقاصد الحج. فبالحج – وهو الركن الخامس الذي يقوم عليه الدين الإسلامي – إظهارٌ لقوة المسلمين، وكثرة سوادهم في العالم.
أكثر من مليوني إنسان بنظام واحد، بكلمة واحدة، بعمل واحد، ووراءهم آلاف الأعراق، وعشرات آلاف المدن والحواضر على امتداد العالم العربي، والإسلامي، وكل مكان في المعمورة. هذه نقاط قوة تُحصّن الأمة، وتُشكّل خطّ دفاع حصين عن حياتها وأرضها وثرواتها وقضاياها.
إن وحدة الحجاج باتجاه قبلة واحدة، وهم يقرأون كتابًا واحدًا، ويلبسون ثياب إحرام موحدة، في هذا منعة الإسلام والمسلمين، ورهبة لعدوهم منهم. إنهم يلبّون تلبية واحدة، ويدعون دعاء واحدًا، ويخلصون لرب واحد.
قال لهم تبارك وتعالى في علاه: “إنما المؤمنون أخوة”، وقال لهم: “واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا” وقال لهم: “ولا تَنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”. قوّتنا بوحدتنا كأمة واحدة، تجمع السنّة والشيعة، والعرب والعجم والترك والفرس والبلوش والأمازيغ والتركمان والملاوي. فكما نصلّي لرب واحد، ونتّجه صوب قبلة واحدة، وكما أنّ نبيّنا واحد، وقرآننا واحد، وكعبتنا واحدة، كذلك يجب أن تكون أمّتنا أمة واحدة، وهذا مكمن قوّتنا.