عبد الجبار الرفاعي

عذراً أبا جعفر .. بقلم الدكتور عبدالجبار الرفاعي

الاجتهاد: حرص الشهيد الصدر على أن يبقى نمط معيشته مماثلاً لعيش الطبقة المحرومة في المجتمع، إذ كان يشدد على ذلك قائلاً: (يجب عليّ وأنا في هذا الموقع ـ يعني المرجعية ـ أن أكون في مستوى العيش بمستوى الطلبة الاعتيادي).

أربعون عاماً مضت على استشهادك، ونحن – ممن ندّعي اننا أبناء مدرستك – كلما ابتعدت عنا أيامُك ابتعدنا عنك خُلقاً وايثاراً ووطنية وتضحية وفداءً ..

لم يتفرد السيد الشهيد محمد باقر الصدر بمواهبه العقلية الفذة، ومنجزه الفكري العميق، بل إن الشهيد الصدر كان مرآة نقية تتحدث فيها أفعالُه قبل أقواله، فلم ينفصل سلوكه عن قناعاته واقواله، مثلما ابتلي بذلك معظم من يدّعون تمثيله في السلطة…

حرص الشهيد الصدر على أن يبقى نمط معيشته مماثلاً لعيش الطبقة المحرومة في المجتمع، إذ كان يشدد على ذلك قائلاً: (يجب عليّ وأنا في هذا الموقع ـ يعني المرجعية ـ أن أكون في مستوى العيش بمستوى الطلبة الاعتيادي).

أما الأموال الوفيرة التي تصل اليه من مريديه، فقد كان يبادر الى إنفاقها على المحتاجين. وتنبه الى تربية وتثقيف أبنائه على أن هذه الاموال ليست ملكاً شخصياً لهم، ولذا يجب أن يبتعدوا عن العبث بها.

يقول بهذا الصدد: (اني فهّمت ابنتي مرام أن هذه الأموال الموجودة لدينا ليست ملكاً لنا، فكانت هذه الطفلة البريئة تقول أحياناً: إن لدى والدي الأموال الكثيرة، ولكنها ليست له، ذلك لكي لا تتربى على توقع الصرف الكثير في البيت، بل تتربى على القناعة، وعدم النظر الى هذه الأموال كأملاك شخصية).

وعندما تحدث معه الشيخ محمد رضا النعماني في فترة الاحتجاز عن إمكانية فراره وخلاصه الفردي بنفسه من سطوة الجلادين، أجابه بصراحة جازمة: (حتى لو أن السلطة فكّت الحجز فسوف أبقى جليس داري، فليس منطقياً أن أدعو الناس الى مواجهة السلطة، حتى لو كلفهم ذلك حياتهم، ثم لا أكون أولهم سبقاً الى الشهادة، في الوقت الذي يستشهد فيه الشاب اليافع والشيخ الكبير من أمثال الشهيد المرحوم السيد قاسم شبر الذي جاوز التسعين من عمره).

لا أدري كيف نعتذر لله، كيف نعتذر للتاريخ، كيف نعتذر للوطن العراق، كيف نعتذر للأبناء ممن نزجهم في طواحين الحروب القذرة لداعش، فيما نظل نحن نتفرج على دمهم الشهم المسفوح، كيف نعتذر لدمك الطاهر الذي ما انفك يطاردنا كل يوم!!

 

 

التفكير بالدولة داخل المدونة الفقهية في مدرسة النجف.. المفكر عبدالجبار الرفاعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky