الشذوذ الجنسي

طريق الهاوية.. من الإباحية إلى المثلية / محمد خاطر

الاجتهاد: معالجة آفة الشذوذ الجنسي بحاجة إلى تضافر الجهود الرسمية والأهلية، وذلك من أجل بيان الجرم الذي يرتكبه المثليون ومن يدافعون عنهم، وضرورة إخضاعهم للعلاج النفسي والطبي، لأن ما يقومون به يمثل خطرًا على المجتمعات وعلى مستقبل البشرية.

عزيزي القارئ هذا المقال بدأت كتابته في 20 فبراير/شباط 2016، ولم يُقدر لي الانتهاء منه إلا في بداية ديسمبر/كانون الأول 2021، وذلك تزامنًا مع حملة دعم المثليين في الدوري الإنجليزي، والسبب الآخر أنه يأتي ضمن كتاب أعكف على تأليفه حول الإباحية والمثلية ومخاطرهما على مستقبل البشرية.

من الإباحية إلى المثلية

البشرية في عالمنا المعاصر تسير نحو الهاوية بوتيرة متسارعة، والمفسدون في الأرض لم يكتفوا بنشر الإباحية في العالم، ويسعون من أجل نشر الشّذوذ الجنسي في العالم، والضغط من أجل الاعتراف به كحق من حقوق الإنسان، والمحطة القادمة من محطات الهاوية التي يسير العالم نحوها هي محطة اشتهاء الأطفال وممارسة الجنس معهم (Pedophilia)، وهذه المحطة دشنها القساوسة في الغرب وفي الفاتيكان تحديدًا.

“فقد أصدر الكاتب الفرنسي والصحفي المتخصص في علم الاجتماع فريدريك مارتيل كتابًا بعنوان “سودوما” (من 600 صفحة)، عرض فيه تحقيقه الذي استمر 4 سنوات عن الشذوذ الجنسي لقساوسة ورهبان الفاتيكان.

وذكر مارتيل -في حوار أجراه مع صحيفة “لونوفال أوبسرفاتور” الفرنسية- أن الشذوذ الجنسي لكبار قساوسة الفاتيكان المسيحيين يعد “من بين أكثر الأسرار التي تكتم الفاتيكان عليها في 50 سنة الأخيرة”.

واعترف الكاتب الفرنسي بشذوذه الجنسي، مؤكدًا أنه “لا يستطيع سوى شخص شاذ جنسيًّا تأليف مثل هذا الكتاب”.

ونوه الكاتب الفرنسي إلى أن العنوان الذي اختاره لكتابه “سودوما” مستوحى من مدينة “سدوم”، التي ذُكرت في الكتاب المقدس (الموجودة حاليًّا في الأردن).

وركز مارتيل في كتابه على فضح نفاق الكنيسة في الفاتيكان، مُزيحًا الستار عن الشّذوذ الجنسي للرهبان والقساوسة المسيحيين أكثر من التركيز على الإساءات الجنسية، معتبرًا أن “الفاتيكان واحدة من أكبر مجتمعات الشاذين جنسيًّا في العالم”.
المسيري والبعد الفلسفي للشذوذ

الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله تنبأ في منتصف تسعينيات القرن الماضي بتوجه المجتمع الغربي نحو الشذوذ الجنسي، وأن الدافع وراء ذلك ليس مجرد الشهوة الجنسية، بل البعد الفلسفي لمبدأ اللذة.

يقول المسيري رحمه الله “أعتقد أن الشذوذ هو النتيجة المنطقية والترجمة الوحيدة الأمينة لمبدأ اللذة النفعي، فالإنسان الشاذ يمكنه أن ينشئ علاقة مع شخص آخر من جنسه فيتغلب على اغترابه بشكل مؤقت ثم يعود مرة أخرى لحياته الاستهلاكية البسيطة.

وهو يتغلب على اغترابه دون أن يدخل في علاقات ذات آثار اجتماعية تضطره للدخول في علاقة حقيقية مع الآخرين ومع الواقع، إن العلاقة مع شخص من نفس الجنس هي أقل العلاقات الإنسانية جدلية”.

ويقول المسيري: لا يمثل الدفاع الشرس عن المثلية الجنسية والدعوة إلى تطبيعها دعوة إلى التسامح أو تفهم وضع المثليين، بل هو في أصله هجوم على المعيارية البشرية، وعلى الطبيعة البشرية كمرجعية نهائية ومعيارًا ثابتًا يمكن الوقوف على أرضه لإصدار أحكام وتحديد ما هو إنساني. والمثلية الجنسية هي محاولة أخرى لإلغاء ثنائية إنسانية أساسية، هي ثنائية الذكر/الأنثى التي تستند إليها المعيارية الإنسانية.

لماذا يدافعون عن الشذوذ؟

الشذوذ الجنسي فيه مخالفة صريحة للفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، يقول الله عز وجل (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَة اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سورة الروم: 30.

والمتأمل في القرآن الكريم يجد أن عقوبة الشذوذ الجنسي ومخالفة الفطرة قاسية ورادعة، لبيان عظم وشناعة الجرم الذي يرتكبه الشواذ الذين يتركون ما أحله الله عز وجل من الاستمتاع بالجنس الآخر ويتجهون للاستمتاع بالجنس نفسه، يقول الله عز وجل (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ) سورة هود: 82.

وحكم الشذوذ الجنسي عند الفقهاء يمتاز بالغرابة وسط العقوبات التي قررها الإسلام، فأفتى بعضهم بقتل الفاعل والمفعول به، وصفة القتل أن يُرمى بهما من مكان مرتفع ويتبعان بالحجارة!

والشذوذ فيه تعطيل للمهمة التي خُلق الإنسان من أجلها؛ وهي عبادة الله عز وجل وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وعمارة الأرض بالتزاوج والتكاثر.

وإباحة الشذوذ الجنسي تم التمهيد لها عبر الحملات التي رفعت شعارات تحرير المرأة ومساواتها بالرجل في جميع الحقوق، ومنها الحقوق الجنسية.

ونشر الشذوذ الجنسي في العالم سبقه إعلان الحرب على الأسرة من خلال تمييع مفهومها، والترويج لمفهوم “الجندر”. يقول الدكتور أحمد خضر “تكمُن خطورة تعريفات الجندر في النظرة إلى الأنوثة والذكورة بالمعنى العضوي، منفصلة عن البنية النفسية والأدوار الاجتماعية للأفراد، وأن هذه الأدوار هي مفاهيم اجتماعية مكتسبة وليست لها علاقة بالطبيعة العضوية والفسيولوجية لكلا الجنسين”.

والشذوذ الجنسي الذي اعتبر في الماضي مرضًا، وجد من يدافعون عنه ويدافعون عن حقوق الشواذ، وفي سياق الدفاع عن المثليين وعن حقوقهم المزعومة، نشرت وكالات الأنباء خبر قيام شركة “نايكي” بفسخ التعاقد مع ملاكم محترف هاجم الشواذ، “فقد أنهت شركة نايكي للمنتجات الرياضية علاقتها مع الملاكم ماني باكويو الذي هاجم المثليين بشكل عنيف خلال الفترة الأخيرة، وكان باكويو -المعروف عنه تدينه الشديد- وصف المثليين بأنهم أسوأ من “الحيوانات”، وهو ما أثار بلبلة كبيرة، قبل أن يعتذر إلى من أساء إليهم. وأشارت نايكي -في بيان- إلى أنها تجد عبارات باكويو مشمئزة وتخالف مبادئ الشركة، وبالتالي قررت فسخ التعاقد معه”.

وشركة نايكي وصفت عبارات باكويو بأنها “مشمئزة”، وهو الوصف الذي ينبغي أن يطلق على العلاقة بين المثليين، ولكنه فساد الفطرة الذي يذكرنا بمطالبة قوم لوط بإخراج لوط عليه السلام ومن معه من قريتهم والتهمة: إنهم أناس يتطهرون!

يقول الله عز وجل (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ، فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ) سورة النمل: 54-58.

والشذوذ الجنسي انتقل من مرحلة الدفاع عن المثلية الجنسية إلى مرحلة تقنين الشذوذ الجنسي والاعتراف به؛ “فقد أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكمًا تاريخيًا الجمعة 26 يونيو/حزيران 2015 يقضي بمنح الحق للمثليين جنسيًا بالزواج في كافة الولايات الأميركية، وهو الحكم الذي وصفه الرئيس باراك أوباما بأنه انتصار لأميركا وانتصار للحب!

ووفقًا لدراسة أجريت في الولايات المتحدة، وامتدت بين عامي 1990 و2014، وصل عدد مؤيدي زواج المثليين إلى 49% من بين جميع المواطنين في الولايات المتحدة الأميركية، بينهم 63% من المراهقين، وارتفع عدد المثليين بنسبة 7.7% وسط الشباب، في حين ارتفع عددهم في صفوف من تجاوزت أعمارهم 30 سنة 7.5% بالنسبة للذكور و12% بالنسبة للإنات.

الرياضة ودعم المثليين

الرياضة رغم أهميتها فإنها استخدمت وسيلة لنشر العري، والمرأة أُقحمت في رياضات ما كان لها أن تمارسها لولا دعاوى المساواة الخادعة والكاذبة التي يروجون لها.

وانتقلت الرياضة من دعم (المساواة) بين الرجل والمرأة، إلى دعم المثليين والمثال الفج والصارخ على ذلك هو الدعم الذي يلقاه المثليون من الدوري الإنجليزي منذ سنوات، حيث أظهر الدوري الإنجليزي على مدار السنوات القليلة الماضية دعما للاعبين المثليين، وذلك من خلال ارتداء “قادة” الأندية العشرين في المسابقة شارة ملونة لدعم المثليين.

ومؤخرًا أطلق الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم (البريميرليغ) على الجولتين 13 و14 من الدوري جولات دعم المثليين.

وفي مقابل ذلك الدعم كان الموقف المشرف للكابتن محمد أبو تريكة من حملات دعم المثليين في الدوري الإنجليزي؛ ففي معرض تعليقه على ما وصفها بالظاهرة الخطيرة والفجّة حول تأييد المثلية في الجولتين 13 و14 من الدوري الإنجليزي الممتاز أعرب لاعب النادي الأهلي الدولي المصري السابق عن “اشمئزازه واستيائه” من انتشار تلك الظاهرة، محذّرًا من أن في ذلك خطرًا بالغًا نظرًا إلى دخول مباريات كرة القدم البيوت ويشاهدها الأطفال برفقة الكبار”.

وأبو تريكة كان موفقًا في حديثه عندما ذكر أن الشذوذ الجنسي فيه مخالفة للفطرة، واعتبره إهانة للإنسانية، ومخالفا لتعاليم الإسلام، وعندما ذكر المسلمين بأن خيريتهم كما ورد في القرآن الكريم تأتي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله عز وجل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَبِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَسِقُونَ) سورة آل عمران: 110.

مخاطر الشذوذ الجنسي

مخاطر الشذوذ الجنسي تتمثل في مخالفة الفطرة، ومعارضة الحكمة الإلهية، وهي استخلاف الإنسان في الأرض لعمارتها، وفيه إعراض عن آية وسنة من سنن الله عز وجل في الكون وهي سنة الزواج بين الذكر والأنثى، والشذوذ سبب رئيسي للإصابة بالعديد من الأمراض الجنسية الفتاكة.

ومعالجة آفة الشذوذ الجنسي بحاجة إلى تضافر الجهود الرسمية والأهلية، وذلك من أجل بيان الجرم الذي يرتكبه المثليون ومن يدافعون عنهم، وضرورة إخضاعهم للعلاج النفسي والطبي، لأن ما يقومون به يمثل خطرًا على المجتمعات وعلى مستقبل البشرية.

والإسلام هو طوق النجاة للبشرية، وهو حائط الصد وخط الدفاع الأخير في مواجهة الإباحية والشذوذ الجنسي اللذين يحاولون فرضهما على العالم بشتى الوسائل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky