الاجتهاد: ما أروع نداء الولاء لعقيلة الطالبيين زينب الكبرى حين يهزّ الجوارح ويضرب في الأعماق مؤاخذاً وفي فضاء الأفكار معاتباً : أما آنَ أن تخطّ في العالمِة غير المعلَّمة، في القلب الصبور واللسان الشكور، رواشحَ الانتماء ونتاج الاعتقاد ومعاني العشق في السادة الأسياد وخير العباد ؟!
أما آنَ أن تكتب في التالية تلو المعصوم ، في من شاطرت الحسين (ع) الوظائف والمهام والمصائب والآلام ولاسيّما في ذلك اليوم وهو أبو الأيّام ، في العاشر من محرّم الحرام ، في طفّ الخلود والملاحم العظام ؟!
أما آنَ أن تدوّن في من تسنّمت التدبير في ذلك الحال الرهيب والظرف العصيب، فواصلت الدرب بألقٍ وشموخ منقطع النظير ، فجاءت بها ألِقةً كما أوصاها المولى الشهيد في لحظات الوداع الأخير .. تحرّكتْ بعقل الأولياء النجباء ، نطقت فكأنّها فرضت عن لسان أبيها سيّد البلغاء ، سكنت سكون العارفين الحكماء ..
مكلّلةً كلّ ذلك بشمّةٍ غيبيّة حلّقت بنا بعيداً في عالم الإيمان والاعتقاد حين استشرفتْ فأخبرت أنّ الغد لنا فلايندرس ولايُمحى ذكرنا مهما أوغلتَ أيّها الضالّ المناوئ في قتلنا وحصارنا وتشريدنا وترويعنا ، فنحن أُسّ الدين وأصل النهج المبين الذي جاء به سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد الصادق الأمين ، والحجّة الظاهرة المستدلّ عليها بالبراهين العقليّة القاطعة ؟!
أما آنَ أن ترسم حروف الحقائق البنّاءة في من ضربت سامق الأمثال الوضّاءة ، انموذج المرأة العالِمة الفقيهة المفسّرة، المؤمنة الجليلة الشاكرة، المهيبة الشجاعة المدبّرة، العاقلة الرصينة المديرة، البنت الزكيّة الطاهرة ،الأُخت الحنونة الناصرة، الزوجة المخلصة الصابرة ، الأُمّ الشفيقة الباهرة ؟!
نعم، لن يهدأ البال الموّار ولن يستقرّ الحال المغوار ولن يستريح الذهن المسبار مادام القصور في حقّ آل العصمة والطهارة (ع) قائماً يحثّ العقل ويحفّز القلب ويثير الأفكار نحو بلوغ المراد ، فسأُبقي وجودي – وأنا المدّعي انتمائي لآل العصمة الأسياد – لبّاً وفؤاداً وروحاً وضميراً ،محلّقاً أبداً في الفضاء المنشود ، فضاء إثبات الحقّ المعهود، مادام هناك عرقٌ ينبض ودمٌ يجري وحياةٌ تسري ،
سأظلّ أبحث وأفحص وأُبعثر وأتمسّح وأحفر وأُراجع وأستقرئ وأُقارن وأُحلّل وأستنتج بما توفّر لي من الأداة العلمية والمؤنة المعرفيّة ، طبق المناهج السليمة والسبل الصحيحة المنطقية ، بلاحذف وتضليل ولاتعصّب وتحريف ولا ترهيب ولاتخويف .. بالحبّ والوئام والأُلفة والسلام ، بنداء الخير والفلاح والأمان …
علّيْ أُسهم بالنزر اليسير في نشر وذياع ولو بعض الحقيقة المظلومة، في إعلاء المبادئ المطموسة والقيم السامية المدروسة ، بما يتهيّأ من المكنة والبضاعة المحدودة ؛ إذ الميسور لايُترَك بالمعسور ، فعلى الواحد منّا استفراغ الوسع وبذل الجهد بالقدر المقدور ، ولاسيّما أنّ حبّ الآل خطوة من خطوات الوصول إلى الولاء المنظور ، حيث علاقة العموم والخصوص المطلق الحاكمة بينهما تستدعي التوفّر على الشروط المثبتة لأصل الأُصول ولبّ الاعتقاد ، أعني به : ولاية الآل (ع) ، أسياد العالم والعباد .
والحمد لله على ماأنعم والصلاة والسلام على الرسول الخاتم وآله أقطاب العالم .
زينب الكبرى سلام الله عليها