سن البلوغ للأنثى

سن البلوغ للأنثى .. آية الله اليعقوبي: سن التاسعة يمثل إمكان بلوغها وليس الحكم ببلوغها مطلقاً

الاجتهاد: عن سن البلوغ للأنثى : ان البلوغ حالة معلومة لدى العرف ولم يأتٍ الشارع المقدس بتعريف جديد لها غير ما يعرفه أهل اللغة، وهم المرجع في تحديد معاني الألفاظ، لكن الشرع المقدس تدخل في وضع بعض الحدود للحالة، فالتسع هو سن نفي أي إمكان للبلوغ قبله، والثلاث عشرة هو السقف الأعلى للبلوغ فلا يتأخر بعده.

أجاب سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي على استفتاء موجه له حول سن البلوغ للأنثى. وجاء السؤال الموجه لسماحة المرجع على النحو التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صحيح أنكم تخالفون مشهور الفقهاء في مسألة سن البلوغ للأنثى وأنه 13 سنة وليس 9 سنوات هجرية ؟

الشيخ محمد اليعقوبي

بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الذي ظهر لنا من خلال النظر بتأمل في منظومة الروايات الشريفة الواردة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في هذه المسألة وجعل بعضها قرينة على بعض أن لا بلوغ للأنثى قبل إكمال تسع سنوات قمرية حتى لو رأت الدم، فهذا السن يمثل إمكان بلوغ البنت وليس الحكم ببلوغها مطلقاً، أي ان البنت يمكن ان تبلغ سن التكليف عند إكمال عمر تسع سنوات قمرية(1) إذا رأت شيئاً من التغيرات الجسمية والنفسية والسلوكية الكاشفة عن بلوغها سن النضج الجنسي كالميل الجنسي للذكر والحياء من الاختلاط معه وتحّرك الشهوة والشبق ونحوها من العلامات .

ونقطع ببلوغها هذا النضج إذا رأت دم الحيض بعد إكمال التاسعة، ولكن إذا بلغت عمر 13 سنة ولم ترَ اي علامة فيحكم ببلوغها سن التكليف ولا تنتظر أكثر من ذلك.

والخلاصة ان البلوغ حالة معلومة لدى العرف ولم يأتٍ الشارع المقدس بتعريف جديد لها غير ما يعرفه أهل اللغة، وهم المرجع في تحديد معاني الألفاظ، لكن الشرع المقدس تدخل في وضع بعض الحدود للحالة، فالتسع هو سن نفي أي إمكان للبلوغ قبله، والثلاث عشرة هو السقف الأعلى للبلوغ فلا يتأخر بعده.

وقد قال الاختصاصيون ان الاناث يختلفن في العمر الذي يبلغن به النضج الجنسي تبعاً لعدة عوامل بايولوجية تتعلق بتركيبة البنت، وبيئيّة من حيث مناخ البلد الذي تعيش فيه، واجتماعية من حيث سلوكيات المجتمع هل هو محافظ أم متحلل، ونحو ذلك من المؤثرات.

وقد بحثتُ المسألة مفصلاً ونُشر البحث في موسوعة فقه الخلاف، ج 4، ص190 من الطبعة الأولى، ونَقضتُ في البحث على المشهور بأن البنت لو حجّت عند إكمال تسع سنوات قمرية، وهي لا تجد عندها أي علامة على النضج الجنسي، وتعيش حياة الطفولة كما في بعض المناطق الباردة فهل يقال بإجزائها عن حجة الإسلام التي يشترط فيها البلوغ؟

فأن أجابوا بالنفي فهو نقض على ما ذهبوا اليه، وأن أجابوا بالإيجاب ففيه مخالفة للواقع ولفهم العرف والذي هو المرجع في فهم مداليل الالفاظ، ومنها البلوغ.

وينبغي الالتفات إلى ان الشارع المقدس قد حثّ على مباشرة الصبي والصبيّة للعبادات من الصلاة والصوم والحجاب للأنثى قبل بلوغ سن التكليف، بحيث يستغرب الإمام الرضا (عليه السلام) في بعض الروايات من أبٍ لا يصلّي ابنه وهو في السابعة من العمر.

محمد اليعقوبي
22/شعبان/1441 هـ
16/4/2020 م

——-

1- السنة القمرية تقل عن السنة الشمسية ب 11 يوماً

سن البلوغ للأنثى سن البلوغ للأنثىفائدة فقهية

علماء الشيعة الذين لا يقولون ببلوغ البنت بالتسع: عرض للآراء والنظريات المخالفة للمشهور

سن البلوغ للأنثى من المسائل التي تترتب عليها أحكام تكليفية. من هنا، كانت هذه القضية مثار كلام الفقهاء، بالنظر إلى أهميتها، ولما يترتب عليها من عبادات.

وبعد مراجعة لهذه المسألة تبين وجود عدة نظريات في سن البلوغ للأنثى

النظرية الأولى: وهي النظرية الأشهر بين الفقهاء، والتي تقول: الفتاة تبلغ بإتمام تسع سنين قمرية (8 سنوات ميلادية و9 أشهر).

النظرية الثانية: والتي تقول بأن بلوغ النساء يتحقق بعشر سنين.

وأبرز من قال بها: الشيخ الطوسي في أحد أقواله[1]؛ ابن حمزة في أحد قوليه[2]؛ ابن سعيد الحلي[3]؛ قطب الدين الراوندي (مردد بين التسع والعشر)[4]؛ السيد محمد محمد صادق الصدر[5]؛ الشيخ فاضل البديري[6].

النظرية الثالثة: والتي تقول بأن الفتاة تصير مكلفة إذا بلغت سن 13 قمرية (12 سنة و7 أشهر و20 يوماً ميلادية) إلا إذا رأت دم الحيض قبل ذلك.

وأبرز من قال بها: الشيخ يوسف الصانعي[7]؛ الشيخ محمد آصف محسني[8]؛ الشيخ محمد اليعقوبي[9]؛ السيد رضا حسيني نسب[10]؛ الشيخ عبد اللطيف بري[11]؛ الشيخ قربان علي المحقق الكابلي[12]؛ الشيخ حسن عطوان[13]؛ السيد محمد حسين فضل الله[14]؛ الشيخ محمد هادي معرفت[15]؛ والشيخ عباس الرميثي[16].

وقال السيد محمد تقي المدرسي بأنها تصير مكلفة باكتمال الثانية عشرة إن لم تر أية علامة من علامات البلوغ المعروفة (الطمث، إنبات الشعر الخشن على العانة، الإنزال)[17].

النظرية الرابعة: والتي تقول بعدم وجود سن معين للبلوغ، بل يتحقق بلوغ البنت عند مجيء عادتها الشهرية – على رغم أنها لا تتأخر عادة عن الثالثة عشر -، وإذا لم یكن لها عادة شهرية – بسبب تأثير بعض الحالات المزاجية – فيجب في هذه الحالة أن ترجع إلی عادة بنات أقربائها أو بنات أسرتها، وأن تحسب زمان بلوغها من زمان مجيء عادة بنات قريباتها أو بنات أسرتها،

وقد تبنى هذا الرأي: الشيخ محمد إبراهيم الجناتي[18]؛ السيد محمد الموسوي البجنوردي[19]؛ السيد محمد علي أيازي[20]؛ الشيخ أحمد عابديني[21]؛ الشيخ مهدي مهريزي[22]؛ السيد محمد جواد الغروي الاصفهاني[23].

النظرية الخامسة: والتي تقول بأن البلوغ يختلف باختلاف التكاليف. فأفتى الفيض الكاشاني بأنها تكلف بالصوم بإكمال الثالثة عشرة إلا إذا حاضت قبل ذلك، وبالنسبة لسائر العبادات والحدود إما بإكمال التاسعة أو بإكمال العاشرة[24]. وكذلك أفتى الشيخ محمد الصادقي الطهراني بأنها تكلف بالصوم بإكمال الثالثة عشرة، وبالصلاة بإكمال العاشرة[25].

ويظهر من الشيخ الصدوق، والشيخ المفيد، والسيد المرتضى التفريق بين آثار البلوغ، وعدم العبرة في وجوب الصوم والحجاب إلا بالحيض دون العلامات الأخرى، لكن هذا لا يعني أنهم لا يرون بلوغ الجارية تسع سنين بلوغاً مطلقاً، وإنما ذلك خاص بالصوم أو بمطلق العبادات، وأما في غيرها فإنّهم يتبنون روايات التسع في انقطاع يتم الجارية وجواز الدخول بها وإقامة الحد عليها أو لها[26].

وكلمة أخيرة… هذا الاختلاف ناشئ من وجود روايات في المقام اعتمد عليها الفقهاء، أما الرأي الأول فقد اعتمد أيضاً على المشهور بينهم.

ورغم أن الفقهاء يختلفون حول سن بلوغ الأنثى، إلا أنهم يوصون الأسر بتشجيع بناتها على الالتزام بالمهم من أحكام الشريعة، وخاصة الحجاب والصلاة، منذ بلوغهن 9 سنوات قمرية، تهيئة لهن، دون إرهاق أو إضرار بهن. لكن لا يجوز أمرهن في المعاملات والمعاوضات ولا يقام عليهن الحدّ قبل الحيض أو إتمام ثلاث عشرة سنة، فالاحتياط يختلف باختلاف موارده، فتدبّر.

الهوامش

[1] الطوسي، المبسوط، ج1، ص266.
[2] ابن حمزة، الوسيلة، ص137.
[3] الحلي، شرائع الإسلام، ج1، ص153.
[4] الراوندي، فقه القرآن، ج2، ص73.
[5] السيد محمد الصدر، ما وراء الفقه، ج2، ص186.
[6] الشيخ فاضل البديري، الشفاء في أحكام الشريعة السمحاء، المكلّف، مسألة14.
[7] الشيخ يوسف الصانعي، بلوغ البنات، ص8.
[8] الشيخ الشاخوري، آية الله العظمى فضل الله وحركية العقل الإجتهادي، ص94.
[9] الشيخ اليعقوبي، سبل السلام، ص19.
[10] السيد حسيني نسب، رساله عمليه، سن تكليف، مسأله2.
[11] الشيخ بري، مسائل الفقه العملي، ص74.
[12] الشيخ المحقق الكابلي، استفتائات جديد، ج3، ص26.
[13] الشيخ حسن عطوان، بلوغ البنت في فقه الإمامية، ص89.
[14] السيد محمد حسين فضل الله، المسائل الفقهية، ص12.
15]- الشيخ رضا حق پناه، العلامة الشيخ محمد هادي معرفت – دراسة في منهجه ونظرياته الفقهيّة: https://goo.gl/mw9p7g
[16] الشيخ الشاخوري، آية الله العظمى فضل الله وحركية العقل الإجتهادي، هامش ص95.
[17] السيد محمد تقي المدرسي، الإستفتاءات، ج2، ص49.
[18] الشيخ الجناتي، فقه وزمان، ص115.
[19] الشيخ مهدي مهريزي، بلوغ دختران، ص259.
[20] نقلاً عن قناة سماحته الرسمية على التليغرام: https://telegram.me/hadisevahy
[21] نقلاً عن قناة سماحته الرسمية على التليغرام: https://telegram.me/ostadahmadabedini
[22] الشيخ مهدي مهريزي، بلوغ دختران، ص197.
[23] الشيخ مهدي مهريزي، بلوغ دختران، ص220.
[24] الكاشاني، مفاتيح الشرائع، ج3، ص187.
[25] الشيخ الصادقي الطهراني، توضيح المسائل نوين، ص36.
[26] الشيخ حسن حسين البشيري، بلوغ الأنثى – دراسة استدلالية جديدة في علامات البلوغ: https://goo.gl/7b7Gs1

المصدر: إضاءات عقائدية وفقهية على فكر العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky