خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 44 حوار خاص / رواية حول الاستقلال الفكري والشخصية المستقلة لآية الله السيد مصطفى الخميني
السيد مصطفى الخميني

رواية حول الاستقلال الفكري والشخصية المستقلة لآية الله السيد مصطفى الخميني

خاص الاجتهاد: في حوار جديد مع السيد حميد روحاني، تم رسم صورة لآية الله السيد مصطفى الخميني، النجل الأكبر للإمام الخميني (قدس سره)، بوصفه شخصية مستقلة، وفقيهاً عميق التفكير، ومناضلاً ذا إرادة صلبة.

وبحسب تقرير الاجتهاد، لم تكن هوية آية الله السيد مصطفى الخميني مقتصرة على كونه مجرد «نجل الإمام»؛ فقد كان شخصية متعددة الأبعاد، ذات آراء مستقلة في الفقه والسياسة، ولعب دوراً مؤثراً في سنوات الجهاد والنضال والنفي. واليوم، وبعد مرور عقود، تكشف الروايات المباشرة من رفقاء تلك المرحلة الستار عن جوانب خفية ومثيرة للاهتمام من حياته وفكره، مما يعزز التكهنات حول رحيله المشكوك فيه.

وما يلي هو تحليل وتدقيق لهذه الروايات بناءً على حوار أجراه “مركز وثائق الثورة الإسلامية” مع السيد حميد روحاني، وهو مؤرخ الثورة الإسلامية ومن الملازمين والمرافقين للإمام الخميني في فترة النفي:

الشخصية الفقهية والسياسية والثقافية المستقلة لآية الله السيد مصطفى الخميني

استهل السيد روحاني حديثه بالتأكيد على استقلالية شخصية الآقا مصطفى الخميني، مبينا: كان الآقا مصطفى الخميني شخصية تتمتع باستقلال فقهي وسياسي وثقافي خاص، بمعزل عن كونه نجل مؤسس الجمهورية الإسلامية. وإذا ما اعتبرنا السيد أحمد [الحاج أحمد الخميني] واقعا تحت ظل والده إلى حد كبير، فيبدو أن مصطفى كان يتمتع بشخصية أكثر استقلالا من أخيه.

تعامله مع العلماء والحوزة في النجف؛ استقلالية الرأي وانقطاع العلاقة مع آية الله الخوئي

وردا على سؤال حول كيفية تعامل الآقا مصطفى مع سائر العلماء في النجف الأشرف، ذكر أن أولى سماته هي “استقلال النظر وكونه صاحب رأي”، قائلا: لم يكن الآقا مصطفى متأثرا بالإمام بشكل كامل، ولا بسائر علماء العصر البارزين. كان يورد اشكالات على الإمام في الدرس، وكانت له خلافات في بعض المسائل مع علماء ذلك الوقت، حتى أنه في السنوات الأخيرة من حياته كان له اختلاف في الرأي في المسائل السياسية والفقهية مع المرحوم آية الله الخوئي والحكيم.

وأشار روحاني إلى خلفية انقطاع هذه العلاقة ووضح: حدث هذا بعد رد آية الله الخوئي على الحكومة العراقية. سئل آية الله الخوئي عما إذا كان سلوك الحكومة العراقية تجاه الإيرانيين غير مقبول؟ فأجاب آية الله الخوئي بأن سلوك “الدولة العراقية الوقورة” مقبول؛ حينها قال الحاج الآقا مصطفى: لن تكون لي صلة به ما لم تكذب هذه التصريحات.

وأضاف مؤرخ الثورة هذا: لربما بسبب هذا الاستياء من جانب الآقا مصطفى، اقترح الإمام أن يتولى آية الله الخوئي الصلاة على جثمان الآقا مصطفى لرفع هذ التّعكّر وسوء التفاهم

نقد مناهج علماء النجف؛ موقف أكثر راديكالية من الإمام الخميني

تطرق روحاني إلى انتقادات آقا مصطفى الخميني لسائر العلماء، ومنهم آية الله السيد محسن الحكيم، فقال: عندما دخلت الحكومة العراقية في صراع مع آية الله الحكيم ومارست عليه الضغط، كان آقا مصطفى يصرّ على أن يقف آية الله الخوئي وآية الله الحكيم في وجه الحكومة العراقية ويُظهروا رد فعل. كان يقترح عليهما أن يأخذا خطر حزب البعث العراقي ومخططاته على محمل الجد. لكن آية الله الحكيم كان يصرّ على نقطة “أنا لا أريد أن تسفك الدماء”، ولهذا السبب لم يدخل معهم في صدام. هذا في حين كان آقا مصطفى يعتقد أنه (الحكيم) كان يجب أن يقف في وجههم، بل وأن يُحرِّك العشائر العربية ويُسقط الحكومة العراقية. بعبارة أخرى، كان موقف آقا مصطفى أكثر راديكالية مقارنة بالآخرين.

وبمقارنة موقفه بالإمام الخميني، أضاف: ربما لم يكن لدى آقا مصطفى ذلك البُعد النظر والتدبير الكامل الذي كان لدى الإمام الخميني. فاقتراحه على آية الله الحكيم في جو النجف آنذاك كان من الممكن أن تكون له عواقب دموية. ورغم أن حكومة البعث أقامت لاحقاً حمام دم، إلا أن آقا مصطفى كان يعتقد أنه لو كان آية الله الحكيم قد قام بالتحرك، لما حدث هذا المقدار من سفك الدماء.

اختلافات فقهية وسياسية مع الإمام الخميني
ورداً على سؤال حول الرؤية الفقهية لآقا مصطفى، قال روحاني: كانت هناك اختلافات نظرية كثيرة بينه وبين الإمام الخميني.

الاختلاف حول التعامل مع سلطة الشاه: على سبيل المثال، كان رأي آقا مصطفى هو وجوب تحريم التعامل مع حكومة الشاه، بينما كان الإمام الخميني يعلم أن مثل هذا الإجراء لن يؤدي إلى نتيجة. كان الإمام يعتقد أنه ما دمنا لا نستطيع إقامة حكومة الحق، فيجب علينا مسايرة هذه الحكومة في الوقت الحالي. أما الحاج آقا مصطفى فكان يعتبر الحكومة غاصبة ومغتصبة للسلطة ويُعارض أي شكل من أشكال التعامل معها. “يبدو أن رؤية الإمام كانت أكثر واقعية.”

الاعتقاد بالكفاح المسلح والتشاؤم من “مجاهدي خلق”: تطرق روحاني إلى اختلاف وجهات النظر بين الإمام وآقا مصطفى حول الكفاح المسلح: كان الآقا مصطفى يؤمن بالتحركات المسلحة، لكن الإمام لم يكن مؤمناً بها.

الموقف من الجماعات اليسارية و”مجاهدي خلق”: فيما يتعلق برأيه في الجماعات اليسارية ومنظمة مجاهدي خلق، قال روحاني: آقا مصطفى كان متشككاً تجاه هذه الجماعات، بل وظهر لديه هذا التشاؤم أبكر من الإمام. وفي الوقت نفسه، أشار إلى أسلوب التعامل الحسن لآقا مصطفى: مع ذلك، كان يتواصل مع مختلف الأفراد، ومنهم أعضاء الجبهة الوطنية ومجاهدي خلق، وكان يستمع إلى آرائهم. ولكنه كان مختلفاً في موقفه من الشيوعية؛ حيث كان لديه موقف حازم للغاية ضدها.

رأيه في الدكتور علي شريعتي: عبّر عن رأي الآقا مصطفى في الدكتور علي شريعتي على النحو التالي: كان مخالفاً لأفكار شريعتي. ولم يكن موافقاً أيضاً على كتاب ‘الشهيد الخالد’ (شهيد جاويد). ومع ذلك، إذا أتى إليه أي شخص، لم يكن يرفضه وكان يستمع إلى حديثه.

إدارة ‘بيت الإمام’ والتواصل مع الشخصيات (الدينية)

رداً على سؤال عما إذا كان آقا مصطفى يتولى إدارة “مكتب الإمام” في النجف، أجاب روحاني بالنفي قائلاً: لا، لم يكن مسؤولاً عن مثل هذه المهمة، وأساساً لم يكن يرى هذا العمل مناسباً لمكانته.

علاقته بـ ‘الشهيد’ آية الله السيد محمد باقر الصدر والإمام موسى الصدر: قال روحاني عن علاقته بالشهيد الصدر: لم تكن علاقته به وثيقة. أما فيما يخص الإمام موسى الصدر، فقد: بذل جهداً كبيراً لتحريضه على مقارعة الشاه، وكان يعتقد أن لديه (موسى الصدر) إمكانيات إعلامية وقدرات كبيرة في لبنان. لكن بدا أن موسى الصدر لا يمتلك روح الكفاح المسلح، وكان آقا مصطفى مستاءً من هذا الأمر.

مميزات التدريس في حوزة النجف: أشار روحاني إلى أسلوب تدريس الآقا مصطفى العميق والفريد: كان أسلوبه في التدريس عميقاً جداً وتحقيقياً بحثياً. وخلافاً لآية الله الخوئي الذي كان عادةً يدرِّس بأسلوب مبسط من على متن الكتاب، كان الآقا مصطفى يدرِّس بطريقة تحليلية ونقدية. كان يطرح آراء العلماء مثل آية الله الخوئي وآية الله الحكيم وحتى الإمام، ثم يقوم بنقدها، وفي النهاية يعرض رأيه الخاص. “تُظهر هذه المنهجية روح البحث والتحقيق العميق لديه.”

طبيعة الآقا مصطفى وسلوكه

ووصف راوي الثورة الإسلامية هذا الآقا مصطفى بأنه إنسان اجتماعي ومَرِح، وعن سلوكه الاجتماعي قال: على الرغم من مقامه العلمي الرفيع واجتهاده، كان بشوشاً ولطيف المعشر جداً. هناك حكاية مفادها أنهم قرروا ذات يوم الذهاب سيراً على الأقدام إلى كربلاء مع مجموعة. وخلال الطريق استراحوا في الصحراء، وقام مازحاً بإخبار بعض الأشخاص أن يخطفوا البرتقالات من أصدقائهم، وهي برتقالات كان قد دفع المال لبعض أصدقائه لشرائها! أما في مواجهته للإمام (الخميني)، فكان يتعامل باحترام كبير ويراعي الأدب.

وأشار روحاني إلى إتقان الآقا مصطفى للغة العربية ونوّه إلى أنه: كان يدرِّس باللغة الفارسية في مسجد الشيخ الأنصاري (مسجد الأتراك)، حيث كان الإيرانيون عادةً يحضرون، ولكنه كان مُتضلعاً في اللغة العربية أيضاً. وعندما أُخذ للقاء أحمد حسن البكر، رئيس جمهورية العراق آنذاك، كان يرد عليه بالعربية حتى قبل أن يتحدث المترجم. وتحدث عن لقائه مع أحمد حسن البكر قائلاً: كان أحمد حسن البكر يتوقع من الإمام وآقا مصطفى أن يتعاونا مع الحكومة العراقية ضد الشاه.

ردّ الإمام قائلاً: اختلافنا مع الشاه هو اختلاف عقائدي، أما اختلافكم أنتم فـسياسي؛ اليوم أنتم متخاصمون وغداً تتصالحون. واتخذ الآقا مصطفى الموقف نفسه. وعندما ادعى البكر أن اختلافهم مع الشاه هو أيضاً عقائدي، تحدى آقا مصطفى ادعاءه بذكاء من خلال تلاوة بيت من الشعر.

حول رحيل الآقا مصطفى؛ شواهد واحتمالات

تطرق روحاني في الجزء الأخير من المقابلة إلى قضية رحيل الآقا مصطفى وإلى الغموض الذي يكتنف هذه القضية. وفي معرض إشارته إلى كثرة “الأقاويل والجدل” حول كيفية وفاته، ذكر عدة نقاط:

تحذير قبل شهر واحد: قبل حوالي شهر من وفاة الآقا مصطفى، جرى تحذيره في منزل أحد العلماء، وهو السيد الجزائري، بأن هناك نية لاغتياله. لكن لم يأخذ أحد هذا التحذير على محمل الجد في ذلك الوقت.

وجود أشخاص مشبوهين: في الليلة التي سبقت الوفاة، ذهب أشخاص مشبوهون إلى منزله. وبعد ذلك، عندما وجد الأفراد جثمان آقا مصطفى في الصباح، لاحظوا وجود صينية شاي في الغرفة، ويبدو أنه هو نفسه قد شرب من هذا الشاي.

رفض الإمام للتشريح: بعد نقله إلى المستشفى، اقترح الأطباء إجراء تشريح للجثة، لكن الإمام الخميني رفض ذلك وقال: لنفترض أننا حصلنا على دليل، فما الذي يمكننا فعله؟…”.

ضعف الوثائق حول الآقا مصطفى في الأرشيفات

رداً على السؤال حول سبب وجود تقارير قليلة ومنخفضة المستوى، ومن الساواك (جهاز الأمن القومي الإيراني) فقط، بخصوص آقا مصطفى في وثائق “مركز وثائق الثورة الإسلامية” أو الأرشيفات الأخرى، قال حجة الإسلام روحاني:

فقدان وثائق البلاط الملكي: يبدو أن جزءاً من الوثائق يتعلق بوثائق البلاط الملكي (الشاه) وقد اختفى. وفي بعض الوثائق القليلة المتبقية من البلاط، أُشير إلى أن الشاه أصدر أمر بإسكات صوت الإمام.

غموض وثائق نفي الإمام: وأشار في الختام إلى أهمية الوثائق المتعلقة بقضية نفي الإمام الخميني من العراق، قائلاً: نفي الإمام إلى بلد آخر لم يكن مسألة بسيطة لتُجرى دون أي مراسلات وتنسيق مع الدولة المُرسَل إليها. من المؤكد أن مثل هذا الإجراء كان يجب أن يترك وثائق ومستندات مهمة من جانب البلاط، لكن مصيرها مجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *