الاجتهاد: صدر حديثاً عن دار المحجة البيضاء كتاب ” رسالة في عبادية المشي ويليه رسالة في ثواب زيارة الأربعين” لسماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله. تجدونه في دار المحجة البيضاء و حوزة الثقلين العلمية في بيروت.
فقد كثر الحديث في أيامنا هذه عن مشروعية المشي إلى کربلاء، خصوصا بعد تعاظم عدد المشاة حتى أصبح بالملايين، حتى ادعي عدم وجود دليل على ذلك، بل قد ادعي عدم مشروعيته أو عدم ثبوت ثواب زيارة الأربعين، بل انکار ذلك في كل المسيرات إلى المراقد المقدسة أو غيرها .
وبناء على طلب بعض الأخوة الفضلاء بحثنا في المسألة، ووصلت بناء على الأدلة الشرعية وبحسب القواعد المتبعة في علم الأصول وعلم الرجال وغيرهما من العلوم التي تحتاجها في عملية الاستنباط إلى ثبوت العبادية للمشي إلى الغايات الشريفة بل مطلقا، وإلى ثبوت الثواب في زيارة الأربعين.
ثبوت الثواب في زيارة الأربعين
الروايات الواردة في زيارة الأربعين بحسب اطلاعنا :
الرواية الأولى:
ما في المزار: (۲۳) باب فضل زيارة الأربعين: ح ۱- روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري “عليهما السلام” أنه قال: علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدي والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (1).
الرواية ضعيفة سندا بالإرسال.
الرواية الثانية
ما في بحار الانوار: وقال عطا: كنت مع جابر بن عبد الله يوم العشرين من صفر فلمّا وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها ولبس قميصا “كان معه طاهرا “، ثم قال لي: أمعك شيء من الطيب يا عطا ؟ قلت: معي سعد، فجعل منه على رأسه و سایر جسده، ثم مشي حافيا ” حتى وقف عند رأس الحسين “عليه السلام” وكير ثلاثا ” ثم خر مغشيا عليه فلما أفاق سمعته يقول:
السلام عليكم يا آل الله، السلام عليكم يا صفوة الله، ….. (2).
الرواية الثالثة:
ما في وسائل الشيعة: ح ۲ – وعن جماعة عن التلعکبري (ثقة)، عن محمد بن علي بن معمر، عن علي بن محمد بن مسعدة، والحسن بن علي بن فضال (ثقة)، عن سعدان بن مسلم (ثقة)، عن صفوان الجمال (ثقة) قال :
قال لي مولاي الصادق “عليه السلام” في زيارة الأربعين تزور ارتفاع النهار وتقول: السلام على ولي الله وحبيبه… وذكر الزيارة ” إلى أن قال: ” وتصلي ركعتين، وتدعو بما أحببت وتتصرف. وفي ( المصباح ) بهذا الاستاد مثله. وروى الذي قبله مرسلا أيضا (3).
من حيث السند فإن فيه محمد بن علي بن معمر، ولم تثبت وثاقته عندي، وإن كان فيه عدة مزايا تقرّبه من الوثاقة بل الجلالة، فقد كان شيخ إجازة وغير ذلك.
وبالتالي فمن ثبتت عنده وثاقة محمد بن على بن معمر صحَّ السند عنده وتمت مشروعية زيارة الأربعين.
وأما من لم تثبت عنده وثاقته فيثبت عنده ثواب زيارة الأربعين بقاعدة ” من بلغه ” وهي قاعدة ثابتة بروایات صحيحة، وقد وقع الخلاف فيها: هل تثبت استحبابا أو يثبت مجرد الثواب؟
فمن قال بإثبات الاستحباب فيها ذهب إلى جعل الاستحباب لزيارة الأربعين، وأما من قال بعدم ثبوت الجعل فيها وثبوت مجرد الثواب – كما نذهب إليه – فانه يقول يثبوت ثواب زيارة الأربعين
والنتيجة: الثواب على زيارة الحسين “عليه السلام” في العشرين من صفر بعنوان الأربعين، أو بعنوان العشرين من صفر ثابت، بغض النظر عن ثبوت الثواب على زيارة الحسين مطلقا.
النتيجة: إن المشي بمختلف العناوين التي مرت صالح لكونه عبادة، وذلك باعتبار الشارع لصلوحه للعبادة كما بيّنا، فإذا أُتي به على نحو تعبدي أي بقصد الخضوع والخشوع كان عبادةً فعلًا.
الهوامش
1- المزار الشيخ المفيد، پ ۲۳، ج ۱، ص ۵۳، ومصباح المتهجد : 551 ،عنه الوسائل: 3 / 42 ح 29 والبحار: 82/ 292 ح 21، و ج 85 / ۷۵ ح ۱۷، وفي مصباح الزائر : 347، والمزار الكبير: 143 ح 178 بالإسناد إلى أبي هاشم الجعفري. وأورده في روضة الواعظين: 234، ومصباح الكفعمي: 489 (حاشية)، ورواد في التهذيب:6 / 52 ح ۳۷ وفيه: ( صلاة الخمسين )، عنه الوسائل: 3 / ۳۹۶ ح 1 وج ۱۰/ ۳۷۳ ح۱، والبحار: 101 / ۱۰۶ح17، وجامع الأحاديث: ۲/ ۳۶ ح ۲۵ .
2- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 8، ح ۱، ص ۳۲۹
3- وسائل الشيعة (الإسلامية)، الحر العاملي، ج۱۰، ح ۲، ص ۳۷۳
فهرس المحتويات