الاجتهاد: إن الحلقات الثلاث لكتاب ” دروس في علم الأصول ” تمثل منهجاً واحداً يستوعب كل واحد منها مباحث علم الاصول بكاملها ولكنها تختلف في مستوى البحث كيفاً وكماً وتتدرج مباحث هذه الحلقات بطرح مسائل علم الاصول بشكل يتناسب وقابلية الطالب وتفادي تحميله ما يفوق قابلياته وقدراته في كل مرحلة من المراحل.
مقتطف من كتاب محمد باقر الصّدر حياة حافلة..فكر خلاق لمحمد السيد طاهر الياسري الحسيني*
لقد كان الشهيد الصدر يرفض حالة الجمود والركود واعتياد الاساليب القديمة (التي أكل الدهر عليها وشرب) حتى أنه كان يسمي هذه النزعة الاستصحابية، أي أستصحاب الوسائل القديمة والنفور من طابع التجديد في كل شيء. وفي محاشرة له أكد تذمره من هذه النزعة إذ يقول : ” لابد لنا من أن نتحرر من النزعة الاستصحابية من نزعة التمسك بما كان حرفياً بالنسبة إلى كل اساليب العمل.
هذه النوعة التي تبلغ القمة عند بعضنا، حتى إن كتاباً دراسياً مثلاً – أمثل بأبسط الأمثلة –إذا أريد تغييره إلى كتاب دراسي آخر افضل منه حينئذ تقف هذه النزعة الاستصحابية في مقابل ذلك. إذا أريد تغيير كتاب بكتاب آخر في مجال التدريس، وهذ أضأل مظاهر لاتغيير- حينئذ يقال لا ، ليس الأمر هكذا بل لابد من الوقوف، لابد من الثبات والاستمرار على نفس الكتاب الذي كان يدرس فيه الشيخ الأنصاري أو المحقق القمي”.
نعم إن هذه النزعة هي التي عطلت الطاقات العظيمة وهدرت الإمكانيات الهائلة كتطوير الفكر والحركة العلمية حتى نقل إن السيد المجدد الشيرازي الذي يعتبر من أعاظم الفقهاء لم يترك كتاباً، وقد سئل عن ذلك فقال، بعد الرسائل والمكاسب لا ينبغي لأحد تأليف كتاب في الفقه والأصول، ولذا أمر بإلقاء كل ما كتبه من بحوثه العلمية وآراءه القيمة ونظرياته الصائبة في نهر دجلة.
ومن هذا الواقع إنطلق السيد الشهيد ليغير ويشجع على التغيير في أساليب العمل الإسلامي، بل حتى في وضع المناهج الدراسية في جامعات الفقه فلجأ إلى تغيير منهاج علم الأصول وبكل جرأة فكان إنقلاباً ضجر منه اصحاب الدعة والراحة وممن ليس فيهم قابلية التغيير الذين يبررون ركودهم وجمودهم بحفظ ما كان وإبقائه.
وهكذا كتب السيد الشهيد( دروس في علم الأصول ) في ثلاث حلقات. ويقع في أربعة أجزاء أعده لطلبة ما يسمى (بطلبة السطوح) أي قبل مرحلة الدراسات العليا التي تسمح (البحث الخارج).
وقد كان بعض العلماء من تلاميذه يدفع السيد للإسراع في إنجاز المشروع، فكتبه وأنجزه في ما يقرب من ثلاثة أشهر أو ما يزيد عليها، وكان من هؤلاء العلماء تلميذه (السيد عبدالغني الأردبيلي) الذي كان له الدور الكبير في حث السيد الشهيد على إنجازه، كما صرح بذلك الشهيد نفسه.
ليكون هذا الكتاب منهاجاً في حوزته( مدرسته الفقهية) الفتية التي أسسها في أردبيل بعد هجرته إلى إيران. بيد أنه توفي قبل نيل مراده وصدر الكتاب بعد وفاته فأهدى الشهيد كتابه هذا إلى روح تلميذه.
وانطلق السيد الشهيد في ثورته المنهجية والطرح العلمي المتجانس لا لرغبة في نفسه لوضع منهج في علم الأصول. وهو الذي لا يكتب إلا لملء الفراغ وبدافع إشباع الحاجة، بل لتوفر المبررات الموضوعية التي لا يختلف فيها إثنان.
وقد أوضح السيد الشهيد هذه المبررات التي دعته إلى إستبدال الكتب الاصولية القديمة بما وضعه من منهج علمي جديد وذلك في مقدمة كتابه دروس في علم الأصول، نذكرها بإختصار وتلخيص لأهميتها علمياً وتاريخياً.
المبرر الأول: إن الكتب الدراسية القديمة (المعالم، القوانيين، الرسائل، الكفاية) تمثل مراحل مختلفة من مراحل الفكر الأصولي، فالمعالم تعبر عن مرحلة قديمة تاريخياً من مراحل علم الأصول، والقوانين تمثل مرحلة أعلى من سابقتها، بينما كانت الوسائل والكفاية نتاجاً أصولياً يعود لما قبل مائة سنة تقريباً.
وقد حصل علم الأصول بعد الرسائل والكفاية على خبرة مائة سنة تقريباً من البحث والتحقيق على يد أجيال متعاقبة من العلماء المجددين، وهذه المئة جديرة بإفرازات علمية جليلة، وتطورات جديدة في طريقة البحث في جملة من المسائل الأصولية وإستحداث مصطلحات حديثة تبعاً لهذه الطفرة العلمية خلال المائة عام.
أليس من الحق أن تنال هذه التطورات والإفرازات إهتماماً أكبر ليكون الطالب قد إستوعب أفكارها ومصطلحاتها الحديثة بينما يقف الطالب متحيراً في البحث الخارج لهول سماعها لأول مرة دون أن تطرق ذهنه في تلك الكتب الدراسية القديمة التي تتعامل معه بلغة ما قبل مائة عام. فهناك فاصل معنوي بين أبحاث الخارج التي تمثل التطور الذي هو حصيلة المائة سنة الأخيرة وبين تلك الكتب الدراسية.
ويؤكد السيد الشهيد هذا بشاهد يذكره على سبيل المثال لما إستجد من مطالب ومن هذه المطالب أفكار باب التزاحم ومسلك جعل الطريقية الذي شاده الميرزا النائيني، والمسائل المتفرعة عليه في مسائل قيام الإمارات مقام القطع الموضوعي، وحكومة الإمارات على الأصول ورفع قاعدة قبح العقاب بلا بيان بجعل الحجية.
وفكرة جعل الحكم بنحو القضية الحقيقية بآثارها الممتدة في كثير من أبحاث علم الاصول، كبحث الواجب المشروط، والشرط المتأخر، والواجب المعلق، وأخذ العلم بالحكم في موضوع الحكم، والوجه الجديد لبحث المعاني الحرفية التي يختلف اختلافاً أساسياً عن الصورة الغريبة التي تخلفها آراء صاحب الكفاية في ذهن الطالب.
نعم ، إن الفكر الأصولي قد تطور بعد الشيخ الأنصاري والآخوند الخراساني على يد أساطين الأصول كالميرزا النائيني والشيخ آقا ضياء العراقي والسيد الخوئي والأصفهاني والسيد الشهيد الصدر، وأصبح في مرحلة متميزة عن المراحل السابقة في صياغة النظريات الأصولية المختلفة ولغتها واصطلاحاتها فلابد من تعرف الطالب على هذه النظريات والمصطلحات كي لا يفاجأ في الدراسات العليا بنظريات أصولية مختلفة تماماُ عما درسه، وبلغة مختلفة ومصطلحات متباينة. وهذا ما يستدعي وضع كتاب يمثل هذه المرحلة ، وكان هذا هو المبرر الأول الذي دفع السيد لوضع هذا المنهج الدراسي الجديد.
المبرر الثاني: إن هذه الكتب الأربعة لم يكن يهدف مصنفوها بتأليفها أن تكون كتباً دراسية بل كانت تعبر عن افكارهم، ولهذا لم يكن في حسبانهم الطالب المبتدئ والذي يسير خطوة خطوة، وإنما كانو يهدفون إلى أقناع خصومهم في المسائل المختلف عليها، ولذلك غالباً ما يستعرض مصنفوها خطوات الاستدلال بشكل غير متكامل وتحذف منه بعض الحلقات في الأثناء أو البداية لوضوحها لدى العلماء..
وعليه فلم يراع في هذه الكتب توفير فهم مسبق عند الطالب للمسائل والقواعد التي يستعين بها الطالب لهضم المادة ومعرفة تسلسل البرهان والدليل.
وقد أوضح السيد الشهيد هذه الحقيقة ودعمها بعدد غير قليل من الشواهد والأمثلة في مختلف الأبحاث الأصولية من هذه الكتب الأربعة.
المبرر الثالث: وهو من افرازات المبرر الثاني الذي تمثل في كون غرض هذه الكتب يعبر عن أفكار مصنفيها للرد على خصومهم ومن أجل إقناعهم! وعليه فهي فاقدة لغرض أساسي في طريقة التدريس، ويتمثل هذا الغرض في طريقة إعداد الطالب بشكل متجانس وبتنسيق دقيق بين عدة مراحل من دراسته، فلابد في البداية من تكوين ثقافة عامة، ثم الانتقال به إلى مرحلة أعلى منها وبشكل تدريجي إلى بحث الخارج.
المبرر الرابع: الطريقة الموروثة تأريخياً في عناوين المسائل الأصولية التي لم تعد تعبر عن الواقع تعبيراً صحيحاً، لأن ابحاث الأصول وصلت القمة، وأبرز التطور الأصولي عناوين جديدة لم تكن بالأمس، بينما كانت بعض هذه المسائل يبحث تحت عناويين ربما تكون هي أهم من المسائل صاحبة العنوان.
هذه المبررات التي دعت السيد الشهيد لاستبدال الكتب القديمة بما وضعه من فهم جديد في علم الأصول.
ولم يكن بوسع السيد الشهيد أن يقبل بعمليات الترقيع والتلفيق في المناهج من القديم والحديث، فهو يصبو إلى عملية انقلابية تهدف إلى التغيير بشكل كامل وجذري، ولذلك رفض السيد الشهيد المحاولات الإصلاحية التي قام بها بعض العلماء الاجلاء وبالخصوص محاولة الشيخ محمد رضا المظفر في كتاب أصول الفقه.
ورغم حداثة(أصول المظفر) وجهوده الجبارة في هذا المضمار يرى السيد الشهيد عدم نجاح هذه المحاولة، ويبدي عليها بعض الملاحظات مع أنه يعتبرها أكثر المحاولات استقلالية واصالة.
والملاحظات التي أبداها السيد الشهيد باختصار هي:
1- إن كتاب أصول الفقه لا يمكن أن يقتصر عليه في مرحلة السطوح ( وهي مرحلة ما قبل الدراسات العليا) لأنه حلقة وسيطة بين المعالم وكتبي الكفاية والرسائل. ومع أن الشيخ المظفر قد ضمن كتابه بأفكار حديثة مستقاة من مدرسة النائيني والمحقق الأصفهاني بيد أنها لا تفي بالغرض، لأن الطالب يقرأ المعالم التي تمثل مرحلة قديمة لعلم الأصول ثم ينتقل فجأة وبقدرة قادر كما يعبر السيد الشهيد ليقرأ الأفكار الحديثة السالفة الذكر ثم يعود القهقرى ليقرأ أفكار الكفاية والرسائل التي نوقشت واستبدلت جملة منها بأفكار أمتن في كتاب اصول الفقه.
2- إن بحوث الكتاب لا تعبر عن مستوى واحد من العطاء كيفاً وكماً، فيعمد المظفر على الإطناب في بعض المباحث بينما يوجز في مباحث أخرى، بل يرى السيد الشهيد أن لا تنسيق بين بحوثه وبين بحوث الكفاية التي فرض منهجياً أن تكون بعده في الخط الدراسي.
وبعد كل هذه الاعتراضات والملاحظات التي سجلها السيد الشهيد على الكتب الدراسية القديم منها والحديث، ما هي ميزات الحلقات التي كتبها واراد لها أن تحل محل الكتب الاربعة وما استجد بعدها، فلا يسعنا الا ان نقرأ ما كتبه السيد الشهيد في مقدمة كتابه ( دروس في علم الأصول ) لنرى الفرق والبون بين هذه وتلك.
أولاً: من الاعتراضات التي أوردها السيد الصدر على الكتب الاربعة أنها لا تصلح اليوم لئن تكون مرجعاً في التدريس وهي تمثل مرحلة تاريخية تتفاوت قدماُ.
وقد ظهرت نظريات جديدة ومصطلحات حديثة غيرت مجرى الفكر الأصولي، لذلك كان هدف السيد الشهيد طرح هذه النظريات الجديدة التي تمثل آخر مرحلة من مراحل تطور الفكر الأصولي، وإن لم تكن هذه النظريات صحيحة في نظر السيد الشهيد، لأن الغاية من كتابه المنهج الجديد( دروس في علم الأصول ) أو ما يسمى بـ (الحلقات الثلاث) اختصاراً – هي إعداد الطالب وتمرينه على الممارسة الفنية لتلك الأفكار فتطرح أحياناً أفكاراً غير صحيحة ليطرح من خلالها عرض النظريات الصحيحة عند مناقشة هذه النظريات القديمة.
ثانياً: إن الحلقات الثلاث من كتاب دروس في علم الأصول تمثل منهجاً واحداً يستوعب كل واحد منها مباحث علم الاصول بكاملها ولكنها تختلف في مستوى البحث كيفاً وكماً وتتدرج مباحث هذه الحلقات بطرح مسائل علم الاصول بشكل يتناسب وقابلية الطالب وتفادي تحميله ما يفوق قابلياته وقدراته في كل مرحلة من المراحل.
فبينما تمثل الحلقة الأولى مقدمة وتمهيداً لمسيرة الطالب العلمية، تمثل المرحلة الثانية أعلى من سابقتها، بينما تنقسم الحلقة الثالثة إلى جزئين يمثل الجزء الثاني منها مرحلة عالية جداً تؤهل الطالب لحضور البحث الخارج(الدراسات العليا).
وبهذه الميزة التي تتوفر عليها الحلقات الثلاث تنفرد بها عن الكتب الأصولية الأخرى .
ثالثاً: وقد تجاوزت الحلقات الثلاث ما اعترض على الكتب الاربعة من الطابع الموروث تأريخياً للمسائل الأصولية، فأبرزت المسائل بعناوين مناسبة مستجدة تناسب التطور الذي مر به علم الأصول، إضافة إلى عدول السيد الشهيد (قده) عن تصنيف المسائل الأصولية إلى مجموعتين أو ما يسمى التصنيف الرباعي، فعوضاً عن تقسيم المسائل الأصولية إلى مباحث الألفاظ والأدلة العقلية قسم الشهيد مسائله إلى مباحث الأدلة ومباحث الأصول العملية، ويظهر أن السيد الصدر إنما عمد إلى هذا التقسیم، لانه يناسب عملية الاستنباط التي يمارسها الفقيه والتي تشتمل على مرحلتين مترتبتين طولياً وهي الأدلة والأصول، فبعد أن يفقد الفقيه الدليل يعمد إلى البحث عن الأصول.
رابعاً: استعرضت الحلقات مسائل الأصول مبتدأة باليسير وتنتهي بالمعقد من هذه المسائل وتدرجت في عرضها ، بحيث لا تعرض مسألة إلا بعد أن تكون قد استوفت كل ما له دخل في تحديد التصورات العامة فيها.
خامساً: ومن أجل ذلك كله فإن الشهيد الصدر لم يتعرض في المسائل التي بحثها لكل أدلتها من روايات وآيات إلا بقدر مايستدعيه الطرح العلمي، لأن عرض الأدلة كلها ليس من هدف الحلقات، وإنما يلزم ذلك في البحث الخارج أو الكتب المعدة لتكويين الآراء النهائية، فيلتزم المؤلف باستعرض الادلة كلها.
سادساً: ومن مميزات كتاب دروس في علم الأصول هذه انعدام الذاتية فلم يكن السيد الشهيد بصدد عرض آراءه الأولية في كتابه هذا، لذلك يعمد إلى عرض الآراء والنظريات التي اكتشفها غيره من علماء الاصول، وإن لم يكن السيد الشهيد يوافق نظره آراء العلماء هؤلاء.
نعم، يذكر السيد الشهيد آراءه الأصولية إذا استدعى الأمر ذلك، ليس باعتباره مؤلف الكتاب، وإنما باعتباره صاحب مدرسة اصولية لها آراءوها ونظرياتها الخاصة التي اسهمت بشكل فعال في تطوير الفكر الأصولي في هذه المرحلة الأخيرة من مراحله.
ولذلك فإن آراء الشهيد الصدر ونظرياته لا يمكن التعرف عليها من خلال مراجعة الحلقات الثلاث( دروس في علم الأصول ) وإن صيغت هذه الآراء المعروضة في الحلقات بشكل يدل على التبني والارتضاء.
ومع هذا التجديد في منهج الدراسات الأصولية فإن السيد الشهيد حافظ على العبارات الأصولية القديمة ولم يدخل عليها تطويراً مهماً، وذلك ليتمكن الطالب من الرجوع إلى الكتب القديمة وغيرها التي تستعمل تلك المصطلحات. وقد اكتفى السيد الصدر في عملية تجديد هذه المصطلحات على مستوى الحلقة الأولى فقط مراعاة لهذه الملاحظة المهمة وهي تجديد المصطلحات الأصولية.
ومهما يكن من أمر فقد أسهم الشهيد الصدر في علم اصول الفقه إسهاماً كبيرا على مستوى اللغة والعرض أو على مستوى المضمون والمحتوى العلمي.
أما على مستوى اللغة الأصولية فقد ابتكر الشهيد الصدر عدة مصطلحات لم تكن معروفة ومتداولة، أو أنه أدخل عليها تعديلات ذات مغزى علمي وفقاً لمدرسته الأصولية:
وفي جملة هذه الاصطلاحات الأصولية:
1- (العناصر المشتركة) في عملية الاستنباط، ويقصد بها القواعد العامة التي يمكن استخدامها في استنباط أحكام شرعية عديدة في ابواب فقهية مختلفة.
2- (العناصر الخاصة ) في عملية الاستنباط ويقصد بها القضايا التي تستخدم في استنباط احكام شرعية معينة وتتغير من مسألة إلى أخرى.
3- (الأدلة المحرزة) يقصد بها الأدلة التي تكشف الحكم الشرعي أما كشفاً قطعياً ، أو كشفاً ظنياً حكم الشارع باتباعه وقبوله وقد وضع السيد الشهيد هذه المصطلح في مقابل (الأصول العملية) وهو أوسع من مصطلح (الامارات) لانه يشملها ويشمل الأدلة القطعية معاً.
4- (الحفظ الشرعي) وهو عبارة عن الموقف التشريعي الذي يصدر من المولى لحفظ الملاكات الواقعية المطلوبة له.
5- (التزاحم في مقام الحفظ الشرعي) وقد یعبر عنه أيضاً بالتزاحم الحفظي, وهو التزاحم بين الملاكات الواقعية في مقام الحفظ التشريعي عند الاختلاط والاشتباه، بحيث يتطلب كل نوع منها الحفاظ عليه بنحو ينافي ما يضمن به الحفاظ على النوع الآخر.
وقد ذكر السيد الشهيد هذا النوع من التزاحم في بحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، وهو ليس عبارة عن التزاحم في عالم الملاك- بالمعنى الذي جاء في لسان المحقق الخراساني، كما أنه ليس عبارة عن التزاحم في عالم الامتثال- بالمعنى الذي جاء في لسان المحقق النائيني- بل إنما هو عبارة عن التزاحم في عالم حفظ الملاكات حفظاً تشريعياً. ويمكنك الحصول على توضيح ذلك بصورة أوسع في تقريرات بحثه.
6- (نظرية القرن الأكيد) وهي من النظريات التي أبدعها الشهيد في علم الاصول. وقد فسر بها عملية(الوضع) في بحث الدلالة، وحاصلها أن الوضع عبارة عن اقتران مؤكد بين تصور اللفظ وتصور المعنى يستدعي إثارة أحدهما للأخر في الذهن.
7- (مسلك حق الطاعة) وهو ايضاً من ابداعات الشهيد في علم الاصول حيث اسس هذا المسلك في مقابل مسلك القائلين بقبح العقاب بلا بيان معتقداً أن من حق الله تبارك وتعالى على العباد أن يطيعوه في جميع التكاليف القطعية والظنية والاحتمالية ما لم يصل إليهم الترخيص من قبله في ترك الاحتياط.
8- (ترك التحفظ) يقصد به ترك الاحتياط.
9- (القطع الموضوعي) تارة يستخدم في مقابل(القطع الطريقي) واخرى في مقابل (القطع الذاتي) والأول مصطلح قديم جاء في لسان الشيخ الأنصاري والمحقق الخراساني وغيرهما من علماء الأصول. كما جاء في لسان السيد الشهيد تعبيرا عن القطع الذي يحصل للانسان عند مواجهته لمبررات موضوعية لهذا القطع من دون آن یتأثر بعوامل ذاتية خاصة، كالأمراض النفسية أو العواطف الهائجة التي قد تدفع الانسان إلى الجزم بقضية لا يجزم بها الانسان المتعارف في الظروف الطبيعية.
10- (القطع الذاتي) يقابل القطع الموضوعي بالمصطلح الحديث الذي جاء في لسان الشهيد الصدر وهو القطع الذي يحصل للانسان متاثراً بعوامل ذاتية خاصة من دون وجود مبررات موضوعية كافية.
11- (تنوين التنكير) وهو في مصطلح النحاة عبارة عن التنوين( اللاحق لبعض الأسماء المبنية فرقاً بین معرفتها ونكرتها، ويقع في باب إسم الفعل بالسماع كصه ومه وإيه، وفي العَلم المختوم بويه بقياس، نحو: جائني سيبويهِ وسيبويهٍ آخر:. لكن السيد الشهيد قصد بذلك: التنوين الذي يلحق الاسم النكرة لإفادة قيد الوحدة مثل( أكرم فقيراً) أي فقيراً واحدً.
12- (تنوين التمكين) وهو في مصطلح النحاة عبارة عن التنوين(اللاحق للاسم المعرب المتصرف اعلاماً ببقائه على اصله وإن لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع الصرف، ويسمى تنوين المكنيّة أيضاُ وتنوين الصرف، وذلك كزيد ورجل ورجال. لكن السيد الشهيد قصد بذلك التنوين اللاحق للاسم المتمكن لا لافادة قيد الوحدة بل لمجرد الاعلام ببقائه على المكين مثل قول القائل( رجل خير من امراة) قاصد بذلك جنس الرجل.
13- وسائل الاحراز الوجداني) يقصد بها الاسباب والطرق التي توجب العلم ولو ضمن شروط معينة. بصدور الدليل من الشارع، وأهمها: التواتر والاجماع وسيرة المتشرعة.
14- (وسائل الاحراز التعبدي) يقصد بها الوسائل التعبدية التي توجب البناء على صدور الدليل من الشارع وأهمها خبر الواحد الثقة.
15- (التعارض المستقر) هو التعارض بين دليلين لا يوجد بينهما جمع عرفي وذلك فيما إذا لم يكن أحد الدليلين المتعارضين قرينة عرفية على تفسير مقصود الشارع من الدليل الآخر.
16- (التعارض غير المستقر) هو التعارض بين دليلين يمكن الجمع بينهما عرفاً بتأويل أحدهما وفق ظهور الآخر. وذلك فيما اذا كان أحد الدليلين المتعارضين قرينة عرفاً لتفسير مقصود الشارع من الدليل الآخر.
* السيد محمد طاهر الياسري الحسيني
السيد محمد طاهر الياسري الحسيني من مواليد 1963 النجف/العراق له إجازة في الحقوق و درس العلوم الإسلامية في حوزة قم. يمارس الكتابة والتأليف والتدريس
صدر له عدة مؤلفات:
– مقاتل الأمويين (دار البلاغ – بيروت 1990)
– معجم المصطلحات الأصولية (دار العارف – بيروت 1994)
– فقه الشركة (دار الملاك – بيروت)
– فقه الإجارة (دار الملاك – بيروت)
– ثبوت الهلال طبقاً لقول الفلكي (دار الملاك – بيروت)
– هوامش نقدية (دار المعارف – بيروت)
– السيد محمد حسين مفسراً (دار الملاك – بيروت)
– صناعة الأدلة (دار الملاك – بيروت)
– الاجتهاد والحياة (مركز الغدير – بيروت)
– المنهج الفقهي عند الشهيد الصدر (دار الهادي – بيروت)
– الإمام محمد باقر الصدر – دراسة في سيرته ومنهجه (دار الفرات – بيروت)
– محمد باقر الصدر .. فكر خلاق (دار المحجة البيضاء – بيروت).
وشارك في كتابة عدد من الأبحاث والمقالات، نشرت في دوريات مهمة، من أهمها:
1. الفكر الاقتصادي عند الشهيد الصدر – مجلة قضايا إسلامية – العدد 3/1996م.
2. تاريخ الفرق والمذاهب، تأملات في المنهج السائد – مجلة المنهاج – العدد 1.
3. الشيخ النجفي ومنهجه الفقهي من خلال كتاب (جواهر الكلام) – مجلة المنهاج – العدد 9.
4. الحافظ ابن كثير مؤرخاً – مجلة المنهاج – العدد 4.
5. الاتجاهات العامة المعاصرة في دراسة السيرة النبوية – مجلة المنهاج – العدد 6.
6. الشيخ النائيني – فكر سياسي مبكر – مجلة المنهاج – العدد 15.
7. هوامش نقدية – دراسة في كتاب (أصول مذهب الشيعة الإمامية الأثني عشرية) – مجلة المنهاج – العدد 2.
8. السيد محمد باقر الصدر فقيهاً – نظرات في فقه السياسي والدستوري – مجلة الكلمة – العدد 48.
9. المنهج الفقهي عند الشيخ شمس الدين – مجلة الكلمة.
10. نظرات في مسألة القياس الفقهي – مجلة أهل البيت – العدد 26.
11. الشهيد محمد الصدر ومنهجه الفقهي في ملامحه العامة – كتاب (الصدر الثاني – دراسات في فكره وجهاده)- مؤسسة دار الإسلام.
12. نظرية الدفاع الشرعي عند السيد الخميني – مجلة الثقافة الإسلامية – العدد 26.
13. التقدم من المنظور الإسلامي – مجلة الثقافة الإسلامية – العدد 42.
14. المرأة في كتابات الإسلاميين – مجلة الثقاة الإسلامية – العدد 58.
15. دولة من ورق – نقد كتاب (يثرب الجديدة) لمحمد جمال باروت – مجلة الثقافة الإسلامية – العدد 62).
دروس في علم الأصول