التعويض عن الطلاق التعسفي

التعويض عن الطلاق التعسفي .. دراسة فقهية قانونية

الاجتهاد: كل طلاق لا يستند إلى سبب معقول هو طلاق تعسفي و أن إثبات كون الطلاق لم يكن تعسفيا يقع على عاتق الزوج، فإذا أثبت الزوج أن الطلاق كان لسبب معقول، فلا وجه للزوجة بالمطالبة بالتعويض، أما إذا عجز عن إثبات ذلك فإن طلاقه يكون تعسفيا ويحق للزوجة المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابها.

أثار موضوع الطلاق التعسفي جدلاً فقهيا كبيرا بين فقهاء الشرعية الاسلامية الغراء فمنهم من يرى عدم جوازه ومنهم من يرى وجوبه اذا ما طلق الزوج زوجته مطلقا واخرون يذهبون الى ان الزوجة تستحق التعويض عندما يكون الزوج متعسفا في استعمال الطلاق و خاصة الفقهاء المحدثين والقوانين في الدول الاسلامية والعربية جلها تشير الى هذا الموضوع.

المقدمة:

قال تعالى :[ وَلَقَدْ كَرّمْنَا بَنِي آدَمَ] (الاسراء:70)

لقد خلق الله الرجل والمرأة وشرع لهام احكام الزوج ليستأنسا ببعضهما ,فاالمراة شريكة للرجل في الحياة الزوجية التي بنيت على رابطة مقدسة اساسها المودة والرحمة وتكوين الاسرة وتربية الاجيال وليس غرضه الاساسي وطراً يقضي او شهوة تمضي بل ذلك من متمماته,اذا فوقف هذا المنضار يجب ان يتصرف الزوجان مع بعضهما على انهما روحان في جسد واحد,فالمرأة نصف المجتمع تشارك الرجل احلامه واّلامة .وترعي اولاده وتعينه على مصاائب الدهر ,وهي ليست سلعة تباع او تشتري حتى تهان كرمتها…

وحيث ان الاصل في عقد الزوج الديمومة والاستمرار والمحبة ,الا انه قد تعتري الحياة الزوجية عقبات ومشاكل تعكر صفوها ويصعب حلها فيقدم الرجل على تطليق شريكة حياته وفصم عري الزوجية …

وان ظاهرة الطلاق ليست وليدة اليوم والامس بل انها منذ قديم الزمان فكان الطلاق معروفا في وادي الرافدين في قانون اورنمو,ولبت عشتار واشنونا وحمورابي والحيثي والاشوري ,كما كان موجودا في وادي النيل عند قدماء المصريين وفي الشرائع الهندية القديمة ,ولدي الصينيين وفي الديانة الكونفوشيوسية ولاوتسة والبوذية ولدي الفرس واليابانيين واليونان والرومان وفي الشريعة الموسوية والمسيحية والشريعة الاسلامية الغراء التي فصلت احكامه وفي قوانين كافة الدول في العصر الحالي ,وحرصها على ابقاء رابطة الزواج ومنع تفكك الاسرة بين القراّن الكريم الخطوات التي يستحسن اتباعها قبل اللجوء الى الطلاق عسى ان تعاد المياه الى مجاريها ,

ومن هذه الخطوات الموعظة والهجر في المضاجع والمبادرة الى الصلح قبل اللجوء الى الطلاق,اما اذا لم يعبا الرجل بذالك ولم يلجا الى القضاء بل سارع الى تطليق زوجته دونما سبب مبرر عندها يتحمل العواقب ويسال عن دفع تعويض عن تعسفه في استعمال حقه كما يرى بعض الفقهاء ,لذا سنبحث هذا الموضوع وفق الخطة التالية في مبحثين:

المبحث الاول نتطرق فيه الى انواع الطلاق واساس مشروعيته هل الاصل فيه المنع او الاباحة في عدة مطالب

وفي المبحث الثاني نتطرق الى المتعة والتعويض عن الطلاق التعسفي في مطالب عدة نبدأها بالمتعة,ثم راي الفقهاء في تعويض عن الطلاق التعسفي وما ورد في القانون العراقي بشـأنه واقليم كوردستان وقوانين بعض الدول الاخري ثم ننهي البحث بخاتمة نذكر فيه موجز البحث والنتائج التي توصلنا اليها ونعزز بحثنا باحكام القضاء.

المبحث الاول: ماهية الطلاق التعسفي

ونبحثه في مطلبين :

المطلب الاول:تعريف الطلاق

والمطلب الثاني:انواعه

وفي المطلب الثالث:اساس مشروعيته

المطلب الاول: تعريف الطلاق لغة: الطلاق لغة هو حل القيد مطلقا حسيا او معنويا,فيقال طلقت الاسير من قيده او طلقته كما يقال طلقت المرأة واطلقتها الا ان العادة جرت على تحديد لفظ الطلاق على اصل القيد المعنوي واستعمل لفظ الطلاق على حل القيد الحسي,فيقال طلقت زوجتي ولا يقال اطلقتها كما يقال اطلقت الاسير من قيده ولا يقال طلقته والطلاق يعتبر من الالفاظ الصريحة ويقع به الطلاق دون اعتبار للقصد او النية في الوقت الذي ان لاطلاق يعتبر من الكنايات لايقع به الطلاق الا مع النية.

اما تعريف الطلاق اصطلاحا فهو(رفع القيد الثابت بالنكاح في الحال اوالمآل بلفظ مخصوص) او (حل عقد النكاح بلفظ الطلاق او نموه)وحل عقد الزواج في الحال يكون بالطلاق البائن وفي المآل بالطلاق الرجعي.

وقد عرفه المشرع العراقي في القانون الاحوال الشخصية العراقي في المادة 34 من قانون الاحوال الشخصية رقم 188لسنة 959 المعدل على (ان الطلاق رفع قيد الزواج بايقاع من الزوج او من الزوجة ان وكلت به او فوضت او من القاضي ولايقع الطلاق الا بالصيغة المخصوصة له شرعا)وعرفه المشرع الكوردستاني بموجب المادة 13 من القانون رقم 15 لسنة 2008 الصادر من برلمان اقليم كوردستان كالآتي.

(الطلاق رفع قيد الزواج بصيغة صريحة تدل عليه شرعا وقانونا دون التقيد بصيغة محددة او لغة معينة بايقاع من الزوج او الزوجة ان وكلت او فوضت به او من القاضي )وجاء تعريف المشروع الكوردستاني مهلهلا ضعيفا حيث لم يضع ضوابط وخالف كافة الاراء الفقهية حيث لم يفرق بين الصيغة الشرعية وغيرها ولم يستطيع ان يبين ماهو الصيغة القانونية ثم وقع في تناقض ففي الوقت الذي يذكرعبارة بصيغة صريحة يعود فيقول دون التقيد بصيغة محددة نهيب به ان يعيد النظرفيه ويستشير المختصين في مثل هذه المسائل.

المطلب الثاني:انواع الطلاق

ينقسم الطلاق الى عدة انواع

اولا:بالنسبة للصيغة ينقسم الى صريح وكنائي فالصريح هو مايوقعه الزوج بلفظ صريح يدل عليه مباشرة ولا يحتمل معنا آخر واما الكنائي فهو مايوقعه الزوج ويحتمل الطلاق وغيره.

ثانياً:وبالنسبة للحل والحرمة ينقسم الى سني وبدعي فالسني هو الذي يحذو فيه المطلق سنة الرسول( ص)في كيفية الطلاق والاتزام بالحدود التي اقرتها الشريعة وحينئذ يقع الطلاق صحيحا وجائزا ولا يأثم الزوج.

والطلاق البدعي هوالذي لايراعي فيه الزوج المطلق الحدود الشرعية ويرى قسم من الفقهاء انه يقع بالرغم من انه حرام ويرى غيرهم بانه لا يقع والمشروع العراقي ترك امر ذلك لاحكام الشرع

ثالثاً:الطلاق باعتبار جواز عودة الرجل الى زوجته بدون عذر او عدم جوازه الى طلاق رجعي وبائن.

فالرجعي هو ما جاز للزوج مراجعة زوجته اثناء عدتها منة دون عقد قولا او فعلا وهو الاساس في الطلاق فعلى الرجل ان اراد التطليق وكان الامر لابد الامر منه ان يطلق زوجته رجعيا حتى يستطيع ان يتدارك امره ويعود الى زوجته مادامت في العدة.

وقد نصت الفقرة (1)من المادة (38)من قانون الاحوال الشخصية رقم (188)لسنة(959)المعدل على ان الطلاق الرجعي (هو ماجاز للزوج مراجعة زوحته اثناء عدتها منه دون عقد وتثبت الرجعة بما يثبت به الطلاق).

في حين ان المشرع الكوردستاني عرفه في المادة (16)من القانون رقم (15)لسنة 2008 كما يلي (هو ماجاز للزوج مراجعة زوجتة اثناء عدتها من دون عقد على ان تتوافر رغبتها في لاصلاح)ووقع المشرع الكوردستاني في تخبط مرة ثانية,فماذا يقصد بتوافر رغبتها في الاصلاح واثبات النيات وكوامن النفوس امر من الصعب اكتشافه كما انه مخالف لاحكام الشرع ولم يقل به أي واحد من الفقهاء لان الشريعة تتولى الظاهرة والله يتولى السرائر والاصل في الانسان حسن النية فالمسائل الشرعية دقيقة ينبغي التوغل فيها برفق ودراسة كافة الحالات والاراء واستشارة المختصين قبل تشريع اي قانون لعلاقتها بالحل والحرمة.

والطلاق البائن قسمان: بائن بينونة صغري وهو ماجاز للزوج التزوج بمطلقته بعقد جديد وتنقص عدد الطلقات فيها والبائن بينونة كبرى وهو مالا يجوز للزوج التزوج بمطلقته التي طلقها ثلاث متفرقات ومضت عدتها ,حتى تتزوج الزوجة من الرجل آخر وينفصل عنها انفصالا شرعياً وتنتهي عدتها وترغب الزوجة الرجوع الى زوجها السابق فتعود ان رغبا بذلك بعقد جديد ويملك عليها ثلاث طلقات.

المطلب الثالث :اساس مشروعية الطلاق

لقد اختلفت اراء الفقهاء بشأن اساس الطلاق هل ان الاصل فيه الحظر ام الاباحة فمنهم من قال بانه مباح وجائز اشارة الى قوله تعالى :[لاجُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلْقُتُم النسَاء]وقوله تعالى :[فَطَلّقُوهُنّ لِعِدتِهنّ]..

ومنهم القرطبي وابن المنذر والبعض الاخر يذهب الى ان الاصل فيه هو المنع ولا يباح الا لحاجة لقوله تعالى :[أمْسِكْ عَليْكَ زَوْجَكَ وَاتّقِ اللهَ]فاعتبر القرآن الكريم الامتناع عن الطلاق نوع من التقوى وقال في سورة النساء :[فَإن كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئاًويجعل الله فيه خيراً كثيراً]وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما,وقول الرسول (ص) (ابغض الحلال الى الله الطلاق)(والطلاق يهز له عرش الرحمن)ومن القائلين بهذا الرأي الكمال بن الهمام والكاساني وارى انه هو الرأي الراجح لان الطلاق يؤدي الى قطع رابطة الزواج التي تترتب عليها مصالح دنيوية وآخروية وقد قال تعالى :[ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة]وبهذا الرأي اخذ الاحناف والحنابلة مستدلين بقول الرسول (ص):(لعن الله كل ذواق مطلاق).

المبحث الثاني: التعويض عن الطلاق التعسفي

لقد أثار هذا الموضوع جدلاً بين فقهاء الشرعية الاسلامية الغرام فمنهم من يرى عدم جوازه لان الرجل استعمل حقا مشروعا له لِذا فلا يمكن الزامة بالتعويض عن عمل مشروع قام به ومنهم من يذهب خلاف ذلك وهم الفقهاء المحدثين حيث يرون ان التعويض جائز عندما يطلق الزوج زوجته دونما سبب مبرر بل ان البعض يرى بضرورة تعويض الزوجة بسبب طلاقها مطلقا ويضع اخرون قيودا على ذلك ويقولون للزوجة حق في التعويض عندما يكون الزوج متعسفا وقوانين اغلب الدول الاسلامية والعربية تاخذ الان بهذا الرأي ونقسم هذا المبحث الى عدة مطالب نبدأها بالمتعة والفرق بينها وبين التعويض عن الطلاق التعسفي ثم تستعرض آراء الفقهاء بشأن التعويض عن الطلاق التعسفي ثم ما اخذ به القانون العراقي واقليم كوردستان العراق وقوانين بعض الدول الاخرى مع اراء الفقهاء.

المطلب الاول:متعة الطلاق

قال تعالى:[لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضةً ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين](البقرة 236).

والمتعة مال يقدمه الزوج لزوجته التي انفصل عنها بطلاق او ما في معناه و بقيود و ذلك قبل الدخول ورأي بعض انها حتمية بعد الدخول وان الحسن بن علي (رضى الله عنه)عندما طلق احدى زوجاته بعث لها مالا فقالت متعا قليل من حبيب مفارق ,واختلفت اراء الفقهاء بشأن فمنهم من يرى انها ليست واجبة بل مستحبة وهو قول الامام مالك ,ومنهم من يرى وجوبه وهو الراجح من راي الجمهور وان المتعة كما ذكرنا واجبة في حالات اخرى عند الطلاق قبل الدخول مثلا من زواج لم يتم تعينين مقدار المهر فيه وكذلك في الفرقة عن طريق الايلاء واللعان والحجب والعته وامتناع الزوج عن الدخول في الاسلام عن اسلام زوجته,اما اذا كانت الفرقة من جانب الزوجة فلا تستحقه الزوجة ونصت المادة 98/1 من مشروع قانون الاحوال الشخصية العراقي الموحد على انه (تستحق المطلقة المدخول بها المتعة حسب يسر المطلق وحال المطلقة).

المطلب الثاني:التعويض عن الطلاق التعسفي

قال رسول الله(ص):(خيركم خيركم لاهله واستوصوا بالنساء خيرا)وحيث ان الطلاق هو ابغض الحلال الى الله ويهز له عرش الرحمن والشريعة الاسلامية الغراء قد منحت الرجل حق طلاق زوجته فاذا ماكان ذللك دون حق يقع الطلاق قضاء الزوج آثم ديانة والاسلام عندما سمح بالطلاق فانه سمح بامر كرية ولكن حل لمشكلة قائمة فالطلاق قد تو قعه المراة وهو طلاق التفويض فانه التوكل والطلاق الخلعي يقع باتفاق الطرفين وطلاق يقع بواسطة القضاء فهنا لاتستحق الزوجة التعويض وطلاق اخر يوقعه الزوج وهو ايضا له حالتين ان كان له سبب وثبت وجود هذا السبب كما اذا كانت المرأة سيئة الاخلاق وتسي ء الى سمعة زوجها وكرامته

اما ان ركب الرجل رأسه فطلق زوجته دون سبب ولا مبرر لمجرد نزوة في نفسه هنا تكمن المشكلة لان الشريعة الاسلامية والقوانين عندما اباحث ايقاع الطلاق انما الغرض منه وجود ضرورة لذلك فان تجاوز الرجل هذا الحد يعتبر متعسفا في استعمال الحق وهو احد المعايير المعتمدة في التعويض عن الطلاق عندما يكون متعسفا ونظرية التعسف في استعمال الحق لها جذور في الشريعة الاسلامية واخذت به قوانين الدول العربية ومنها القانون المدني العراقي رقم(40)لسنة 915 المعدل ولهذا ينادي بعض فقهاء الشريعة بضرورة التعويض للمرأة بسبب طلاقها مطلقا ويقيد البعض الاخر حقها في التعويض اذا طلقها زوجها على وجه التعسف ثم ان الطلاق ليس من مصلحة المطلقة في الغالب ويجب بيان سبب الطلاق فان كان السبب غير مبرراً وجب على الزوج دفع التعويض .

في حين يرى الدكتور عبدالكريم زيدان ان السبيل الوحيد لمنع الزوج من التعسف في استعمال حقه في الطلاق هي تقوية معاني الايمان في قلبه وتفهيمه باحكام الاسلام لاسيما المتعلقة بالعلاقة الزوجية وان الزوج اذا تعسف في استعمال حقه في الطلاق وبدون مبرر شرعي ملحقاً بها الاذى والضرر فانه يسال عن فعله ديانة.

ويتمسك الدكتور الفاضل عبدالكريم زيدان بقاعدة(لاضرر ولاضرار)ونحن نخالف الفقية الجليل الاستاذ عبدالكريم زيدان و نرى ان الزوج ان تعسف في استعمال حقه في تطليق زوجته بأن لم يكن هناك سبب مبرر فانه يوجب عليه الضمان لان المطلقة عادة تصاب بالضرر والزوجة المطلقة تتأثر سمعتها بين اقرانها ثم ان هناك اساس في الشريعة الاسلامية يمكن الاعتماد عليه للحكم بالتعويض وهو ان من استعمل حقه استعمالاً غير جائزا وجب عليه الضمان ثم انه (لاينكر تغيير الاحكام بتغيرالزمان )اذا لم تمس جوهر الشريعة والان قد تغير الوقت بسبب مناهج الحياة فمن خلال العمل راينا كثيراً من الازواج طلقوا زوجاتهم القديمة لان حالتهم المالية تغيرت او اراد الزوج بزوجة اخرى او لنزوة في نفسه ,فارى ان التعويض عن الطلاق التعسفي جائز شرعا وقد نصت عليه القوانين ثم اختلفت الاراء بشأن الطلاق الرجعي قبل انتهاء العدة او بعده ارى ان الزوجة تستحق التعويض في هذه الحالة لان احد المعايير اصابة الزوجة بالضرر وكل زوجة تتضرر واقعة الطلاق.

المطلب الثالث:الموقف القانوني من التعويض عن الطلاق التعسفي

1-موقف المشرع العراقي:

ان نصوص قانون الاحوال الشخصية العراقية رقم 188 لسنة 958 المعدل عند تشريعه لم يشير الي احكام عن الطلاق التعسفي و ان المادة 6 مدني عراقي اشارت الي ان الجواز الشرعي ينافي الضمان ومن استعمل حقه استعمالاً جائزا لم يضمن ما ينشأ عن ذلك من ضرر كم وأن المادة (7) فقرة(1) منه تنص علي ان من استعمال حقه استعمالا غير جائز وجب عليه الضمان.

وقد نادي بعض الفقهاء بذلك و منهم الاستاذ الدكتور احمد الكبيسي واخيرا تنبه المشرع العراقي الى هذه النحية حيث اشار الى التعويض عن الطلاق التعسفي بالقانون رقم 51 لسنة 1985 المعدل لقانون الاحوال الشخصية وبتعديلة المادة 39 من قانون الحوال الشخصية العراقي واصبحت الفقرت الثالثة الحالية من المادة 39 من قانون الاحوال الشخصية العراقي التي تشير الى انه اذا تبين ان الزوج متعسف في طلاق زوجته وان الزوجة اصابها ضرر تحكم المحكمة على مطلقها بناء على طلبها بتعويض يتناسب وحالته المالية و درجة تعسفه يقدر جملة ولا يتجاوز نفقها لمدة سنتين علاوة على حقوقها الثابتة الاخرى وجاء في قرار لمحكمة التمييز الاتحادية في العراق انه على المحكمة التحقيق في اسباب الطلاق لتحديد درجة التعسف حيث ليس كل طلاق خارجي يعني التعسف (2856/شخصية اولى ,2009 في 19/7/2009 وفي قرار آخر ذكرت (ان سبب ايقاع الطلاق يعتبر معيارا لتحديد درجة التعسف والتعويض 2444/شخصية اولى,2009 في 6/7/2009.

وفي قرار اخر ذكرت ان نفقة السنتين للطلاق التعسفي ليس مطلقة حيث هذه النفقة تكون عندما تكون درجة التعسف 100% وللمحكمة سلطة تقديرية في ذلك (2777/شخصية اولى /2007,في 15/7/2009).

2-موقف المشرع الكوردستاني

كان قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل سارياً في اقليم كوردستان الا التعديلات التي طرأت عليه بعد سحب الادرات في عام 1991 حسب القرار رقم 11 لسنة 1992 الصادر من البرلمان الكودرستاني منع العمل بالتشريعات الصادرة في الحكومة المركزية بعد التاريخ 22/10/1991 الابعد إقرارها من قبل البرلمان الكوردستاني ,اذاً ًفالتعويض عن الطلاق التعسفي كان له نفس الحكم الموجود في المادة 39/3 من القانون الاحوال الشخصية حيث لاتزيد عن نفقة سنتين الا ان المشرعي الكوردستاني جعل المدة لاتقل عن سنتين ولاتزيد على ثلاث سنوات بموجب القانون رقم 8 لسنة 2001 الصادر من البرلمان الكوردستاني .

ثم اوقف المشرع الكوردستاني العمل بالفرقتين 3,2 من المادة 39 من قانون الاحوال الشخصية العراقي باصداره القانون رقم 15 لسنة 2008 والمادة السادسة عشر من القانون المذكور جعلت مبلغ التعويض لاتقل عن نفقة ثلاث سنوات ولاتزيد عن خمس سنوات واعتقد ات المشرع الكوردستاني قد بالغ في ذللك دون مبرر فكان عليه عدم تحديد الحد الادني لان ذلك ارهاق للزوج وخالف بذالك نهج اغلب قوانين الاحوال الشخصية لان الموضوع اساس مختلف عليه بين الفقهاء فأرى ان القانون يجب ان يأتلف مع المنطق ولم يكن المشرع الكوردستاني موقفا لانه جانب العدالة هذا هو موقف المشرع الكوردستاني وقد استقر راي قضاء اقليم كوردستان على (ان الزوجة لاتستحق التعويض عن الطلاق التعسفي اذا كان ايقاع الطلاق بسبب قيامها بارسال رسائل غرامية الى احد الاشخاص)القرار 182 شخصية ,2001في 16/7/2010وفي قرار اخر ايدت محكمة تمييز اقليم كوردستان قرار الحكم الصادر من محكمة احوال شخصية اربيل بالزام الزوج بالتعويض عن الطلاق التعسفي لان الزوج عجز بيان سبب طلاق زوجته خارج المحكمة (178/شخصية ,2010 في16/5/2010.

وذهبت في قرارات اخرى الى ان الزوجة تستحق التعويض حتى في الطلاق الرجعي معللة ذلك بان الطلاق يؤدي الى تضرر الزوجة,وفي قرار اخر ايدت حكم محكمة الموضوع بالحكم بالتعويض عن مدة اقلمن خمس سنوات وهذا الاتجاه يتفق مع اتجاه القضاء الاتحادي لان الحكم بنفقة خمس سنوات كاملة ,يعني ان تقصير الزوج هو100%, وذهبت في قرارها 8شو2007 في 18/5/2007 ان الزوجة تستحق التعويض حتى حصول الطلاق قبل الدخول لان نص المادة 39/3 احوال شخصية جاءت مطلقة.

3-موقف المشرع السوري

اشار المشرع في المادة 117 من قانون الاحوال الشخصية الى موضوع التعويض عن الطلاق التعسفي واعطى للقاضي صلاحية ان يحكم على الزوج المطلق بالتعويض عن الطلاق التعسفي اذا كان متعسفا في طلاقها دون سبب مقبول وان الزوجة ستصاب بالبؤس والفاقة و ذلك حسب درجة التعسف على ان لايتجاوز المبلغ نفقة ثلاث سنوات ,وللقاضي ان يجعل دفع هذا التعويض جملة او شهريا حسب مقتضي الحال وهنا نرى ان المشرع السوري قد اعطى الحرية للقاضي في تقدير التعويض والمشرع السوري كان اكثر دراية من المشرع العراقي والكوردستاني.

كما ان المشرع قانون الاحوال الشخصية العراقي الموحد قد تطرق الى موضوع التعويض عن الطلاق التعسفي حيث نصت المادة 98/ب منه على ان (للمطلقة طلب التعويض اذا تعسف المطلق في استعمال حقه في الطلاق ويقدره القاضي بما لايزيد على نفقة ثلاث سنين).

ومن الاطلاع على القوانين المشار اليها نرى ان المعايير المعتمدة لأعتبار الطلاق تعسفياً ام لا هي:

1-ان يوقع الزوج الطلاق دون ضرورة او سبب مقنع.

2-ان لايكون للزوجة دور في ايقاعة.

3-ان يكون الطلاق دون ارادة الزوجة او رضاها

4-ان تتضرر الزوجة المطلقة من واقعة الطلاق,وبرأيي المتواضع ان هذا المعيار مفترض فكل زوجة تطلق تتضرر لأنها تُحرم من النفقة والاعالة وتبقىدون انيس ويحط قدرها بين قريناتها في المجتمع وخاصة في مجتمعنا كما يظهر لنا امر آخر هو ان القانون العراقي والسوري والكوردستاني تستحق الزوجة التعويض عن الطلاق التعسفي سواءا كان قبل الدخول ام بعده عند اثبات التعسف والمذهب الظاهري يؤيد هذا الاتجاه .

اما مشروع قانون الاحوال الشخصية العربي الموحد فيشير الى استحقاق الزوجة التعويض عن الطلاق التعسفي عند الدخول فقط وغير المدخول بها لاتستحق التعويض .

الخاتمة:

لقد تطرقت في هذا البحث الى موضوع التعويض عن الطلاق التعسفي وهو موضوع حديث في قوانين الاحوال الشخصية وكان موضوع خلاف بين الفقهاء ,وقمت بطرح البحث في مقدمة تطرقت فيها الى الروابط الزوجية مع سرد تأريخي للقوانين والشرائع التي عرفت الطلاق منذ القدم والى الان ثم درست الموضوع في مبحثين الاول تطرقت فيه الى انواع الطلاق واساس مشروعيته وهل الاصل فيه المنع او الاباحة وانواع الطلاق في مطالب عدة وفي المبحث الثاني تطرقت الى المتعة والتعويض عن الطلاق التعسفي وموقف القوانين من ذلك في عدة مطالب وقد توصلت الى النتائج التالية :

1-التعويض عن الطلاق التعسفي ضروري ونؤيده و يؤيده الفقهاء المحدثين ولكن يجب على المحكمة التاكد من ان الطلاق قد اوقع بدون سبب واصيبت.

2-لا تستحق الزوجة التعويض في التفريق والخلع.

3-القانون العراقي والسوري والكوردستاني يعطي الحق للزوجة بالتعويض عن الطلاق التعسفي قبل الدخول او بعده واما مشروع قانون الشخصية العراقي الموحد فيعطيها هذا الحق في حالة الدخول فقط.

4-تقدير المدة التي تستحق الزوجة يعود لقاضي المحكمة.

5-المشرع الكوردستاني حدد سقفا للمدة بين ثلاث سنوات وخمس سنوات وكان حريا به لا يحدد سقفا للحد الادني ويترك ذلك لتقدير قاضي المحكمة وفقا لنهج المشرع العراقي والسوري ,وقد جانب المشرع الكوردستاني العدالة ولم يكن موفقا في هذا لذا اقترح عليه اعادة النظر في موقفه.

6-بالنسبة للطلاق الرجعي هناك اختلاف في الاراء واري ان الزوجة تستحق التعويض عنه وكذلك اذا طلبت التعويض قبل العدة ام بعده لان احد المعايير هو اصابة الزوجة بالضرر وكل طلاق الضرر فيه مفترض وخاصة في مجتمعنا لان المرأة المطلقة تتأثر سمعتها بين قريناتها.

7-على المحاكم ان تتوسع في اجراء التحقيقات قبل الاقدام الى الحكم بالتعويض وان تعتمد معايير مقبولة وتستند الى اصحاب الخبرة في هذا المجال .

8-اخيرا اقترح على المشرع العراقي والكوردستاني ان يحددا فترة يمكن خلالها ان تقدم المطلقة طلب التعويض كان تكون سنتين من تاريخ وقوع الطلاق ,وارجو من الله التوفيق.

المصادر:

_القرآن الكريم.

1-د.حمد الكبيسي,الاحوال الشخصية الجزء الاول الزواج والطلاق ,الطبعة الثانية ,مطبعة الارشاد –بغداد,1972.

2 سيد سابق ,فقة السنة,مجلد2, المكتبة العصرية صيدا –بيروت 2007.

3-د.عبدالكريم زيدان,المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الاسلامية ,مجلد7,طبعة3,سنة2000.

4-محمد زيد الابياتي ,شرح الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية ,الجوء الاول ,منشورات مكتبة النهضة –بيروت-بغداد.

5- محسن ناجي ,قانون الاحوال الشخصية الطبعة الاولى ,مطبعة الرابعة –بغداد 1962.

6-مصطفى ابراهيم الزلمي ,مدى سلطان الارادة في الطلاق في الشرائع والقوانين والاعراف خلال اربعة الاف سنة ,طبعة ثالثة ,توزيع المكتبة القانونية بغداد.

7-د.وهبة الزجلي ,الفقة الاسلامي وادلته,المجلد الرابع والتاسع ,دار الفكر المعاصر-بيروت.

8-الاحوال الشخصية ,وظائف محاكم الاحوال الشخصية واختصاصاتها محاضرات القاضي عبدالقادر اباريهم لطلبة المعهد القضائي.

9-القاضي نعيم اسماعيل معاد الله الدليمي ,التعويض عن الطلاق التعسفي بين الشريعة الاسلامية والقانون العراقي ,بحث ترقية مقدم الى مجلس القضاء الاعلى في العراق -1998.

10-عوني البزاز ,احكام ومواد القوانين والقرارات المتعلقة بالاحوال الشخصية النافذة في اقليم كوردستان العراق,مطبعة المجلس الوطني لاقليم كوردستان العراق 2009.

11-القانون المدني العراقي رقم 40لسنة 1951 المعدل.

12-قانون الحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 959 المعدل.

13-النشرة القضائية عدد اذار 2010 الاصدرة من المركز الاعلامي مجلس القضاء الاعلى في العراق.

14-النشرة القضائية عدد 13 تموز 2010 مجلس القضاء الاعلى في العراق.

15-النشرة القضائية في 9 كانون الاول 2009 ويحررها المحامي رعد طارق غرفة المحامين الكرخ بغداد.

16-ارشيف محكمة تمييز اقليم كوردستان.

بقلم : د.محمد عبدالرحمن سلیڤانی؛ عضو محكمة تميز اقليم كوردستان

 

حق التعويض في الطلاق التعسفي.. بقلم المحامية نور عويس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky