الاجتهاد: صفحات من حياة الشهيد محمد باقر الصدر تمتلىء بها صفحات كتاب العلاّمة الشيخ عفيف النابلسي الموسوم بـ (خفايا وأسرار من سيرة الشهيد محمد باقر الصدر).
وفي الكتاب يتحدث العلاّمة النابلسي عن تجربته الشخصية مع الشهيد الصدر قبل مجيئه إلى النجف وبعد رحيله عنها، جلّها تتعلق بالشهيد، منها زيارته إلى لبنان وزواجه بإبنة عمه السيدة (أم جعفر)، وعلاقته مع علماء وأدباء لبنان وكواليس الخلاف بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، وخروج العراقيين من لبنان ومعهم الصدر (مع إخوانه إلى سوريا أولاً ومنها بعد ذلك إلى العراق)
وأحداث أخرى وسمت بطابعها تلك الفترة منها موت (عبد الناصر) وبعده السيد (محسن الحكيم) مرجع الشيعة الإمامية في العالم، والخلاف الذي نشب (بين المرجعية وحزب البعث الحاكم في العراق) ووقوف الصدر (ضد الحكومة العراقية) وأحداث ووقائع أخرى عن نشاط (حزب الدعوة) ومواقفه السياسية مع نبذ عن مؤلفات وفلسفات العلاّمة الصدر يذكرها هذا الكتاب بعناوين متعددة نذكر منها:
“حزب الدعوة والسيد الصدر”، “تصفية الحوزة من العنصر الفارسي”، “انفتاح الحكم على السيد الصدر”، “الدعوة إلى مرجعية السيد العلنية” ، “نموذج من درس بحث الخارج لسماحة السيد”، “مشروع كتاب الفتاوى الواضحة”، و “دور السيد الصدر في إنجاح الثورة الإسلامية الإيرانية” (…) الخ.
يقول الشيخ النابلسي في مقدمة الكتاب :
منذ مدة وأنا أتهيب أن اكتب عن هذا الفكر الوقاد والشخصية العملاقة. وانه مهما تقدم بي العمر وزادت تجربتي في الحياة أرى الكلام عن استاذي يجعلني وكانني حديث المعرفة، فصير اللسان عن البيان.
وقد أحببت أن أترجمه إلى واقع الحياة بكل ما تحمله من هموم وآلام وصراعات، مبتعداً في ذلك عن المدح والفخر ما استطعت، الا أن طبعه وسموه وفكره العملاق يأبى الا أن يجرّنی ويوقعني في هذا الفخ الذي لم استطع أن أخرج منه لقوة تأثيره وسحر بیانه وعلو همته.
سنة تمر وسنة تأتي وأنا في حيرة، كيف أستطيع ان ادخل في تجربة الحديث عن هذه الشخصية وثمة أمور عديدة لا استطيع البوح بها لحرصي على أن لا يفهمني أحد.
وأنا أسرد بعض التفاصيل الخطيرة. أنني أنقص من أحد العلماء او اقصد من ذلك التعرض لمراجعنا العظام، لكنني في نفس الوقت لا احب اختزال الأحداث ولا القفز عنها لما يشكل ذلك من بتر للسياق، وتضييع للحقيقة، وخلل لا يعود بعدها لكلامي أي معني وفائدة.
وكل ما كان يشدّني ويحفزني لكتابة سيرة الشهيد السعيد هو حرصي على أن لا تضيع هذه الشخصية بين ركام الاتهامات الصديقة من جهة، ونبر الظلم والقهر من جهة أخرى،
على أن شعوري نحوه – مع بُعد الزمن – لا يزال وقّاداً مضيئاً، لا يخفت مع كل ما جرى لهذه الأمة من آلام ومآسي. وكلما مر بنا اعصار أحسست أننا بحاجة إلى هذا الفكر وهذا العقل من جديد، فقد كان الشهيد بالفعل طاقة جبّارة، لا استطيع ان اقارنها بأحد من المراجع المعاصرين له، مع جل احترام وتقديري لعلمائنا حفظة المسيرة الاسلامية.
ولا يمكن الحديث عن الشهيد بمعزل عن الظروف والملابسات التي كانت محيطة به، وإن حاولت في هذا الكتاب أن أتحدث عن تجربتي الشخصية معه دون سواها من التجارب، بيد أن الكلام يجر الكلام . كما يقولون .
وحاولت أيضا أن لا اكتب إلا ما شاهدنه أو ما سمعنه في وقتها مما يمكن أن أثق به، فليس في الكتاب من مصدر الا الكاتب نفسه، فالأحداث التي جرت قبل مجيئي إلى النجف وبعد رحيلي عنها . وإن كانت تتعلق بالشهيد، والتي أعرف عنها الكثير وكتب عنها الكثير، لكنني احتفظت بسيرتي الخاصة، وما عاينته وشعرته بنفسي، وذلك بحكم علاقتي مع الاستاذ الشهيد، حيث كانت تتطوّر تدريجيا مع مرور الزمن.
أكتب هذه الكلمات والدنيا تتمخض لتلد من جديد نظاما للعراق يزيح عنه کابوس البعث الثقيل وصدام اللعين الذي اغرق العراق بالنزاعات والمشاحنات والأمراض والفقر وابتلى العراق الذي فداء الصدر بدمه وروحه بأكثر بلاوى هذا العصر.
ولا شك عندي أن روحه الطاهرة تلاحقنا وتظللنا ونلمح من بعيد كوة النور وفسحة الأمل وشموس الحياة.
وهيهات هيهات أن تطيب بعدك لنا حياة في العراق.
تحميل الكتاب
خفايا وأسرار من السيرة الشهيد الصدر