خاص الاجتهاد: آية الله الشيخ حسن الجواهري : لما ضرب البُرجان في أمريكا من قبل القاعدة، أطلقوا عنوان؛ النظام العالمي الجديد وهو القضاء على الإسلام الذي ظهرت منه هذه الحركة. فقالوا لابد من القضاء على هذا الفكر الإسلامي وهم يتصورون أن الإسلام هو هذا الفكر الوهابي، هذا الفكر الوهابي هو نظرية من نظريات الإسلام و هناك فهم إسلامي آخر يمثله الأئمة ويمثله علماء الدين الشيعة هذه النظرية لا تتعارض مع النظرية العقلية التي تقول لابد للإنسان أن يكون إنساناً مهذباً فاهماً عادلاً يريد نفع الناس. فإن الدين عقل و وحي.
تحدث سماحة آية الله الشيخ حسن الجواهري في القسم الثاني من حواره مع موقع الاجتهاد الذي زرنا سماحته في مكتبه في النجف الأشرف، عن وظيفة الحوزة العلمية في مواجهتها للأفكار المنحرفة والتصدي لها وكذلك عن العقل والوحي والعرف ودورها في دخول عنصر الزمان في الفقه والأحكام الشرعية.
وفي ما يلي نص الحوار:
الاجتهاد: عندما ننظر إلى التّاريخ نجد الحوزة العلمية باجماعها في أي نقطة، هي الطليعة الواجهة أو المواجهة للإنحرافات والإضلالات التي تحدُث في العالم في عمل المشركين والمنحرفين، وبخاصة في عصرنا الآن نجد نوعاً جديداً وعصراً جديداً من انواع من الأفكار المنحرفة والهجوم على الدين، اللادينية والعلمانية و.. هذا ما لا يتنحّى منه النجف والعراق وخصوصاً بعد أن سقط صدام جاء هناك أمريكان و هناك انفتاح كامل جداً على العالم و هناك يدخل كل شيء.
سابقاً كان في النجف هناك المدّ الأحمر الشيوعي والعلماء دخلوا الساحة بافتائهم وبتبينهم وبفكرهم وأنقذوا العراق من الشيوعيّة، ما لم يحدث بالبلدان بإمكاننا أن نقول السنّية كثير من البلدان السنية دخلوا واصبح بعض علماءهم من الشيوعيين. لو بإمكانكم تذكرون لنا ما حدث في السابق وما يحدث الآن، كيف تواجه الحوزة الآن هذا العصر الجديد بأفكارها وشبهاتها؟
الشيخ حسن الجواهري : طبعاً الحوزة واقف بالمرصاد بالدّعوات التي تدعو إلى تنحية الدين عن المجتمع و إقامة نظام آخر لا ربط له بالدين. و قبل أكثر من خمسة و ثمانين سنة أطلق الإتحاد السوفيتي جملة النظام العالمي الجديد. وأوجد اليوم الذي يسّمى يوم العمال العالمي، اطلقته الدول الشوعية و النازية، هذه كانت فكرة بالتخلي عن الدين و الإرتباط بالنظام العامي الجديد. يعني لا دين، لا يهودية و لا نصرانية و لا إسلام و لا كذا و لا كذا.
ولكن وقف علماء الإسلام أمام فكرة النظام العالمي الجديد النازية والشوعية التي تدعو إلى اللادينية وأن المجتمع ينبغي أن لا يكون مرتبطة بالوحي و هذا من أخطاءهم الكبيرة، فإن الوحي هو عبارة عن كتاب الله و سنة النبي. يقول القرآن: الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه.
فالدين هو عبارة عن دعامتين: الوحي والعقل. فإذا إستندت إلي العقل و العلم لوحده بدون الدين، فهذا ليس هو الدين، وهذا منزلق إلى الهاوية. و إذا أخذت بالوحي من دون أخذ بالعقل فأيضا هذا لا يمثل الدين. الدين عبارة عن وحي و عقل، و ليس الدين في مقابل العقل. العقل في مقابل الوحي و كلاهما دعامتان للدين فالدين الإسلامي يعتمد على دعامتين : الوحي و هو كلام الله و سنة النبي، لا ينطق عن الهوى.
إن هو إلا وحي يوحى وهذا كلام الله المطّلع على العالم. و الذي يعرف ماذا يُصلِح هذا العالم، و هو الوحي. و العقل و المراد منه العقل العملي و العقل النظري الذي هو حجة على العباد، و معلوماته و مفهوماته إلهية و ليست بشرية. العقل العملي معلوماته و ما ينتج عنه عبارة عن فهم الهي و ليس فهم بشري. فالدين هو عبارة عن هاتين الدعامتين.
النظام العالمي الجديد و الدعوة إلى القضاء على الإسلام
فمن يدعو إلى إيجاد نظام عالمي جديد قبل خمس و ثمانين سنة هما الشوعية التي لا تعتقد بالدين و النازية التي لا تعتقد بالدين. ثم بعد ذلك ظَهرت في الآونة الأخيرة من طريق أمريكا ايضاً دعوة إلى نظام عالمي جديد. هذه الدعوة ظهرت حينما أخرجت أمريكا الجيش العراقي من الكويت، فكان رئيس أمريكا يقول هذا زمان لنظام عالمي جديد.
و ايضا لما ضرب البُرجان في أمريكا من قبل الدواعش و من قبل القاعدة، فأطلقوا عنوان؛ النظام العالمي الجديد و هو القضاء على الإسلام الذي ظهرت منه هذه الحركة؛ حركة احد عشر سبتمبر. فقالوا لابد من القضاء على هذا الفكر الإسلامي و هم يتصورون أن الإسلام هو هذا الفكر الوهابي، هذا الفكر الوهابي هو نظرية من نظريات الإسلام و هناك فهم إسلامي آخر يمثله الأئمة ويمثله علماء الدين الشيعة هذه النظرية لا تتعارض مع النظرية العقلية التي تقول لابد للإنسان أن يكون إنساناً مهذباً فاهماً عادلاً يريد نفع الناس. فإن الدين عقل و وحي.
فظهرت أيضاً ظاهرة في الآونة الأخيرة تدعو إلى ايجاد نظام عالمي جديد ولكن أميريكية. كلا الدعوتين مادية وكلا الدعوتين تريد القضاء على الإسلام والمسلمين بحجج واهية، لأنهم فهموا أن الدين هو الذي تمثله القاعدة و يمثله الداعش الذي قام على السّيف وعلى الدم و على الإرهاب. وهذا مرفوض في النظرية الإمامية فإن النظرية الإمامية تؤمن بالتعايش السلمي بين المسلمين وبين الأديان وبين البشر. أما بين المسلمين فقط تمسّكوا بالآية القرآنية التي تقول إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله.
وأما الوحدة والإتحاد والتفاهم بين الأديان فيستندون إلى الآية القرآنية التي تخاطب أهل الأديان: يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً.
يعني أنتم ونحن نعيش بعيشة السلام مادُمنا ندعو إلى الله و إلى شريعة الله. لكن بشرط أن لا تشهَرُ الحرب ضد الإسلام. فنحن نتعايش معهم، بل نتعايش مع البَشر و إن لم يكن لهم دين إستناداً إلى الآية القرآنية: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم و تقسطوا إليهم. فالذي لا يريد القضاء على ديننا من البشر لم يخرجنا عن ديارنا، ولم ينهانا الله أن نبرّ إليهم و نقسط إليهم و إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و أخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم، هناك يوجد نهي أن تبرّوهم و تقسطوا إليهم.
إذن الإسلام أوجد التعايش بين البشر وأوجد التعايش بين الأديان وأوجد التعايش بين المسلمين بشرط أن لا يكون قصدهم القضاء على الإسلام وعلى المسلمين. فإذا كان قصدهم القضاء على الإسلام و المسلمين يختلف الأمر حينئذ يكون محاربين و لا نستسلم لهم و انما نواجههم. النبي صلى الله عليه و آله لم يجبر الناس على دخول الإسلام بالسّيف. كما فعل الدواعش. ماكوا إما أن تكون مسلما و إما أن تقسط، لا يوجد.
هذا هو الذي يدعو إليه ائمة المسلمين و علماء الشيعة الأفاضل الأكارم التقاة الثقاة. يريدون التعايش و لا يريدون الدّم و لا يريدون العُنف ولا يريدون الإعتداء على الآخرين. إنما طريقتهم اُعفوا و اصفحوا أو آية القرآنية التي تقول: ادفع بالحسنة السيئة. يعني من أساء إليك أنت أحسن إليه. هذه هي طريقة الإمامية وهذه هي طريقة الشيعة هذه هي طريقة علماء الإسلام الصحيحة. لا الطريقة التي فيها عنف و فيها إرهاب و فيها تخويف و فيها قتل.
فالإسلام والنظرية الإسلامية الصحيحة، ما عليه الشيعة الإمامية من التعايش السلمي بين البشر إنما طريقتهم الهداية والنصح والإرشاد بواسطة الشرع الذي متمثّل بالوحي و العقل العملي والنظري الذي هو حجّة و معلوماته الهية وليست بشرية. فمن يدع إلى العقل بوحده أسقط الإنسان عن التكريم الذي كرمه الله. و لقد كرمنا بني آدم. والذي يتخذ الوحي فقط من دون العقل ايضاً لم يكرم الإنسان لأن الإنسان مكرم بالوحي و العقل.
الوحي والعقل وآلية دخول عنصر الزمان والمكان في الفقه والأحكام الشرعي
الاجتهاد: هنا نفس المسألة. يعني الآن كيف الشباب والمجتمع الحاضر الذي يرى الآخرون من غير المسلمين لهم التطّور والتقدم والتكنولوجيا و مثل هذا. هو يسأل كيف يمكن أن نأتي بديننا وهذا الوحي الذي كان قبل الف وأربعمئة سنة مثلا إلى زماننا هذا، و هذا ما نرى في ايران وفي حوزة قم الذين يعتقدون بالوحي ويقولون نعم نحن مسلمين، لكن آلية حضور العقل وآلية حضور الزمان في الفقه والدستور الإسلامي هم يرونها أشياء مختلفة، وفي الواقع يمكننا أن نعتبرهم العلمانيين، لأنهم يرون أن الكثير من الأحكام و الكثير من التفاصيل الفقهية مضى زمانها و ليس للآن. كيف آلية دخول العقل في الفقه وبخاصة في الفكر النجفي الحالي، كيف يرى آلية دخول العقل وآلية دخول عنصر الزمان في الفقه والأحكام الشرعي؟
الشيخ حسن الجواهري : نحن قلنا أن مصادر الشريعة هي أربع، القرآن الكريم و هو كلام الله، و السنة النبوية الشريفة التي هي محفوظة عند الأئمة، لإن كلام الأئمة ليس إجتهاداً وليس قياساً و ليس رأياً إنما هو عن آباءهم عن رسول الله (ص) فيعتبر الرواية التي إتصل إلى النبي هي النبوية. فالمصادر التشريع الكتاب الكريم والسنة النبوية بما فيها ما ينتهي إلى الأئمة فإنهم ليسوا مجتهدين وليسوا أصحاب رأي وليسوا أصحاب قياس و إنما هم يقولون عن آباهم عن النبي صلى الله عليه و سلم. و هذا سنة النبوية.
إضف إلى ذلك الإجماع و العقل. و في زمان السابق قالوا إنما مصادر التشريع أربعة، منها العقل. و العقل ما هو؟ العقل العملي الذي تطابقت عليه آراء العقلاء و العقل النظري الفطري، هذا العقل مصدر من مصادر التشريع، و يمكن أن يوجد حكما شرعياً مصدره العقل و إن كانت اكثر الأحكام الشرعية فيها نصوص و لكن يمكن أن نوجد أحكام الشرعية مصدرها العقل فقط ( العقل العملي و العقل النظري).
إما أن يكون الحكم مستنداً العقل فقط بكلا مقدمتيه الصغرى والكبرى، أو يكون إحدى المقدمتين عقلية، فإن الذي يَنتج من العقل ليس علماً بشرياً حتى يكون مخالفاً للدين .
هؤلاء الذي يقولون بأن العقل والعلم في هذا الزمان يخالف الشريعة، هذا خطأ. فإن الشريعة والدين ليس وحياً في مقابل العقل، إنما الدین وحي و عقلٌ.
فالمعارف العلمية التي تأتي من طريق العقل هذا الهام الهي وهذا تشريع الهي. لو كنت أنت في الطائرة في الفضاء و معك جماعة كثيرة و تعلَم بأنك إذا ضغطت على هذه الآلة تسقط الطائرة، فهل هذا حلال أو حرام؟ هل هذا ظلم أو ليس بظلم بنفسك وبأصحابك؟ هذا حرام وهذا ظلم. و ليس فيه نص، إنما فيه فهم عقلي وعقل عملي. الظلم حرام الظلم ينبغي أن يترك والعدل ينبغي أن يُوجد، و هذا ظلم لركابه و هذا ظلم، فهذا فهم الهي.
أنتم لا تفصلوا، المجرمون العلمانيون أن نعبر عنهم المجرمين، لأنهم إذا أدركوا أن الدين هو وحي وعقل، لكنهم يقولون بأن الدين في مقابل العقل، هذا هو الخطأ. لو قلنا الدين في مقابل العقل و العلم يعني فصلنا الدين عن العقل و العلم وهذا من أخطر الأمور و أخطئها و أرذلها. فصل الدين عن العقل و العلم.
إنما الدين هو مَقسم ينقسم إلى وحي و إلى عقل و علم، فهذه العلوم العقلية فهم الهي، و ليس بشري حتى تكون في مقابل الدين. هؤلاء يدعون إلى العقل و كأن العقل من صنيعتهم، بينما العقل من صنيعة الله أوجده في الإنسان لأجل أن يستند به على وجود الله و على وجود النبوة و على وجود الشريعة، و هو ايضا مصدر من مصادر التشريع الإسلامي نوجد أحكاماً عن طريق عقل العملي و النظري، فلماذا يقولون بأن الوحي في مقابل العقل؟ ولماذا يقولون الدين في مقابل العقل؟
ليس الدين في مقابل العقل. الوحي والعقل كلاهما دعامتان للدين فهم يقولون توجد هناك أمور علمية و عقلية تخالف الوحي. لايوجد هناك شيء يخالف الوحي. الوحي يمثل فهماً الهياً والعقل يمثل فهماً إلهياً كلاهما يمثلان الدين.
إذن الآن الموجود من الدعوة العلمانية إلى العقل. يعني يريدون أن يأخذوا بالعقل فقط و هذا ايضاً باطل.. عقل و وحي. الذي يأخذ بالوحي فقط و يترك العقل كالمدرسة الاخبارية، هذا خطأ. المدرسة الاخبارية أخذت بالوحي و تركت العقل لكونه أداة لإستنباط الحكم الشرعي وقالوا الحكم الشرعي يستنبط من الوحي و هذا خطأ.
المدرسة النجفية تقول بأن الحكم الشرعي قد يُستنبط من الشرع وقد يستنبط من العقل وقد يستنبط منهما معاً. مقدمة شرعية و أخرى عقلية. فالعقل العملي و العقل النظري هو في مقابل الوحي و كلاهما يمثان الدين، فأي تطّور غير مستند إلى الشرع، التطور العقلي و العلمي فإنه من الله في الإنسان كالوحي الذي هو من الله في هذه الارض. الوحي من الله في هذه الارض لهداية الإنسان و العقل من الله في هذه الأرض والعلم من الله في هذه الأرض لأجل هداية الإنسان .
العلم لابد له من قيّم يضبطه
ولكن العلم لابد له من قيّم يضبطه، فإن العلم إن لم يكن له قيم يكون في ضرر البشرية. تُصنع أسلحة جرثومية، أسلحة نووية، و تبيد النسل وتبيد الزرع تبيد الحيوان. فالعلم من الله يحتاج إلى قيّم و القيّم هو الوحي. يقول استعمل العلم في خدمة البشرية لا تستعمله في ضرر البشرية. فالعقل من الله قيّمه الوحي ويقيّده الوحي يجعله في صالح البشرية و ليس في ضررها.
مَن يأخذ بالعقل لوحده ضلّ و هوى، لأن العلم و العقل إن لم يكن له قيم يكون في ضرر الناس. هذا التطور الهائل الموجود في زماننا هذا، إن لم يكن هناك قيّم يحدده و يجعله في صالح البشرية فسيكون سبب في فنائها بواسطة الأسلحة الجرثومية و الكيمياوية و الذرية التي تهلك القارات بأكملها.
من يحكم هذا العلم و هذا العقل يحكمه الوحي يقيّده الوحي وقيّمه الوحي. فنحن نقول: ديننا وحي و عقلٌ. نحن لا نعتمد على الوحي فقط حتى تقول أن الوحي والشرع و الدين يكون في مقابل العلم، هذا خطأ. ديننا وحي و عقل و علم فإن العقل الذي تصدر منه المصادر العلمية و العلوم العلمية هذا وحي من الله هذا فهم الهي و لكن يحتاج إلى قيّم قيّمه الوحي يجعله في صالح الإنسان. هكذا ترى المدرسة النجفية أن العقل من مصادر التشريع وأنه هو الأساس في إيجاد الله وفي استدلال على وجوده. وهو الاساس في الإستدلال على نبوة النبي وعلى شريعة النبي وهو الأساس في بعض الأحكام الشرعية.
فإن العقل هدية من الله في الإنسان والفهم العقلي الفطري العملي والنظري هو فهم الهي فلا تفصلوا بين الدين وبين العلم هذا من الأشياء الواضحة البطلان ولكن يستعملها مَن لا إطلاع له بالشرع من المسلمين الذين يسمون بالمسلمين العلمانيين، ويستعمله من لا إطلاع له بالدين من الكافرين للفصل بين الدين وبين العقل وهو خطأ فضيع.
العقل والعرف
الاجتهاد: العقل شيء مجرّد، و كذلك الوحي يعني الوحي ليس هناك وجود في هذه المباحث الإجتماعية والعلمية الحادثة الآن. أنا الآن أريد أحل المشكلة. ما هذا العقل؟ العالم اليوم يقول هو العرف، العرف العقلائي ما هو السائد بين الناس. نحن ماذا نقول؟ يعني كيف مواجهتنا مع حل المشكلة في الأزمة؟
الشيخ حسن الجواهري : ليس العقل هو العرف، العرف هو شيء آخر تتّخذه بعض المدارس العالمية مصدراً للتشريع و هو الخطأ. لأن العرف يخطأ و العرف يفسق و العرف يفجر و العرف يسير مسيراً يوافق هوى النفس. أما العقل الذي نقوله فهو العقل العملي ما تطابقت عليه آراء العقلاء، يجب أن يسود العدل والصدق والإحسان والوفاء والتكافل وإعانة الآخرين ويجب أن يُنبذ الظلم. العقل العملي ينبذ الظلم والكذب والإعتلاء والفسق والفجور.
هذا العقل العملي الذي نقوله و هو موجود عند كل إنسان تطابقت عليه آراء العقلاء أن العدل ينبغي أن يسود و الظلم ينبغي أن يزول. هذا العقل الذي نقوله أنه حجة وهو العقل النظري و هو الفطري،: و لإن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن الله.
الإعتقاد بوجود خالق أمرٌ فطري، و ليس أمراً إكتسابياً، فمن يقول بالإلحاد ترك الفطرة وذهب إلى خلاف الفطرة. العقل النظري ما فطر الله الإنسان عليه من الضروريات والأشياء الواضحة التي يسير عليها الناس، هذا عقل نظري وذاك عقل عملي وهو الحجة في إستنباط الحكم الشرعي وهو ركن الدين وليس العرف.
العرف كما ترى، أن الأعراف قد تسير سيراً خاطئاً فاضحاً ظالماً مجرماً. ليس العرف دليلا من أدلتنا هذا. العقل العملي الذي تطابقت عليه آراء العقلاء كلهم. والعقل النظري الفطريات والضروريات والبديهيات و الأشياء التي قياساتها معها، هذه هي الحجة. فالله جعل العقل حجة لنا كما جعل الوحي حجة لنا وجعل الوحي قيّماً على العلوم العقلية والعلوم التي تنشأ من العقل لأجل أن لا تستعمل في ضرر البشرية. أما من كان له دين فيحدّ العلم في إستعماله في ما ينفع البشر.
الاجتهاد: هذا القيّم على العقل هو منهج الفقه و مصادر الفقه أو لا، شخص الفقيه؟
الشيخ حسن الجواهري : القيّم على العلم والمعلومات العقلية هو شرعنا و هو القرآن والسنة. ونحن نستنبط ما نستفيد من القرآن والسنة ونقول هذا حكم الشريعة. أما هي الشريعة بذاتها لا ما نفهمه. قدنفهم خطأ وقد نفهم صحيحاً، ولكن نقول القيم على العقل وعلى العلوم الشرع القرآن والسنة.
فما نستفيده منهما بصورة القطع واليقين هو الذي يكون قيماً على العقل وعلى العلوم لأجل أن لاتُستعمل في ضرر البشرية. الفقيه عنده الملكة لإستنباط الحجة على الحكم الشرعي فهو يستنبط الحجّة من الأدلة. القيّم على العلم وعلى العقل لأجل أن يكون في خدمة البشرية هو الشرع، والشرع هو القرآن والسنة وهو الوحي.
الاجتهاد: إذا كان هناك الخلاف في هذا الإستنباط، كيف؟ نحن الآن نريد أن نسجّل دستوراً للبلد وهناك خلاف بين المرجعين أو بين الإستنباطين. البعض يقول نعم في المسألة الفلانية يجب أن نجري إستطلاع عام، والآخر يقول لايجب. هنا، كيف يحل المشكلة؟
الشيخ حسن الجواهري: إذا لم يكن هناك إجماع من العلماء في فهم الوحي فحينئذ نتّبع الأعلم الذي هو أقرب إلى الحكم الواقعي. و لذلك إذا أجمع العلماء على شيء فهذا هو شرع الله، و إما إذا إختلفوا فالرّجوع إلى الأعلم وتنحل المشكلة. الأعلم هو الأقدر على الإستنباط الحكم الالهي من القرآن و السنة، فمن هو الأعلم؟ هذا هو الذي يكون حاكماً و هو الذي يكون حجّة إذا كان بينه و بين غير الأعلم درجة فارقة و كبيرة، بحيث يكون قوله حجة و قول آخر ليس بحجة.
الأعلم إذا إختلف مع غير الأعلم يكون قول الأعلم هو الحجة، فالأعلم هو الذي يكون عليه المدار و لذلك نقول بوجوب تقليد الأعلم فإن الأعلم في الحكم الشرعي يجعل قول غير الأعلم ليس بحجة.
يتبع..
القسم الثالث والأخير من الحوار مع الأستاذ الشيخ حسن الجواهري سينشر قريبا باذن الله.
الشيخ حسن الجواهري
في حوار مع الاجتهاد.. آية الله الشيخ حسن الجواهري: حوزة قم موسّعة بخلاف حوزة النجف التخصصية (1)
في حوار مع الاجتهاد.. آية الله الشيخ حسن الجواهري: حوزة قم موسّعة بخلاف حوزة النجف التخصصية (1)