تحدث حجة الاسلام والمسلمین الدكتور غلامرضا بهروزي لك عضو الهيئة التدريسية في جامعة باقر العلوم في مدينة قم في حوار خاص مع «الاجتهاد» فقال: الحدود هي أمور شكلية ومزيّفة والشيء الأصل هو الاسلام. وعلى اساس هذه الرؤية يقوم بتحليل فقهي لضرورة دعم الشعب الفلسطيني. وفيما يلي نص الحوار:
هل دعم الدول الاسلامية الأخرى ضد الظلم والظالم واجب على المسلمين و الحكومات الاسلامية؟
واحدة من النقاط التي لدينا في الفقه الاسلامي اعتبار الأمّة الإسلامية بمثابة الجسد الواحد. هذا هو الكلام الذي أكد عليه القرآن الكريم. مصطلح الأمة الواحدة أيضاً في الأمم السابقة والأمة الإسلامية دليل على هذا الإنسجام. وبطبيعة الحال هناك واقع تم فرضه على العالم الاسلامي وهو الحدود السياسية المصطنعة و المزيفة التي تقوم على اساس التراب والأرض والتي نصفها اليوم بالدول الإسلامية. إذا أخذنا بعين الإعتبار زيف الدول الإسلامية و تقسيم حدودها نرى أنّ هذه الحدود ليس لها مدخلية في الحكم الفقهي.
نظراً لأن الدفاع عن أي مسلم في المجتمع الذي نعيش فيه هو واجب على كل واحد من المسلمين فإن الامة الإسلامية كلها ملزمة بهذا الأمر و هو واجب عليه. لذلك لا يمكن الفصل بين الدولة و الحدود السياسية بين المسلمين، لكن في هذا الصدد لها حكم الدفاع عن جميع المسلمين. كما أن هذا الكلام تم التعبير عنه بطرق مختلفة عن الرسول الأكرم(ص) والمعصومين(ع): «من اصبح لم يهتم بامور المسلمين فليس بمسلم» أو «من سمع مسلماً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»، يدل على أنّ تعاطف المسلمين مع بعضهم كان موجوداً بشكل دائم، ولو أنه تم إيجاد حدود بينهم من الناحية السياسية.
هل هناك اختلاف في هذا الحكم بين المذاهب الاسلامية؟
من الناحية الاسلامية الشخص الذي ينطق بالشهادتين هو مسلم، باستثناء أولئك الذين هم شواذ أو بغاة أو الذين قاموا بتقويض المباديء الأساسية للدين. قد لا يمكن دعمهم؛ أما الأشخاص الذين اتّبعوا مباديء الدين و نطقوا بالشهادتين يجب دعمهم وفقاً للظروف و الإمكانيات.
يعني لا يمكن دعم أمثال الدواعش؟
لا يمكن دعم داعش لأنّ لديهم خطأ واضح في فهم الدين، هذه ليست قضية مذهب، بل الكثير من الحنابلة ليسوا دواعش أو وهابية. يمكن دعم الحنابلة؛ أمّا الدواعش أو الوهابية الذين ينكرون بطريقة أو بأخرى أحد ضروريات الدين و يقومون بتكفير المجتمع الاسلامي، وكذلك النواصب الذين يشتمون أهل بيت الرسول(ع) ويناصبوهم العداء.
ما هي القواعد أو الأدلة الفقهية التي تبرر ضرورة دعم هذه الدول؟
الشيء الذي يجري من القواعد الفقهية هو نفي السبيل. لأنه لا سبيل للظالمين على المؤمنين وهذا يقتضي أنّه ينبغي علينا محاولة القضاء على هذه الهيمنة والسبيل الذي يجده المشركون والكفار على المؤمنين. وفي فلسطين تجري هذه القاعدة أيضاً. الأشخاص الذين جاؤوا ليسيطروا على المسلمين و يقتلونهم و يعتبرون دمائهم و أرواحهم و مالهم مباح. إنّ قاعدة نفي السبيل من بين القواعد الفقهية التي توجب علينا دعمها. الدليل الآخر هو حرمة مال و روح المؤمن. أحد الأحكام الفقهية هي أن المحافظة على الدماء و النفوس أمر ضروري.
هل مباديء وأصول بحث الجهاد الدفاعي أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل هذه المسألة أيضاً؟
نعم من هذه الأدلة يمكن استخدام العمومات، بالطبع كل واحد منها في مكانه الخاص. الجهاد الدفاعي عندما يقوم العدو بمهاجمة الأراضي الإسلامية. كما ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُطرح في داخل الأمة الإسلامية، ولكن بما أنّ الظالمين غالباً ما يكونوا خارج الأمة الإسلامية لذلك ينبغي التعامل معهم بما يتناسب مع العمومات المتعلقة بالأحكام الفقهية المباشرة.
هل من الضروري دعم الدول الأخري، حتى لو كان لذلك الدعم عواقب سياسية واقتصادية علينا؟
لدينا في الفقه قاعدة الأهم فالأهم. في حال لم يكن هناك تزاحم فعلينا العمل بواجبنا الشرعي؛ لكن في حال حال وجود تزاحم. فإنّ قاعدة المصلحة و قاعدة الضرورة تقتضي علينا ان نراعي قاعدة الأهم فالأهم. وبالطبع فإن تحديد هذا الأهم فالأهم هو مسؤولية خبراء الدين الذين يدركون مصلحة الأمة الإسلامية التي ترتبط بطريقة ما بالولي الفقيه في المجتمع والذي يقيّم الظروف و يصدر بنفسه الحكم النهائي. في حال كان هناك تزاحم ينبغي على الأمة الإسلامية البحث عن القيادة الدينية وسيكون حكمهم الولائي واجب على الأمة بأكملها.
ما هي الواجبات التي تقع على عاتق المسلمين والدول الإسلامية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
من واجبنا على أي حال من الأحوال أن نكون قادرين على تقديم المساعدة المالية وحتى في بعض الظروف تقديم الروح للدفاع عن المسلمين. أقلّها إعلان البراءة وإعلام الإحتجاجات مثل المشاركة في التجمّعات و المظاهرات كرمز للمعارضة والإحتجاج. بالطبع جزء من هذه الأحكام يرتبط بالأفراد والقسم الآخر يتعلق بالحكومات. على أي حال يجب أن يعمل كل منهم بهذا الواجب بحسب ظروفه. وفي هذا السياق تتضاعف واجبات المؤسسات والتجمعات والمنظمات غير الحكومية الأكثر نشاطاً على الساحة الدولية. وأن يعلنوا عن احتجاجهم بشكل أكثر علنية و القيام بأنشطتهم الإعلامية.