حل الاختلاف في مسئلة الهلال

حل الاختلاف في مسألة الهلال .. الأستاذ السيد أحمد المددي “حفظه الله”

الاجتهاد: تبقى العوائل والمجتمعات وخصوصاً الصغيرة منها تعاني كل سنة من إختلاف الآراء الفقهية في مسألة الهلال وبداية الشهر، فهذا صائم وهذا فاطر في البيت الواحد، وهذا المركز الإسلامي يقيم صلاة العيد بعدد من مرتاديه والباقين ما زالوا صائمين، وهذا الإختلاف في الأعم الأغلب يرجع إلى إختلاف الآراء الفقهية، وليس بالضرورة رؤية الهلال نفسه، فهذا يقلد من يرى كفاية الرؤية بالعين المسلحة والآخر يقلد من يشترط الرؤية المجردة وهكذا.

هل هناك سعي فعلي من قبل الحوزة إلى تدارك هذا الإختلاف؟ وما هي أطروحتكم ونظرتكم؟

سماحة السید: المطلب الذي افدته مطلب صحيح ولا إشكال فيه وخصوصاً بعد توسع العلاقات في العالم المعاصر بإعتبار يمكن أن يطلع على المكان الفلاني صام والمكان الفلاني لم يصم والدولة الفلانية أعلنت العيد فالاطلاع على الأبعاد العالمية سهلة بعكس السابق،

سابقاً إذا واحد في قم مثلاً يريد أن يطلع أنّ أهل خراسان صاموا في أي يوم يحتاج تقريباً غلى شهر من الزمن وعادة المسافر من مشهد غلى قم أو من قم إلى القطيف أو إلى الإحساء أكثر من ثلاث أشهر، مثلاً أهالي خراسان كانوا في ذهابهم للحج سبعة أشهر والعودة سبعة أشهر يعني سنة وشهرين من مدينة مثل بونجور كان الحج يطول، أما الآن الحمد لله لحظة واحدة بالتلفون يعلم الأمور فسر وسعة الأشكال من هذه الجهة.

أما هل يمكن حل لهذه المشكلة العويصة؟

في تقديري صعب جداً جداً إذا أردنا الواقع، السر في ذلك أنّ الهلال له سير تكويني معين (منازل معينة) وهذا الوضع التكويني سابقاً كانوا يعرفونه بقواعد معينة في مناطق معينة في العالم مثل الصين يقال قبل خمس آلاف سنة كانوا يعينون سير القمر متى دخل؟ متى خرج البحر منها والهند والإغريق واليونان القديمة ومصر وبابل أما خصوص جزيرة العرب فما كان عندها ذاك إلمام بهذه المسألة فيروى عن رسول الله (إنا أمة أميون لا نكتب ولا نحسب) المراد بالحساب هو العلم بسير القمر (منازل القمر).

فهناك كان أمراً طبيعياً وهناك الرسول جعل الاعتبار بالرؤية فبطبيعة الحال سيتولد الخلاف.

الآن في الصين مثلاً الشهر القمري والسنة القمرية موجودة عندهم لكن كله على الحسابات، فلو فرضنا مثلاً أن في العالم الإسلامي كانوا يمشون على الحسابات يقل الخلاف كثيراً جداً لكن المشكلة مشوا على الرؤية وبعض النوبات بين الحسابات وبين الرؤية فرق أكثر من عشرين ساعة، بمعنى حسب الحسابات القمر خرج من المحاق لكن لم تحصل الرؤية فأحد الأشهر أظن أكثر من تسع وعشرين ساعة طالع من المحاق وبعد لم يره في منطقتنا فالمشكلة التي حصلت من هنا، والمشكلة العلمية الأخرى: متى نبدأ الشهر بالحسابات؟

يمكن أن نقول هذه اللحظة في هذا اليوم في باكستان بعده لم يطلع من المحاق لكن لما يوصل إلى شبه الجزيرة يخرج من المحاق فيمكن أن يقال مثلاً أهل باكستان يصومون وأهل الجزيرة يفطرون فالمشكلة لا تنتهي عند هذا الحد أيضاً فإذا أردت الواقع أفضل شيء أن نتكلم مع الناس بلغة صريحة نبين لهم الحق والواقع أن يكون لهم نظرة علمية للموضوع وليس نظرة ما تسمى بالعوامية.

النظرة العلمية هكذا:

المشكلة الأولى: الفرق بين المحاسبات وبين الرؤية كثير. وفي عالم النجوم الأمر يمشي على المحاسبات نعم أبو ريحان البيروني في كتابه يقول هناك مجتمعات كانت تعتبر بالرؤية وصحيح هذا موجود لكن الآن المجتمعات العلمية والمجتمعات العلمية القديمة اعتبارها ليس بالرؤية وإنما بالمحاسبات، وبين المحاسبات والرؤية غاية الإختلاف هذا أولاً.

ثانياً: لو إفترضنا أنّ علماء الإسلام إجتمعوا وجعلوا الاعتبار بالمحاسبات الآن فستتولد مشكلة جديدة بحسب المحاسبات (متى نجعله أول الشهر؟)، لأنه بالمحاسبات تقول الآن خرج القمر من المحاق لكن الآن ساعة أو نصف ساعة قبل غروب الشمس أو ساعة أو نصف ساعة من قبل ذهاب الحمر أو قبل نصف الليل أو قبل الفخر أو قبل طلوع الشمس، يعني بحسب المحاسبات الآن الحجاز طلع من المحاق ولكن ساعتين بعد الغروب لكن بالنسبة لنصف الليل نعم أوله.

العلماء في العالم الإسلامي قسم منهم شاءوا أم أبوا بنى على المحاسبات وقسم وخصوصاً طريقة أهل البيت بنى على الرؤية، فالمسألة مسألة دينية وليست مسألة شعارات وإنها وحدة إسلامية، وهذه نكتة:

الشريعة المباركة تصرفت وجعلت الإعتبار بالرؤية، مثلاً النبي يقول (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) هذه رواية تُنسب إلى الرسول وليست عندنا في مصادر الشيعة وإنّما عند السنة موجودة «لا نكتب ولا نحسب ولكن صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» يعني هذا واضح أنه النبي يقول «نحن لا نمشي على المحاسبات بل على الرؤية» جماعة يقولون صحيح أن النبي قال هكذا (نحن أمة) يعني المجتمع عندنا هكذا فنقول يا رسول الله المجتمع تغير، فالآن المجتمع الذي عندنا هم يكتب هم يحسب.

قال (أنّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) فهذا يوق لصحيح تلك الأمة هكذا لكن الآن الأمة تكتب وتحسب فيفهمون من الرواية أن الأمة إذا نتكتب وتحسب ترجع إلى المحاسبة.

فالمشكلة الأولى هكذا: انه هل الاعتبار بالمحاسبة أو الاعتبار بالرؤية؟
والمشكلة الثانية: بالحسابات متى يكون مبدأ الشهر؟

أما ما تفضلت به وهو:
هل الإعتبار بالعين المجردة أو بالعين الغير المجردة؟
والعين الغير مجردة فتقصد مجهر وتلسكوب وما شابه، فنقول:

هذا مرجعه إلى المحاسبات فالرية عبر التلسكوب تعود للمحاسبات فيكون الاعتبار بها.
نعود لسؤالكم: هل هناك حل لهذه المشكلة العويصة؟

الحل الوحيد علمياً ولا يوجد حل آخر هو: أنّ الفقهاء يجتمعون ويحاضرون ويتكلمون وبالأخير يصلون إلى نتيجة واحدة (إما المحاسبات وإما الرؤية).

فالآن علماء الإسلام مشكلتهم أنهم لم يصلوا غلى نتيجة واحدة، فالآن في زماننا منهم من يعتمد على المحاسبات ومنهم من لا يعتمد عليها بل يقول لابد من الرؤية.

فأصل المطلب هكذا: أنه بناءاً على الرؤية يكون رسول الله تصرف في عالم التشريع، وإما بالقول بالمحاسبات يكون رسول الله لم يتصرف ولم يكن عنده تنزيل جديد، لأنه سيكون قد مشى على حسب التكوين فظاهر الآية تقول «والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم»

فالظاهر من هذه الآية أن الرسول الأعظم يرى منازله بحسب الواقع لكنه قال (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فهناك شواهد حتى قرآنية موجودة فيها تأييد لحركة للقمر تكوينياً وأنّ رسول الله إنما لم يعمل بالمحاسبات لأن المحاسبات لم تكن موجودة في زمانه، فهؤلاء يعتقدون أنه لو كانت موجودة لرجع إليها لذا «إنا أمه أمية..» إشارة مثلاً إلى أنه كان يبلغه في مصر أو بابل عندهم محاسبات وبالفعل أنهم كذلك كانت لهم محاسبات منذ ذلك الزمان.

فهُناك مطلبان: المطلب التكويني وهي المحاسبة والمطلب الإعتباري الشرعي وهو حساب الرؤيا وفعلاً علماء العالم الإسلامي على طائفتان فمنهم من يعتمد على الحساب ومنهم من يعتمد الرؤية.

سؤال: هل أقر النبي لأهل مصر وبابل حساباتهم؟

لا، أول شيء نقل في ذلك كان بعد رحيل الرسول الأعظم‘، وفي سنةٍ جاء شخص من الشام وقال (نحن صمنا مثلاً من ليلة الجمعة) وإبن عباس قال: نحن رأينا الهلال ليلة السبت، فأمر رسول الله أن كل واحد يصوم ببلده، هذا من أول ما نعرف من الصحابة، يعني جعل الإعتبار بالرؤيا في بلده.

تقريباً في القرن الثاني نُقل عن الغرب ـ عن اليونان وغيره ـ جدول وهذا الجدول اعتمده جملة من علماء الفلك وحاصله هكذا:
أن المشهور القمرية تكون دائماً شهر تام وشهر ناقص والشهر الآخر كبيس وغير كبيس ـ هذا يُعبر عنه بجدول ـ

مثلاً كانوا يعتمدون على هذا الحساب أن شهر شعبان دائماً ناقص وشهر رمضان دائماً تام هذا شكل من المحاسبات أول ما ظهرت من المحاسبات ودخل في العالم الإسلامي هُناك فينسب هذا النسبة ليست دقيقة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، وكان من أولاد عبد لله بن جعفر زوج السيدة زينب سلام الله عليها يعني إبن عمها وزوجها، هو من أحفاده وله جهة سياسية هذا ظاهراً في كتاب السعد والسعود يُنسب إليه بأنه وضع هذا الجدول فهذا أول ما نعرف من الجدول للمحاسبات

لكن تدريجياً العلم توسع الآن لكم وبإمكانكم حتى طفل بسيط على برنامج الكمبيوتر يستطيع أن يعرف القمر على أين موجود، في أي مقدار يواجه الأرض، أي مقدار لا يواجه الأرض حتى مقدار النير من عنده المواجه لـ مثلاً أفرض لإيران كذا للحجاز كذا باكتسان كذا كل طفل عمره خمس سنوات، عشر سنوات سيعرف الآن المحاسبات وسط إلى حد محير للعقول فكما هذا الأخ أستشكل بإختلاف المسلمين يوجد إشكال آخر من عند العلماء والدارسين في الجامعات العلمية لماذا تختلفون هذا واضح فلماذا الإختلاف..!

فسر الإختلاف لواقعنا، الذي أصبح واقعا وكأنه عُقدة ـ كما تفضلت ـ وهذه مشكلة أن العالم الإسلامي بعلمائهم، وأنه ليس مطلبا بتناوله الجُهال والعوام.

(علماء العالم الإسلامي) إختلفوا في أن المرجع في معرفة الهلال هي المحاسبات أو الرؤية، هي مشكلة لابّد أن نبين للناس لماذا الناس يكونون في حيرة، نبين للناس أن هذه المشكلة الآن بحسب الظاهر لأن الأدلة الشرعية لكلا الطرفين موجودة الواقع التاريخي، قلت لكم أنّ المحاسبات بدأت عند الشيعة من زمن الإمام الصادق أن شهر رمضان تام أبداً وشهر شعبان ناقص أبداً وشهر رجب تام أبدا وهلم جرا شهر تام وشهر ناقص،

المشكلة الثانية موجودة هذه المشكلة أيضاً موجودة الآن الدول الإسلامية يُنقل عنها، ولكنها ليست بحجم المشكلة الأولى المشكلة الثانية لو فرضنا المحاسبات لأنّ بالرؤيا إذا غربت الشمس ولم يكن القمر خارجاً من المحاق أو أفرض بعد ساعتين من أفق هذا المكان بعد ساعة ما موجود في الأفق حتى نراه، لكن بالمحاسبات نقول لا خرج قبل نصف الليل،

فجماعة بنوا على أنّ الإعتبار بالمحاسبات والإعتبار بعد نقل هل هو أول شهر رمضان أو لا، أن يكون قبل نصف الليل لا قبل الغروب هذه مشكلة أخرى يعني جماعة يتصورون دعنا نقول بالمحاسبات تنتهي المشكلة حتى العالم الإسلامي يتوحد، الجواب عليهم هو لا، لأنّ هذه المسألة فيها جهة تكوينية وهي سير القمر لكن فيها جهة إعتبارية شرعية يعني قانونية، جهة الإعتبارية حسب الإعتبار متى نجعله أول الشهر، إذا خرج القمر من المحاق قبل الغروب ولو خرج قبل نصف الليل ولو خرج قبل الفجر ولو خرج قبل طلوع الشمس فهناك فرق كبير.

فلذا أنا في تصوري بأن هذه المشكلة بهذا الحجم الموجود، نعم إنصافاً في الفقه الشيعي وعند كثير من السنة، بأن مجموع الروايات شواهدها قوية جداً وحقاً يقال على أنّ الإعتبار بالرؤية، فحينئذٍ إذا استطاع العلماء (بعض العلماء) أن يُثبت هذا حتى على مستوى الفقه الإسلامي يجمع الشواهد بأن الإعتبار بالرؤية لا بالمحاسبات، فحينئذٍ المشكلة الموجودة هي الواقع الخارجي يعني جملة من الدول تدعي الرؤيا وغير ذلك وواقعاً لا توجد رؤية،

فمنشأ المشكلة هو هكذا، فمثلاً أنا في إحدى السنوات كنت في الحج ساعتين وأكثر من ساعتين خروج القمر كاملاً من المحاق وبعد غروب الشمس، أساساً في أفق الحجاز لا يوجد أصلاً، ومع ذلك أعلنوا أنّ ذلك اليوم هو أول يوم للحج يعني يدعون الرؤيا وهذه الرؤية كاذبة يعني هُناك مشكلة دعوة الرؤية موجودة لكن غير صحيح إذا آمنا وصفينا هذا المطلب،

وإنصافاً عندي هكذا يُمكن أن نقنع العالم الإسلامي لعلة تسعين بالمائة حتى نستطيع أن نقنع علماء العالم الإسلامي الزيدية والشيعية والإمامية والحنفية والوهابية نقنعهم بأن الإعتبار بالرؤية ولابد أيضاً أن تكون النكتة المهمة هي مسالة تحقق الرؤيا بالفعل كانت الرؤيا موجودة أم لا، هذه المشكلة يمكن حلها لأن الناس بإمكانهم أن يخرجون ويرون وإذا أحدهم أدعى الرؤيا يظهره مثلاً يمكن حلها أو ثبت أن هذه الإنسان ثقة جليل وكذا يمكن حلها.

نعم الآن كثير من الدول تدعي الرؤيا حتى يقال في إحدى المرات جاء أحدهم وكان في عيونه عمش وقال أنا رأيته!!! ويمكن حل العويصة إبتداءً بـ مسألة الرجوع للمحاسبات أو إلى الرؤيا تكون تنحل فهذه مشكلة، على أي إنصافاً ولكن بحسب الشواهد الموجودة من الروايات إنصافاً يمكن دعوى بأنه يمكن لا أقل عند تسعين بالمائة من علماء الإسلامية أن تنحل هذه القضية لصالح الرؤيا وليس لصالح المحاسبات

ولكن مشكلة أخرى أن حملة من الحكومات لا تعتمد الرؤيا واقعاً تكلمنا عن الرؤيا لكن الدعوة باطلة نقلت لكم لعله مزاح لا أدري بصحته يُنقل عن مفتي الديار العراقية أنه افتى بثبوت أول الشهر وأنه عيد، فعندما سُئل كيف افتى بذلك؟ أهناك رؤية هُنا أم أدعى الرؤيا فكيف أفتيت..؟! فقال مجيبا بأني سمعتت ذلك أيضاً من الراديو!!!

 

المصدر: موقع الاستاذ السيد أحمد المددي

 

مسألة الهلال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky