الاجتهاد: إذا طلق الرجل زوجته وتبين للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دونما سبب معقول وأن الزوجة سيصيبها بذلك بؤس وفاقة، جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حالة ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ نفقة ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة، وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهرياً بحسب مقتضى الحال.
إن أي عقد زواج لايكون إلا بإرادة الطرفين، ولكن عند فصله قد يتم بإرادة منفردة من الزوج، وفي هذا إجحاف وظلم شديدان للمرأة، فإذا كان أحد أركان عقد الزواج هو الإيجاب من أحد العاقدين والقبول من الآخر كما جاء في المادة 5 من القانون فهو عقد رضائي بين الرجل والمرأة، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون فسخ هذا العقد بإرادة الطرفين أو بقرار من القاضي إذا أخلّ أحد الطرفين بالتزاماته أو طلب الفسخ.
فما هو الطلاق التعسفي ؟ وماهي شروطه!
هو الطلاق الواقع من الزوج أو وكيله على الزوجة دونما سبب معقول أو مسوغ شرعي، وذلك وفقاً لما أشارت إليه المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية السوريً بقولها:
(إذا طلق الرجل زوجته وتبين للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دونما سبب معقول وأن الزوجة سيصيبها بذلك بؤس وفاقة، جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حالة ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ نفقة ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة، وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهرياً بحسب مقتضى الحال).
فهنالك ثلاثة شروط وهي أن يكون الطلاق دون سبب مسوّغ، أن يؤدي الى بؤس وفاقة ، أن يرى القاضي أنها تستحق التعويض.
فعند توافر الشروط الآنفة الذكر يستحق التعويض وينطبق الحال ذاته فيما إذا كان الطلاق تم سواءً قبل الدخول أو الخلوة أو بعدهما، لابد من الاشارة إلى أن توافر هذه الشروط لابد أن تكون مجتمعة ومتلازمة في الوقت ذاته حتى يستحق التعويض، وفقدان أي شرط من شروط طلاق التعسف يحول دون الحكم بالتعويض.
ومن الجدير ذكره إن التعويض عن الطلاق التعسفي ليس مطلقاً، بل يمكن أن تحرم الزوجةهذا التعويض في أحوال عديدة أهمها:
– إذا تم الطلاق في إحدى حالات التفريق أو مايعرف بالطلاق القضائي أي أن يكون الطلاق داخلاً ضمن حالات التفريق المعروفة قانوناً، كما في حالة التفريق للشقاق والضرر لأن محل التعويض عن الطلاق هو الذي يوقعه الزوج بإرادته المنفردة، فإذا كان الطلاق واقعاً بحكم القاضي نتيجة لدعوى التفريق فلا تستحق المطلقة تعويضاً عن هذا الطلاق .
زواج المطلقة لانتفاء السبب الثاني من استحقاق تعويض الطلاق التعسفي وهو إصابتها بالبؤس والفاقة .
– إذا كان الطلاق مشروعاً فإن الزوجة تحرم التعويض ولا يعتبر عقم الزوجة سبباً مشروعاً .
– ويعد أيضاً عمل المطلقة سبباً آخر لحرمانها من المطالبة بتعويض.
– وجود معيل للزوجة المطلقة يحرمها تعويض الطلاق التعسفي، ولكن يشترط أن يكون المعيل قادراً على الإنفاق عليها قضاءً أو رضاءً.
ولابد من التنبيه إلى أن هذه الحالات التي تحرم فيها من حقها بالتعويض هي على سبيل الذكر لا على سبيل الحصر.
تقدير التعويض والسلطة المخولة بتقديره:
أوضحت المادة 117 السلطة المخولة بتقدير التعويض وهو القاضي الشرعي، ولابد لهذا التقدير أن يكون مقيداً بحالة الزوج ودرجة تعسفه على ألا يتجاوز نفقة ثلاث سنوات لأمثال الزوجة، وهذا التقدير لا يشمل نفقة العدة ، وللقاضي الحكم بإلزام الزوج بدفع هذا التعويض دفعة واحدة أو أن يكون مقسطاً شهرياً حسب واقع الحال .
إذاً تقدير التعويض من الأمور الموضوعية المتروكة لقناعة القاضي الشرعي وحده ،. وإن وجود المؤجل أو المعجل في صك الزواج لا يمنع المطلقة من الإفادة من حقها بتعويض هذا الطلاق.
ولايمكن المطالبة بالتعويض إلا بعد انقضاء العدة الشرعية، أي بعد أن يصبح الطلاق بائناً ولا يمكن تقديمه خلال فترة العدة .
ما يعني أن هذه الشروط تعجيزية وصعبة التحقق، لذلك لن تنال المرأة المطلقة حتى هذا التعويض الذي بالحقيقة لن يكون أكثر من مجرّد إعانة ماديّة لتدبّر شؤونها،
فشرط البؤس والفاقة صعب التحقق بوجود الأخ أو الأب أو أحد الأقارب حتى الدرجة الرابعة القادرين على إعالة المرأة، وخاصة فيما يتعلق بالطلاق بعد مرور أكثر من عشرين عاماً من الحياة الزوجية، فذلك يؤثّر سلباً على المرأة التي لن يفيدها التعويض مهما كان كبيراً، فهي لن تستطيع العثور على منزل أو عمل وربما تكون قد تنازلت عن حصتها الإرثية كما الكثير من النساء في بلادنا،
لذلك من الواجب تعديل القانون بما يسمح للمرأة بأن تأخذ نصف بيت الزوجية بشكل طبيعي أو نصف ما يملك الزوج إن مضى على زواجهما فترة طويلة يحددها المشرّع.