حصانة ولي الفقيه محمود-حكمت-نيا

حصانة الولي الفقيه: الإطار الفقهي والقانوني لمواجهة التهديدات ضد السيادة الإسلامية

خاص الاجتهاد: اعتبر الأستاذ محمود حكمت نيا حصانة ولي الفقيه ركنًا قانونيًا وفقهيًا، ووصف التهديد ضده بأنه تهديد لقلب الأمة الإسلامية.

حسب تقرير “الاجتهاد”، انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.

وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها

حصانة الولي الفقيه: الإطار الفقهي والقانوني لمواجهة التهديدات ضد السيادة الإسلامية

 عضو الهيئة العلمية في معهد الثقافة والفكر الإسلامي، الأستاذ محمود حكمت نيا: في منطق القانون والفقه الإسلامي، لا يحق لأي شخص أن يهدد حق حياة الآخر؛ هذا المبدأ لا يقبل الشك ولا يحتاج إلى إعادة إثبات، فما بالك إذا كان هذا التهديد موجهًا إلى ولي أمر المسلمين الذي يتمتع بحصانة مضاعفة.

في الأنظمة القانونية المعتبرة، وكذلك في القانون الإنساني الدولي، يتمتع الشخصيات الدينية بحصانة خاصة في النزاعات المسلحة، ويُراعى بجدية مبدأ التمييز بين العسكريين وغير العسكريين في شأنهم؛ لأنهم في الأساس لا يشاركون في الحرب ولا ينبغي أن يكونوا هدفًا للعمليات العسكرية أو التهديدات الأمنية.

في النظام الإسلامي، لا يُعد الولي الفقيه مجرد قائد سياسي، بل هو رمز الهوية الدينية، الأخلاقية، الاجتماعية، والسياسية للمجتمع الإسلامي. إن الاعتداء على مقام ولاية الفقيه ليس تهديدًا لشخص فحسب، بل هو تهديد لبنية الهوية وكيان النظام الإسلامي. ولا يمكن تفسير مثل هذا التهديد في إطار حرية التعبير؛ بل على العكس، يُعد هذا الاعتداء من المصاديق الواضحة للخروج عن دائرة حرية التعبير والدخول في مجال الجريمة السياسية والأمنية.

عند مواجهة مثل هذه التهديدات، يجب تطوير الخطاب الفقهي والقانوني. فالتهديد ضد ولي أمر المسلمين يُعد تهديدًا مضاعفًا لحق الحياة؛ لأن الولي الفقيه ليس مجرد فرد، بل هو الركن الأساسي للنظام السياسي الإسلامي والعنصر المكون لهوية الأمة المسلمة، خاصة في المنظومة الشيعية.

في الفقه الشيعي، لا يُعد المرجع التقليدي مجرد فقيه، بل هو عنصر يهدف إلى تنظيم الجوانب الأخلاقية والدينية في المجتمع. وإذا تولى هذا المرجع مسؤولية القيادة السياسية للمجتمع أيضًا، فإنه يتحول إلى رمز للاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للبلاد. ومن هنا، فإن حصانته ليست منطقية فحسب، بل هي فقهية وقانونية، وأي اعتداء عليه بأي شكل من الأشكال، سواء كان تهديدًا أو إهانة أو عملًا فعليًا، هو محرم ومدان.

مسؤولية النظام الإسلامي في حماية مكانة القيادة
إن دعم الولي الفقيه لا يقتصر على الحماية الجسدية، بل يجب تعزيزه على مستويات مختلفة: القانونية، والثقافية، والسياسية، والدولية. فحماية ولي الأمر تتطلب تدابير خاصة، وفي مواجهة الأعداء الذين يهددون علنًا بإزالة قائد الثورة الإسلامية، يجب أن تكون ردود الفعل متناسبة مع مستوى التهديد.

في النظام القانوني الحالي، تُنفذ الأحكام القضائية عبر الجهاز القضائي للدولة. ولكن إذا كان التهديد على مستوى إزالة الركن الأساسي للنظام وتدمير البنية التحتية للمجتمع الإسلامي، فإن هذه المسألة لم تعد تقع ضمن نطاق القضاء فحسب، بل تدخل في مجال التدبير السياسي والأمني.

إن التهديدات الصريحة من شخصيات مثل دونالد ترامب، الذي أعلن علنًا أنه سيقتل قائد الجمهورية الإسلامية إذا أمكن، ليست من قبيل التهديدات العادية، ولا يمكن التعامل معها باللغة القانونية التقليدية. في مثل هذه الحالات، يكون مبدأ التمييز بين المدنيين والعسكريين، أو بين الدولة والشعب، قد انتهك بالفعل من قبل المهدد، وبذلك يخرج المهدد نفسه من دائرة المبادئ الدولية. لذلك، فإن الرد المتبادل يمكن أيضًا أن يتجاوز الإطار القانوني البحت ويدخل في إطار أدبيات المقاومة والعداوة المشروعة.

إن فقهنا يمتلك القدرة على توفير أطر للمواجهة في حالات التهديد ضد الحاكم الإسلامي. وعلى الرغم من أن المحاكمة الغيابية ممكنة في الساحة الدولية، فإن تنفيذ الحكم يعتمد على إمكانية وقدرة الدولة العملية على تحقيقه. وهنا يجب على الفقه أن يقدم إجابة حول كيفية التعامل مع مرتكبي مثل هذه التهديدات.

من المنظور الفقهي والأخلاقي، مكانة الولي الفقيه كروح الأمة الإسلامية، والتعرض له يعني تهديد قلب الأمة. لذلك، حتى لو جاء التهديد في شكل إهانة أو عمل إعلامي، فإنه لا يزال ضمن حدود الحرمة ولا يمكن قبوله بأي مبرر.

الدفاع عن الولي الفقيه: مسؤولية شاملة
إن هذه التهديدات ليست مجرد مسألة تخص المؤسسات الأمنية أو القضائية، بل هي واجب عام على جميع المسلمين والمواطنين الموالين للنظام الإسلامي. ففي الفقه الشيعي، يُعد الدفاع عن حرمة الولي الفقيه واجبًا شرعيًا وشاملًا.

يجب توظيف جميع القدرات من المنظور الفقهي والقانوني والإعلامي والثقافي والسياسي للدفاع عن ولي أمر المسلمين، وعدم السماح للعدو بأن يتلاعب بأمن وهُوية الأمة الإسلامية بتجاوزه الخطوط الحمراء. ولحماية قائدها، يجب على النظام الإسلامي تفعيل لغة القوة والتدبير في آن واحد، سواء على الساحة الدولية أو ضمن هياكله الداخلية.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky