الاجتهاد: «تنقيح مباني العروة -كتاب الصوم» هو شرح وتوضيح لمباني نظريات السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي في كتاب «العروة الوثقى» بقلم سماحة آية الله الميرزا جواد التبريزي، في جزء واحد وباللغة العربية. يمكن للمستخدم الإطّلاع على التفسيرات اللازمة في هذا القسم في «قائمة مراجع تنقيح مباني العروة -كتاب الاجتهاد و التقليد».
وفي توضيح أهمية كتاب «العروة الوثقى» الذي يعدّ من أشهر رسائل العلماء المتأخرين يمكن ذكر معالمه الفريدة من كثرة الفروع و الدقة في التعبير عن الأحكام الشرعية، لذلك ومن أجل تبيين مكانته المتمحورة حول الأبحاث الفقهية والاستدلالية، قام العلماء من بعده بكتابة عشرات الشروح والهوامش والأبحاث الفقهية في ذيل هذه الرسالة الشريفة.
كتاب تنقيح مباني العروة الوثقى أيضاً هو من الشروح البحثية المعاصرة لأحكام و مسائل ومباني العروة الوثقى، وهدف المرحوم آية الله ميرزا جواد التبريزي التعرّف على الادلة الفقهية لمسائل الفتوى لدى السيد محمد كاظم اليزدي، والإشارة إلى أبعاد وجوانب كل مسألة في فقه الشيعة، حيث ورد أسفل النص الأصلي نقاط بحثية بطريقة استدلالية، وفحص دقيق في أدلة الاستنباط وتحديد أساس كل نظرية.
بعد وصول آية الله الميرزا جواد التبريزي إلى النجف ذهب إلى درس السيد الخوئي قدس الله نفسه، وكان السيد يلقي بحثاً في الاُصول بعد صلاة المغرب والعشاء في مسجده الذي يقيم فيه صلاة الجماعة، والمعروف بمسجد الخضراء، وكان البحث في تلك الجلسة حول مسألة أصولية، وهي وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية، واستدل فيها السيد الخوئي بعدة من الأدلة ومن جملتها رواية لزرارة بن أعين، فجاءه الميرزا التبريزي إلى مجلسه وعرض له إشكالا علميا حول تمسكه بالرواية، فقبل منه السيد الخوئي ذلك وقال له: : أحسنت، الحق معك.
وقد أعجب السيد الخوئي بهذا النبوغ العلمي للميرزا التبريزي فقال في اليوم التالي من تلك المناقشة وهو يحدث الشيخ محمد علي التوحيدي التبريزي صاحب مصباح الفقاهة رحمه الله: “سيكون لهذا الرجل شأن ومستقبل زاهر، وقال في حقه أيضا في مناسبة أخرى: “إنه فاضل مجتهد مطلق”.
اختص الميرزا جواد التبريزي بدرس السيد الخوئي، وكان ملازما لدرسه فقهاً واُصولاً ولمدة تسع سنين، كما طلب منه السيد الخوئي حضور جلسة الاستفتاء التي لا يحضرها أحد إلا بإذن خاص منه، وكان من المشتركين بالجلسة جمع من العلماء مثل: السيد محمد باقر الصدر، الشيخ مجتبى اللنكراني، الشيخ صدرا البادكوبي، والشيخ الوحيد الخراساني، والسيد السيستاني، والشيخ علي أصغر الأحمدي الشاهرودي، وبقي في مجلس الاستفتاء أكثر من عشرين سنة، ولهذا كان على اطلاع تام بمباني السيد الخوئي وفتاواه.
وقد أطلق عليه السيد الخوئي لقب “الميرزا”، وهو في عرف الأتراك يطلق على الرجل الكثير العلم، فاشتهر به. التدريس: بقي الميرزا التبريزي مواصلاً للبحث في النجف وأخذ اسمه يزداد شهرةً بالفضل، وأخذت حلقة درسه تتسع، وكان يدرس كتب السطوح العالية، فكان يرقى منبر أستاذه الخوئي في مسجد الخضراء ويلقي درس كفاية الأصول وغيره من كتب السطح على ما يقارب المائتين طالب، وهذا الرقم كان يعد في النجف آنذاك كبيرا.
توفي السيد الحكيم (قدس سره) عام 1390هـ ، وبعد وفاته بعام واحد شرع الميرزا التبريزي في تدريس الخارج (وهي أعلى المراحل الدراسية في الحوزة العلمية) في حقل علم الفقه على مكاسب الشيخ، وفي حقل علم الاصول من أول مباحث الأصول والتي تبدأ بمباحث الألفاظ، وقد بارك له أستاذه السيد الخوئي تلك الخطوة، واستمر في التدريس حتى سنة 1393هـ حيث قرر العودة إلى إيران، وذلك للمضايقات التي تلقاها العلماء الإيرانيون من قبل النظام البعثي.
وفي قم شرع في درسه في البحث الخارج على كتاب المكاسب وكذلك خارج الاصول في بيته، ومن ثم في مسجد (عشق علي)، ولما كثر تلاميذه انتقل إلى حسينية أرك القريبة من داره إلى أن كثر حضار الدرس كثرةً لا يسعهم المكان فانتقل وقبل أكثر من 12 عاما إلى المسجد الأعظم، وأصبح درسه هو الأكثر حضورا من جملة دروس البحث الخارج حيث زاد حضور درسه – من العلماء وفيهم المجتهدون – عن ألف شيخ، وقد شرع في المسجد الأعظم بتدريس البحث الخارج على متن العروة الوثقى، وقد فرغ من مباحث الاجتهاد والتقليد والطهارة، وقسما كبيرا من مباحث الصلاة حتى وصل إلى مبحث الخلل في الصلاة في السنة الأخيرة من حياته، كما أنه خصص يوم الأربعاء من كل أسبوع لتدريس القصاص والحدود والتعزيرات نظرا للحاجة الماسة في هذا المجال، وكان تلبية لبعض تلامذته المشغولين في مجال القضاء.
أما درس الأصول فقد درس ثلاث دورات كاملة فيه وكان مشغولا بالدورة الرابعة حين وافته المنية. وكان درسه يمتاز بالدقة والإحاطة بالمباني العلمية، وإيفاء الأدلة ونقوضها حقها، وقوة الاستدلال، والتركيز في البحث من دون تشتيت وتطويل، وبشكل يكون من تأمل قد حصل الجواب على الآراء الأخرى التي تخالفه.