تقرير عن مؤتمر المرجع المجاهد الدولي في مشهد

خاص الاجتهاد: عُقد مؤتمر “المرجع المجاهد” الدولي إحياءً للذكرى الأربعين لرحيل الفقيه والمرجع المجاهد آية الله الحاج السيد عبد الله الشيرازي (رحمه الله)، مع التأكيد على ضرورة مقارعة المنكر والدفاع عن المظلوم، وذلك اليوم الخميس التاسع من شهر اسفند الموافق 28 من شهر شعبان 1446، في قاعة مؤتمرات مجمع آفتاب ولايت في مدينة مشهد المقدسة.

الجلسات التخصصية لليوم الأول من المؤتمر:

في اليوم الأول من المؤتمر، الذي تناول موضوع السلوك الأخلاقي والتربوي والشخصية العلمية والفقهية للمرحوم آية الله الحاج السيد عبد الله الشيرازي (رضوان الله عليه)، قدم كل من أصحاب السماحة والفضيلة الآيات وحجج الإسلام بحوثهم: السيد موسوي الجزائري، والشيخ نجم الدين الطبسي، والشيخ علي معلمي، وأحمدي الشاهرودي، ورضا مختاري، ورجائي الخراساني، ورباني البيرجندي، والسيد محمد حسن موسوي البحراني، وناصر الدين أنصاري القمي، ورفيع بور الطهراني، من العلماء والأساتذة البارزين في الحوزات العلمية في قم ومشهد والنجف الأشرف والأهواز ومازندران.

وأكد المتحدثون في هذه الجلسة أن آية الله السيد عبد الله الشيرازي (رحمه الله) لم يكن مجرد عالم بارز، بل كان مجاهدًا لا يكلّ، لم يتوانَ أبدًا في دعم الشعب ومقارعة الظلم. كما صرحوا بأن آية الله الشيرازي كان في عصره أحد أنشط وأشجع الشخصيات العلمية والمجاهدة في العالم الإسلامي.

 في بداية هذه الجلسة التي بدأت بموضوع دراسة السلوك الأخلاقي والتربوي لآية الله السيد عبد الله الشيرازي (رحمه الله)، رحب حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد الله الشيرازي، حفيد المرحوم آية الله العظمى السيد عبد الله الشيرازي (ره)، مدير مؤسسة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) العلمية والخيرية، ومدير مؤتمر “المرجع المجاهد” الدولي، بالضيوف الحاضرين، قائلاً: “هذه الجلسة التي تُعقد كأولى الجلسات العلمية لهذا المؤتمر، تحمل عنوان دراسة السلوك التربوي والأخلاقي للمرحوم آية الله السيد عبد الله الشيرازي (رحمه الله). نأمل أن يحقق هذا المؤتمر نجاحات جيدة من خلال الاستفادة من كلمات الأساتذة والسادة المحترمين القيّمة

وأوضح الشيرازي أن هذا المؤتمر قد تم تنظيمه وتنسيقه لتكريم وتجليل المقام العلمي والجهادي والتربوي لتلك الشخصية العظيمة، آية الله السيد عبد الله الشيرازي (رحمه الله)، وكذلك نُحيي ذكرى العالم المجاهد والفقيه المثابر، المرحوم آية الله الحاج سيد محمد علي الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) نجل المرجع المجاهد السيد عبدالله الشيرازي، الذي لم يمر وقت طويل على ذكرى أربعينيته.

وقال حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد حسين رجائي الخراساني، أحد الخطباء البارزين في خراسان وأحد تلامذة آية الله السيد عبد الله الشيرازي (رحمه الله)، إلى المقام العلمي والخدمات الدائمة لهذا المرجع الشيعي الكبير، قائلاً: “كان آية الله الشيرازي مرجعًا تألق في سجل علماء الشيعة. لقد وُلد في عام 1271 هجري شمسي (الموافق لـ 1310 هجري قمري)، وترك خلال 95 عامًا من حياته المباركة آثارًا وخدمات قيّمة. وكان من أبرز تلاميذ المرحوم آية الله آغا ضياء العراقي وآية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني، وكان يُعتبر من الشخصيات البارزة في حوزة النجف الأشرف.

وأضاف رجائي الخراساني: لقد انخرط السيد الشيرازي في التدريس والتأليف في الحوزة العلمية في النجف لسنوات عديدة، وقام بتنشئة العديد من الطلاب. فإن تأسيس المؤسسات العلمية والمدارس المتعددة، بما في ذلك مدرسة آية الله الشيرازي العلمية في النجف، التي تعد اليوم واحدة من أهم المدارس النشطة في حوزة النجف، هي من الإنجازات الدائمة لهذا المرجع الكبير.

وأشار رجائي الخراساني إلى دور آية الله الشيرازي في نضالات الثورة الإسلامية الإيرانية، موضحًا: “بعد 50 عامًا من الإقامة في النجف، هاجر آية الله الشيرازي إلى مشهد المقدسة، وقضى السنوات العشر الأخيرة من حياته الشريفة في هذه المدينة. وفي هذه الفترة، بالتزامن مع الثورة الإسلامية، تولى قيادة نضالات أهالي خراسان، وبدعم شعبي، لعب دورًا هامًا في انتصار الثورة الإسلامية في هذه المنطقة.

وأشار الأستاذ الخراساني، إلى الدور الاجتماعي والخدمات الواسعة التي قدمها آية الله الشيرازي بعد انتصار الثورة الإسلامية، وقال: كان المرحوم، بعد انتصار الثورة الإسلامية، محوراً للوحدة والثقة بين العلماء وأهالي مشهد وخراسان. وتأسيس المدارس العلمية والمستوصفات والحسينيات وبيوت للطلاب، ليس سوى جزء يسير من الخدمات الاجتماعية التي قدمها هذا المرجع الجليل.

وفي سياق ذاته، أشار آية الله السيد محمد علي الموسوي الجزائري، ممثل محافظة طهران في الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة، إلى الشخصية العلمية والثورية لآية الله السيد عبد الله الشيرازي، قائلاً: تعود معرفتي بالمرحوم آية الله الشيرازي إلى فترة وجودي في النجف. وحوالي عام 53، مؤكدًا أن المرحوم آية الله السيد عبد الله الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) كان شخصية استثنائية، جمعت بين العلم الغزير والأخلاق الرفيعة. مضيفا: لقد فقدنا شخصية عظيمة لم تكن متفوقة في المجال العلمي فحسب، بل كانت نموذجاً في الأخلاق والتقوى أيضاً.

كما استذكر نجله، المرحوم آية الله السيد محمد علي الشيرازي (قدس سره)، وأضاف: “هذه الأسرة الكريمة أفنت عمرها في سبيل نشر معارف أهل البيت (عليهم السلام) وخدمة الإسلام. واستناداً إلى الروايات الإسلامية، أكد الموسوي الجزائري أن العلماء ورثة الأنبياء، ورسالتهم هي الحفاظ على التعاليم الإلهية ونشرها. وأضاف: كان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) باب مدينة علم النبي (صلى الله عليه وآله)، وانتقل هذا العلم إلى أهل البيت (عليهم السلام)، ثم إلى كبار علماء الشيعة. وكان آية الله الشيرازي أحد هؤلاء الورثة الحقيقيين لعلوم أهل البيت.

كما أشار حجة الإسلام والمسلمين محمد حسن رباني البيرجندي، أحد أساتذة البحث الخارج في حوزة مشهد العلمية، في كلمته إلى أهمية علم الأسانيد واعتبار الروايات في التراث العلمي لآية الله العظمى السيد عبد الله الشيرازي، وقال: إن دراسة النصوص الإسلامية والاهتمام بأسانيد الروايات كان دائماً أحد الأركان الهامة في علم الرجال. والمرحوم آية الله الشيرازي هو من بين الفقهاء الذين قاموا بتحليل ونقد الروايات بدقة واهتمام خاص بالنص والسند.

واستناداً إلى كتاب “قادة الفكر الديني والسياسي في النجف” للعلامة السيد محمد حسين الصغير، أشار إلى المكانة المرموقة لآية الله الشيرازي في الحوزة العلمية في النجف، وأضاف: إن أحد الأساليب الهامة لعلماء الرجال هو الاهتمام بالقرائن النصية إلى جانب وثاقة الراوي. وهذا الأسلوب يظهر بوضوح في آثار آية الله السيد عبد الله الشيرازي.

وأكد رباني البيرجندي على دور القرائن النصية في تقييم الروايات، قائلاً: إن كبار فقهاء أهل السنة والشيعة يؤمنون على حد سواء بأنه في كثير من الحالات، يمكن لقوة ومتانة النص أن تحل محل الدراسة الدقيقة للسند. ولهذا السبب، فإن شخصيات مثل البخاري ومسلم قد نقلوا روايات عن رواة شيعة. ونشاهد هذا الأساس أيضاً في الآثار الفقهية والأصولية لآية الله الشيرازي.

ثم جاء دور آية الله الحاج الشيخ نجم الدين الطبسي، عضو هيئة التدريس في الحوزة العلمية في قم، حول شخصية المرحوم آية الله الشيرازي، وقال: كان آية الله السيد عبد الله الشيرازي شخصية جريئة لا تخاف. فالذين عاصروا فترة حكم البعث في العراق يدركون جيدًا مدى صعوبة وخطورة تلك الأيام. ففي ذلك الوقت، كان مجرد رنين جرس المنزل كافيًا لترتجف القلوب، لكنه بشجاعة لا مثيل لها لم يتراجع أبدًا أمام التهديدات.

وتابع الطبسي: أتذكر أن آية الله الشيرازي كسر مرارًا وتكرارًا رموز الظلم والاستبداد بعصاه الشهيرة. وحتى في الظروف التي كانت تهب فيها العواصف السياسية وترتجف جدران المنازل الخلفية مع هبوب الرياح العاتية، كان دائمًا على استعداد للدفاع عن القيم الإسلامية. وأشار إلى قلق آية الله الشيرازي بشأن الحوزة العلمية في النجف، قائلاً: كان شعاره أن على أهل العالم أن ينجدوا حوزة النجف. وكان يعتقد أن هذا المركز العلمي والديني يجب أن يبقى مصونًا من أي ضرر أو تهديد. وكانت لديه خطط واسعة لإيصال هذه الرسالة إلى مختلف المدن، لكن حكومة الطاغوت لم تسمح بتنفيذ هذه الخطط.

واختتم حجة الإسلام والمسلمين الطبسي حديثه قائلاً: كان آية الله السيد عبد الله الشيرازي عالمًا جليلًا، اشتهر بالإضافة إلى مقامه العلمي بشجاعته وإحساسه بالمسؤولية. ولم يسكت أبدًا أمام الظلم والاستبداد، وسعى دائمًا للحفاظ على حرمة الإسلام والحوزات العلمية. وستبقى ذكرى هذا المرجع الشجاع والورع حية في قلوب محبيه.

كما أشار إلى دور آية الله الشيرازي في الثورة الإسلامية الإيرانية، وقال: خلال فترة إضراب صناعة النفط، كان آية الله الشيرازي أحد الشخصيات المؤثرة في استمرار هذا الإضراب. ومن خلال إنشاء صندوق دعم المضربين، قدم مساعدات مالية ومعيشية واسعة للعمال والموظفين المضربين، وطمأنهم بأن هذا الصندوق سيعوض احتياجاتهم حتى في حالة قطع رواتبهم.

هذل وصرح آية الله الحاج الشيخ محمد حسين أحمدي الشاهرودي، أحد أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، في هذا الاجتماع: لم يكن آية الله السيد عبد الله الشيرازي متمكنًا من آراء أستاذه آغا ضياء الدين العراقي فحسب، بل كان أيضًا متمكنًا بشكل مستقل من آراء المحقق النائيني وتلاميذه البارزين، وقام في مؤلفاته، بما في ذلك حاشيته على الرسائل، بنقد ومراجعة هذه الآراء.

وأضاف: إن ما يظهر في كتبه وحواشيه هو دقة علمية وعمق نظري لا مثيل له، حيث قام حتى بمراجعة آراء تلاميذ النائيني وكبار العلماء مثل آية الله الخوئي بنظرة نقدية وفاحصة.

وأشار إلى منهجية تدريس آية الله الشيرازي، قائلاً: كان يبدأ بعرض آراء الشيخ الأنصاري ويدرسها بتفصيل كامل، ثم يعرض آراء المحقق النائيني وتلاميذه، وفي النهاية يقوم بنقد وتحليل آراء أستاذه آغا ضياء بدقة. هذه الطريقة العلمية تدل على جامعيته وإتقانه للمباحث الأصولية.

وأكد أحمدي الشاهرودي على عظمة آية الله الشيرازي العلمية والأخلاقية، قائلاً: إن تواضعه العلمي في نقد آراء معاصريه ونظرته الموقرة لآراء الآخرين تظهر مكانته العلمية وشخصيته الأخلاقية البارزة بشكل أكبر.

وفي كلمة له، تحدث آية الله الحاج الشيخ علي معلمي عن ذكرياته وصفات المرحوم آية الله السيد عبد الله الشيرازي، وأشار إلى دوره التربوي والعلمي والأخلاقي في الحوزات العلمية في النجف ومشهد. مشيرا إلى توفيقه بحضور مجلس آية الله الشيرازي لمدة أربع سنوات، قائلاً: بالإضافة إلى إتقانه للعلوم الحوزوية، كان لديه أسلوب فريد في تربية تلاميذه. وكانت طريقة تدريسه تجبر الطلاب على البحث والتحقيق. على سبيل المثال، قبل طرح رواية في الدرس، كان يطلب من الطلاب البحث في المصادر ذات الصلة وإعداد معلومات دقيقة.

وأضاف: كان سلوكه الأبوي واهتمامه بأحوال الطلاب مثالياً. حتى لو غاب أحد الطلاب عن دروسه، كان يسأل عنه شخصياً ويطمئن على أحواله. هذه الروح المحبة والاهتمام الخاص تدل على أخلاقه الرفيعة.

كما أشار حجة الإسلام معلمي إلى حادثة اعتقال آية الله الشيرازي ومجموعة من كبار علماء الحوزة خلال انتفاضة مسجد كوهرشاد، قائلاً: بالإضافة إلى كبار العلماء مثل المرحوم السيد علي أكبر الخوئي والسيد يونس الأردبيلي والحاج آغا بزرك الشاهرودي، قضى خمسة عشر يوماً وليلة في سجن مشهد ثم شهرين في طهران. ومع ذلك، لم يبدِ أي ندم تحت ضغوط شديدة من حكومة رضا خان، ووقف بثبات وقوة على مواقفه.

أما حجة الإسلام والمسلمين مختاري، رئيس مؤسسة كتاب الشيعة وأحد المحققين في الحوزة العلمية في قم، إلى لقائه بالمرحوم آية الله السيد عبد الله الشيرازي في بداية فترة دراسته الحوزوية، وتناول إحدى أهم الرسائل الفقهية لهذا العالم الجليل، قائلاً: لم أوفق بحضور بحث الخارج في الفقه لآية الله الشيرازي إلا مرة واحدة، وكان موضوع البحث حينها الحج والشك في وحدات الطواف.

وأشار مختاري إلى مقال نُشر في مجموعة المقالات الفقهية، مضيفًا: هذا المقال هو نقد لنظرية آية الله الخوئي في مسألة اتحاد واختلاف الآفاق، والتي تناولها آية الله الشيرازي في رسالة بعنوان “هزار”. وتعتبر هذه الرسالة، التي يعود تاريخ تأليفها إلى السادس من رجب 1392 هـ، أول نقد رسمي لنظرية اتحاد الآفاق لآية الله الخوئي.

وأشار مختاري إلى تأثير هذه الانتقادات على تغيير فتوى آية الله الخوئي، قائلاً: بعد هذه الانتقادات العلمية، بما في ذلك النقد السريع والصريح لآية الله الشيرازي، عدل آية الله الخوئي فتواه في الطبعات اللاحقة من كتاب “منهاج الصالحين”، واشترط الاشتراك في جزء من الليل لإثبات بداية الشهر. هذا التغيير يدل على التأثير العميق للمباحث العلمية والفقهية لكبار العلماء على صياغة فتاوى أكثر دقة.

وفي الختام، أشار إلى دور فقهاء آخرين مثل العلامة الشهراني، وآية الله السيستاني، وآية الله السبحاني في مواصلة هذا البحث، مؤكدًا: “رسالة آية الله الشيرازي كانت من أوائل وأدق الانتقادات العلمية لنظرية اتحاد الآفاق، والتي شكلت مسار المباحث الفقهية في هذا المجال، ولا تزال تعتبر مرجعًا معتبرًا.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky