الاجتهاد: عرّف الصبي المميز فی ابواب العبادات والمعاملات بالصبي الذی یمیز بین الحسن والقبیح العقلائیین . التمییز هنا اشاره الی ما یلازمه الذی هو الموضوع الحقیقی والدخیل فی بابی العبادات و المعاملات وما هو الا القدرة علی القصد.
اشترط فی صحة عبادة الصبي وصحة معاملاته مضافا الی الشرائط العامة لکل مکلف، التمییز وافتی الفقهاء بوجوب تستر المرأة عن الصبي الممیز. هذه الرساله الوجیزة تتکفل تبیین موضوع الممیز وقبل الدخول فی صمیم البحث نلفت النظر الی ان التمییز ومشتقاتها لم ترد فی آیة ولا روایة ونبحث عنه فی فصلین .
الفصل الاول :الصبي المميز فی ابواب العبادات والمعاملات
عرّف الصبي المميز فی ابواب العبادات والمعاملات بالصبی الذی یمیز بین الحسن والقبیح العقلائیین . [1]
التمییز هنا اشاره الی ما یلازمه الذی هو الموضوع الحقیقی والدخیل فی بابی العبادات والمعاملات وما هو الا القدرة علی القصد.
توضیح ذلک
هناک ثلاث مقدمات
الاولی : مقتضی العمومات والاطلاقات مثل «من صام او من صلی فله کذا واحل الله البیع » صحة عمل کل من یقدر علی الاتیان بای عبادة وبای معاملة مع الاتیان بالشرائط .
الثانیة : ان العبادة والمعاملة من الامور القصدیة التی یتقوم تحققها بالقصد ولا یتحقق بدون القصد کالتادیب الذی لا یتحقق بمجرد الضرب بل یحتاج الی قصد التادیب وهذا امر واضح عقلی ولیس شرعیا .
الثالثة : اذا مستوی فهم وعقل شخص الی مستوی القدرة علی القصد قدر علی الاتیان بالافعاال القصدیه واذا لم یصل عقل وفهم شخص الی مستوی القدرة علی القصد لم یقدر علی الاتیان بالافعال القصدیة وهذا امر عقلی واضح ولیس شرعیا .
فالنتیجة ان الصبي المميز اذا وصل الی ذلک المستوی قدر علی الاتیان بالافعال القصدیة وصح صدورها منه و الا فلا وهذه النتیجة لا یحتاج فی اثباتها الی ازید من هذه المقدمات الثلاث .
اما مثل الروایة الواردة فی التهذیب عن محمدبن علی بن محبوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع فِي الصَّبِيِّ مَتَى يُصَلِّي فَقَالَ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ [2] فلیس الا مشیرا الی المقدمة الثانیه والثالثة ولیس بیانا لحکم شرعی تعبدی لان فهم الصلاة دخیل فی تحقق الصلاة عقلا لان الصلاة من الافعال القصدیة .
وجه التعبیر بالتمییز
ان القدرة علی القصد متلازم (غالبا ) مع القدرة علی التمییز بین الامور الحسنة والقبیحة وقد بدل الثانی مکان الاول فی بیان شرط صحة العبادة والمعاملة ولعله لاوضحیة واظهریته من الاول اذ لا سبیل الی احراز ان الصبی واصل الی تلک الدرجة من الفهم الذی یقدر بها علی القصد الا من طریق اکتشاف انه یفرق بین الامور الحسنة والقبیحة .
هذا واتضح من خلال البحث ان شرط التمییز شرط عقلی لتحقق العبادة والمعاملة خارجا ولیس شرطا شرعیا ابدا و ان التعبیر بان التمییز شرط صحة العبادة والمعاملة تسامحی لان العبادة والمعاملة لم تتحقق بدون التمییزحتی بالنحو الفاسد .
الفصل الثانی : الصبي المميز فی مسئلة وجوب تستر المرأة
المشهور علی وجوب تستر المرأة عن الصبي المميز
ان شرط التمییزفی موضوع وجوب التستر هنا شرط شرعی بای معنی فسر التمییز سواء کان المراد منه التمییز بین الحسن والقبیح او الاطلاع علی العورة و التمییز بینها وبین غیرها او ای اشی آخر. لان امر موضوع وجوب التستر سعة وضیقا بید الشارع تماما ویمکنه ان یامر بالتستر حتی عن الصبی غیر الممیز والرضیع ویکمنه ان یاذن للتکشف عند الممیز المراهق ویمکنه ان یعین سنا خاصا کالسنة الثامنة ویجعله موضوعا لوجوب التستر، فالمرجع فی تحدید موضوع التستر هو بیان الشارع .
المراد من الممیز فی مسئلة وجوب التستر
ان لفظ التمییز والممیز لم یرد فی آیة ولا روایة کما قلنا وانما جاء فی کلمات الفقهاء و وافتوا بوجوب تستر المرأة عن الصبی الممیز و مرادهم من الممیزهنا من یکون به ثوران الشهوة لا الممیز بین الحسن والقبیح ولا القادر علی القصد فمرادهم بالتمییز هنا یختلف عن مرادهم فی ابواب العبادات والمعاملات .
قال الشیخ الانصاری : أمّا نظر غير البالغ إليها، فإن كان غير مميّز، فلا يجب التستر عنه إجماعا، لقوله تعالى أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ[3]
و إن كان مميزا بحيث يترتّب على نظره ثوران الشهوة أو التشوّق، فقد نسب إلى الأصحاب جعله كالبالغ، و يجب على الوليّ منعه عن النظر، و على الأجنبيّة الاستتار منه. [4]
[1] المسائل الواضحة ج2 ص91 محمد علی الاراکی ,منهاج الصالحین ج2 ص 42 السید صادق الروحانی , المسائل الشرعیه ص 19 السید موسی الشبیری
[2] تهذیب الاحکام ج2 ص381
[3] النور31
[4] کتاب النکاح . للسید الشبیری الزنجانی ،ج1، ص 60
بقلم: السید حسن الشیرازي
المصدر: المركز الفقهي للإمام محمد الباقر عليه السلام