الفقيه-والمعمار

الفقيه والمعمار.. دراسة حول أثر الفقه في العمران الإسلامي في مصر / إصدار حديث

الاجتهاد: قدّم جناح الأزهر الشريف بمعرِض القاهرة الدوليّ للكتاب في دورته الـ 53 (26 يناير – 7 فبراير 2022) لزواره كتاب “الفقيه والمعمار .. دراسة حول أثر الفقه في العمران الإسلامي في مصر”، بقلم الدكتور محمد علي عبد الحفيظ أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر.

يمثل كتاب الفقيه والمعمار الذي صدر عن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر اتجاهًا جديدًا في دراسة التراث العمراني للحضارة الإسلامية، ويكشف عن نصوص فقهية جديدة تتعلق بفقه العمران وعن نماذج تطبيقية جديدة من العمائر الإسلامية المصرية، ويبرز أهمية التكامل بين العلوم البينية المختلفة لإظهار الوجه المشرق للحضارة الإسلامية، فيوضح كيف انعكست اجتهادات الفقهاء على البيئة العمرانية في مصر، وكيف اجتهد المعماريون لإيجاد الحلول المعمارية التي تراعي التوجيهات والقيم الدينية، وكيف انعكست الأحكام الفقهية على تخطيط المدن والعمائر الإسلامية وصياغة تكويناتها المادية.

ويوضح الكتاب جهود فقهاء مصر في مجال فقه العمران، بعد أن اعتمدت الدراسات السابقة على الإنتاج الفقهي لعلماء المالكية المغاربة، فأبرزت الدراسة الإنتاج المعرفي لفقهاء مصر، سواء كانت كتبًا مستقلة متخصصة في مجال العمران كتلك التي كتبها ابن عبد الحكم وأبو حامد المقدسي وابن الشحنة والسيوطي، أو كانت متعلقة بنوعيات معينة من المباني كالمساجد، أو ما يتعرض منها للوحدات والعناصر المعمارية كالأسبطة والأجنحة، فضلا عما ورد من قضايا العمران في ثنايا كتب الفقه العامة التي ألفها فقهاء مصر .

ويتطرق الكتاب للحديث عن أثر الأحكام الفقهية في صياغة التكوينات المادية للمدن، خاصة ما يتعلق بأحكام الطرق، وكيف كان الحفاظ على حق الطريق مؤثرًا على العمارة الإسلامية، وكيف كان لجوء المعمار إلى كثير من الحلول والتطبيقات المعمارية للحفاظ على حق الطريق، وفى هذا الإطار تناولت الدراسة عناصر الساباط والمعبر والسقيفة وغيرها، وشروط بنائها على الطريق، وأحكام الإشراع إلى الطريق وأثرها على الأجزاء البارزة من المباني كالأجنحة والمشربيات والشرفات، وأثر أحكام الضرر على حركة العمران في مصر.

ويقع كتاب الفقيه والمعمار في 540 صفحة، ويتألف من مقدمة وتمهيد وخمسة فصول، يتناول التمهيد تعريف فقه العمران وأشهر المؤلفات فيه في العالم الإسلامي، أما الفصل الأول فيتناول مصادر فقه العمران مع التركيز على جهود علماء مصر في مجال فقه العمران، من خلال التعريف بمؤلفاتهم.

ويستعرض الفصل الثاني دور الفقهاء في منظومة إدارة العمران في مصر، وعلاقة الفقهاء بالأطراف والمؤسسات المختلفة التي أسهمت في إدارة حركة العمران، والفصل الثالث يتناول الضوابط الفقهية المؤثرة على تخطيط وعمارة المدن الإسلامية في مصر، أما الفصل الرابع وهو عصب هذه الدراسة، فقد أفرده المؤلف للحديث عن الضوابط الفقهية الحاكمة لعمارة المنشآت الدينية من مساجد ومدارس وخانقاوات ومدافن وغيرها، بينما موضوع الفصل الأخير هو الضوابط الفقهية الحاكمة لعمارة المنشآت المدنية من وكالات وبيوت وحمامات وأسبلة وبيمارستانات .

وعرضت الدراسة لمفهومي العمران والعمارة، والفرق بينهما، كما عرفت بأهم المصادر الخاصة بفقه العمران، فمنها كتب مستقلة متخصصة فى فقه العمران، ومنها كتب متخصصة فى بعض نوعيات المبانى كالمساجد والحمامات، ومنها ما يتعرض للوحدات والعناصر المعمارية كالسباطات والأجنحة، بالإضافة إلى كتب الحسبة، وكتب السياسة الشرعية، وكتب النصيحة، التى تعرضت لقضايا متعلقة بفقه العمران .

وأبرزت لأول مرة جهود فقهاء مصر في مجال فقه العمران، بعد أن اعتمدت الدراسات السابقة على الانتاج الفقهي لعلماء المالكية المغاربة، فأبرزت الدراسة الإنتاج المعرفي لفقهاء مصر، سواء أكانت كتبا مستقلة كتلك التى كتبها كل من ابن عبد الحكم، وأبى حامد المقدسي وابن الشحنة والسيوطي، أو كانت متعلقة بنوعيات معينة من المبانى كالمساجد والحمامات، فضلا عما ورد من قضايا العمران فى ثنايا كتب الفتاوى وكتب الفقه العامة التى ألفها فقهاء مصر .

كما قدمت صورة متكاملة لمنظومة إدارة العمران فى مصر الإسلامية، المتمثلة فى الخليفة أو السلطان، ومؤسستي القضاء والأوقاف، والحسبة، وديوان بيت المال، وديوان الأسوار، وشاد العمائر، وأرباب الحرف المعمارية، وأوضحت دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات فى حركة العمران، والاختصاصات العمرانية لكل منها، وعلاقة الفقهاء وعلماء الدين بهذه المؤسسات، سواء من حيث استشارة السلاطين للفقهاء والأخذ بنصائحهم فى بعض شئون العمران، أو من خلال الإستعانة بالفقهاء لتهيئة الرأى العام لبعض الإجراءات العمرانية التى يقوم بها السلاطين، وكذلك من خلال تولى هؤلاء الفقهاء مناصب فى المؤسسات المرتبطة بالعمران كالحسبة والقضاء والأوقاف، كما توضح الدراسة كيف انعكست اجتهادات الفقهاء على البيئة العمرانية فى مصر، وكيف اجتهد المعماريون فى تلك الفترة فى إيجاد الحلول المعمارية التى تراعى آراء الفقهاء وتحترم التوجيهات والقيم الدينية.

واستكملت الجهود السابقة التى عنيت بهذا الاتجاه، من خلال تقديم الأصول والمعايير والضوابط الفقهية للعمارة، لكن هذه الدراسة تختلف عن الدراسات السابقة، من خلال الكشف على نصوص جديدة من فقه العمران لم تنشر من قبل، كما تختلف فى الجانب التطبيقي لهذه الأحكام، حيث تنصب هذه الدراسة على تطبيق هذه الأحكام والضوابط على العمارة الإسلامية فى مصر وحدها، على عكس الدراسات السابقة عن فقه العمران التى جعلت مجالها التطبيقي العالم الإسلامي كله على اتساع رقعته، وتعدد أعرافه المحلية، وخصوصياته المكانية .

كما تقدم الدراسة نماذج تطبيقية جديدة من العمائر الإسلامية المصرية التى روعى فى عمارتها الضوابط الفقهية والقيم الإسلامية، وتفصل ما سبق نشره مجملا، وتصحح بعض أخطاء فى دراسات سابقة.

واستعرضت الضوابط الفقهية المؤثرة على تخطيط وعمارة المدن الإسلامية فى مصر الإسلامية، فعرضت لمنهجية الفكر الإسلامي فى تخطيط المدن، من خلال ما كتبه ابن أبى الربيع، وابن الفقيه الهمذاني، والماوردي، وابن أبى زرع، وابن خلدون وابن الأزرق، حول الشروط التى يجب مراعاتها عند اختيار مواقع المدن الجديدة، وعند تخطيطها، مع تطبيق هذه الشروط على المدن الإسلامية فى مصر خاصة الفسطاط والعسسكر والقطائع والقاهرة ودمياط .

وتطرق البحث للحديث عن أثر الأحكام الفقهية فى صياغة التكوينات المادية للمدينة الإسلامية، خاصة ما يتعلق بأحكام الطرق، وكيف كان الحفاظ على حق الطريق مؤثرا على العمارة الإسلامية، ولجوء المعمار إلى كثير من الحلول والتطبيقات المعمارية للحفاظ على حق الطريق

وفى هذا الإطار تناولت الدراسة عناصر الساباط والمعبر والسقيفة وغيرها، وشروط بنائها على الطريق، وأحكام الإشراع إلى الطريق وأثرها على الأجزاء البارزة من المبانى كالأجنحة والمشربيات والشرفات، حيث حددت مقدار بروزها فى الطريق، وارتفاعها من أرضية الطريق، كما تناولت أثر أحكام الضرر على حركة العمران فى مصر، سواء منها ما يتعلق بضرر الدخان والأتربة أو ضرر الكشف أو ضرر الروائح الكريهة أو ضرر الصوت والاهتزاز، أو ضرر الميازيب، مع عرض أمثلة واقعية من الوثائق، ومن المنشآت الأثرية الباقية.

وفصلت الضوابط الفقهية التى حكمت عمارة المنشآت الدينية من مساجد ومدارس وخانقاوات ومدافن وغيرها، وأوضحت الدراسة الضوابط الفقهية لعمارة المساجد وتطبيقاتها من حيث موقع المسجد والمواد الخام والتخطيط وعناصره ووحداته المعمارية مثل المحراب والمئذنة ودكة المبلغ والصحن والفسقية ومرافق المسجد مثل الميضأة والسبيل والكتاب وحجرة الخطيب وحجرة الزيت وغيرها.

واختتمت الدراسة بالحديث عن الضوابط الفقهية الحاكمة لعمارة المنشآت المدنية من وكالات وبيوت وحمامات وأسبلة وبيمارستانات، من خلال دراسة تأثير الأحكام الفقهية على عمارة هذه المنشآت سواء فى اختيار موقعها أو تخطيطها الداخلي أو تفاصيلها المعمارية.

وتمثل الدراسة بصفة عامة اتجاها جديدا فى دراسة التراث العمراني للحضارة الإسلامية، وتبرز أهمية التكامل بين العلوم البينية المختلفة لإظهار الوجه المشرق للحضارة الإسلامية. 

 

لمزيد من المعلومات حول كتاب الفقيه والمعمار.. دراسة حول أثر الفقه في العمران الإسلامي في مصر راجع المقابلة التالية مع مؤلف الكتاب الدكتور محمد عبد الحفيظ على الرابط التالي عبر اليوتيوب: https://m.youtube.com/watch?v=uhXk5YfM9do

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky