الفريضة العظمى

الفريضة العظمى.. بحوث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الاجتهاد: يشكّل كتاب الفريضة العظمى قسمًا من مباحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأستاذ العلّامة آية الله الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي (رحمه الله)، والتي عمل على تدوينها الباحث الكبير حجّة الإسلام والمسلمين “قاسم شبان نيا”.

من بين جميع أسرار العالم وحاجات البشر، تُعتبر الحقيقةُ أشدّها جمالًا وأقدمها أصالةً وأدومها خلودًا. فكم من أرواح بذلها المؤمنون والعلماء الصادقون على درب هذه الحقيقة وفي سبيلها، وكم من مؤامرة ودسيسة حاكتها أيدي الجاهلين وعُبّاد الباطل لمسخ هذه الحقيقة ومحوها.

فما أمرّ مظلوميّتها، وما أحلى انتصارها الحتميّ المُرتقب وخروجها مرفوعة الرأس، ومحق الباطل وخروجه ذليلًا مُطئطأ الرأس من هذه المعركة المستمرّة، أعني معركة الحق والباطل. وإنّ مقام الحقيقة السامي، بغضّ النظر عن رفعته ورُقيّه الذاتيّين، مدينٌ لجهودٍ خالصةٍ لا مُتناهيةٍ بذلها طالبوا الحقيقة، الّذين شدّوا الرحال وأحكموا الهمم في الميادين النظريّة والعمليّة، وحلّقوا خارج مكائد الدنيا وملذّاتها.

وهنا يبرز الدور الأساسيّ والتأثير الأكبر الذي رسمته أيدي الأنبياء والرسل الإلهيّين، وعلى رأسهم النبيّ الأكرم (ص) وآل بيته الطاهرين وأوصيائه بالحقّ صلوات الله عليهم أجمعين.

وقد عرف علماء الشيعة الأجلّاء أنّ رسالتهم الخطيرة التي لا نظير لها هي الانتفاع من العقل والنقل، والغوص في بحر المعارف القرآنيّة، واستخراجُ جوهرة الحقيقة الصافية النفيسة من سيرة هؤلاء العِظام (ع) وتقديمها للمجتمع البشري، والاستماتة في التصدّي لشبهات أهل الظلام الهاربين من الحقيقة، فأجهدوا أنفسهم وأفنوا أعمارهم.

والآن، في عصرٍ كسدت فيه سوق المعنويّات وحثَّ أعداء الحقيقة والإنسانيّة سعيَهم في كلّ لحظةٍ للسيطرة على البشريّة، من خلال صناعة ونشر ما لا يُعدّ ولا يُحصى من المؤلّفات والمحاضرات، والتوسّل بمختلف الأسلحة المتطوّرةِ الصلبة منها والناعمة، باتت رسالةُ أهل الحقيقة والمفكّرين في ميادين الحوزة والجامعة، وخاصّةً علماء الدّين، أعظمَ وأخطرَ وأصعبَ.

وإنّ للمحققين الحوزويّين في عالم التشيّع سجلًا ناصعًا في علوم الفلسفة، الكلام، الحديث، الفقه، الأصول وغيرها من العلوم، وإنّ تأمّلاتهم العظيمة تشعُّ في سماء العلوم الإسلاميّة.

وفي ميدان العلوم الطبيعيّة والتجريبيّة والتقنيّات الحديثة أيضًا، خطى علماؤنا خطواتٍ تلفت الأنظار وتشعُّ أملًا بمستقبلٍ مُشرقٍ، وها هم يقتربون من بلوغ ما يستحقّونه على الساحة العالميّة، ويسعون من خلال نشاطاتهم الدؤوبة لاستعادة مكانتهم العلميّة في الأوساط الدوليّة. إلّا أنّ الجهد المبذولة في ميدان العلوم الإجتماعيّة والإنسانيّة لم تصل إلى الحدّ الذي يليق بالمجتمع الإسلاميّ، وتمّ الاقتصار في هذا المجالِ على الترجمة والاقتباس من نظريّات الآخرين، فقلّما نجد في هذا الميدان أثرًا لابتكاراتٍ وإبداعاتٍ منبثقةٍ من المباني الإسلاميّة.

ولا زال الطريق أمامَنا طويلًا ومليئًا بالتحدّيات كي نصل إلى المقصد المطلوب. ومن هنا، فبالإضافة إلى الاستنباط، الاستخراج، التفسير وتبيين التعاليم الدينيّة وتنظيم المعارف الإسلاميّة، بات البحث في مسائل العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة من منظارٍ إسلاميّ وتبيين هذه المسائل من أهمّ أهداف وأولويّات المؤسّسات العلميّة وخاصّةً مراكز الأبحاث في الحوزاتِ العلميّة.

وإنّ مؤسّسة الإمام الخمينيّ (قده) للتعليم والأبحاث منذ بداية تأسيسها، وعلى ضوء تأييدات القائد العظيم للثورة الإسلاميّة، ورعاية خلفه الصالح آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظلّه)، ووفق السياسات والأهداف التي رسمها آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي (حفظه الله)، قد أولت اهتمامًا كبيرًا للأبحاث العلميّة والدينيّة، وعملت في سبيل تلبية حاجات مجتمعنا الفكريّة والدينيّة من خلال طرح الأبحاث التأسيسيّة، التوجيهيّة والعمليّة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تسعى مُعاونيّة الأبحاث في المؤسسّة، بالإضافة إلى وضع البرامج وتوجيه الطلّاب والباحثين، إلى نشر مؤلّفات الباحثين، وقد استطاعت بحمد الله تعالى أن تقدّمَ للمجتمع الإسلامي مؤلّفاتٍ قيّمةٍ ضمن حدود قدرتها.

يشكّل كتاب الفريضة العظمى قسمًا من مباحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأستاذ العلّامة آية الله الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي (حفظه الله)، والتي عمل على تدوينها الباحث الكبير حجّة الإسلام والمسلمين “قاسم شبان نيا”.

الهدف الأساسي من كتاب الفريضة العظمى عرض مجموعة مباحث منسجمة حول فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستهدف جميع المهتمّين بإحياء هذه الفريضة المنسيّة في المجتمع الإسلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky