خاص الاجتهاد: يؤكد الأستاذ أحمد رهدار أيضًا على وجوب تهيئة البيئات الاجتماعية والإعلامية والثقافية والدولية لتحقيق الفتوى الدينية والامتثال لها.
حسب تقرير “الاجتهاد”، انعقد الملتقى العلمي التخصصي “قدرات الفقه في الدفاع عن ولي أمر المسلمين والمجتمع الإسلامي” بحضور نخبة من أساتذة الحوزة والجامعة والباحثين في العلوم الإسلامية، وذلك في قاعة الشهيد بهشتي بجامعة باقر العلوم (عليه السلام). خلال هذا الملتقى، استعرض الأساتذة حسن علي أكبريان، سعيد ضيائي فر، ذبيح الله نعيميان، إبراهيم موسى زاده، قاسم شبان نيا، علي محمدي، السيد إحسان رفيعي علوي، محمد جواد أرسطا، السيد سجاد إيزدهي، محمود حكمت نيا، ورضا إسلامي، الدور الذي لا غنى عنه للفقه الشيعي في صون الحكم الإسلامي والتصدي للتحديات العالمية.
وقام الأساتذة في هذا الملتقى بتوضيح الأبعاد الفقهية والقانونية والحضارية للدفاع عن ولاية الفقيه، مشددين على حتمية إعادة النظر في إمكانيات الفقه الشيعي في مواجهة التهديدات العالمية والحروب الهجينة، كما لفتوا الانتباه إلى فتاوى المراجع العظام بوصفها دعامة راسخة لحفظ هوية الأمة الإسلامية وقوتها.
الفتوى والسلطة الدينية: ضرورة التأهب الاجتماعي والإعلامي لتحقيق الأحكام الفقهية
عضو الهيئة العلمية بجامعة باقر العلوم (ع)، الأستاذ أحمد رهدار: قبل التهديد الرسمي الذي وجهه دونالد ترامب لقائد الثورة الإسلامية، صدرت فتوى عن السيد قرة داغي دعمًا لفلسطين، مما يدل على القدرة العالية للفقه على الانخراط في الدفاع عن الهوية الإسلامية وقادة المجتمعات الدينية.
هذه الفتاوى لا تخص شخصية معينة فحسب، بل تستند إلى مكانة قيادة المجتمع الديني، مما يجعلها قادرة على اكتساب أساس عالمي. يمكن للحوزات العلمية الاستفادة من القدرات العابرة للمذاهب؛ فالتواصل مع هيئات مثل الفاتيكان وتفعيل دور بعض الأساقفة والقادة الأرثوذكس المسيحيين لإصدار فتاوى أو بيانات دعمًا لقادة المجتمعات الدينية يُعد مثالًا على هذه القدرات.
في الماضي، كانت فتوى مرجع ديني كفيلة بتحريك المجتمع، لكن الهياكل الاجتماعية وعلاقات القوة قد تغيرت الآن بحيث لم يعد الفقه وحده قادرًا على إحداث تأثير واسع النطاق. ففي عصر الميرزا الشيرازي، كانت فتوى واحدة كافية، أما اليوم، فمن الضروري تهيئة الأرضية الاجتماعية، الإعلامية، الثقافية، والدولية لتحقيق الفتوى الدينية والامتثال لها.
الوضع الحالي لتأثير الفتاوى في المجتمع
في بعض الأحيان، يجد الفقيه نفسه في وضع لا تُنفذ فيه فتواه بالكامل بسبب عدم وجود الاستعداد اللازم على مستوى المجتمع. على سبيل المثال، قد لا تلقى الفتوى المتعلقة بحرمة الربا في النظام المصرفي استجابة مناسبة في المجتمع، لأن الهياكل الاقتصادية القائمة قد جعلت العمل الفردي والاجتماعي بهذه الأحكام أمرًا صعبًا.
يجب على مؤسسة الفقاهة أن تولي اهتماماً لهذه الحقيقة: إن الخلفية الأساسية لتأثير الفقه على مستوى المجتمع هي إيجاد الاستعداد الاجتماعي وإعادة بناء الثقة العامة. وهذا الاستعداد لا يتحقق بمجرد تكرار إصدار الفتاوى، بل يتطلب دخول مؤسسة الفقاهة إلى مجالات الإعلام، والثقافة العامة، وحتى التفاعلات الدولية.
لا تزال المرجعية الدينية تُعدّ أعلى رأسمال اجتماعي وديني في المجتمع الإسلامي. تتمتع فتاوى المراجع العظام بقدرة تأثير هائلة، ولكن لا ينبغي توقع أن يتحقق هذا التأثير بشكل تلقائي. يجب على الأقسام المختلفة في مؤسسة الفقاهة، من خلال تصميمات استراتيجية، تهيئة الظروف لقبول هذه الفتاوى وتنفيذها على مستوى المجتمع.