الغريفي:الممارسات المسيئة تُسيئُ هوية عاشوراء… الموسوي: الموسم بحاجة إلى تطوير

موقع الاجتهاد: جدد عالم الدين سيدعبدالله الغريفي، نقده اللاذع لبعض الممارسات في موسم عاشوراء، معززاً بذلك موقف إدارة الأوقاف الجعفرية التي توعدت القائمين على تلك الممارسات بـ «الإجراءات الرادعة».

قبالة ذلك، رأى الباحث وعالم الدين سيدمحمود الموسوي، أن الأمر الحاكم في الاختلاف حول بعض الشعائر والممارسات، هو حرية التعدد، قبل أن يستدرك ليضيف «في الدرجة الثانية تأتي مسألة التنازل والحوار الهادئ والتفاهمات الاجتماعية»، مطالباً بالتخلي عن الحدية في الخطاب، وتهيئة الأرضية للوصول لتلك التفاهمات.

وكان الغريفي، يتحدث من على منبر مسجد الإمام الصادق (ع) بالقفول، مساء أمس الأول الجمعة (12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015)، تطرق لتلك الممارسات بعد أن وصفها بالمسيئة، فقال «اخترقتْ هذه الممارسات، الأجواءَ العاشورائيةَ وهي لا تحملُ هوية عاشوراء، بلْ تُسيئُ إلى هذهِ الهوية، بل وتُسيئُ إلى هويةِ المذهب».

المتابعات، المعلومات، والتحليلات، ترى في تحاشي خطابَي «الجعفرية» والغريفي، «تلميح في مقام التصريح»، في إشارة تختص بالموقف من ممارسة التطبير المثيرة للجدل.

وبين من يرى في التطبير «شعيرة تتكئ على دعم فقهي صريح»، يعتبرها آخرون «ممارسة مسيئة لموسم عاشوراء وأهدافه»، تدور رحى مواجهات فكرية/ حوارية، لم تضع أوزارها بعد.

يبدأ الغريفي تبيان موقفه، بتعريف الهوية العاشورائية بالقول «تتحدد الهوية العاشورائية من خلال ثلاثة مرتكزات، التعبير عن مأساة عاشوراء، رؤيتها، وقيمها»، ليخلص إلى القول إن «أي ممارسة عزائية لا تعبر عن هذه المرتكزات الثلاث، ليست ممارسة عاشورائية».

وعدد الغريفي بعضاً من تلك الممارسات بالإشارة إلى المشي على الجمر، وقال عنها «ممارسةً دخيلةً على مراسيم عاشوراء، لا تعبِّرُ عن حزنِ عاشوراء، ولا عن وعي عاشوراء، ولا عن قيم عاشوراء، فأيّ محاولةٍ لشرعنةِ هذا العمل هي محاولةٌ ساقطة لا قيمة لها، وهي محاولة لتشويه سمعة عاشوراء».

فقهياً، استعان الغريفي بمواقف 12 مرجعاً دينياً، رافضة لتلك الممارسات، ونوّه إلى مجموعة معايير لتحديد هوية الشعائر والمراسيم العاشورائية، وتشمل عدم الانسجام مع أهدافِ الثورة الحسينية، الإساءة إلى سمعةِ الشعائر، هتك وتوهين الدِّين والمذهب، ومخالفة أحكام الشريعة، مشدداً على ضرورة عرض أيّ ممارسة عاشورائية على هذه المعايير، لتحديد القبول أو الرفض، ومنبهاً إلى أن المسألة ليست خاضعة للأمزجة والأهواء والرغبات.

ورداً على القول إن التصدي لهذه الظواهر «إحداث فتنة وخلاف وصراع»، أكد الغريفي، الذي بدا حاملاً لراية إصلاح موسم عاشوراء، على ضرورة «الدفاع عن شعائر ومراسيم عاشوراء الأصيلة، والتصدي لكلِّ التحدِّيات التي تواجهها، ولكلِّ الإشكالاتِ التي تثار ضدَّها».

من الجانب الآخر، يقف الموسوي، مدافعاً عن أحقية فريقه في ممارسة شعائره وقناعاته، مطالباً بالنظر لما أسماه «الدوائر الثلاث»، للتعامل مع هذه الإشكالية.

وقال «الدائرة الأولى وتتمثل في الدائرة الفقهية، وهنا علينا أن ننظر للاختلاف فيما إذا كان فقهياً، ليصبح من اشتغال الفقهاء والمراجع، فهم المعنيون بإعطاء الرأي في هذه الممارسة أو تلك، فيما إذا كانت تحقق الشعائرية من ممارستها أو لا تحقق»، مضيفاً «صحيح أن في الدائرة الفقهية رأي يقول بالجواز، ولكن هذا الرأي يضع حدوداً، كأن لا يوصل للضرر أو الإضرار بالدِّين»، مبيناً أن هنالك عناوين ثانوية قد تمنع من هذا الشيء وتسمح به، وهذه الضوابط غالباً ما تكون ضوابط شخصية في الضرر وعدمه، وعليه فإن الاختلاف سيكون قائماً.

وعن الدائرة الثانية، قال الموسوي «هي الدائرة الإدارية، فهنالك الكثير من المستحبات، بمعنى أن من يؤمن بالاستحباب، قد يأخذ قراراً إدارياً بعدم ممارسة شعيرة ما لأسباب هم يرتأونها، تتعلق بالوضع العام والجهد والمقدرة لهذه الحسينية التي قد تؤمن بهذا النوع من الممارسات، لكنها لا ترى أن بمقدورها القيام بذلك، وهذه مسألة إدارية هم يتفقون حولها، وأصحاب الشأن والقرار هنا هم إدارة هذه المآتم».

أما الدائرة الثالثة، فبيّنها الموسوي بقوله «هي دائرة المعالجة الاجتماعية العامة، وحسب تصوري أنها الدائرة التي نحن بصددها، حيث يعاني البعض من خلط، فتراه ساعياً لمعالجة المسألة اجتماعياً، لكنه يخلط بين هذه الدوائر الثلاث، فتكون النتيجة عمله على أن يقرر لآخرين قراراً هو من الشأن الإداري، وأحياناً يريد إجبار الآخرين على رأي فقهي، ليدخل ضمن شأن الدائرة الأولى، الخاصة بالفقهاء والمراجع».

وأضاف «يحدث ذلك، بينما تقتضي الدائرة الاجتماعية، لمعالجتها، شراكة الأطراف الاجتماعية الموجودة فيها، وهذا يعني أن لغة الخطاب يجب أن تكون لغة اجتماعية، عوضاً عن استعمال مفردات الحلال والحرام، والتي تعبر عن إشكالية كبيرة جداً بسبب الخلط بين هذه الدوائر».

وتابع «في حالة المعالجة الاجتماعية، ينبغي النظر للاعتبارات الاجتماعية من حيث التعدد وتنوع المجتمعات، ونحتاج لأن نكون أصحاب نظرة واسعة جداً، فقد لا أؤمن بشعيرة من الشعائر ولكن الآخرين يؤمنون بها، ما يوجب حاجتنا لسعة الصدر والقلوب لاستيعاب هذه التنوعات».

وأردف «نحن لا نعيش ضمن طرف أحادي، بل ضمن الدائرة المتعددة وضمن مجتمع متعدد حتى في الأفهام، والأمزجة والاختيارات، وحتى في تحديد الأولويات، فبالتالي نحتاج إلى التفكير بهذه العقلية المرتفعة والمتسعة لكل هذه الاختلافات والتنوعات، فنحترم من يرى أن هذه شعيرة، وبالمقابل يمكن تبيان الموقف المقابل، بموازاة إنصافنا للآخر».

وانتقد الموسوي ما أسماه «تجيير الفتاوى»، وأوضح «رأينا بعض الكراسات التي ظهرت، أنها حاولت أن تستقطع آراء بعض الفقهاء من هذه الفتوى أو تلك، فقط من أجل تجيير الموضوع لصالحهم، وهذا خلاف العمل المهني وحتى الشرعي».

كما قال «في البحرين، رأينا أن بعض المآتم جلست واتفقت إدارياً مع بعض الجهات، وقرروا إما تأخير بعض الممارسة أو إلغاءها، وتم ذلك بصورة ودية»، مشدداً على حاجة البحرينيين لثقافة التفاهم وثقافة الحوارات في كل قضاياهم العالقة في البلد ومن ضمنها مسألة الشعائر، وصولاً لتهيئة الارضيّة للوصول ولو مستقبلاً لحالة التفاهمات.

وفيما إذا كان يرى أن موسم عاشوراء بحاجة لإصلاح وتنقية من ممارسات مسيئة، قال الموسوي: «ما نراه أن الموسم بحاجة إلى تطوير، ويشمل ذلك خطاب القيم، وكيفية عرضنا لفكر الإمام الحسين وإيصاله للعالم بالأساليب الحديثة وكيف تعمق الخطباء في البحث العلمي ومعالجة قضايا وهموم المجتمع، أما الشعائر، فإننا بحاجة إلى حسٍّ حسيني يراعي الطرف الآخر، ويترك العصبيات ليعمل كل طرف برأيه دون الإساءة للأطراف الأخرى».

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4817 – الأحد 15 نوفمبر 2015م الموافق 02 صفر 1437هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky