العنف الأسري

العنف الأسري: أنواعه، أسبابه، وعلاجه من منظور الفقه الإسلامي والقانون.. دراسة مقارنة

الاجتهاد:تم ” تعريف العنف الأسري في مشروع (قانون الحماية من العنف الأسري) المقدّم إلى مجلس النواب العراقي في عام 2011 في البند الأول من المادة الأولى, بانّه أيّ شكلٍ من أشكال الإساءة الجسدية أو الجنسية أو النفسية أو الاقتصادية تُرتَكب أو يُهَدَد بارتكابها من أحد أفراد الأسرة ضد الآخر بما لهم من سلطة أو ولاية أو مسؤولية في صعيد الحياة الخاصة أو خارجها. / بقلم حسن الهاشمي

يُعدّ العنف الأسري من أبرز الآفات التي تفتّ في عضد المجتمع وتقود إلى انحلاله وتآكله نظراً إلى أنّه يستهدف الأسرة التي تمثّل النواة الأساس للمجتمع، ومن هنا تتجلّى أهمية البحث في أسباب العنف الأسري وطرق علاجه .

وأيضاً لأهميّة هذا الموضوع يمكن ملاحظة أنّ القوانين سواءً الشرعيّة او الوضعيّة قد تكفّلت في جزءٍ منها بوضع الضوابط والعقوبات التي من شأنها معالجة هذه الظاهرة او التقليل من حدَّتها على أقل تقدير.

وهذه الورقة البحثية تتكفّل بالوقوف على أبرز سمات الرؤية الفقهيّة الإسلامية فيما يخصّ هذه الظاهرة بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض التشريعات الوضعية فيها وقد انتظم البحث بعد التمهيد في ثلاثة مطالب وخاتمة .

وقد تكفّل التمهيد بالتعريف بأهمّ مفاهيم ومفردات الدراسة، أمّا المطلب الأوّل فكان نصيبه البحث في أنماط وأشكال العنف الأسري من حيث انقسامه الى عنفٍ ماديٍ ومعنويٍ .

بينما اهتم المطلب الثاني ببحث أهم الأسباب والدواعي الباعثة والمحفِّزة على ظاهرة العنف الاسري وتفشيها في المجتمع .
في حين تكفَّل المطلب الثالث ببحث سبل وآليات معالجة ظاهرة العنف الأسري، وجاءت بعد ذلك الخاتمة وأعقبها مجموعة من التوصيات، ولا أدّعي الكمال لهذا العمل إذ دأب الإنسان السهو والغفلة والنسيان، فلله الكمال وحده وهو ولي السداد والتوفيق .

تمهيد : تعريف العنف الأسري في اللغة والاصطلاح

تمهيد : تعريف العنف الأسري في اللغة والاصطلاح

أوّلا: العنف لغة واصطلاحا :

1- العنف لغة
العنف: هو الخُرقُ بالأمر، وقلة الرفق به، يُقال في مادّته: عنف يعنف عنفا فهو عنيف، وعنّفته تعنيفاً (1) وهو عنيف إذا لم يكن رفيقاً في ما يُعطي على العنف.. وأعنَف الشيء: أخذه بشدة، وأعتنف الشيء: كرهه, والتعنيف: التوبيخ والتقريع واللوم, وعنف: العين والنون والفاء، أصل صحيح يدل على خلاف الرفق (2) .

فالعنف في اللغة هو كل قولٍ أو فعلٍ ضد الرأفة والرفق واللين والجمع عُنُفَ، واعتنف الشيء أخذه بشدّة واعتنف الشيء كرهه واعتنف الأرض كرهها، والتعنيف: التعيير واللوم والتوبيخ والتقريع (3) .

” وتكاد لا تخرج باقي المعاجم اللغوية من هذهِ التعاريف ومن خلال الاطلاع على تحديدات لغوية مختلفة فنلاحظ أنّ التعريف المعجمي لمفهوم العنف, الذي قد يبدو قابلاً للتدقيق والتوحيد يعكس اختلافاً وتأثُّراً بمستوى تطوّر النظريات المعرفيّة، كما أنّه لا ينفصل عن الإطار الثقافي والتاريخي الذي يحيط به أو يندرج ضمنه، أي أنّ التحديدات اللغوية لمفهوم العنف تنطلق من مفهوم القوة كقاعدة للسلوك الصادر عن الطرف المعنِّف ” (4) .

2- العنف اصطلاحاً

يُعرَّف العنف كإلغاء للعقل ورفضٍ للحوار أو استبعادٍ للأخرين, ومن هذا المنظور يمكن القول إنّ القوة بمختلف معانيها – تصبح عنفاً عندما ترتبط بالإكراه, ممّا يفترض أننا لا نستعمل مفهوم العنف؛ إلا عندما نكون أَمام وضعية صراع تمارس فيها بشكل إرادي واعٍ أفعالاً قويّة من طرفٍ أو أطرافٍ تمسّ أمنَ وسلامة طرفٍ أو أطرافٍ أخرى، ومن هنا أمكن القول أنّ مفهوم العنف يتحدد بأنّه سلوك قسري غايتهُ الحدّ أو الوقوف في وجه حرية الآخر بوصفها تخفيفاً حركياً للذات (5) .

وبعبارة أخرى العنف الأسري هو إلحاق الأذى بدرجةٍ عامّة أو الفشل في منعه أو التهديد به من قبل فردٍ من أفراد الأسرة ضد النفس أو ضد الآخرين، أو الإساءة اللفظيّة أو التهديد بأيٍ من هذه الأفعال من قبل أحد أفراد الأسرة تجاه فرد آخر (6) .

وقيل في تعريفه أيضا: هو القتل والضرب والسجن وسوء الخُلق والحدّة، بُغية إلحاق الأذى بنفسه أو بماله أو بذويه، فبعضها يؤكّد على أنّه سلوك غريزي، وبعضها يؤكّد على أنّه دافع يستثيره الإحباط (7) .

هذا في حدود ما ينسجم مع موضوع هذه الورقة البحثية وإلّا فإنّ العنف بعنوانه العام يشمل جميع أشكال استعمال القوة في غير محلها سواء اتجاه النفس او اتجاه الاخرين من ابناء الجنس مطلقا او حتى اتجاه الحيوان او الطبيعة، فهو يشمل جميع مصاديق استعمال القوة في غير موضعها أو الافراط في استعمالها فهما سيّان من هذه الحيثية، بل تستعمل مفردة العنف أحيانا حتى في مورد استعمال القوة في موضعها المناسب وبالقدر المناسب أيضا .

ومن كل ذلك يتضح أنّ العنف بمدلوله اللغوي أعمّ من الإساءة المادية الحسية فهو كما يشمل الاساءة يشمل الضغوط النفسية أيضا.

والنص الديني بصورة عامّة يميّز بين نمطين من أشكال الركون الى القوة والعنف أحدهما استعمال العنف في موضعه المناسب وفق المقتَضَيات العقلائية المتسالم عليها، وثانيهما الركون الى العنف عدواناً دون أيّ مقتضٍ عقليٍ او عقلائي، فالأوّل من هذين النمطين لم ينه عنه النص الديني ولا العقلاء بينما وقع الثاني منهما محلّاً للرفض والاستنكار شرعا وعقلا، ومن تلك النصوص التي تشير الى كلا النمطين في آن واحد قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (8) .

وقد وقع النهي الشديد في النص الديني عن استعمال العنف في غير موضعه وفي ذلك نصوص كثيرة جداً سنوافيك بها في تضاعيف هذا البحث تباعاً .

ثانياً : الأسرة لغة واصطلاحاً

1- الأسرة لغة

الأسرة في اللغة من الأسر والحبس أو القيد الذي يستعمل لتقييد وربط الأشياء، أو كل الشيء أو أجمعهُ، نقول هذا الشيء لك بأسره أي كله، وجاءوا بأسرهم يعني جميعهم، وانطلاقاً من ذلك فإن الأسرة تُطلق ويُراد بها: الدرع الحصينة، وأسرة الرجل عشيرته أو رهطه الأدنون (9) .

2- الأسرة اصطلاحاً

هي الوحدة الأُولى للمجتمع، وأولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها في الغالب مباشرة، ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً ويكسب منها الكثير من معارفه ومهارته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ويجد فيها أمنه وسكنه (10) .

والأسرة بصورة عامة لم تخرج كثيرا في تعريفها الاصطلاحي عن المدلول اللغوي للمفردة فهي تُطلق اصطلاحا على عدة معانٍ أهمها:

أ‌- الجماعة المؤلفة من الأقارب وذي الرحم والولاء.
ب‌- الجماعة المؤلفة من الأقارب الذين يعيشون معاً في بيت واحد .
ت‌- الجماعة المؤلفة من الوالدين والأولاد (11) .

ووفق هذا التصنيف فإنّ المعنى الثالث للأسرة هو ما تُعنى به هذه الورقة البحثيّة، وقد ذكروا للأسرة تعاريف أخرى منها أنّها: ” جماعة أوليّة من الأفراد تعتمد علاقاتهم الأسرية على صلات الدم التي تجعل من كل فرد قريباً بدرجة ما للآخرين وهذه القرابة ليست قاصرة على الأسرة وإنما تتعداها إلى الأسر والعائلات الاخرى، بل وإلى المجتمع الإنساني بأسره غير أنّ ما يميّز الأسرة هو الارتباط العضوي المباشر الذي يجعل من أفراد الأسرة أقرب ما يكون بعضهم إلى بعض من أي ارتباط آخر أو من أي بناء عضوي آخر” (12) .

ثالثاً: تعريف العنف الأسري

يتضح ممّا سبق أنّ العنف الأسري يشمل جميع أشكال الإساءة الصادرة من أحد اعضاء الأسرة اتجاه عضو آخر فيها كإساءة الزوج للزوجة او أحد الوالدين لطفلهما وهكذا .

فيمكن القول في تعريفه بصورة أكثر دقة بأنّه : ” شكل من أشكال التصرفات المسيئة لفظاً أو فعلاً تصدر من أحد الزوجين او كليهما في العلاقة الزوجية أو من أحد أفراد العائلة ضد الآخر” (13) .

وللعنف أسماء ومصطلحات أخرى تحمل ذات المفهوم الاصطلاحي الآنف منها: الإساءة الأسرية، العنف العائلي، العنف المنزلي، ومسميات أخرى .

ولا يخفى أنَّ العنف بهذا المفهوم يشمل جميع أشكال الإساءة سواء كانت مادية جسدية كالضرب وغيره، أو معنوية غير مادية كالضغوط والتهديدات النفسية، التي تؤثّر سلباً على معنويات المجني عليه من حيث التسبب في اضطراب حالته النفسية .

وأما في القانون الوضعي فقد تم ” تعريف العنف الأسري في مشروع (قانون الحماية من العنف الأسري) المقدّم إلى مجلس النواب العراقي في عام 2011 في البند الأول من المادة الأولى, بانّه أيّ شكلٍ من أشكال الإساءة الجسدية أو الجنسية أو النفسية أو الاقتصادية تُرتَكب أو يُهَدَد بارتكابها من أحد أفراد الأسرة ضد الآخر بما لهم من سلطة أو ولاية أو مسؤولية في صعيد الحياة الخاصة أو خارجها ” (14) .

والعنف الأسري بهذا المعنى بطبيعة الحال ظاهرة قديمة بدأت بالصراع بين ابني آدم قابيل وهابيل. ثم تطور العنف في العصور الأخيرة لكي يصبح أكثر تنظيماً وأكثر انتشاراً ، على الرغم من أنّ العنف لا يحل المشاكل بل يزيدها تعقيداً، كما أنّ العنف مشحون بالمشاعر السلبية التي تثقل النفس وتؤدي إلى التعاسة في الحياة .

والعنف الأسري بهذا المعنى – اي الركون الى القوة في غير موضعها – مخالف لأصل الغرض الذي بنى النص عليه الأسرة حيث قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (15) ، إذ العنف ضد المودة والرحمة والحكيم لا ينقض غرضه .

ومن ثم ألزَم المشرِّع الاسلامي باتقاء مغبة التفريط في أداء حقوق الأرحام فقال سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (16) .

وهذه الأحكام كغيرها من أحكام الشريعة موافقه لفطرة الإنسان وسليقته الأولى، لذا حتّى المشرِّع الوضعي نبّه على ضرورة تجنب العنف داخل الأسرة فمثلاً ورد في الدستور العراقي : ” تمنع كل اشكال العنف التعسفي في الأسرة والمدرسة والمجتمع ” (17) .

وأيضا ورد في قانون العقوبات العراقي: ” يُعاقَب بالحبس مدّة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من يضع يده بدون سبب قانوني على مالٍ أو شخص رُفعت يده عنه بمقتضى حكمٍ قضائي ويجوز مضاعفة العقوبة إذا وقعت الجريمة باستعمال العنف ” (18) .

وهكذا في موارد أخرى كثيرة سواء في القوانين العراقية او غيرها من القوانين الوضعية، وبصورة عامة فإن عدم استساغة العنف الأسري سيرة عقلائية لها مبادئها العقلية قبل أن تُسنّ في قالب قانون شرعي او وضعي .

المطلب الأول: صور العنف الأسري وآثاره

يتخذ العنف الأسري مظاهر وأنماط وأشكال او قل انواع وصور مختلفة بحسب اختلاف متعلَّقه من الحقوق المعتدى عليها فمنه ما يترك آثاراً حسيّة ملموسة بشكلٍ مباشرٍ على هيئة الضحيّة ومنه ما لا تتضح فيه مثل تلك الآثار بشكل بدوي وهو بلحاظ هذه الحيثية ينقسم الى ماديّ ومعنويّ حيث يدخل في إطار النوع الأوَّل كلّ اشكال العنف الماديّ المحسوس والملموس النتائج من قبيل الضرب وسائر أشكال الإيذاء البدني،

بينما يندرج تحت الثاني منهما جميع أشكال العنف غير المادي والذي قد يتخذ صوراً وأنماطاً معيّنة لا تبرز معها للوهلة الأولى أيّ آثارٍ ملموسة للعنف على جسد الضحيّة نعم قد يكون لها في مآلاتها بعض الارتدادات والنتائج الحسية الملموسة وهو يشمل جميع تدرجات العنف المعنوي من التضييق والإهانة وغيرها من الضغوط النفسية، وفي هذا المطلب ينعقد البحث لبيان هذه الأقسام والكلام فعلا في عدة نقاط .

أولا: العنف الأسري المادي

يتضمّن  هذا  النوع  من  العنف الأُسري  عدة أشكالٍ, منها العنف الجسدي والعنف الجنسي, والعنف الاقتصادي, فالعنف الجسدي ويُعرَف أيضاً بالإساءة الجسدية أو الإيذاء الجسدي هو : كلّ ما يؤذي الجسد ويضرّه نتيجة تعرّضه لشَدَّةٍ خارجيّة (عنف) مهما كانت درجة الضرر ” وهو إيذاءٌ فعليٌ يُستَخدَم فيه وسائل ماديّة تؤثِّر في جسم المجني عليه مباشرةً, أو تُلحِق به الضرر الجسديّ بصورة غير مباشرة, ويأتي في مقدمة هذا النوع من العنف استخدام الضرب المبرّح أو الحرق أو الحبس في غرفة مفردة وما اشبه ذلك ” (19)،

ويمكن تعريفه بالاستخدام المتعمَّد للقوّة الماديّة او التهديد باستخدامها ضدّ الشخص نفسه أو ضدّ فردٍ أخر ويؤدي الى اذى جسدي (20) ، وخلاصة القول العنف الماديّ الجسدي عبارة عن اعتداء ماديّ عمديّ يقع على جسد الضحيّة ويتمثّل بكلّ عنفٍ ناتج عن ضرب بآلة حادة أو أداة صلبة أو قبضة اليد أو القدم أو حرق أو خنق أو إغراق أو تسمم أو غيرها, فكل هذه الممارسات تسفر عن الإصابة الجسدية للضحية من الجروح أو الرضوض أو الكدمات أو الكسور في بعض الأحيان (21) .

فهو يشمل جميع الأفعال التي تهدف إلى التسبب في الشعور بالخوف والألم والجرح أي التسبب في المعاناة الجسدية أو الاذى الجسدي ويمكن أن يشمل السلوكيات أيضاً مثل حرمان الضحيّة من الرعاية الطبية عند الحاجة أو حرمانها من النوم أو من وظائف أخرى ضرورية للعيش أو إجبارها على استعمال المسكّرات أو المخدّرات أو الكحول دون إرادتها (22) .

ومما يؤسَف له حقاً أنّ العنف الجسدي منتشر بكثرة في واقعنا و عصرنا, وفي كل مكان من العالم, والسبب هو ضعف الوازع الديني, وغياب القيم الأخلاقية والمُثل العليا, وانتشار الأمراض النفسية وغيرها .

أحكام العنف الأسري المادي الجسدي في القانون الوضعي العراقي :

ممّا جاء في مشروع قانون حماية الأُسرة من العنف العراقي في النص الأًصلي في تحديد أشكال العنف في كل ما يلحق بالزوجة أو الطفل أو المراهق في إطار الأُسرة من :

أ‌- سوء المعاملة .
ب‌- الإصابة الجسدية, بما يلحق ذلك من  الضرب والجرح أو اللكم أو الصفع أو الركل .
ت‌- الرمي بالأشياء الصلبة.
ث‌- استخدام الآلات الحادة أو التهديد باستخدامها.
ج‌- العاهات الدائمة أو المؤقتة.
ح‌- العنف النفسي أو العاطفي, بما في ذلك الذم والتحقير والهجر غير المشروع والإهمال (23) .

وجاء في المادة (7) من قانون مناهضة العنف الأسري في إقليم كوردستان العراق لسنة 2011, ما يلي ” يُعاقَب بالحبس مدّة لا تقلّ عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أرتكب عنفاً أسريا ” (24) .

وجاء في التشريع العراقي أنّ : كلّ من تسبب إلى شخص آخر بقصدٍ , جُرحاً أو إصابة أو كسر عظمٍ يُعاقَب بالحبس مدّة لا تزيد على ثلاث سنوات, أما عقوبة الضرب أو الجرح البسيط الذي يُسبب مرضٍ أو اذا أعجَزَ المجني عليه بسبب الاعتداء عن القيام بأشغاله المعتادة فهي السجن مدة تزيد عن عشرين يوما (25) .

أما إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل العنف أو الإيذاء قد تنتج عنه عاهة مستديمة مثل فقد عضو أو بتره أو الحرمان من منفعة, أو عمى أو عور أو أيَّة عاهة دائمة أخرى فإنّ العقوبة تكون السجن مدة لا تزيد عن خمس عشرة سنة (26) ، ” وتحقق العاهة الدائمة بفقد عضوٍ من أعضاء الجسم كلياً أو جزئياً أو تعطيل منفعته أو تعطيل وظيفته المقاومة بشكل دائم, أو عمى أو عور أو أي تشويه آخر يلحق جسم المجني عليه ” (27) .

وجاء في قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة 1969, في المادة (412) -1- من اعتدى عمداً على آخر بالجرح أو الضرب أو بالعنف أو بإعطاء مادّة ضارّة أو بارتكاب أيّ فعلٍ آخر مخالفٍ للقانون قاصداً إحداث عاهةٍ مستديمةٍ به يُعاقَب بالسجن مدّة لا تزيد على خمس عشرة سنة ” (28) وأيضاً فيما تبعته من مواد (413- 414- 415- 416) .

وبشكل عام يُعدُّ العنف الجسديّ من اكثر أنواع العنف الأسري شيوعاً ، وذلك بسبب إمكان مشاهدته واكتشافه ، ولكونه يترك اثاراً على الجسم .

أحكام العنف الأسري المادي الجسدي في الفقه الإسلامي :

في الشريعة الإسلامية السمحاء نجد أنّ من يتتبَّع الأحاديث الشريفة الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يلاحظ وبوضوح أنهم كانوا يؤكّدون على عدم جواز اللجوء الى العنف عبر أحاديثهم الشريفة وسيرتهم الطاهرة فضلاً عمّا ورد في القرآن الكريم من نصوص كثيرة في هذا المجال .

ومن تلك النصوص ما روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قام رجلٌ يُقال له همام وكان عابداً ناسكاً مجتهداً إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يخطب, فقال يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه, فقال (عليه السلام): ” … سهلُ الخليقةِ, ليِّن, العريكة, رصين الوفاء, قليل الاذى لا متأفّك ولا متهتك, إنْ ضحك لم يخرق, وإنْ غضب لم ينزق, ضحكه تبسّم, واستفهامه تعلُّم, ومراجعتهُ تفهُّم, كثيرٌ علمهُ, عظيمٌ حلمهُ, كثيرُ الرحمة, لا ينجل ولا يعجل, ولا يضجر ولا يبطر, ولا يحيف في حكمهِ, ولا يجور في علمه, نفسه أصلب من الصلد, ومكادحته أحلى من الشهد, لا جشِع ولا هلِع, ولا عنِف ولا صلف, ولا متكلِّف ولا متعمِّق, جميلُ المنازعة, كريمُ المراجعة, عَدلٌ إنْ غضِب, رفيقٌ إنْ طلَب, لا يتهوَّر ولا يتهتَّك ولا يتجبَّر, خالصُ الودِّ, وثيقً العهدِ, وفيٌ شفيقٌ, وصولٌ حليمٌ حمولٌ, قليلُ الفضولِ, راضٍ عن الله عزَّ وجلَّ, مخالفٌ لهواه, لا يغلظ على مَن دونه ” (29) .

وقد وصف أبو سعيد الخدري رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ( هيِّن المقولة, ليِّن الخلقة, كريم الطبيعة, جميل المعاشرة, طلق الوجه, بسَّاماً مِن غير ضحك, محزوناً من غير عبوس, شديداً من غير عنف ) (30) .

وقد بحث الفقه الإمامي بل الفقه الإسلامي بصورة عامّة ما يترتب على استعمال العنف في غير موضعه من عقوبات من حيث القصاص والديات وغيرها مما هو مفصّل في المطوّلات الفقهية وأفتى بها علماء وفقهاء المذهب، ومن نصوصهم في بعض جزئيات هذا المجال :

– دية الخارصة وهي الخدش الذي يشق الجلد بعير واحد.
– دية الدامية وهي التي تصل إلى اللحم ويسيل منه الدم بعيران.
– دية الباضعة وهي التي تقطع اللحم وتزيد في الجناية على الدامية ثلاثة أبعرة.
– في لطمة الوجه إذا احمر موضعها دينار واحد ونصف.
– في لطمة الوجه إذا اخضر موضعها أو اسود ثلاثة دنانير.
– في لطمة الجسد إذا اخضر موضعها أو اسود النصف من أرش الوجه دينار ونصف (31) .

ونصوص أخرى كثيرة تستوعب الصور التي يمكن افتراضها في مثل هذه المسائل ، يُخرجنا احصاؤها عن الغرض من هذه الرسالة، فلتُطلَب في المطولات الفقهية في أبواب الحدود والقصاص والديات وما ضارعها .

كما أنّ هذا النوع من العنف (العنف المادي) يشمل جميع أشكال الاعتداء الجنسي والذي له أحكامه وحدوده الخاصة أيضا في كلٍ من الشريعة والقانون .

ثانيا : العنف الأسري المعنوي

ينقسم هذا النوع من العنف إلى قسمين, أولهما العنف النفسي, وثانيهما العنف اللفظي، والتفصيل فيهما كما يلي :

النوع الأوّل : العنف الأسري المعنوي النفسي

أما العنف النفسي, فهو عنف معنوي يتمثل بأي فعل أو قول يؤذي نفسية وعواطف الشخص الآخر وقد تكون له آثار مادية كانعكاسه على الحالة الصحية للشخص, إلا أنَّ الآلام الناتجة عنه تكون كبيرة في الغالب في نفسية الضحية كونه يمس شخصية الإنسان وذاته ويزعزع الثقة بالنفس ممّا يؤدّي إلى تأثيرٍ سلبيٍ في مسار حياته في الحاضر والمستقبل ويتمثّل هذا النوع بعدّة أشكالٍ, منها السبّ والشتم والتحقير والنعت بألفاظٍ بذيئةٍ أو نابيةٍ أو الإهمال وعدم التقدير وكذلك توجيه اللوم بشكلٍ مفرط (32) .

وعلى ضوء ذلك أمكن القول أنَّ العنف النفسي يشمل الاعتداء على الضحية وإذلاله والاستهانة به سراً وعلناً أو التحكّم بالممارسات التي يمكن أو لا يمكن للضحية القيام بها وإخفاء بعض الحقائق عنها أو تعمّد الإِحراج, فالعنف النفسي يجعل الضحية في حال من اليأس والإحباط والشعور بأنه تحت سيطرة الآخر مما يسفر عنها حال من الاكتئاب الدائم .

وقد أوْلَت النصوص الشرعية عناية فائقة في هذا الاتجاه من خلال التركيز على ضرورة الأخلاق الفاضلة في التعامل مع الآخر فإنّ ما جاء في روايات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيتهِ الكرام (صلوات الله عليهم أجمعين) من درر وجواهر تجعل الإنسان يهذب نفسه ويرتقي بها نحو الخلق الفاضلة, وحسن المعاملة والكلام الطيب و.., كافيا لصياغة الفرد صياغة نفسية قيّمة, فها هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ” إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم ” (33) ، وقال (ص) أيضا : “عليكم بحسن الخلق، فإنّ حسن الخلق في الجنة لا محالة وإياكم وسوء الخلق فإن سوء الخلق في النار لا محالة ” (34) .

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ” أبى الله عزّ وجلّ لصاحب الخلق السيء بالتوبة ! قيل: فكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال: لأنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه ” (35) .

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): ” ما يقدم المؤمن على الله تعالى بعملٍ بعد الفرائض أحبّ لله تعالى من أن يسع الناس بخلقه ” (36) .

وقال (عليه السلام) : ” إنّ الله ليُعطي العبدَ من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله، يغدو عليه ويروح ” (37) .
وقال  (عليه السلام): ” إنّ الخلق الحسن تميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد ” (38) .

وعلى ضوء النصوص الدينية يتضح أنّ للأخلاق الحسنة آثار في حياة الإنسان في هذه النشأة الدنيا فضلا عن الآخرة نبيّنها في نقاط كما يلي:

أوّلاً: للأخلاق الحسنة أثر في رزق الإنسان إذ أنّها تفتح عليه أبواب الرزق من أوسعها ويغدق الله سبحانه وتعالى عليه من واسع رزقه، أكّدت ذلك مجموعة من الروايات, فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): ” وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق ” (39) ، وعنه (عليه السلام) أيضاً: ” من ساء خلقه ضاق رزقه ” (40) ، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): ” حسنُ الخلق من الدين وهو يزيد في الرزق ” (41) .

ثانياً : لحسن الخلق أثر في الأحزان التي تصيب الإنسان والهم والغم إذ تؤكّد النصوص على أنّ سوء الخلق وعدم تربية الإنسان نفسه وتهذيبها يجعل من كلّ مفصَل من مفاصل حياته سبباً للغمّ والهمّ والعيش النكد ويدوم ذلك ما دام يعيش سوء الخلق، وهذا ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام): ” سوء الخلق نكدا العيش وعذاب النفس ” (42) ، وسُئل يوماً: ” مَن أدوم الناس غماً ؟ قال: أسوئهم خلقاً ” (43) .

ثالثاً : لحسن الخلق أثر في محبة الناس لصاحبه وأُنْس النفوس به، وهذا ما يجده الإنسان في قرارة نفسه وقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ” حسن الخلق يثبت المودة ” (44)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: ” من حسن خلقه كثر محبوه وأنست النفوس به ” (45)، وقال (عليه السلام):” ومن ساء خلقه أعوز الصديق والرفيق ” (46) .

وختام الكلام في هذا النوع من العنف المعنوي نضع نصب أعينكم هاتين القاعدتين المهمتين :
الأولى: عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إنكم لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ” (47) .
والثانية: عن الإمام الصادق (عليه السلام): ” إن شئت أن تُكرَم فلِن، وإن شئت ان تُهان فأخشن ” (48) .

النوع الثاني : العنف الأسري المعنوي اللفظي

وهو يشمل ” كل إيذاء لفظي تجاه أحد أفراد الأسرة … ، ويأتي الشتم والسب, واستخدام الألفاظ النابية والقاسية كأسلوب تعنيفي ضدّ المعنَّف, وقد أشارت دراسة نشرتها جريدة الحياة إلى أنّ دراسة ميدانية بصورة عامة سنة 2010, كشفت أن الآباء يأتون في مقدمة الأشخاص الذين يسيئون إلى أبنائهم, يليهم الأخوة ثم الأقرباء فالأمهات ومن بعدهم المعلمون, ويتذيل القائمة الأصدقاء, كما أوضحت أن (38,7) في المئة من أفراد المجتمع السعودي يستخدمون كلمات نابية مثل (غبي, كسول, قبيح) …. تجاه أبنائهم ” (49) .

” وأظهرت دراسة أجراها الباحثون في تونس أن 88 في المئة من الشباب التونسيين يستخدمون العنف اللفظي, وكشفت دراسة للمرصد الوطني للشباب أذاعها التلفزيون الحكومي في تونس وشملت 600 شاب وشابة من مناطق ريفية وحضرية أنْ نحو 88 في المئة من الشباب المستجوَبين أقرّوا بأنّهم يستخدمون العنف اللفظي, وأضافت أنّ 62 في المئة منهم قالوا أنّه يوجد في عائلاتهم من يمارس هذا السلوك, وأشاروا إلى أنّ نسبة الآباء الذين يستخدمون العنف اللفظي داخل العائلات تبلغ 21 في المئة ” (50) .

وعلاج هذه الظاهرة الخطيرة موقوف على تهذيب النفس وتربيتها على ضوء ما ذكرناه آنفاً من نصوص دينية في أهميّة حسن الخلق ، وبيان مساوئ سوء الخلق .

المطلب الثاني : أسباب ظاهرة العنف الأسري .

للعنف الأسري أسباب كثيرة تختلف باختلاف البيئة ومتوسط المستوى الثقافي والتعليمي للمجمع وكذلك التقاليد والعادات الاجتماعية هذا كله فضلا عن التعاليم الدينية التي تساهم عادة في تقليل هذه الظاهرة بفعل ما تدعو إليه من محبة وسلام ووئام فضلا عمّا تقرره من حقوق لكّ فرد من أفراد الأسرة ،

وعلى أي حال يمكن تقسيم أسباب ظاهرة العنف الأسري على عدة أقسام كما يلي :

السبب الأوّل : ضعف الوازع الديني

يعد ضعف الوازع الديني وتدني المستوى الأخلاقي، ومناكفة قيم المجتمع ومبادئه، من الاسباب الاساسية التي  تدفع لممارسة العنف بشتى أشكاله الجسدية والجنسية والنفسية, كما أن البعد عن مصاحبة أهل الصلاح، وملازمة رفاق السوء، هو سبب مهم يؤدي بالإنسان إلى الانحراف عن المسار الصحيح؛ لأن مصاحبة أهل الصلاح تساعد الإنسان على طاعة الله تعالى، وتنفعه في الدنيا والآخرة (51) فقد قال الله تعالى: {الأخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِين } (52)،

بالإضافة الى ان الشريعة الإسلامية قامت بتحرير المرأة ورفع مكانتها إلا أن هناك عادات موجودة في نفس الرجل وتوارثها الرجال جيلا بعد اخر لدرجة ان دعوات تحرير المرأة يعتبرها الرجل نوعا من التحريض على الفجور والعصيان الديني والأخلاقي , فبالرغم من ان هذه الدعوات هي من ضمن تعاليم الدين الإسلامي ومثال على ذلك , حسن المعاملة للزوجة , عدم ضربها, توفير وسائل العيش التي تحقق السعادة الزوجية وغيرها ..الا اننا نجد أن السياق الثقافي للمجتمع  يحمل عددا من العوامل التي تحرض على العنف ضد الزوجة, بل وتبرره وذلك بسبب الفهم الخاطئ لتعاليم الدين ومن ثم خلطه بالموروثات والتقاليد التي تكرس للتمييز ضد الزوجة (53) .

إن الإسلام حرر المرأة المسلمة ووضع لها الأسس والقواعد الإنسانية والحضارية التي ترفع من شأنها وتصوّرها في أعلى الدرجات إذ يعد الإسلام منذ نشأته قوة كبيرة لتحرير المرأة وتحقيق ذاتها (54) . كما في قوله تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَة} (55)،

وبالتالي ان الله قد ساوى بين الزوج وزوجته ما خلا الفروقات التي تعتمد على الفارق البيلوجي، هذا  بالرغم من وجود اختلاف في الدراسات والبحوث في مدى علاقة الدين بالعنف ضد الزوجة ، إلا إن الرأي الراجح والذي يكاد يتفق عليه معظم المعنيين بشؤون المرأة على وجه العموم والزوجة على وجه الخصوص بأن الدين الإسلامي قد احدث تأثيراً كبيراً في تقرير حقوق الإنسان الأساسية ومنها حق الإنسان في الحرية والمساواة وحماية المرأة من كافة أنواع الاضطهاد والعنف (56) .

السبب الثاني : الأسباب الاجتماعية

أنًّ الأسباب الاجتماعية تعد الأهم من بين جميع الأسباب, فهي أهم المؤشرات في وجود وظهور العنف الأُسري, وهي تتعلق بطريقة التربية والتنشئة، فمنذ بداية تربية الأبناء يجب الاهتمام والتركيز على الجانب النفسي لهم؛ لأن طريقة المعاملة في الصغر تنعكس بشكلٍ كبيرٍ وواضح على معاملته للآخرين في الكبر فإنهّا بمثابة المرآة، لذلك كان من أخطر أساليب التربية، القسوة في المعاملة من قبل الأهل، على خلاف توجيهات رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، القدوة الحسنة في الرفق والرحمة واللين، وروى البخاري بإسناده عن أبي سليمه بن عبد الرحمن قال:

((قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن بن علي وعنده الاقرع بن حابس التميمي جالساً,  فَقَالَ الأَقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثُمَّ قَالَ : مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ)) (57) .

كذلك الإهمال، والرفض العاطفي، والتفرقة في المعاملة، والتمييز بين الأبناء، والجفاء والغلظة، وتمجيد سلوك العنف واستحسانه، والقمع الفكري للأبناء, كما إنَّ الشعور بعدم الاستقرار الأُسري نتيجة لكثرة المشاجرات والتهديد بالانفصال وفقدان الحنان جراء الطلاق, وجعل الأبناء ضحايا للعناد والشقاق النفرة الحاصلة بين الوالدين, أو فقدان أحدهما, الأمر الذي يحدث صدمة لدى الأبناء,

ويؤثر في خلق المزاج الحاد والسيء وكذلك السلوك العدواني الذي يتولد عند الطفل، أو زيادة حجمه تجاه نفسه والآخرين، كما إنًّ أنواع الثقافة السائدة في بعض المجتمعات و البيوت, التي تقوم على تمييز الذكور عن الإناث, وتعطيهم الحق في ممارسة العنف والضرب, هي ظاهرة تشكل صورة من صور العنف الأٌسري, وهي حرمان البنات من حقوقهن المشروعة كالتعليم والعمل والميراث والزواج وغيرها (58) ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):(إنْ الله قد أعطى كل ذي حق حقه) (59) .

أضف إلى ذلك, العنف النفسي والقهري الذي تعانيه النساء, من خلال الظلم الواقع عليهن من أزواجهن وصبرهن على ذلك, بسبب الأًعراف البيئية والتقاليد المجتمعية التي تصنف الوقوف في وجه ظلم الزوج على أنه أمراً معيباً, ومن الأمثلة العملية على ذلك زوجة فرعون, التي صبرت على ظلم فرعون وجبروته بلجوئها الى الله تعالى, لتخليصها من واقعها وفيها يقول الله تعالى في محكم التنزيل : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا أمرات فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} (60)،

من هنا كانت طريقة التنشئة والتربية القائمة على القسوة والعنف سبباً رئيساً في أتخاذ أسلوب تربية عند الشخص المعنَّف، وممارسته على أطفاله وعائلته ومجتمعه، باستثناء حالات نادرة تحاول أن تربي أطفالها على عكس تربيتها، حتى لا يعيشوا المشكلة والمعاناة التي عاشها الوالدان، فعادات الإنسان عادات مكتسبة من خلال تربيته، فالعنف يكبر مع الإنسان حتى يتحول مع الوقت إلى أمراض نفسية وانحراف في السلوك#1548; فيصبح عدوانياً، أو إجراميا  في بعض الأحيان، ويكون سبباً في حدوث حالات الاكتئاب، والانتحار، وتدهور المهارات الذهنية، وعدم القدرة على بناء علاقات اجتماعية، والتعامل مع المجتمع، وضعف الثقة بالنفس، وتدني مستوى الذكاء، وضعف التحصيل الدراسي (61) .

السبب الثاني : الأسباب الاقتصادية

يعد الاقتصاد من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع، فالمجتمعات التي يمتاز اقتصادها بالقوة توصف بأنها مجتمعات متطورة، والاقتصاد يعمل على تحسين الثقافة الاجتماعية للشعوب وتطوير دورها الإنساني، خصوصاً عندما تكون معتمدة على أسس سليمة ومستقلة, وإنّ السبب الاقتصادي يمثل السبب الرئيس في العنف الأُسري كونه يمثل العامل المتفاعل مع غيره من العوامل النفسية التي تؤدي إلى ضرب الرجل لزوجته أو أبنائهِ وذلك لقلة الدخل, ولاسيما ارتفاع الأسعار والتضخم الاقتصادي الذي يهدد كيان الأسرة والمجتمع بما يفرزه من نتائج مهدده للاقتصاد والأمن والتماسك والسلم الاجتماعي, وهذا يكثر في البلدان التي تشهد نزاعات مسلحة وحروب وتكثر فيها انتهاكات حقوق الإنسان (62) .

كما أنّ العامل الاقتصادي يؤدي إلى تردي مستوى المعيشة للعوائل الفقيرة اذ يكون من الصعب الحصول على لقمة العيش أو الحياة الكريمة التي تحفظ للفرد كرامته الإنسانية وقد يقود ذلك الرجل الى صب جام غضبه على المرأة والأبناء بفعل النفقات الاقتصادية التي تلزمه لإعالتهم والإنفاق عليهم والذي يعطيه الحق توهما بسبب هذه الظروف للقيام بإذلالهم وتحقيرهم وتصغيرهم بسبب ثقل الأزمات الاقتصادية الخانقة وهذا ما تفرزه من عنف (63) .

ومن الملاحظ؛ أنّ كثيراً من الدول العربية مازالت تعاني من ضعف الاقتصاد، وانتشار الفقر، والبطالة، وغلاء المعيشة، ويظهر أثر ذلك في مستوى معيشة الأفراد، وتدني الخدمات الصحية والعلاجية المقدمة لهم، وأصبح مع الوقت يشكل عبئاً ثقيلا على هؤلاء الأفراد، وبالتالي انعكس سلباً على حياتهم، ومستقبلهم، وأثَّر في رفع مستوى الإحباط، والاكتئاب، والأمراض النفسية لديهم بسبب قلة فرص العمل أو تدني الراتب الوظيفي الذي لا يغطي نصف الحاجات الضرورية، كالمأكل، والملبس، والعلاج، والدراسة وغيرها (64) ، 

ومن النتائج السلبية للمشاكل الاقتصادية العجز عن إشباع الأسرة لحاجات أبنائها المادية نتيجة لتدني مستوى المعيشة و المستوى الاقتصادي، وكثرة عدد أفراد الأسرة، فوجد من خلال العديد من الدراسات أن هناك علاقة تربط بين عدد افراد الأسرة وسلوك العنف، وبيئة السكن، فالأسرة التي يعيش أفرادها في سكن مكتظ، يميل افرادها لتبني سلوك العنف كوسيلة لحل مشكلاتهم،

ومن صور العنف الأسري الناشئة عن الفقر التي أشار إليها القرآن الكريم، قتل الوالد لولده، بسبب الفقر، أو الخوف منه (65)، وهو ما نهى الله تعالى عنه، وهو المعطي الرازق، فقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (الأنعام/ 151) ، وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَة إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرا} (الإسراء/ 31) ،

ففي الآية الأولى قدم رزق الآباء على الأبناء، وفي الثانية قدم رزق الأبناء على الآباء؛ لأن الكلام في الآية الأولى موجه إلى الفقراء دون الأغنياء، فهم يقتلون أولادهم من الفقر الواقع بهم، لا لأنهم يخشونه، فأوجبت البلاغة تقديم عِدَتهم بالرزق تكميل العِدة برزق الأولاد، وفي الآية الثانية الخطاب لغير الفقراء، وهم الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر، لا لأنهم مفتقرون في الحال، وذلك أنهم يخافون أن تسلبهم كُلَف الأولاد ما بأيديهم من الغنى، فوجب تقديم العدة برزق الاولاد (66) .

وعن عبد الله قال “سَأَلْتُ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ:  ثُمَّ أَيُّ ، قَالَ : وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ” (67)، وبالتالي؛ فإن العنف الأسري، قد يمارَس على أحد أفراد الأسرة أو على أغلبهم كردة فعل للوضع الاقتصادي السيئ، الذي يعاني منه رب الأسرة، أو أحد أفرادها، فهو يقع عليهم لا بسبب خطأ اقترفوه، بل هو يكون على شكل تفريغ شحنة الغضب والخيبة واليأس بسبب الفقر والعجز وضعف ذات اليد.

السبب الرابع : تعاطي المسكرات والمخدرات وما شابه ذلك

إنَّ تعاطي الكحول والمسكرات بأنواعها وكذلك العقاقير المنشطة, لها تأثير نفسي وعقلي سيء في الشخص حيث يجعله يتعود على سلوك عدواني وإنَّ الإدمان على ذلك يعد سببا مهما في ارتكاب العنف ضد أفراد أسرته والذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم,

وقد يكون أكثر أنواع العنف هو العنف الجسدي والجنسي؛ لأنَّ المدمن يكون فاقداً للعقل والإرادة وبالتالي يصبح أفراد الأُسرة عرضة لأنواع الاعتداءات من قبل هؤلاء الأَشخاص والذين ربما يفلتون من العقاب, لذا من الضروري جدا أنْ يتعاون الجميع من مؤسسات المجتمع المدني وأَجهزة الأَمن وأَفراد العائلة من أجل حماية الأسرة من خطر هؤلاء المجرمين (68)،

وقد ينجم العدوان من تقليل الكحول أو علاقته لعملية الادراك الحسي أي فهم موضوعات العالم الخارج وما يجري فيه من أحداث, ووجود خلل في عملية الإِدراك يعوق القدرة على الاتصال الجيد ويخلق نوعا من الشعور بالسخط والضجر, وكما يرتبط وقوع الضرب والعدوان على الزوجة من قبل الزوج بتعاطيها الخمور (69) .

إنّ الكحول لا يمكن أنْ يتخذ عذراً لممارسة العنف؛ وع ذلك تتباين النسبة المسؤول عنها تعاطي الكحول في وقوع عدوان الزوج على الزوجة من (65% – 85%)من الحالات التي يثيرها التعاطي (70)، فهناك إحصاءات جنائية تؤكد ان العنف الأسري يرتبط دائما بتعاطي الكحول إذ أنَّ (75%) من الذين تم القبض عليهم بجرائم القتل أو الجرح والضرب وغيرها من جرائم العنف كانوا سكارى في وقت القبض عليهم, حيث أن الكحول يقلل من قدرة الإنسان على ضبط سلوكه (71) .

كما أّنَّ لتعاطي المسكرات والمخدرات دور كبير في ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة والطفل وذلك بإثارة روح العدوانية عند الرجل حيث أثبتت احصائية أنّ الكحول وراء نصف جرائم القتل العمد و (40%) من حوادث الاعتداء الجنسي و(35%) من جرائم الاغتصاب و (30%) من حوادث الانتحار, وتؤكد دراسة إنَّ إدمان الكحول يؤدي إلى ارتكاب الأَعمال والمخالفات العنيفة والمغامرة في ارتكاب الجريمة أما المجرمون غير المدمنين فإنّهم يرتكبون جرائم بسيطة مقارنة بالمدمنين مثل سرقة الممتلكات (72) ،

إذ أنًّ للكحول تأثيراَ كبيراً في تنظيم الشخصية, وأنَّ الإدمان عليه يجعل ((الفرد يميل نحو الغضب نتيجة تنشيطها مشاعر الغضب لديه, ثم يصبح عدواني بشكل خطير, وانها السبب الرئيسي لكل جرائم القتل والاغتصاب والاعتداءات وهذا ما اكده الاستاذ دوبرت, استاذ علم النفس والامراض العقلية في جامعة (McGill) عند دراسته للعلاقة بين الكحول والسلوك العدواني)) (73) .

السبب الخامس : الاثر السيء لبعض وسائل الاعلام والأجهزة الحديثة

لاشك إنّ لبعض وسائل الإعلام والاجهزة المدنية الاثر السلبي الذي يؤدي دورا كبيرا في التأثير على شخصية الطفل لذلك يجب أن نحدد ما يُقدَّم لهؤلاء الاطفال من ثقافات عبر تلك الوسائل التي تنوَّعت وتشعبت مثل (التلفزيون, الراديو, الأنترنت, الألعاب الإلكترونية ) لأنّ لهذه الوسائل آثار خطيرة على أطفالنا وهي سلاح ذو حدين، يمكن أَنْ تكون أداة صلاح كما يمكن ان تكون اداة هدم وتخريب خاصة إذا كان الطفل يعيش في بيئة منزلية أو اجتماعية لا تخلو من الأخطاء السلوكية (74) .

إنَّ العنف الذي يبثه الإعلام من خلال الأفلام والبرامج والإنترنت وما يسرب منه داخل الفضائيات ومواقع الإنترنت والتواصل, يسهم إلى حد بعيد في انحراف السلوك لدى المشاهدين, ويمكن أنَّ يظهر على شكل استجابات لدى الكثير منهم, كما أنه يمكن للإعلام أنْ يهتم في توطيد الأمن لدى الناس ونبذ العنف وأداته, من خلال التقليل من مظاهر العنف والتركيز في ما يدفع الناس لعمل الخير وإظهار الصورة الحقيقية للآخرين دون المساس بحرياتهم وخصوصياتهم, وترك الحرية للمشاهدين في الحكم الموضوعي (75)،

كما إنّ الإنترنت ساهم في عملية إدماج ثقافي عبر ما يبثه من نماذج محددة مستعملاً وسائل ورموز موحدة إذ أنًّ اللغة المستخدمة فيه هي اللغة الإنكليزية وبالتالي أصبحت هي اللغة الأم وهي لغة الثقافة ولغة العلم وقاعات الدروس ولغة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء (76)، وقد حرم الفقهاء المسلمون البرامج التي تقود الى الانحطاط الخلقي والديني والاجتماعي ونذكر هنا نموذج من استفتاءات صادرة عن مكتب المرجع الديني السيد علي السيستاني (مُدّ ظله) :

وأكد سماحة السيد علي السيستاني على أولياء الأمور في البيت بأن يتحملوا مسؤولياتهم بحماية أبنائهم من هذه المناظر المحرمة, سؤال لسماحة علي السيستاني يحرم فيه المسلسلات المدبلجة ـ

السؤال: ما حكم النظر إلى المسرحيات والمسلسلات العربية والعراقية والأجنبية (المدبلجة)

الجواب: مع اشتمال هذه المسلسلات والمسرحيات على لقطات غير شرعية وغير أخلاقية – التي لا تخلو منها غالباً – يحرم النظر إليها مع التلذذ الشهوي أو خوف الوقوع في الحرام، بل الأحوط لزوماً ترك النظر إليها وإن كان بدونهما, وعلى المؤمنين – أعزهم الله تعالى – أن يلتزموا جانب الحيطة والحذر فيما يُعرض من المسرحيات والمسلسلات، وعلى أولياء الأمور أنْ يتحملوا مسؤولياتهم تجاه    أفراد أسرتهم، وأنْ يختاروا لأبنائهم كل ما فيه صلاح دنياهم وآخرتهم وأنْ يبعدوهم من كل ما يلوّث فطرتهم النقية أو يفسد أخلاقهم . نسأله سبحانه وتعالى التوفيق والتسديد (77) .

وبما أن العنف لا يورث فهو إذن سلوك مكتسب يتعلمه المرء أو يعايشه في خلال حياته ، وبكون وسائل الإعلام من مدارس التنشئة الاجتماعية، فإننا نعد الشاشة الصغيرة من الوسائل الأخطر في هذا المجال لأنها الوسيلة الترفيهية التي لا يكاد يخلو منها بيت في مجتمعنا ولا تحتاج إلى معرفة للقراءة بحيث يبدأ الطفل بالانتباه إليها منذ بداية إدراكه للصوت والصورة، وأن الصورة أبلغ أثراً من الكلمة المقروءة أو المسموعة لأن المشاهد يكون في حالة من القابلية للتأثر من دون أن يكون بالضرورة في حالة تحريض وإثارة, كما إن الصورة والصوت يلعبان دوراً مهماً في عمليات التثقيف و استدخال معايير وسلوكيات في نظام حياة الفرد وبخاصة إذا كان للتكرار والإصرار في إبراز فكرة أو صورة دورٌ يخطط له (78) ،

وما الأفلام البوليسية ورياضات العنف وإثارة القوة، تلك التي تعنى بها دور السينما وشاشات التلفزة في بلـدان عـديدة وتبث عبر الفضاء إلى أرجاء العالم كلها، إلا أسباب رئيسية لظاهرة العنف، ليس في مدارسنا فحسب وإنما في مدارس العديد من البلدان الأخرى، بما فيها بعض البلدان المتقدمة علمياً وصناعياً (79) .

المطلب الثالث: كيفية معالجة ظاهرة العنف الأسري .

تعد الأسرة عبارة عن مجتمع صغير, قائم على عمودين أساسيين هما الرجل والمرأة, والمجتمع ليس كثرة عددية تنمو بل عبارة عن علاقات بين افراد تقوم على هدف معين, وقد حدد القرآن الكريم هذا الهدف بالسكينة والاطمئنان في العلاقة القائمة بين الرجل والمرأة من خلال المودة والرحمة القائمة بينهما, قال تعالى في محكم كتابه العزيز: { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم/ 21) .

ولأهمية الأسرة وأهمية دورها في بناء  المجتمعات أعتنى بها الدين الإسلامي أيما عناية ورسم لها الطرق المثلى للارتقاء بأفرادها إلى أسمى المستويات وعلى كافة الاصعدة, وفيما يلي من فروع سيتم بيان ما جاء به الإسلام من عناية واهتمام في الجوانب التربوية والوقائية لخلق أسرة يسودها السلام وينير لها طرق السلامة لأخذها إلى جادة الأمن والأمان.

الوعي بضرورة ترسيخ المنظومة الحقوقية داخل الأسرة .

تُعد الحقوق الأسرية من ضمن الحقوق المدنية الخاصة وتتفرع عن الحالة العائلية التي تثبت للشخص، بوصفه فرداً سواء أكان ذلك بسبب الزواج أم النسب (80) .

وتتميز هذه الحقوق كغيرها بأنها لا تخوّل أصحابها سلطان فحسب، بل تلزمهم بواجبات، فحق الأب في تأديب ولده، سلطة ضرورية لواجب عليه في الوقت نفسه، وحق الزوج على زوجته في طاعته، يقابله واجب عليه، هو رعايتها، والإنفاق عليها، ويعود ذلك إلى أن هذه الحقوق ليست مجرد ميزة لصاحبها بل مقصودٌ بها رعاية الأسرة التي هي أساس المجتمع (81) .

وإنّ الدين الإسلامي لم يهمل حقوق الإنسان ذكراً كان أو انثى بل جعل لكل منهما حقوقاً وواجبات, وجعل هذهِ الحقوق هدفاً اساسياً في عقيدته وشريعته, وقام بحماية المرأة من طغيان بعض الرجال الذين لا يقدرون قيمة المرأة, فأن المرأة قبل الاسلام تقتل وتضرب وتهان وتعامل بقسوة, ولم يكن يُنظَر اليها على انها انسانة قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (التكوير / 8-9) .

وبعد ما جاء الدين الإسلامي منح المرأة كل حقوقها كاملة, فالذي خلق الرجل والمرأة هو الله ولن يتركها بلا حقوق وواجبات, بل يبين لها حقوقها وواجباتها والله تعالى صاحب العدل المطلق في تشريعاته, ومن هذه الحقوق التي شرعها الإسلام للزوجة (82) .

أولا: حق الكرامة

إنّ الله عز وجل كرّم الإنسان وفضله على جميع خلقه, وخصه بخصائص عن باقي المخلوقات, فهو المخلوق الوحيد الذي  نفخ فيه من روحهُ. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} (الحجر/ 28-29) ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الاسراء / 70) ،

فقد كرّمه بخلقه على تلك الهيئة, وبهذه الفكرة التي تجمع بين الطين والنفخة, فتجمع بين الأرض والسماء في ذلك الكيان, وكرمه بالعقل والاستعدادات التي أودعها في فطرته, والتي استأهل بها الخلافة في الأرض (83) ، ومن مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان ان منحه حرية الاختيار, اذ تميَّز الإنسان على سائر المخلوقات بأن وهبه الله تعالى العقل الذي يميز به بين الخير من الشر والخبيث من الطيب (84) .

ومن التكريم أن يكون الإنسان قيما على نفسه, متحملا تبعة اتجاهاته وعمله, فهذه الصفة الأولى التي كان بها الأنسان أنساناً هي حرية الاتجاه وفردية التبعية, قال تعالى: { … إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ..} (الحجرات 14) .

ثانيا: حق الزوجة في المساواة مع الرجل

إن الإسلام يرى في كل من الرجل والمرأة جوهر الإنسانية , ووحدة الخلق والنشأة ويعلى  ذلك  في ميزان التقييم والتكليف على اثار الاختلافات العضوية والنفسية بينهما , وان الاصل في الاحكام الشرعية المساواة الكاملة الا ما استثناه الشارع وهو  قليل , لذلك فالإسلام يقرر بلا مواربة مبدأ المساواة المطلقة بينهما في كل ما يتعلق او يتصل بالكرامة الانسانية والمسؤولية , و يحترم مكانة كل من الزوجين واولويات وظائفهم في الاسرة والمجتمع (85) ، ولعل ابلغ ما قيل في موضوع المساواة ما جاء ذكره في القرآن الكريم ﴿ يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها﴾ (النساء / 1) .

بل إنّ الله عز وجل ساوى بين الناس اجمعين في الخلقة سواء ذكر او انثى وجعل لكل منهم خواصه الذاتية والجسمية, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات / 13) .

فالتساوي بين الناس اصل موجود, ومعيار المفاضلة في ميزان الله تعالى تقوى الله, ومنذ ان جاء الاسلام ارسى اسسه وقواعده وساوى بين الرجل و المرأة امام احكامه الشرعية, وقانون نظامه الخالد, في شؤون المسؤولية والجزاء, وفي الحقوق العامة والمدنية بمختلف انواعها, لا فرق في ذلك بين كون المرأة متزوجة او غير متزوجة (86) .

وان الشريعة الاسلامية عندما جاءت في الجزيرة العربية , كانت حالات الفوضى والإرباك قد شملت اغلب جوانب الحياة ومن ضمنها علاقة الرجل بالمرأة والتي كانت تشمل العديد من صور الارتباطات والتي هي اقرب تصورا الى الاباحية منها الى الزواج (87) .

وبذلك جعل الاسلام للزواج اهمية بالغة فجعله معادلا لنصف الدين وتكريما للمرأة اذ ورد في الحديث الشريف (( اذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتقي الله في النصف الباقي )) (88) .

وان هذا التكريم الالهي للمرأة نابع من اهمية دورها الانساني والتربوي وتصدير وظيفتها الفطرية, ودعمها ودعم قدراتها في بناء الاسرة والمحافظة عليها وسلامة المجتمع بصورة عامة, مراعياً في تشريعه المحكم وظيفة كل من الرجل والمرأة في الاسرة, ومدى امكانياتها من الناحية النفسية والفكرية والبدنية, مما يبعث المرأة المسلمة على اعتزازها بمكانتها اللائقة وسعادتها المرموقة ورسالتها الفطرية (89) ،

وبذلك يتبين لنا ان الشريعة الإسلامية قد حرمت معاملة المرأة بقسوة أو الاعتداء على حقوقها المادية أو المعنوية كحرمانها من النفقة ، أو عدم العدل في المعاملة أو عضلها أو التضييق عليها ، وغير ذلك الكثير من الحقوق وقد وردت الأدلة العديدة في القرآن والسنة التي تحث على إيفاء النساء حقوقهن، والرفق بهن وحسن عشرتهن (90) ،

ونجد ان أحكام الإرث في الإسلام توفر حماية مضاعفة للزوجة وهذا واضح ، فنظام النفقات في الإسلام يوجب النفقة على الرجل لا المرأة ، في حين أن ما ترثه المرأة لا تكلف شرعًا بالنفقة منه على نفسها أو أي من ذوي قرباها ، أما ما يرثه الرجل فتستفيد منه المرأة في جميع حالاتها (91) ،

وبذلك وفّر الاسلام وأقرّ الحماية بصورة واضحة لحقوق المرأة المالية اسوة بالرجل كما اكد رسولنا الكريم(ص) في الحديث الشريف (سووا بين اولادكم في العطية ولو كنتُ مفضلاً احدا لفضلت النساء على الرجال) (92) ، ولهذا نجد ان المرأة ليست ملزمة في الشريعة الاسلامية بإعالة الزوج والأبناء الا من خلال التبرع او الصدقة او الهبة, ولذا فإن الزوجة عندما تعاون زوجها تحقق فضيلتين هما صلة القربى والبذل في سبيل الله (93) ، وكذلك النِسَب في نصيب كل من الزوجين من ارث الاخر , اذ ان حصة الزوج في حالة وراثته لزوجته هو ضعف حصة الزوجة فيما لو ورثته ,

والسبب في ذلك ما يلتزم به الرجل من انفاق على الاولاد وما يترتب عليه من واجبات واعباء مالية في حالة وفاة الزوجة ولذلك فنجد ان حال الميراث كما قرره الاسلام يكون تبعاً للحقوق والواجبات , ومن هنا نؤكد ان الاسلام اثبت ميراثا للزوجة والبنت والام بعد ان كانت لا تورث قبل الاسلام وبهذا يتبين لنا ان الزوجة قد اعطيت الحق في الميراث في الشريعة الاسلامية منذ اربعة عشر قرنا (94) ،

وفي الاسلام  كانت المساواة واضحة بين الرجل و المرأة في التكاليف الشرعية حيث كلف المنهج الرباني المرأة بما يكلف به الرجل من امور العقائد والعبادات والاخلاق والمعاملات, مع مراعاة اعفائها من بعض التكاليف لظروفها الصحية والجسمانية التي تمر بها احياناً, وساوى بين الرجل والمرأة من جهة الاجر والتكريم, فقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (النساء / 124) ، وكذلك في التصرفات المالية, من بيع وشراء ورهن وتوكيل قال تعالى: {…لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ…} (النساء / 32) .

ثالثا: حق الزوجة في ابداء الراي وحقها في الرضا في الزواج

إن الدين الإسلامي أعطى للمرأة حريتها والحق في أبداء رأيها والتعبير عما تراه مناسباً أو غير مناسب من الأمور, في بيتها على مستوى بيت الزوجية حيث قال تعالى: {… وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ… } (الشورى 38) ، وقد جاءت هذه الآية عامة وغير مخصصة, فلم تقتصر على الرجال دون النساء أو على فئة دون فئة بل جاءت شاملة للرجل وللمرأة ولجميع من عندهم الأهلية والقدرة على إبداء الرأي (95) .

والبيت الأسري من أهم المؤسسات التربوية التي ينبغي أن تقوم على مبدأ المشاورة وأخذ آراء أفراد الأسرة في الحياة الأسرية وخاصة مشاورة الزوج والزوجة لبعضهما البعض فيما يتعلق بأمور البيت والأسرة, فأن الزوجة تملك الحق الشرعي في إبداء رأيها, وليس للزوج الاستبداد بالرأي والتزمت به, ويجب عليه أن يتشاور مع زوجته وأبنائه وأفراد أسرته ويأخذ منهم النصيحة في الأمور التي تخصهم فأن من حقوق المسلمين هي الشورى بصفة عامة أفراداً وجماعات ذكوراً وإناثاً زوجات وازواج , قال تعالى : { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } (آل عمران 159) ،

ومن الدلائل على أهمية مشاورة المرأة على مستوى بيت الزوجية قوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (البقرة / 233) ،  فـ ( أصل الفصال التفريق, فهو تفريق بين الصبي والثدي قبل الحولين, وذلك أن الله جعل عدة الرضاع للأطفال حولين كاملين, وبين أن فطامهم ليس لأحد عنه منزع إلا أن يتفق الأبوان على أقل من ذلك العدد من غير مضارة بالولد, فذلك جائز لهذا البيان, والتشاور استخراج الرأي الاصوب فالمشورة كالمعونة ) (96) .

وقد أعطى الإسلام المرأة الحق في الموافقة أو الرفض على الزوج عند العقد وفي كامل حريتها, ولم يسمح في هذا البيان بأي نوع من أنواع الإكراه والغصب والجبر, ولا ممارسة الضغط العملي والفكري على الفتاة ولا غيرها, سواء أكانت بكرا أم ثيبا ، فالزواج يقوم على عاملين, أحدهما مادي وهو أن يكون الزوج ذا كفاءة وقدرة مادية على أعباء الزوج,

والعامل الثاني هو العامل النفسي وهذا العامل أكثر أهمية من الأول, فلا تستقيم الحياة الزوجية مع عدم الرضا النفسي بين الزوجين أو أحدهما (97) ، فلا يجوز إجبار المرأة هذا الكائن الرقيق الحساس على الزواج من شخص محدد او ابقائها بدون زواج أصلا فإن في ذلك إثماً كبيراً عند الله تعالى وظلماً شديداً, فإن المرأة بتكوينها الإلهي لا تقوى على العيش بدون نصفها الآخر وهو الرجل فهما مكملان لبعضهما البعض,

فيجب إعطاء المساحة الكافية لها في اختيار شريك حياتها فإنّ المرأة هي التي تعاشر زوجها بكل ما تحمله المعاشرة من معان نفسية واجتماعيةٍ وعلاقات ماديةٍ وما إلى ذلك, فيقتضي هذا الأمر طلب رضاها بفكرها ووجدانها فإذا نفر أحدهما من الآخر فإن الحياة الزوجية لا تستقيم, وتصبح جحيما, فإن قام ولي المرأة البالغة ثيبا كانت أم بكرا, بدون إذنها بتزويجها فلها الحق في فسخ النكاح إذا لم ترضَ به (98) .

رابعا: حق الزوجة في المعاشرة بالمعروف

إن السعادة الزوجية والأسرية لا تتحقق إلا باستقرارها وهدوئها , ومتى ما التزم الزوجان بالمعاني الإيمانية والنظم الأخلاقية تعم عليهما الرحمة والمودة وينعمان بالراحة والسرور, فإن الله عز وجل قد عالج القيم الأخلاقية بالمودة والرحمة والمعاشرة الحسنة الطيبة, ومراعاة الحقوق المشروعة والتحلي بفضائل الإسلام الحميدة, والإسلام أول من دعا ونادى إلى المعاشرة الحسنة, ومعاشرة المرأة بالمعروف, قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء / 19) ،

فهذه الآية المباركة صريحة في معاشرة الزوجة بالمعروف, ولربما يظهر من المرأة عيب أمام الزوج ولا يرضاه أو عيب ما  في خلقها, ولكن إلى جانب ذلك يرضى خلقا آخر وأنها وأن كانت تعاب في أمر بسيط فأنها تحمد في أمور أخرى فالإنسان بطبيعة حالة يملك جوانب حسنه وأخرى سيئة  فعليه أنْ ينظر إلى ما فيها من محامد وحسنات ولا ينظر إلى السلبيات والعيوب، حتى يحصل التعاون ويسود الوفاق بين الزوجين ولابد من مد كل منهما يد العون والمساعدة, إذا دعت الضرورة, ولا يحملها ما لا طاقة لها به, فمن يحمل زوجته ما لا طاقة لها به, فليس بمحسن لعشرتها, وإحسان العشرة ينبعث من قلب الزوج بروح المودة والمحبة ممتلأ قلب الزوجة تغبطه وسرورا (99) ،

وإنّ من السلوك القويم والصالح في حسن المعاشرة, هو تحمل كل من الزوجين الآخر وعدم تصعيب الأمور صغيرها وكبيرها وعدم التوبيخ والتعنيف في كل شيء, فإن طلاقة الأخلاق وبشاشة الوجه من المعروف .

وكما أنّ الزوج مطالَب بحسن معاشرة الزوجة فإنّ الزوجة هي الأخرى مطالبة بهذا الأمر فحسن المعاشرة ليس حكراً على الزوج فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين سئل عن أي النساء خيراً فقال: ((التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره)) (100) .

خامسا: حق الزوجة في المهر والنفقة الزوجية والإرث

يعرف المهر عند الفقهاء بتعريفات كثيرة منها: ما يقدمه الزوج لزوجته على أنه هدية لازمة وعطاء واجب على الزوج لزوجته (101) . ويسمى عند العرب بعدة تسميات, فيسمى صداقا او نِحْلة أو فريضة ولقد دل على وجوب المهر قوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (النساء / 4) .

وهناك جملة من الروايات التي دلت على وجوب المهر منها ما يروى عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس عن عبد الحميد بن عواض الطائي، قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يتزوج المرأة ولا يكون عنده ما يعطيها، فدخل بها، قال: لا بأس أنما هو دينٌ عليه لها) (102) .

وكذلك ما يروى عن الإمام الرضا (عليه السلام): عن آبائه (عليهم السلام), قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أن الله تعالى غافر كل ذنب إلا من جحد مهرا، أو أغضب أجيرا، أو باع رجلا حرا) (103) .

وعن الحلبي، قال: (سألته عن رجل تزوج امرأة فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ثم طلقها، فقال: لها مهر مثل مهور نسائها …) (104) .

فالمستفاد من هذه الروايات، دلالتها على أحقيّة المرأة بالمهر، تبعاً لعدم صلاح النكاح إلا به، ولبقاء ذمة الزوج مشغولة لزوجته، حتى يسلّمها مهرها، الذي تراضيا عليه، أو مهر مثلها من النساء, والمهر جزء من العقد القانوني بحيث يعد دافعا لتوثيق الاقتران بين الرجل والمرأة توثيقا تعاقديا، وهذه الحالة أفضل من الحالة السائبة .

وأما النفقة الزوجية, فهي شرعا ما يجب أن يقدمه الرجل لزوجته من مسكن ومأكل وملبس, وهي وإن كانت واجبة شرعا إلا أن الشرع قد أحاطها بسياج  ونَسَقٍ من الأدب والفضائل التي تجعل منها عبادة يؤجر الزوج بها, ولقد بيّن القرآن الكريم الواجب على الزوج من النفقة على زوجته حيث قال تعالى: { أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } (الطلاق / 6) .

وأمّا حق الزوجة في الميراث, فإنّ الدين الإسلامي عد الزواج ارتباطا روحيا ومعنويا وماديا وجسديا,  وجعل الميراث نتيجة حتمية للعقد الشرعي, والإسلام الحنيف ورث المرأة من زوجها وجعله حقا ثابتا شرعا لكلا الزوجين ((لان الزوجة تنشئ قرابة, كقرابة النسب فإذا مات شرعا أحد الزوجين ورثه الآخر مالم يوجد أحد موانع الإرث, كاختلاف الدين أو القتل أو نحوهما)) (105) ،

قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (النساء / 12) ، فنصيب الزوجة الثمن إذا كان للمتوفي أولاد, ولا يحق للزوج أن يكره زوجته على التخلي عن حقها في الميراث المقرر شرعا, إرضاءً لأولاده وأقاربه وبذلك وقد كانت المرأة في الجاهلية تُحرَم المرأة من الميراث (106) .

وبهذا الحق تكون الشريعة الإسلامية قد خولت المرأة الرشيدة أن تدبر شؤونها بنفسها من مال وأملاك وتجارة, ويدخل في ذلك حرية التصرف في مهرها إن كانت متزوجة, ومنه عقود البيع والشراء والاجارة والشراكة والرهان (107) ، قال تعالى: {ابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا} (النساء/ 6) ، وهذا يشمل الذكور والإناث وبذلك يكون الإسلام قد سبق كل المدارس في إيلاء قضية حقوق الإنسان الأهمية التي تستحق (108) .

سادسا: حقوق الزوجة في الطلاق والخلع

إنًّ الهدف من تشريع الإسلام للزواج هو إحياءً لسنة الله في الأرض, وللمحافظة على النوع البشري من الانقراض, وزيادة النسل والتكاثر, والزواج لا يعد وسيلة لقضاء الشهوة فحسب, وإنما هو علاقة ودٍ وتفاهم ومشاركة نحو تحمّل مسؤوليات الحياة وأعبائها .
فإذا لم يحقق الغرض والهدف المقصود منه شرعا أعطى الإسلام الحق للرجل والمرأة التخلص من هذه العلاقة الزوجية فشرَّع الطلاق قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (البقرة / 229) .

وكما مرَّ في مواضع سابقة وبصورة مفصّلة عن التفريق والطلاق وأسبابه ومتى يجب, وقد بينت الشريعة السمحاء أن الرجل لا حق له في استعمال الشدة والقسوة على المرأة للتخلي عن حقوقها وأن لا يكون إيقاع الطلاق ظلما وعدوانا (109) ، وأما ما يخص الخلع فلا ريب أن الخلع حق ثابت للمرأة فيما إذا وجدت أسبابه ودواعيه, فإذا طلبت الخلع فللزوج أجابتها إلى طلبها وذلك بمخالعتها بحل قيد النكاح وإنهاء العلاقة الزوجية (110) .

والخلع في اللغة: النزاع والإزالة, تقول خالعت المرأة زوجها مخالعة إذا افتدت منه وطلقها على الفدية فخلعها هو خلعاً, والاسم الخُلع بالضمّ هو استعارة من خلع اللباس لأن كل واحد منهما لباس الآخر فإذا فعل ذلك فكأنّ كل واحد نزع لباسه عنه .

ويعرف اصطلاحا: بأنهّ فرق بين الزوجين بعوض مقصود راجع لجهة الزوج بلفظ الطلاق أو خلع كقوله طلقتك أو خالعتك على كذا, فتقبل وهو جائز عند أهل العلم (111) ،

والخلع يجب أن يكون لمقتضى يقتضيه, أما من غير داع ولا علة فلا يجوز عند أكثر أهل العلم, فإنّ الله عز وجل أباح للمرأة أنْ تفتدي من زوجها إنْ خافت أنْ لا تقيم حدود الله تعالى فتقصر في حقه أو في عشرته, ولا يجوز لزوجها أن يقبل منها شيء إلا إذا علم منها أنها تبغضه ولا تستطيع ان تقوم بواجباتها (112) ،

فعندما يستحكم النفاق ويستحيل الوفاق بين الزوجين, فإن الحياة الزوجية لا تقوم إلا على السكن, والمودة, والرحمة, وحسن المعاشرة, وتأدية كل من الزوجين ما عليه من حقوق, فإن استحال ذلك فلا سبيل إلى الخروج من هذا المأزق إلا الفراق بالطلاق أو الخلع (113) ، أمّا ما يلجأ إليه بعض الأزواج من ابتزازٍ للنساء وحملهن على طلب الطلاق للتنازل له عن حقوقها ومالها من المهر, والسكن, والنفقة, وحضانة الأولاد, فهذا وغيره, من اشد أنواع الظلم وأقبحه وأكثره بغضاً, قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء 19) .

الخاتمة

لكل فرد من أعضاء الأسرة مجموعة من الحقوق والواجبات بإزاء افرادها الآخرين يجب عليه رعايتها وعدم التفريط بها، وظاهرة العنف الأسري انما هي سلوك قد يلجأ له الفرد اتجاه سائر اعضاء الأسرة وهو يثير الكثير من القلق لأنّه يهدد بتقويض الأسرة التي تمثل نواة المجتمع من هنا اهتم كل من المقنن الشرعي والوضعي بهذه الظاهرة لتقنين تلك الحقوق ووضع ما يلزم من الاجراءات والعقوبات التي تضمن على الأقل الحد من ظاهرة العنف الأسري .

وقد سلط البحث في هذه الورقة الضوء على مجموعة من النقاط في هذا الصدد حتى آل الى مجموعة من النتائج أهمها:

1- أن تعريف العنف الأسري بوجه عام: بأنه ُ سوء معاملة شخص لشخص آخر تربطه علاقة وثيقة مثل العلاقة بين الزوج والزوجة، وبين الآباء والأبناء وبين الأخوة وبين الأقرباء بوجه عام , والعنف الاسري هو العنف الذي يحدث داخل الأسرة وقد لا يشعر به أحد خارجها لأنه يحدث ما بين جدران المنزل وتحت مظلة الترابط الأسري، فهو إذن سلوك عنيف غير معلن بسبب تستره داخل جدران المنزل وتحوطه بالنسيج الأسري .

2- ان هناك تفسير خاطئ لنصوص القران الكريم من قبل الزوج حيث وضع نفسه في وضع غير متساوٍ مع زوجته وقد حرمها من حقوقها الطبيعية والتي منها حقها في السلامة النفسية والبدنية وتصل الى حد حرمانها من حقها في الحياة , بالإضافة الى ان الزوجة تجهل الكثير من حقوقها ولاسيما الحقوق التي تم منحها لها من قبل الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية بالرغم من قلة ونقص المواد القانونية والتشريعات التي تحميها وتحافظ على كرامتها .

3- ان الكثير من المشاكل الاسرية التي يستخدم فيها الزوج العنف ضد زوجته لا تستطيع الزوجة ولأسباب يلومها المجتمع عليها البوح بها أمام القضاء لأنها بذلك سوف تضع زوجها بالسجن وبالتالي تفقد معيلها أو بيت الزوجية الأمر الذي يضطرها الى الرضا بالعنف الاسري والتزام الصمت، وهذه ثقافة سيئة ينبغي معالجتها .

التوصيات

1- يوصي البحث بضرورة تكثيف الجهود في نشر الوعي الديني من قبل علماء الدين وطلاب العلوم الدينية فيما يخص حقوق كل فرد من أفراد الأسرة وما عليه من واجبات ولاسيما ما يتعلق بـ الزوجة في الشريعة الاسلامية وايضاً فيما يتعلق بمناهضة مشكلة العنف الاسري ضد الزوجة لانهما العنصر الاكثر تعرضا للعنف الاسري, وكذلك عن توعية افراد المجتمع  ككل من الرجال والنساء توعية دينية حتى لا يُستَغَل الدين استغلالاً خاطئاً من اجل التقليل من شأن الزوجة بسبب الغلط في فهم آيات القران الكريم.

2- العمل على تعديل قانون الاحوال الشخصية وقوانين العقوبات العراقي وتطويره , وذلك بإيجاد قانون يحمي افراد الاسر من العنف الاسري , ووضع العقوبات لمن يخرج عن هذا القانون .

3- تضمين المناهج التعليمية في كل المراحل المختلفة المواضيع التي تؤدي الى تصحيح الاعراف الاجتماعية والثقافات التي تتعلق بحقوق الأسرة وآلية الحفاظ على كيانها وتجنب انهيارها .

4- ضرورة ان تقوم وسائل الاعلام من قنوات فضائية وصحف ومجلات ومواقع الكترونية والاذاعات بشرح مضامين قانون الحماية من العنف الاسري واشاعة ثقافة احترام حقوق المرأة وحقوق الانسان .

الهوامش

(1) ظ، الفراهيدي، الخليل بن أحمد (ت175هـ)، العين، تح: الدكتور مهدي المخزومي – الدكتور إبراهيم السامرائي، مؤسسة دار الهجرة، إيران – قم المشرفة: 2/ 157 .
(2) ظ، ابن منظور، محمد بن مكرم (ت711هـ)، لسان العرب، نشرة أدب الحوزة، نشر أدب الحوزة، إيران – قم المشرفة، 1405هـ: 9/275 .
(3) ظ: المصدر نفسه .
(4) زينب وحيد دحام : العنف العائلي في القانون الجزائي ، الناشر: المركز القومي للإصدارات القانونية, ط1, 2012م, 17
(5) ظ: زينب وحيد دحام : العنف العائلي في القانون الجزائي: 18 .
(6) مجلة جامعة الأزهر – غزة – سلسلة العلوم الانسانية، 12- 2، المجلد 14، العدد1 .
(7) الخامنئي، علي، دروس تربوية من السيرة العلوية، تهذيب السيد علي عاشور، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان، 1429هـ – 2008م: 52 .
(8) الأحزاب/ 58 .
(9) ظ: الجوهري، اسماعيل بن حماد (ت393)، الصحاح للجوهري ، تح, أحمد عبد الغفور عطار, دار الملايين, ط:1990. ، 2 / 579؛ ابن منظور لسان، لسان العرب: 4 / 19 – 20؛ الفيروزآبادي، معجم القاموس المحيط، رتبه وصححه ابراهيم شمس الدين، الأعلمي للمطبوعات، لبنان – بيروت، ط1: 91 .
(10) ظ: فاطمة عبد الرحمن عبد الله : مهدرات الأسرة المعاصرة وجه نظر إسلامية في التكوين والعلائق والاثار التربوية، مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، العدد 9- عدد خاص ، ص 306 1425 – 2004 .
(11) ظ: صليبا، جميل (معاصر)، المعجم الفلسفي، منشورات ذوي القربى، ط1 ، ج1 ، ص77 -78 .
(12) عبد الباقي، زيدان، الأسرة والطفولة ، الناشر: دار الفكر العربي, ط: 1998م. 38 .
(13) عمر عادل: العنف الأسري في التشريع العراقي وتطبيقاته قضائيا ، بحث مقدم الى المعهد القضائي العراقي, سنة2015ً: 3.
(14) عمر عادل: العنف الأسري في التشريع العراقي وتطبيقاته قضائيا : 7 .
(15) الروم / 21 .
(16) النساء / 1 .
(17) المادة (49 / رابعا ً) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 .
(18) المادة 237 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 .
(19) عبد الله أحمد اليوسف, العنف الأسري دراسة منهجية في المسببات والنتائج , 54.
(20) آلاء عدنان مصطفى الوقفي , الحماية الجنائية لضحايا العنف الاسري , اطروحة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة , كلية الحقوق , 2012 , 16 .
(21) ينظر, عمر عادل عبد  العنف الأسري في التشريع العراقي وتطبيقاته القضائية, 10.
(22) ينظر: د. ليلى عبد الوهاب, العنف الأسري في الجريمة والعنف ضد المرأة, 27.
(23) علي عبد الله العرادي: مشروع قانون حماية الأسرة من العنف والقوانين المقارنة, قسم البحوث والدراسات إدارة شؤون اللجان والبحوث.
(24) جلسة البرلمان العراقي المرقمة (28) المنعقدة بتاريخ 21/6/2011, تشريع قانون رقم (8) لسنة 2011, قانون مناهضة العنف الأسري في اقليم كوردستان العراق.
(25) ينظر نص المادة (413) من قانون العقوبات العراقي رقم 11 لسنة 1969.
(26) ينظر نص المادة (410) من القانون نفسه
(27) ينظر نص المادة (410) من القانون نفسه
(28) قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة1969 في الطبعة الثالثة ,174.
(29) محمد بن يعقوب الكليني : فروع الكافي , ،(ت:329), تعليق: محمد جعفر شمس الدين, الناشر: دار التعارف للمطبوعات بيروت-لبنان:1993م, 6 / 227- 228, باب المؤمن وعلاماته وصفاته.
(30) المجلسي : بحار الانوار, تحقيق وتصحيح: لجنة من العلماء والمحققين والاخصائيين, طبعة منقحة بتعاليق: الشيخ علي النمازي الشاهرودي, الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, ط1: 2008م ,7/ 208 .
(31) أحمد الموسوي الروضاتي, اجتماعات فقهاء الأمامية, المجلد السادس, باب أجماع مسائل الديات, مجلد الشريف المرتضى .
(32) د. ليث محمد عياش, أنماط العنف الموجه ضد المرأة العراقية بعد الاحتلال الأَمريكي للعراق وفق تنميط منظمة الصحة العالمية للعنف , دراسة منشورة بمؤتمر كلية التربية جامعة اليرموك ,إربد, الاردن,8 نيسان, 2010 , 33.
(33) الحر العاملي, وسائل الشيعة، الناشر: مؤسسة ال البيت عليهم السلام لإحياء التراث بيروت-لبنان, ط1, س ط: 1993م, 11/ 333.
(34) الكليني : الكافي، 2/ 100.
(35) المصدر نفسة: 2، /321.
(36) المصدر نفسة : 2/ 100.
(37) الصدوق: عيون أخبار الرضا (ع)، الناشر: انتشارات الشريف الرضي, ط1: 1/ 34.
(38) الكليني: الكافي، 2/ 100.
(39) ابن شعبة الحراني: تحف العقول، تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري, الطبعة : الثانية  الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ,98.
(40) الواسطي، علي بن محمد اللثي: عيون الحكم والمواعظ، , تحقيق : الشيخ حسين الحسني البيرجندي,  الناشر: دار الحديث, ط1: 137,.431.
(41) ابن شعبة الحراني : تحف العقول، 373.
(42) البروجردي: جامع أحاديث الشيعة،  512.
(43) محمد الريشهري: ميزان الحكمة، 1/ 806.
(44) ابن شعبة الحراني : تحف العقول، 45.
(45) محمد الريشهري: يميزان الحكمة، 1/ 805.
(46) المصدر نفسة، 1/ 807.
(47) الصدوق : الأمالي، قدم له: الشيخ حسين الأعلمي, الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, ط1, س ط: 2009م. 62.
(48) الكليني : الكافي، 1/ 27.
(49) عبدالله أحمد اليوسف: العنف الأسري دراسة منهجية في المسببات والنتائج والحلول , 49.
(50) المصدر نفسه , 52.
(51) ينظر:  رجاء ناجي المكاوي : العنف الأسري في الشرع الإسلامي, بحث منشور .
(52) سورة الزخرف :67.
(53) عادل سلطان وناهد رمزي , العنف ضد المرأة , رؤى النخبة والجمهور العام , القاهرة , اليونيسيف , 1993, ص 22.
(54) د. غازي حسن صباريني ، الوجيز في حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، الأردن ، دار الثقافة للنشر ، ط2 ، 1997 ، ص251.
(55) سورة الأحزاب ، آية 35 .
(56) د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، الوثائق الإسلامية والإقليمية، المجلد الثاني ، القاهرة ، دار الشروق ، ط1 ، 2003 ، ص30-33.
(57) الفيروزآبادي، السيد مرتضى الحسيني, فضائل الخمسة من الصحاح الستة,ج3,ط2, الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, 240.
(58) ينظر : عبد الله أحمد اليوسف : العنف الأسري دراسة منهجية في المسببات والنتائج والحلول, 191 .
(59) الحر العاملي : وسائل الشيعة, 17 / 16 .
(60) سورة التحريم : 11.
(61) ينظر : د. عبد الله بن عبد العزيز اليوسف : العنف الأسري , دراسة ميدانية على مستوى المملكة العربية السعودية, 56 ـ 66  .
(62) ينظر : القاضي خالد محي الدين أحمد : العنف القائم على أساس الجنس, دورة تدريبية حول العنف القائم على اساس الجنس,2011م. 19.
(63) ينظر : عباس أبو شاقه عبد المحمود : جرائم العنف وأساليب مواجهتها في الدول العربية,ط1, 39 .
(64) ينظر : عمر عادل عبد : العنف الأسري في التشريع العراقي وتطبيقاته القضائية: 19  .
(65) ينظر : القاضي خالد محي الدين أحمد : العنف القائم على أساس الجنس, 19 .
(66) فاضل السامرائي : أسرار البيان في التعبير القرآني , الناشر: المكتبة الشاملة للكتب الإلكترونية  . 493 .
(67) العلامة الحلي , تحرير الاحكام, , تحقيق : الشيخ إبراهيم البهادري / إشراف : جعفر السبحاني, ط1, 1422,المطبعة : اعتماد – قم, الناشر : مؤسسة الإمام الصادق (ع). ج5
(68) ينظر : عمر عادل عبيد : العنف الأسري في التشريع العراقي وتطبيقاته القضائية , 20.
(69) ينظر : عبد الرحمن محمد العبودي : الجريمة والشذوذ العقلي, الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية, ط1, س ط: 2004م. 460 ـ 463 .
(70) ينظر: عبد الرحمن محمد العيسوي : دوافع الجريمة , الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية, 2005م: 124 .
(71) ينظر :  د. عبد الرحمن محمد العبودي : علاج المجرمين, 276 ـ 277 .
(72) ينظر : عبد الرحمن محمد : الصحة النفسية من المنظور القانوني :270.
(73) زينب وحيد دحام : العنف العائلي في القانون الجزائي , الناشر: المركز القومي للإصدارات القانونية, ط1, س ط: 2012م, 16.
(74) ينظر: المصدر نفسه : 75 .
(75) ينظر:  حسن السوداني : الإعلام ونظرية الاندماج, مجلة النبأ , العدد (67 , 68 ) .142-146 .
(76) ينظر : زينب وحيد دحام , العنف العائلي في القانون الجزائي, 91 , وينظر : د. حسن السوداني : الاعلام ونظريته الاندماج , مجلة النبأ , 141 .
(77) ينظر: فتوى سماحة  اية الله العظمى علي الحسيني السيستاني, مكتب سماحة آية الله علي السيستاني, http://www.sistani.org/arabic/qa/0383/
(78) ينظر: جليل وديع شكور : العنف والجريمة ، بيروت ، الدار العربية للعلوم ، الطبعة الأولى 1997م، ص63- 64
(79) ينظر:  د. فيصل سعد : أتجاه العنف والشغب عند طلاب المدارس الإعدادية والثانوية، جريدة تشرين ، 14كانون الثاني2002م.www.damascus-online.com/48/opinion/violence.htm
(80) ينظر: عبد المنعم فرج الصدة : نظرية الحق في القانون المدني الجديد، ص19 ـ 20.
(81) ينظر: محمد كمال عبد العزيز: الوجيز في نظرية الحق، 23، عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية الحق، 17.
(82) ينظر : محمد عبد السلام العرود : العنف الأسري ( آثاره , دوافعه , علامة) من منظور تربوي إسلامي, 124.
(83) ينظر : سيد قطب : في ظلال القرآن الكريم, 4/2241.
(84) ينظر : محمد عقله الابراهيم : الإسلام حقيقته وموصياته , 93.
(85) ينظر : مجيد الصميدعي : الزواج في الاسلام وانحراف المسلمين عنه, 70.
(86) ينظر:  مجدي الصميدعي.: الزواج في الاسلام وانحراف المسلمين عنه,77.
(87) وكانت صور الارتباطات بين الرجل والمرأة عند عرب الجاهلية ونذكر منها:-
زواج البعل , زواج المباضعة , زواج الرهط , زواج الخدن , زواج البدل , زواج المقت , زواج الشغار , زواج الزائدة على اربعة , وللمزيد ينظر:  عبد الملك عبد الرحمن السعدي: العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة والقانون , القسم الاول, 41؛ د. عدي طلفاح محمد الدوري : الرابطة الزوجية في منظور القانون الجنائي (دراسة مقارنة), 90.
(88) ينظر : احمد حسين كروزون : مزايا الاسرة المسلمة, 122.
(89) ينظر : احمد حسين كروزون : مزايا الاسرة المسلمة, 122 .
(90) ينظر : المصدر نفسه, 122.
(91) ينظر: د. نوره بنت عبدالله بن عدوان : بحث حول حقوق المرأة الشريعة الاسلامية والمواثيق الدولية , مجلة العلوم الاجتماعية , منشور على الموقع الإلكتروني  swmsa.net/articles.php?action=show&id=1530.
(92) الطوسي : الخلاف: المحققون : السيد علي الخراساني ، السيد جواد الشهرستاني ، الشيخ مهدي طه نجف / المشرف : الشيخ مجتبى العراقي, الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة:ج3, 563.
(93) ينظر: ابراهيم عبد الهادي النجار, حقوق المرأة في الشريعة الاسلامية, بحث للحصول على درجة الدكتوراه  في الشريعة الاسلامية ,اكاديمية العلوم , 68 -69.
(94) ينظر: المصدر نفسة, 63-68.
(95) ينظر: محمد عبد السلام العرود : العنف الاسري ( اثاره, دوافع, علاجه) من منظور تربوي اسلامي, 258.
(96) الشيخ الطوسي: الخلاف, 3/113.
(97) ينظر : محمد السيد حمد الزكيلاوي : الامومة في القرآن الكريم والسنة النبوية, 117.
(98) ينظر : عبد الله بن أحمد قادري : آثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع, 136.
(99) بنظر: أحمد فراج حسين : أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية, الدار الجامعية, القاهرة, 346.
(100) أحمد بن شعيب : سنن النسائي : كتاب النكاح, باب أي النساء خير, حديث رقم (3231).
(101) ينظر : رمضان علي الترنسيامي : أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية 121.
(102) الطوسي : الاستبصار، كتاب النكاح، 586.
(103) المجلسي : بحار الأنوار، باب المهور وأحكامها، 100/ 350 .
(104) المصدر نفسه، 100/589.
(105) وهبه الزحيلي : الاسرة المسلمة في العالم المعاصر,98.
(106) ينظر : فرج محمود أبو ليلى: الزواج وبناء الأسرة, 67.
(107) ينظر : عبد المجيد الزتناتي : المرأة وحقوقها في الإسلام, 70.
(108) بنظر: محمد عبد السلام العرود : العنف الأسري, 136.
(109) ينظر :محمد عبد السلام العرود: العنف الأسري, 136.
(110) ينظر : المصدر نفسه, 136.
(111) ينظر : شمس الدين محمد أحمد الشربيني : المحتاج في معرفة الفاظ المنهاج , 262.
(112) ينظر : محمد عبدالسلام العرود : العنف الأسري , 137.
(113) علي احمد عبد العال الطهطاوي : تنبيه الابرار بأحكام الخلع والطلاق والظهار , 13.

 

المصدر: صدى النجف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky