الاجتهاد: يسلط هذا البحث الضّوء على دليل التّفصيل الّذي تبنّاه سماحة السيد السيستاني (دام ظلُّه) في مسألة ( زواج البكر الرشيدة بغير إذن الولي ) بين البكر المستقلّة في شؤون حياتها عن أبويها وبين غير المستقلّة. المسألة التي اختلفت فيها الرّوايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السَّلام)؛ ولذلك اختلفت أنظارُ الفقهاء العظام في التعامل معها، فتعدّدت أقوالُهم و رَبَت عمدتُها على الخمسة. ” .. بقلم سماحة السيد محمد رضا السيستاني
من المسائل الفقهيّة المهمّة الّتي هي محلُّ ابتلاءِ المؤمنين، وموضع اهتمام أهل العلم والفضل, مسألة (زواج البكر الرشيدة بغير إذن الولي).
وقد اختلفت فيها الرّوايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السَّلام)؛ ولذلك اختلفت أنظارُ الفقهاء (رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين) في التعامل معها، فتعدّدت أقوالُهم و رَبَت عمدتُها على الخمسة.
والبحث – الذي بين أيدينا – معنيٌّ في الأساس بتسليط الضّوء على دليل التّفصيل – الّذي تبنّاه المرجع الدّيني الأعلى سماحة السّيّد السّيستانيّ (دام ظلُّه) – بين البكر المستقلّة في شؤون حياتها عن أبويها وبين غير المستقلّة، والّذي لم يسبقه إليه أحد فيما نعلم.
وقد أُعدّ هذا البحث قبل سنوات طوال, بقلم سماحة السّيّد محمّد رضا السّيستانيّ (دامت إفاداته)، واتيح لنا الاطّلاع عليه في الآونة الأخيرة فاستأذنا في نشره تعميماً للفائدة، وقد تمّ نشره في العدد الرابع من مجلّة (دراسات علميّة) الصادر في رجب الأصب ١٤٣٤ هـ . (القائمون على مجلة دراسات علمية)
يقول السيد محمد رضا السيستاني في بداية البحث: قد اختلف أصحابنا “رحمهم الله” في ولاية الأب والجد من طرف الأب على البكر البالغة الرشيدة في أمر زواجها على أقوال أهمها ما يأتي:
الأول: استقلالهما، أي الأب والجد.
الثاني: استقلالها.
الثالث: التفصيل بين الدوام والمتعة، باستقلالها في الأول دون الثاني.
الرابع: التشريك، بمعنی اعتبار إذن الولي والبنت معا.
الخامس: استقلال كل من الولي والبكر. وهذا القول تبناه المحقق النراقي قدس سره، ( مستند الشيعة: 121/16 ) واختاره أيضا السيد الحكيم قدس سره (مستمسك العروة الوثقى : 447 / 14) وأضاف أن للأب نقض نکاح البنت البكر، وإن كان النكاح صحيحاً في نفسه.
السادس: ما أبداه سيدي الأستاذ الوالد (دامت برکاته) من التفصيل، بين ما إذا كانت البكر مستقلة عن أبويها في شؤون حياتها، بحيث تتصدى هي لأمورها فتكون لها الولاية في أمر زواجها أيضا بلا حاجة إلى إذن الأب أو الجد، وبين أن لا تكون كذلك، فتكون الولاية لأبيها وجدها ولا يعتبر إذنها.
المسالة تبحث في مقامين
المقام الأول
هل يحق للأب أو الجد من طرف الأب أن يزوج البكر البالغة الرشيدة من دون إذنها، بل ولو كانت کارهة، أم لا يحق لهما ذلك إلا برضاها؟
اختار جمع من الفقهاء منهم صاحب الحدائق قدس سره أن للأب- ويلحق به الجد- الحق في تزويج ابنته البكر من دون رضاها، واستندوا في ذلك إلى جملة من الروايات.
المقام الثاني
هل يحق للبكر البالغة الرشيدة أن تتزوج من دون إذن أبيها وجدها لأبيها، أو ليس لها ذلك إلا بإذن أحدهما؟
المشهور بين الفقهاء – كما قيل – إن لها ذلك، أي أنها مستقلة في أمر زواجها كما هي كذلك في سائر شؤون حياتها، وقد استدلوا لذلك بعدة روایات.
لقراءة وتحميل البحث اضغط هنا
المصدر: العدد الرابع من مجلّة (دراسات علميّة) الصادر في رجب الأصب ١٤٣٤ هـ.