الاجتهاد: إنّ الإمام الحسن العسکری کآبائه وأجداده وجده المصطفی”ص” قائد تتلخص مهماته القيادية في کلمة موجزة ذات معنی واسع وأبعاد شتی هي الهداية بأمر الله تعالى التي تتجلى في تبیان الشريعة وتقديم تفاصيل الأحکام العامة أو المطلقة.
وقد خلف الإمام الحسن العسکری تراثاً فکریاً وعلمياً ثراً من خلال ما قدمه من نصوص للأمة الإسلامیة علی شکل خطب أو وصایا أو احتجاجات أو رسائل أو أحادیث وصلتنا في فروع المعرفة المختلفة، مما یکشف عن تنوع إهتمامات الإمام الحسن العسکری ووسعة علمه وإحاطته بمتطلبات المرحلة التي کانت تعیشها الأمة المسلمة في عصره المحفوف بالفتن والدواهی التي قل فیها من کان یعي طبيعة المرحلة ومتطلباتها إلا أن یکون محفوفاً برعاية الله وتسديده.
واعتمد الباحث في تقسيم البحث إلى مطالب ثلاثة مشفوعة بمقدمة و خاتمة ونتائج للبحث.
حیث تعرض البحث في المطلب الأول إلى: مفهوم الآثار الفقهية في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثاني إلى: الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری في أحکام بيع الأرض والسكن والبستان وفيه (أربع مسائل)
المطلب الثالث: الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری في أحکام بيع شراء المتاع والدابة. وفيه (أربع مسائل)، وفي الختام ذكر الباحث بعض النتائج و التوصيات التي أفرزها البحث توصل إليها الباحث في بحثه.
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى و آله وصحبه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى قيام يوم الدين .
و بعد .
الإمام الحسن العسکری بکأبائه و أجداده وجده المصطفی قائد تتلخص مهاباته القيادية في کلمة موجزة ذات معنی واسع و أبعاد شتی هي الهداية بأمر الله تعالى انطلاقاً من قوله تعالى : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّکَاةِ»(۱).
والهداية بأمر الله سبحانه تتجلى في تبیان الشريعة و تقديم تفاصيل الأحکام العامة أو المطلقة التي نص عليها القرآن الكريم و الرسول العظيم، وتطبيق أحکام الله تعالى على الأمة المسلمة وصيانة الشريعة والنصوص الإلهية من أي تحريف أو تحوير يتصدى له الضالون المضلون.
والثورة التي فجرها الإسلام العظيم هي ثورة ثقافية قبل أن تكون ثورة اجتماعية أو اقتصادية فلا غرو أن تجد الأئمة من أهل البيت يفرغون أنفسهم لتربية الأمة وتثقيفها على مفاهيم الرسالة وقيمها، وهم يرون أن مهمتهم الأولى هي التربية والتثقيف انطلاقاً من النص القرآني الصريح في بيان أهداف الرسالة والرسول الذي يرى الإمام نفسه استمراراً له و وفياً على ما أثمرته جهود الرسول من رسالة و أمة ودولة .
ولئن غص الإمام العسکری الطرف عن الخلافة لأسباب دينية ومبدئية؛ فهو لم يترك الساحة ومواريث الرسول لتنهب بأيدي الجاهلين، بل نجده قد تصدى لتربية القاعدة التي على أساسها تقوم الدولة وعليها تطبق أحکام الشريعة.
وقد خلف الإمام الحسن العسکری تراثاً فکریاً و علمياً ثراً من خلال ما قدمه من نصوص للأمة الإسلامیة علی شکل خطب أو وصایا أو احتجاجات أو رسائل أو أحادیث وصلتنا في فروع المعرفة المختلفة، مما یکشف عن تنوع إهتمامات الإمام الحسن العسکری ووسعة علمه وإحاطته بمتطلبات المرحلة التي کانت تعيشها الأمة المسلمة في عصره المحفوف بالفتن والدواهی التي قل فیها من کان یعي طبيعة المرحلة ومتطلباتها إلا أن یکون محفوفاً برعاية الله وتسديده.
ونستعرض صوراً من إهتمامات الإمام الحسن العسکری العلمية في المعاملات وخصوصاً في أحکام البيع، ونلتقط شيئاً من المفاهيم والقيم المثلى التي ظهرت علی لسانه وعبر عنها ببلیغ بیانه وتجلت في تربیته لتلامذته وأصحابه، التي أخذناها عن المصادر المشهورة والمنابع المعروفة عند علماء الشيعة التي عليها الفتوى والإستنباط عند فقهاء الطائفة، وكذلك أخذنا أخباره عن كتب العامة المعروفة عندهم .
وأعتمد الباحث في تقسيم بحث “الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری” دراسة في أحکام البيع ” إلى مطالب ثلاث مشفوعة بمقدمة وخاتمة ونتائج للبحث.
حیث تعرض الباحث في المطلب الأول: إلى مفهوم الآثار الفقهية في اللغة والاصطلاح. وفيه مقصدين:
الأول: مفهوم الآثار الفقهية في اللغة.
والثاني: مفهوم الآثار الفقهية في الاصطلاح .
وفي المطلب الثاني: إلى الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری في أحکام بيع الأرض والسكن والبستان وفيه (أربع مسائل): الأولى: مسألة في حکم إبتياع الأرض وما يتعلق بها. والثانية: مسألة في حکم شراء المسکن وما يتعلق به. والثالثة: مسألة في حكم الممر لمن باع أرضاً واستثنى شجرة. والرابعة: مسألة من باع واستثنى نخلة أو نخلات فله المدخل إليها والمخرج منه.
وفي المطلب الثالث: إلى الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری في أحکام بيع وشراء المتاع والدابة. وفيه (أربع مسائل): الأولى: مسألة في حکم مَنْ دفع متاعاً عن دين فتغير سعر المتاع والثانية: مسألة في حكم من اشترى دابة فأحدث فيها. والثالثة: مسألة التصرف في من اشترى بثمن مسروق. والرابعة: مسألة في حكم بيع ما لا يملک.
وفي الختام ذكر الباحث بعض النتائج والتوصيات التي أفرزها البحث وتوصل إليها الباحث في بحثه والمصادر والمراجع المعتمدة، من الموسوعات اللغوية والفقهية والروائية. راجياً القبول، وعلى الله توكلت ومنه استمد العون والتوفيق، إنه نعم المولى ونعم الرفيق.
المطلب الأول: مفهوم الآثار الفقهية في اللغة والاصطلاح.
الآثار الفقهية عند أهل اللغة والاصطلاح مفهوم يبين فيه المراد من الآثار والفقه، سنتطرق لكل منهما:
المقصد الأول: مفهوم الآثار الفقهية في اللغة.
الآثار الفقهية مفهوم لغوي حسب ما ورد في المعاجم اللغوية لأهل اللغة والاختصاص:
حيث ذكروا ان الآثار له ثلاثة أصول: تقديم الشيءء، معناه: أفعله أول كل شيءء، ومنه الإيثار.
وذكر الشيء، يقال: (أثرت الحديث أثراً نقلته، وحديث مأثور، أي: منقول).
و(حديث مأثور، أي: يخبر الناس به بعضهم بعضاً، أي: ينقله خلف عن سلف) و(أثرت العلم: رويته، تتبعت أثره).
ورسم الشيء الباقي: (والأثر بقية ما ترى من كل شيءء وما لا يرى بعد ما يبقى علقة). و(آثار الدار: بقيتها). والجمع: آثار وأثرت فيه تأثيراً جعلت فيه أثراً وعلامة.
أما الفقه فله مفهوم لغوي حسب ما ورد في المعاجم اللغوية لأهل اللغة والاختصاص: هو العلم بالشيء والفهم له. وهو المعروف لدى اللغويين
المقصد الثاني: مفهوم الآثار الفقهية في الاصطلاح.
الآثار الفقهية مفهوم اصطلاحي حسب ما ورد في المعاجم الاصطلاحية:
فقد ورد عنوان (الأثر) على لسان الفقهاء بمعنى المنقول، لكن لا مطلقاً، بل مرادهم خصوص ما نُقل عن النبي والأئمة المعصومين .
وأنّهم استعملوا عنوان (الأثر) بمعنى بقية الشيءء، وفي بعض الموارد تصدّوا لبيان معناه.
اما الفقه فله مفهوم اصطلاحي حسب ما ورد في المعاجم الاصطلاحية:
فقد أطلق الفقه على ما يرادف لفظ الشرع فكان علم الفقه، أو العلم بالأحکام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
المطلب الثاني: الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری في أحکام بيع الأرض والسکن والبستان
عند دراسة الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری الواصل إلينا عن طريق الروايات الواردة عنه والتي اعتمدها الفقهاء في بيان الآثار الفقهية في أحکام بيع الأرض والسکن والبستان نذکر مسائل منها:
المسألة الأولى: مسألة في حكم ابتياع الأرض وما يتعلق بها
وردت الرواية في حكم ابتياع الأرض وما يتعلق بها عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عما كتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد في رجل اشترى أرضاً بحدودها الأربعة، وفيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه، وذكر فيه أنه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة منها، أيدخل الزرع والنخل والأشجار في حقوق الأرض أم لا؟ فوقع : «إذا ابتاع الأرض بحدودها وأغلق عليه بابها، فله جميع ما فيها إن شاء الله».
دلالة الرواية: دلت الرواية على أن من اشترى أرضاً بحدودها الأربعة بجميع حقوقها وما أغلق عليها بابها يدخل في البيع الشجر والبناء والزرع .
المسألة الثانية: مسألة في حكم شراء المسكن وما يتعلق به.
وردت الرواية في حكم شراء المسكن وما يتعلق به عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عن محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار أنه كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي في رجل اشترى من رجل بيتا في داره بجميع حقوقه وفوقه بيت آخر، وهل يدخل البيت الأعلى في حقوق البيت الأسفل أم لا؟ فوقع ليس له إلا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء الله ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار أيضاً مثله.
دلالة الرواية: دلت الرواية على أن المرجع إلى ما صدق عليه ذلك اللفظ عرفاً، والظاهر عدم دخول البيت الأعلى، وهو ما كان مستقلاً بالسکنی في حقوق البيت الأسفل فحينئذ لا يدخل في البيع.
المسألة الثالثة: مسألة في حكم الممر لمن باع أرضاً واستثنى شجرة .
وردت الرواية في حكم الممر لمن باع أرضاً واستثنى شجرة عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عن محمد بن الحسن قال: كتبت إليه في رجل باع بستاناً له فيه شجر وکرم فاستثنى شجرة منها، هل له ممر إلى البستان إلى موضع شجرته التي استثناها؟ وكم هذه الشجرة التي استثناها من الأرض التي حولها بقدر أغصانها؟ أو بقدر موضعها التي هي نابتة فيه؟ فوقع : «له من ذلك على حسب ما باع وأمسک، فلا يتعدى الحق في ذلك إن شاء الله».
دلالة الرواية: دلت الرواية على أن من باع بستاناً واستثنى شجرة كان له الممر إليها والمخرج منها ومدى أغصانها من الأرض، ويستحق الانتفاع بالشجرة وثمرتها، وله من ذلك على حسب ما استثنى
المسألة الرابعة: مسألة من باع واستثنى نخلة أو نخلات فله المدخل إليها والمخرج منها.
وردت الرواية في حكم من باع واستثنى نخلة أو نخلات فله المدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها إلا مع الشرط عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عن محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن يعني الصفار قال: كتبت إليه يعني الحسن بن علي العسکری في رجل باع بستاناً له فيه شجر وکرم، فاستثنی شجره منها هل له ممر إلى البستان إلى موضع شجرته التي استثناها؟ وكم هذه الشجرة التي أغصانها أو بقدر موضعها الذي هي ثابتة فيه؟ فوقع : له من ذلك على حسب ما باع وأمسک، فلا يتعدى الحق في ذلك إنشاء الله.
وعن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السکوني، عن أبي عبد الله قال: قضى النبي في رجل باع نخلاً واستثنى غلة نخلات فقضى له رسول الله بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرايدها.
ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم. ورواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق أقول: ويأتي ما يدل على ذلك في إحياء الموات.
المطلب الثالث: الآثار الفقهية عند الإمام الحسن العسکری في أحکام بيع وشراء المتاع والدابة
عند دراسة الآثار الفقهية للإمام الحسن العسکری الواصل إلينا عن طريق الروايات الواردة عنه التي اعتمدها الفقهاء لبيان الآثار الفقهية في أحکام بيع وشراء المتاع والدابة، نذکر مسائل منها:
المسألة الأولى: مسألة في حكم مَنْ دفع متاعاً عن دَيْن فتغير سعر المتاع
وردت الرواية في حكم مَنْ دفع متاعاً عن دَيْن فتغير سعر المتاع عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عن محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت إليه في رجل كان له على رجل مال، فلتها حل عليه المال أعطاه بها طعاماً، أو زعفراناً، ولم يقاطعه على السعر، فلتها كان بعد شهرين أو ثلاثة ارتفع الزعفران والطعام والقطن، أو نقص، بأي السعرين يحسبه قال: لصاحب الدين سعر يومه الذي أعطاه، وحل ماله عليه أو السعر الثاني بعد شهرين أو ثلاث يوم حاسبه؟ فوقع : «ليس له إلا على حسب سعر وقت ما دفع إليه الطعام، إن شاء الله».
دلالة الرواية: دلت الرواية على أنه لو دفع الدائن إلى المدين عوضاً عما في ذمته ولم يساعره وقت الدفع، ثم تغيرت الأسعار فإنه يحتسب بقيمتها يوم القبض لأنها تدخل في ملك القابض بمجرد القبض وإن لم يكن يحصل تحديد السعر.
المسألة الثانية: مسألة في حكم مَنْ اشترى دابة فأحدث فيها
وردت الرواية في حكم مَنْ اشترى دابة فأحدث فيها عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عن محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت إلى أبي محمد في الرجل اشترى دابة فأحدث فيها حدثاً من أخذ الحافر، أو نعلها، أو ركب ظهرها فراسخ، أله أن يردها في الثلاثة أيام التي له فيها الخيار بعد الحدث الذي يحدث فيها، أو الرکوب الذي رکبها فراسخ؟ فوقع : «إذا أحدث فيها حدثاً فقد وجب الشراء إن شاء الله تعالى».
دلالة الرواية: دلت الرواية على أن الخيار يثبت للمشتري لو لم يتصرف بالحيوان في الثلاثة أيام التي له فيها الخيار، فإن تصرف المشتري فيه سقط الخيار.
المسألة الثالثة: مسألة التصرف في مَنْ اشترى بثمن مسروق
لا يجوز شراء البضائع المسروقة – ولو سرقت من کفار-، وهي من المال المحرم لعينه، والذي لا يحل لأحد أن يتملكه ولو بطريق مشروعة کالشراء والهبة والميراث .
والواجب على من علم أن ما سيشتريه مسروق أن ينكر على السارق ، ويأمره بالتوبة من السرقة، ورد البضاعة إلى أصحابها، وأن يحاول إرجاع البضاعة إلى أصحابها إن تمكن من ذلك وعلم أعيانهم أو يخبرهم بمكان بضاعتهم المسروقة، أو يخبر الجهات المسئولة عن ذلك .
ومن اشترى بضاعة وهو يعلم أنها مسروقة: أثم، ومن تمام توبته إرجاع البضاعة لأصحابها والرجوع بالثمن على من باعه إياها.
والشراء من السارق فيه إعانة على الإثم والعدوان، وتشجيع للسارق بالاستمرار على فعله، وفيه ترك لإنکار المنكر، كما أن من شروط صحة البيع ملك البائع لما يبيعه، فإن كان سارقاً فهو غير مالک وهذا موجب لبطلان العقد.
وردت الرواية على حكم التصرف في مَنْ اشترى بثمن مسروق عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل السکوني عن جعفر عن أبائه قال: لو أن رجلاً سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها امرأة فان الفرج له حلال وعليه تبعة المال.
وما رواه الصفار قال: كتبت إلى أبي محمد الحسن رجل اشترى ضيعة أو خادماً بمال أخذه من قطع الطريق أو من سرقة ، هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة ؟ أو يحل له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو من قطع الطريق؟ فوقع : لا خير في شيء أصله حرام ولا يحل استعماله.
فلا ينافي الخبر الأول؛ لأن الوجه فيه أن نحمله على ضرب من الكراهية دون الحظر والذي نقول: إنه لا يجوز لمن هذه صفته أن يتمسك بالضيعة والخادم، بل ينبغي أن يبيعها ويرد الثمن على من أخذه منه، والمعنى في هذا الخبر الأول أنه لا يكون زانياً بوطء ذلك الفرج دون أن يكون المراد به جواز الاستمرار عليه واستدامته.
دلالة الرواية: دلت الرواية على أنه لا يحل ما يشترى بالمكاسب المحرمة إذا اشتري بعين المال. والأول محمول على الشراء بعين المال والثاني على الشراء في الذمة .
المسألة الرابعة: مسألة في حكم بيع ما لا يملک.
وردت الرواية في حكم بيع ما لا يملک عن الآثار الفقهية للإمام الواصل إلينا عن طريق الروايات التي اعتمدها الفقهاء ، عن محمد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار أنه كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي العسکری في رجل باع قطاع أرضين فيحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله، ولم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه، وعرف حدود القرية الأربعة ، فقال للشهود: اشهدوا أني قد بعت فلانا – يعني المشتري – جميع القرية التي حد منها كذا ، والثاني والثالث والرابع، وإنها له في هذه القرية قطاع أرضين ، فهل يصلح للمشتري ذلك وإنها له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها؟ فوقع : لا يجوز بيع ما ليس يملك، وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك.
ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار.
بقلم:
أ.م.د. محمد فرحان عبید النائلي
المصادر و المراجع:
لتحميل