الدكتور الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى : نرفض تدويل مدينة القدس، ونرفض تهويد مدينة القدس من الناحية الشرعية، وهذه فتوى جديدة، نقول فيها أن التدويل والتهويد مرفوضان شرعاً، وفتوى أخرى مفادها أنّ التوطين للفلسطينيين خارج فلسطين مرفوض شرعًا، وأن الوطن البديل مرفوض شرعا.
خاص الاجتهاد: تعيش الأمة الإسلامية الإسلامية هذه الأيام ذكرى إعلان القاهرة لحقوق الإنسان الإسلامي وهو الصادر في الخامس من أغسطس/ تموز، وبهذه المناسبة حصل الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صبري خطيب وإمام المسجد الأقصى المبارك على جائزة وزارة العدل الإيرانية الخاصة بحقوق الإنسان المسلم، “الاجتهاد” التقى بالدكتور عكرمة وأجرى معه الحوار التالي:
1- كيف ترون حصولكم على جائزة حقوق الإنسان الإسلامي في إيران؟
أسأل الله تعالى أن يكون عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكون هدفنا إرضاء الله سبحانه وتعالى، وأن نكون من خدام المسجد الأقصى المبارك ولهذا الدين العظيم، وبحمد الله هذا الفوز هو نوعٌ من التقدير والوفاء، ولنقول للمحسن أحسنت، ولنقول للمسيء أسأت، نحن نُثمن موقف المشرفين على هذه الجائزة ونشكرهم لنأكد أن يكون عملنا بإذن الله عملًا خالصًأ لله سبحانه وتعالى، ولإرضاء الله ولإرضاء أفنسانا في الدفاع عن المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، وأنّ الإنسان المخلص لدينه يكون مخلصا لوطنه.
2- لماذا لم تُسافر لإستلام الجائزة؟
هناك قرارٌ إحتلالي ظالم بمنعي من السفر خارج فلسطين مدّة أربعة أشهر، ولهذا السبب لم أستطع السفر إلى جمهورية إيران الإسلامية لاستلام الجائزة، وقد قام الأخ سفير فلسطين في طهران باستلامها بدلاً عني.
3- ما رأي سماحتكم حول إحياء نظام حقوق الإنسان في الإسلام، وما هي ضوابط وشروط إحياء حقوق الإنسان في الدين الإسلامي؟
ديننا الإسلامي العظيم قد حافظ على كرامة الإنسان كإنسان، بغض النظر عن دينه وأصوله وعن معتقده، والله سبحانه وتعالى يقول “ولقد كرمنا بني آدم”، وإن ديننا الإسلامي العظيم يؤمن بالتعددية، أي أنه يستوعب أصحاب الديانات الأخرى ويعطيهم حقوقهم، لماذا؛ لأننا كمسلمين نؤمن ونعتقد بجميع والأنبياء والمرسلين بدون إستثناء، حتى أنّ المسلم إذا أنكر نبوّة أي نبي أو رسول فإنّه لا يُعدُّ مسلمًأ، فالإسلام هو الوعاء الكبير الذي يحوي جميع الديانات، ويؤمن بجميع الأنبياء والمرسلني فهو الدين الوحيد الذي يستوعب أصحاب الديانات الأخر لأنه يؤمن بالأنبياء جميعهم، إذاً فموضوع حقوق الإنسان ليس جديدًا على الإسلام بل هو الدين الوحيد الذي يحافظ على الإنسان كإنسان دون النظر إلى ديانته أو معتقده أو قوميته أو أصوله.
وبناءً عليه ليس من الغريب أن يكون هناك مؤسسة حقوق الإنسان الإسلامي بمعنى أنّ الإسلام هو الذي يرعى حقوق الإنسان وعلى جميع الأنظمة العربية والإسلامية أن تؤسس لهذه الحقوق استناداً إلى ديننا الإسلامي كريم.
4- هل هناك ضوابط معينة أو شروط فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإسلام؟
لا شروط في موضوع حقوق الإنسان، كما قلنا الإسلام يرعى الإنسان، وكما قال الله تعالى في الآية سبعين من سورة الإسراء “ولقد كرمنا بني آدم”، فكل هو من أبناء آدم هو مُكرم، ميّتًا أو حيّا، ومن كرامة الإسلام للإنسان أنّه أيضاً يُعطي كرامة للميت، بغض النظر عن ديانته أو أصوله أيضًا، بمعنى آخر، أنّ الإسلام يحافظ على كرامة الإنسان سواء كان على قيد الحياة أو ميّتاً، والمعلوم أنّ الإسلام يُحرم نبش القبور ويحرم بعثرة عظام الموتى، ويحرم انتهاك حرمة المقابر، كما يعمل الإحتلال الإسرائيلي الآن في مقبرة مأمن الله ومقبرة باب الرحمة من خلال بعثرة القبور وانتهاك حرمتها وهدم هذه المقابر، هذه هي تصرفات الإحتلال التي تتناقض مع حقوق الإنسان، وعلى العالم أن يُدرك تماماً أنّ الإحتلال لا يحترم الإنسان ولا يُحافظ على كرامته، لا حيا ولا ميّتاً والمعلوم أن الإحتلال فقط يحترم الجنس اليهودي كما هو وارد في قانون القومية الجديد، قانون القومية اليهودية الذي يعتبر أنّه نخبٌ أول أو مواطن من الدرجة الأولى، ولا قيمة لغير الناس من غير اليهود.
5- ما المطلوب من الدول الإسلامية اتجاه حقوق الإنسان للإنسان المسلم؟
على جميع الدول والأنظمة العربية والإسلامية أنّ تحافظ على المسلمين أيمنا وجدوا، فعلى سبيل المثال في بلاد ميانمار حيث يضطهد المسلمون ويحرقون ويقتلون، وعلى جميع المسلمين أن يرعوا هذه الشعوب المسحوقة، وعلى العالم الإسلامي أن يُدرك أن الأقصى وأهل فلسطين يقعون تحت الإحتلال، إذاً حقوق الإنسان تدفعهم لأن يُحافظوا على كرامة الإنسان ويحافظوا على حقوقه ومكتسباته، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ هذا الدين العظيم يدعو إلى وحدة الشعوب على المحبة، وأن الأصل هو إفشاء السلام فيما بينهم، والحروب هي أمرٌ طارئ واستثنائي إذا ما تمّ الإعتداء على المسلمين.
6- هل للفقه الإسلامي استعداد لتوسيع وضمانة الحقوق الإنسانية للإنسان؟
الفقه الإسلامي هو أوسع فقه موجود في العالم قاطبةً، إن الفقه الإسلامي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وتعرض لها، والفقه الإسلامي ينقسم إلى قسمين: القسم الأول وهو التوقيفات وهو ما يُعرف بالمسلمات التي وردت في هذا الدين العظيم، والقسم الثاني يعتمد على الاجتهاد بالقياس والاجماع، فهذا القياس والاجتهاد يفسح المجال لعلماء كل عصر أن يجتهدوا في القضايا المستجدة والحادثة، فالفقه الإسلامي مرن وواسع، فيه ثبات، وفيه المرونة وفيه الاستمرارية، فهو يصلح لكلِّ زمانٍ ومكان ويعالج قضايا الإنسان كإنسان.
7- ما هو دور الفقه والفقهاء في دعم المقاومة في القدس وفلسطين بشكل عام عن طريق الجهود العلمية والاجتهادية؟
في الفقه متابعة الأحداث، فعلى سبيل المثال تسريب البيوت والأراضي، هناك فتوى صادرة عام 1935 ميلادي، ومثل هذه الفتوى يعني أنها تتابع الأحداث، ونحن أصدرنا عدّة فتاوى عصرية لقضايا مستجدة، وعلى سبيل المثال أننا نرفض تدويل مدينة القدس، ونرفض تهويد مدينة القدس من الناحية الشرعية، وهذه فتوى جديدة، نقول فيها أن التدويل والتهويد مرفوضان شرعاً، وفتوى أخرى مفادها أنّ التوطين للفلسطينيين خارج فلسطين مرفوض شرعًا، وأن الوطن البديل مرفوض شرعا، فقضايا العصر بحاجة إلى بيان رأي الفقه فيها والإفتاء على ضوء المستجدات والمصالح العامة.
8- ما هو المطلوب من الحكومات العربية والإسلامية، وعلماء الدين بشكلٍ خاص في دعم المقاومة؟ وهل تكفي خطب الجمعة والتذمير بأهمية المدينة المقدسة؟
كما هو واضح على الساحة العربية والإسلامية أن العلماء قد انقسموا إلى قسمين، الأول هم علماء السلاطين، وهم الذين يسيرون خلف الحُكّام كيفما توجهوا، وعلماء عاملون يتقون الله ويصدرون الفتاوى الدينية الواجبة عليهم دون تأثير سياسي، هذا الواقع الذي نعاني منه، لكن نؤكد أن المقدسات الإسلامية وبشكلٍ عام، والأقصى بشكلٍ خاص وفلسطين كأرض وقفية، هي أمانة في أعناق الأنظمة العربية والإسلامية، وقد صدرت عدّة فتاوى في هذا المجال، بأنّ القدس أمانة في أعناق جميع العرب والمسلمين، حكامًأ ومحكومين، شأن القدس شان مكة المكرمة والمدينة المنورة.
9- هناك العديد من المؤتمرات الإسلامية لدعم فلسطين؛ هل لديكم أي اقتراح لإحياء دور المؤسسات الفقهية والعلمية في تجديد دعمهم للمقدسات الإسلامية وحقوق الشعب الفلسطيني؟
المؤتمرات هي مؤتمرات علمية أكاديمية جيدة، أرى أنّ قرارات هذه المؤتمرات تبقى محنطة وجامدة إلى أن تأتي أي دولة وتتبناهى للتنفيذ، فإذا لم تتبنى أي دولة هذه القرارت ستبقى محنطة في الأدراج، لا بدّ من أن ندعو الدول العربية والإسلامية وبإلحاح لان تتبنى هذه القرارات للتنفيذ، وإذا تخلّت هذه الدول عن مؤتمراتنا الأكاديمية الفقهية فمع الأسف فإنّ قرارات تلك المؤتمرات ستُجمد وتُحنط.
10- ما هي رسالتكم كأحد مشايخ المسجد الأقصى والقائمين على حمايته لعلماء الأمة من السنة والشيعة؟
نقول لجميع العلماء قاطبة في العالم الإسلامي أن يتقوا الله قبل كل شيء، وأن يكون رأيهم مستنداً إلى الكتاب والسنة، دون تأثير من أي توجه سياسي، لأنّنا نريد أن يكون موقفنا فيه الإستقلالية والربط بالله سبحانه وتعالى دون الإلتفات إلى سياسة الدول سواءً كانت سياسات تلك الدول سليمة أو غير سليمة، لا تتعطل بها في إصدارنا لأرائنا وفي تحديد مواقفنا.
إعداد الحوار: أ. بهمن دهستاني