الاجهاد: أحكام الاعتكاف: يعتبر في صحّة اعتكاف الزوجة إذن زوجهـا إذا كان منافيـا لحقّـه لا مطلقـا، و أمّا إذن الوالدين فهل هو معتبر في صحّة اعتكاف ولدهما إذا كـان اعتكافه موجبـا لايذائهما شفقة عليه، فالظاهر عدم اعتباره و إن كان الأحـوط لـه فـي هـذه الحالة الترك.
الاعتِكاف هو اللبث في المسجد و المكث فيه بقصد التقرّب إلى اللّه تعالى ويكون عبادة بذاته، فإن انضمّ إليه مزيد من الدعاء و الصلاة و قراءة القرآن كان نورا على نور، و يصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم و الأفضـل شـهررمضان، و أفضله العشر الأواخر.
مسألة (١٠٩٢): يشترط فـي صـحّته مضـافا إلـى العقـل و الإيمـان امور:
الأول: نيّة القربة،كما في غيره من العبادات، و تجب مقارنتها لأوّلـه بمعنى وجوب إيقاعه من أوّله إلى آخره عن النيّة، و حينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النيّة، بأن يذهب إلى المسجد لـيلا و ينـوي أن يبـدأ الاعتكـاف مـن بداية نهار غد و ينام و يصبح معتكفا، و عليه فإمّا أن ينوي الاعتكـاف عنـد طلوع الفجر بعد الاستيقاظ من النوم أومن الليل ثمّ ينام.
مسألة (١٠٩٣): لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخـر اتّفقـا فـي الوجوب و الندب أو اختلفا، و لا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر، و لا من نيابة عن غيره إلى نفسه و بالعكس.
الثاني: الصوم، فلا يصحّ بدونـه و لا فـرق فـي الصـوم بـين أن يكـون صيام قضاء شهر رمضان أو صـيام كفّـارة أو صـياما مسـتحبّا إذا تـوفّرت لـه الشروط، بأن لا يكون عليه صوم واجب، فلو كان المكلّـف ممّـن لا يصـحّ منه الصوم لسفر أو غيره، لم يصح منه الاعتكاف.
الثالث: العدد، فلا يصحّ أقلّ من ثلاثة أيّام، و يصحّ الأزيد منها و إن كان يوما أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، و يدخل فيه الليلتان المتوسّطتان دون الاولى و الرابعة، و إن جاز إدخالهما بالنيّة،فلو نذره كان أقلّ ما يمتثـل بـه ثلاثة.و لو نذره أقلّ لم ينعقد، و كذا لو نذره ثلاثة معيّنة،فاتّفق أنّ الثالث عيد لم ينعقد، و لو نـذر اعتكـاف خمسـة فـإن نواهـا بشـرط لا، مـن جهـة الزيادة و النقصان بطل، و إن نواها بشرط لا،من جهة الزيادة، و لا بشـرط من جهة النقصان، وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيّام، و إن نواها بشرط لا من جهة النقيصة، و لا بشرط من جهة الزيادة،ضمّ إليها السادس،أفرد اليومين أو ضمّهما إلى الثلاثة.
الرابع: أن يكون في أحد المساجد الأربعة،مسجد الحرام، و مسـجد المدينة، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة، أو فـي المسـجد الجـامع فـي البلد، و الأحوط استحبابا -مع الإمكان -الاقتصار على الأربعة.
مسألة (١٠٩4): لو اعتكف في مسجد معيّن فاتّفق مانع مـن البقـاء فيه بطل، و لا يجوز توزيعه بين مسجدين و إن تقاربـا، و حينئـذ فـإن كـان الاعتكاف واجبا بالنذر أو نحوه،فعليـه أن يعتكـف مـن جديـد فـي مسـجد آخر أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع إذا كان نذره مطلقا، و إن كـان معيّنا قضاه علـى الأحـوط، و إن لـم يكـن واجبـا فـلا شـيء عليـه إذا فسـد اعتكافه قبل مضيّ نهارين.نعم،إذا فسد بعد مضيّهما فالأحوط إعادته.
مسألة (١٠٩5): يـدخل فـي المسـجد سـطحه و سـردابه،كبيـت الطشت في مسجد الكوفة، و كذا منبره و محرابه، و الإضافات الملحقة به.
مسألة (١٠٩٣): إذا قصد الاعتكاف في مكان خاصّ من المسـجد لغي قصده، و يجوز له التنقّل في كلّ زاوية من زواياه.
الخامس: يعتبر فـي صـحّة اعتكـاف العبـد إذن سـيّده، و فـي صـحّة اعتكـاف الزوجـة إذن زوجهـا إذا كـان منافيـا لحقّـه لا مطلقـا، و أمّــا إذن الوالدين فهل هو معتبر في صحّة اعتكاف ولدهما إذا كـان اعتكافـه موجبـا لايذائهما شفقة عليه، فالظاهر عدم اعتباره و إن كان الأحـوط لـه فـي هـذه الحالة الترك.
السادس: استدامة اللبث في المسجد الّذي شرع به فيه، فإذا خرج لغير الأسباب المسوّغة للخروج بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم و الجاهل، و لا يبعد البطلان في الخروج نسيانا أيضا.
تتمثّل موارد جواز خروج المعتكف من المسجد في الحالات التالية:
1- أن يخرج لغسل الجنابة،شريطة أن لا يـتمكّن فيـه أو بـزمن أقـلّ من زمن خروجه من المسجد أو المساوي له، و إلاّ لم يجز.
2- أن يخــرج لغيــر غسل الجنابــة مــن الأغســال الواجبــة،كغســل الاستحاضة و مسّ الميّت أو المستحبّة كغسل الجمعة أو نحوهـا أو لتطهيـر
بدنه أو ثوبه، إذا لم يمكن في المسجد أو لضرورة اخرى كالبول و الغائط.
3- أن يخرج لحضور صلاة الجمعة إذا أقيمت في غير المسـجد مـع توفّر شروطها.
4- أن يخرج لقضاء حاجته أو حاجة مؤمن أو لعـلاج مـرض داهمـه أو نحو ذلك.
5- أن يخرج لتشييع جنازة مؤمن، و ما يرجع إليه من الصلاة عليـه و دفنه و كفنه.
6- أن يخرج لعيادة مريض أو معالجته.
7- أن يخرج مكرها عليه.
8- أن يخرج لإقامة الشهادة إذا دعت الضرورة، بل لكلّ مـا تقتضـيه الضرورة العرفيّة أو الشرعيّة، و أمّا إذا خرج من دون شيء من ذلـك عالمـا أو جاهلا، بأنّ ذلك يبطل اعتكافه أو ناسيا لاعتكافه، فعليه أن يعتبر اعتكافـه ملغيّا و باطلا.
كما أنّه إذا خرج لضرورة شرعيّة أو عرفيّة، و ظلّ في الخارج مشغولا بفترة زمنيّة طويلـة تمحـو بهـا صـورة الاعتكـاف، بطـل و أصـبح لاغيـا، و الأظهر أن يراعي أقرب الطرق إلى المسجد إذا خرج لضرورة.
مسألة (١٠٩7): إذا أمكنه أن يغتسل فـي المسـجد، فالظـاهر عـدم جواز الخروج لأجله، إذا كان الحدث ممّا لا يمنع من المكث في المسـجد كمسّ الميّت و الاستحاضة أو غسل الجمعة بل الجنابة، إذا لـم يكـن الغسل أكثر من زمن خروج الجنب من المسجد.
فصل في أنواع الاعتكاف
الاعتكاف في نفسه عبادة مسـتحبّة، و قـد يجـب بالنـذر و شـبهه، و حينئذ فإن نذر الاعتكاف في أيّام معيّنة، وجب عليه أن يواصل اعتكافه، و لا يجوز له أن يهدمه، و أمّا إذا كان قد نذر أن يعتكف مـن دون أن يحـدّد أيّاما معيّنة، فله إذا شرع في الاعتكاف أن يهدمـه مـؤجّلا إلـى وقـت آخـر، شريطة أن لا يمضي عليه يومان من أيّام الاعتكاف، و إلاّ فعليه أن يواصـل اعتكافه و يكمله، و لا يجوز له أن يهدمه و إن كان قد بدأه مستحبّا إلاّ فـي حالة واحدة، و هي ما إذا شرط بينه و بين ربّه حين مـا نـوى الاعتكـاف أن يرجع فيه و يهدمه متى شاء أو عند عروض عارض، ففي هذه الحالة يجـوز له أن يهدم اعتكافه وفقا لشرطه حتّى في اليوم الثالـث، ثـمّ إنّ هـذا الشـرط إنّما يكون نافذا إذا كان مقارنا مع نيّة الاعتكاف و إلاّ فلا أثر له.
مسألة (١٠٩8): الظاهر أنّه يجوز اشتراط الرجـوع فـي الاعتكـاف متى شاء، و إن لم يكن هناك عارض.
مسألة (١٠٩9): إذا شرط الرجوع و الهدم حال نيّة الاعتكاف، ثمّ بعد ذلك أسقط شرطه، فالظاهر عدم سقوط حكمه.
مسألة (١١٠٠): إذا نـذر الاعتكـاف، و شـرط فـي ضـمن نـذره الرجـوع فيـه ففـي جـواز الرجـوع و الهـدم إذا لـم يشـترط فـي ضـمن نيّـة الاعتكاف إشكال، و الأظهر جوازه، لأنّه شرط مقارن للنيّة.
مسألة (١١٠1): إذا جلس في المسجد علـى فـراش مغصـوب لـم يقدح ذلك في الاعتكاف، و إن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه وجلس فيه، ففي البطلان تأمّل، و الأظهر عدم البطلان.
فصل في أحكام الاعتكاف
مسألة (١١٠2): لابدّ للمعتكف من ترك امور:
الأول: مباشرة النساء جماعا، و الأحوط استحبابا ترك النساء لمسا أو تقبيلا بشهوة، و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.
الثاني: الاستمناء و هو إنزال المنيّ باليد أو بآلة على الأحوط.
الثالث: شمّ الطيب و الريحان مع قصـد التلـذّد، و لا أثـر لـه إذا كـان فاقدا لحاسّة الشمّ،كما أنّه لا بأس به إذا لم يكن قاصدا به التلذّد.
الرابع: البيع و الشراء أثناء الاعتكاف بل مطلق التجارة على الأظهر، و لا بأس بالاشتغال بالامور الدنيويّة من المباحات،حتّى الخياطة و النساجة و نحوهما، و إن كان الأحوط -استحبابا -الاجتناب، و إذا اضطرّ إلى البيع و الشراء لأجل الأكل أو الشرب،ممّا تمسّ حاجة المعتكف بـه و لـم يمكـن التوكيل و النقل بغيرهما،فعله.
الخامس: المماراة، و نقصد بها المجادلة و المنازعة في أمر دينـيّ أو دنيويّ بداعي إثبـات الغلبـة و إظهـار الفضـيلة حبّـا بـالظهور و الغلبـة علـى الآخرين، و إن كانت وجهة نظـره صـحيحة بـذاتها.نعـم،لا مـانع منهـا إذا كانت بداعي إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ، فإنه من أفضل العبادات، والمدار على القصد.
مسألة (١١٠3): الأحـوط – اسـتحبابا- للمعتكـف الاجتنـاب عمّـا يحرم على المحرم، و إن كان الأقوى خلافه، و لا سيّما في لبس المخـيط و إزالـة الشعر، و أكل الصيد، و عقد النكاح، فإن جميعها جائز له.
مسألة (١١٠4): الظـــاهر أنّ المحرّمـــات المـــذكورة مفســـدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار، و في حرمتها تكليفا إذا لم يكن واجبا معيّنـا بالنـذر أو بمضـيّ يـومين منـه إشـكال، و الأحـوط وجوبا الترك.
مسألة (١١٠5): إذا صدر منه أحد المحرّمات المـذكورة – جهـلا أو سهوا – فالأظهر أنّه مبطل.
مسألة (١١٠6): إذا أفسـد اعتكافـه بأحـد المفسـدات، فـإن كـان واجبا معيّنا وجب قضاؤه على – الأحوط وجوبا- و إن كان غير معيّن وجب استئنافه من جديد، و كذا يجب القضـاء علـى- الأحـوط لزومـا- إذا كـان مندوبا، و كان الإفساد بعد يومين، أما إذا كان قبلهما فلا شيء عليه.
مسألة (١١٠7): إذا باع أو تاجر و هو معتكف بطـل اعتكافـه، ولا يبطل بيعه وشراءه وكذلك تجارته.
مسألة (١١٠8): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجمـاع و لـو لـيلا، وجبـت الكفّـارة، و الأقـوى عـدم وجوبهـا بالإفسـاد بغيـر الجمـاع، و هـل كفّارته ككفّارة صوم شهر رمضان أو ككفّارة الظهار ؟
والجواب: أنّ الأحوط وجوبا أن يكفّـر علـى نحـو الترتيـب ككفّـارة الظهار، و إذا كـان الاعتكـاف فـي شـهر رمضـان و أفسـده بالجمـاع نهـارا وجبــت كفّارتــان، إحــداهما لإفطــار شــهر رمضــان و الاخــرى لإفســاد الاعتكاف، و كذا إذا كان في قضاء شهر رمضـان بعـد الـزوال، و إن كـان الاعتكاف المذكور منذورا وجبت كفّارة ثالثـة لمخالفـة النـذر، و إذا كـان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها، وجبت كفّارة رابعـة عنها على الأحوط الأولى.