ولاية الفقيه في كلام العلامة المولى أحمد النراقي “قدس سره”

الاجتهاد: المقصود لنا هنا بيان ولاية الفقهاء الذين هم الحكام في زمان الغيبة والنواب من الائمة وان ولايتهم هل هي عامة فيما كانت الولاية فيه ثابتة لامام الاصل ام لا؟ وبالجملة في ان ولايتهم فيما هي فإنى قد رأيت المصنفين يحولون كثيراً من الامور إلى الحاكم في زمن الغيبة ويولونه فيها ولا يذكرون عليه دليلاً ورايت بعضهم يذكرون ادلة غير تامة ومع ذلك كان ذلك امرا مهما غير منضبط في مورد خاص.

كان المولى أحمد النراقی من جملة الفقهاء الذين تناولوا بالبحث عن مسألة ولاية الفقيه كما سبقه للبحث فيها علماء وفقهاء كبار أمثال الشيخ المفيد “قدس سره” (المتوفى سنة 413هـ)، والعلامة الحلي “قدس سره”(المتوفى سنة ۷۲6هـ)، والمحقق الكركي “قدس سره” (المتوفى سنة 940هـ). والمحقق الأردبیلي “قدس سره” (المتوفى سنة ۹۹۳هـ.) وقد بحثوها ضمن بحوث فقهية مختلفة كالخمس والجهاد وصلاة الجمعة والحدود وغيرها.

نعم ، لم يسبق المؤلف أحد في كيفية بحثها: إذ أنه”قدس سره” بحثها بحثاً مرتباً مستقلاً ومفصّلاً وبطريقة جديدة رائعة ضمن العائدة «54» من كتابه القيم “عوائد الأيام” حيث بين وظائف الفقيه، واستدل عليها بأدلة مثبتة كثيرة.

وكتاب ” عوائد الأيام ” يحتوي علي قواعد أصولية وفقهية رئيسية ” من مهمات أدلة الأحكام وكليات مسائل الحلال والحرام … “.

وقد عمد المؤلف فيه إلي طرح وتحقيق مسائل وموضوعات وجد أن الإلمام بها ومعرفتها بجهة استنباط الأحكام أمر ضروري، يحتاج إليها الفقيه في طريق الاجتهاد والاستنباط.

وكما أن هذا الكتاب يمتاز عن سائر مؤلفات المؤلف في اختيار الموضوعات ومنهجية البحث والتبويب والتدوين، يمتاز أيضا عن نظائره وأشباهه بتنوع الموضوعات والمباحث المطروحة بحثا وتحقيقا، وأن الكثير من مباحث الكتاب من ابتكارات النراقي والخاصة به، والتي لم ترد بشكلها الخاص في أي أثر سالف فإنه تطرق فيه إلي مباحث جديدة لم يتطرقها أحد قبله، كمبحثي ” ولاية الفقيه ” و ” الإسراف ” وغيرهما.
وكان صاحب العوائد أول فقيه جمع بين فقه الحكومة في الإسلام ومباحث ولاية الفقيه، وأكد بأدلة عقلية ونقلية أن للفقيه جميع الخيارات الحكومية التي تمتع بها النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام.

فذكر في مبحث ولاية الفقيه أولاً أنّ كلية ما للفقيه العادل تولّيه وله الولاية فيه أمران:

أحدهما: كلّ ما كان للنبي والإمام فيه الولاية فللفقيه أيضاً ذلك.

ثانيهما: كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنیاهم ولم يجعل وظيفته لمعيّن، فهو وظيفة الفقيه وله التصرف فيه، والإتيان به.
ثم ذكر “قدس سره” أن للفقيه اثنتي عشرة وظيفة مهمة، منها الإفتاء والقضاء وإجراء الحدود والتعزيرات والولاية على أموال اليتامى والمجانين والسفهاء والولاية على الأنكحة وغيرها (انظر عوائد الأيام: ۵۲۹ ۵۸۲. عاندة 54)

يقول النراقي رحمه الله في مقدمة بحثه في العائد ال54 من كتاب عوائد الأيام:

إعلم أن الولاية من جانب الله سبحانه على عباده ثابته لرسوله واوصيائه المعصومين “عليهم السلام” وهم سلاطين الامام وهم المملوك والولاة والحكام. وبيدهم ازمة الامور، وساير الناس رعاياهم والمولى عليهم. واما غير الرسول واوصيائه فلا شك ان الاصل عدم ثبوت ولاية احد على احد الا من ولاه الله سبحانه أو رسوله أو احد من اوصيائه على احد في امر.

وحينئذ فيكون هو وليا على من ولاه فيما ولاه فيه.

والاولياء كثيرون كالفقهاء العدول والابآء والاجداد والاوصيآء والازواج والموالي والوكلاء. فانهم الاولياء على العوام والاولاد والموصى له والزوجات والمماليك والموكلين ولكن ولايتهم مقصورة على امور خاصة على ما ثبت من ولاة الامر.

ولا كلام لنا هنا في غير الفقهاء فان احكام كل من الباقين مذكورة في موارد مخصوصة من كتب الفروع.

والمقصود لنا هنا بيان ولاية الفقهاء الذين هم الحكام في زمان الغيبة والنواب من الائمة وان ولايتهم هل هي عامة فيما كانت الولاية فيه ثابتة لامام الاصل ام لا؟

وبالجملة في ان ولايتهم فيما هي فإنى قد رأيت المصنفين يحولون كثيراً من الامور إلى الحاكم في زمن الغيبة ويولونه فيها ولا يذكرون عليه دليلاً ورايت بعضهم يذكرون ادلة غير تامة ومع ذلك كان ذلك امرا مهما غير منضبط في مورد خاص.

وكذا نرى كثيرا من غير المحتاطين من افاضل العصر وطلاب الزمان إذا وجدوا في انفسهم قوة الترجيح والاقتدار على التفريع يجلسون مجلس الحكومة و يتولون امور الرعية فيفتون لهم في مسائل الحلال والحرام ويحكمون باحكام لم يثبت لهم وجوب القبول عنهم كثبوت الهلال ونحوه ويجلسون مجلس القضاء والمرافعات ويجرون الحدود والتعزيرات ويتصرفون باموال اليتامى والمجانين والسفهاء والغياب ويتولون انكحتهم ويعزلون الاوصياء وينصبون القوام ويقسمون الاخماس ويتصرفون بمال المجهول مالكه ويوجرون الاوقاف العامة الى غير ذلك من لوازم الرياسة الكبرى وتريهم ليس بيدهم فيما يفعلون دليل ولم يهتدوا في اعمالهم الى سبيل بل اكتفوا بما راوا وسمعوا من العلماء الاطياب فيفعلون تقليدا بلا اطلاع لهم على محط فتاويهم فيهلكون ويهلكون اذن الله لهم ام على الله يفترون.

فرأيت ان اذكر في هذه العائدة الجليلة وظيفة الفقهاء وما فيه ولايتهم ومن عليه ولايتهم على سبيل الاصل والكلية ولنقدم اولا شطرا من الاخبار الواردة في حق العلماء الابرار المثبتة لمناصبهم ومراتبهم ثم نستتبعه بما يستفاد منها كلية ثم نذكر بعد ذلك بعض موارد هذه الكلية.

فههنا مقامان:

المقام الاول في ذكر الاخبار اللائقة بالمقام

المقام الثاني: في بيان وظيفة العلماء والفقهاء ومالهم فيه الولاية علي سبيل الكلية

محتويات الملف

في بيان ولاية الحاكم وماله فيه الولاية
الأصل عدم ثبوت ولاية أحد علي أحد إلا من ولاه الله سبحانه
المقام الأول: في ذكر الأخبار اللائقة بالمقام
المقام الثاني: في بيان وظيفة العلماء والفقهاء ومالهم فيه الولاية علي سبيل الكلية
كل ما كان للنبي والإمام فيه الولاية فللفقيه كذلك بالإجماع والاخبار والبداهة
ثبوت ولاية الفقهاء في كل فعل متعلق بأمور العباد في الدين والدنيا
ولاية الإفتاء، ووجوب اتباع الرعية لذلك
الفائدة الأولي: ثبوت ولاية الإفتاء للفقيه ووجوب التقليد علي العامي متلازمان
الفائدة الثانية: يجب علي العامي الاجتهاد في تعيين من يقلده من الفقهاء
الفائدة الثالثة: في بيان مورد وجوب الإفتاء والتقليد
الفائدة الرابعة: بيان المراد من المجتهد والمقلد
الفائدة الخامسة: لابد للفقيه أن يعلم ما يجب الإفتاء فيه وما لا يجب
ولاية القضاء والمرافعات ووجوب الترافع إليهم
ولاية الحدود والتعزيرات
الولاية علي أموال اليتامي
الولاية علي أموال اليتامي هل ثابتة مطلقا أو بعد انتفاء الأب … ؟
اختصاص جواز التصرف في أموال اليتامي لعدول المسلمين بصورة فقد الفقيه
عدم جواز التصرف للغير مع ثبوت جواز التصرف للفقيه
هل يجب علي الحاكم التصرف في أموال اليتامي بنفسه أو الإذن فيه، أم لا؟
الولاية علي أموال المجانين والسفهاء
الولاية علي أموال الغيب وموارده
الولاية علي الأنكحة ومواردها
هل تثبت ولاية الحاكم علي نكاح الصغيرين الخاليين عن الأب والجد؟
ثبوت ولاية النكاح للحاكم علي المجنونين البالغين
هل تثبت ولاية الحاكم علي نكاح السفيهين مع عدم ولي آخر
بيان دلائل الولاية الاستقلالية للحاكم – لو كان به قائل – والجواب عنه
الولاية علي الأيتام والسفهاء في إجارتهم واستيفاء منافع أبدانهم وحقوقهم المالية وغيرها
الولاية في التصرف في أموال الإمام
الولاية علي جميع ما ثبت مباشرة الإمام له من أمور الرعية
الولاية علي كل فعل لابد من إيقاعه لدليل عقلي أو شرعي

 

تحميل البحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky