الإمام الجواد

وقفة تأملية في تعاليم الإمام الجواد (ع) / المرجع الديني آية الله مكارم الشيرازي

الاجتهاد: في ذكرى استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام) تزداد الضرورة لتحليل واستعراض حياة هذا الإمام الهمام وإعادة قراءة ما قدمه من تراث معرفي وأخلاقي وديني واجتماعي وسياسي وذلك من خلال آراء سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حيث بإمكانها أن تستقطب الأنظار كمنظومة فكرية فريدة من التعاليم الشيعية لنشر وتطوير المعارف الإسلامية الأصيلة.

ومما لا شك فيه أنّ أيّ إهمال في تبيين تعاليم الإمام الجواد (عليه السلام) الفريدة، يثير التأمل فيما يخص الجانب التبليغي لسيرة الأئمة المعصومين(عليهم السلام) ومن هذا المنطلق فإنّ هناك شعور متزايد يدعو إلى اهتمام كبار علماء الدين ومؤرخي الشيعة للتحرك نحو تبيين هذه الموسوعة المعرفية.

ونظراً لهذا المبدأ ومن صميم ضرورة الاستلهام من تعاليم هذا الإمام الجليل نقدم للقارئ الكريم في هذا المقال سرداً لسيرة الإمام الجواد (عليه السلام) العملية وذلك وفق رؤية سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي(مد ظله).

الاهتمام بالقرآن مؤشر رئيس في قوة الأمة الإسلامية

ومما لا شك فيه بأنّ التنفيذ الدقيق لكلام الله وإقامة الأحكام الإلهية في المجتمعات الإسلامية وعدم الاكتفاء بمراعاة بعض المظاهر الإسلامية فقط؛ قد يؤسس بدوره لقوة الأمة الإسلامية الحقيقية.

لذا بدء سماحة آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حديثه في هذا المجال بقراءة رواية مهمّة وجوهرية من الإمام الجواد(عليه السلام) ممهداً الجوّ لشرحها حيث قال: من المناسب جداً أن أذكر لكم رواية لافتة للنظر ومثيرة للاهتمام عن الإمام الجواد(عليه السلام) ليتبيّن لكم كيف يمكن للأعداء أن يفرضوا الهيمنة والسلطة على شعب أهمل القرآن وربّ القرآن وحبّ القرآن. فيقول الإمام(عليه السلام):

«وَكُلُّ أمَّة قَد رَفَعَ الله عنهم علمَ الكتابِ حين نَبَذوه وولّاهم عَدُوّهم حين تَوَلّوه وكان نَبْذُهم الكتاب أنْ أقاموا حروفَه وحَرّفوا حدودهَ فهم يَرونُه ولا يرعَونه والجهّال يُعْجِبُهم حفظُهم للرواية والعلماء يحزُنُهم تركُهُم للرعاية»[1]. ‏

تحريف وتشويه الإمامة بنكهة القشريّة أو التمظهر الإسلامي

ثم توجه سماحته إلى شرح رواية الإمام الجواد مقارنا بينها وبين ما يحدث اليوم في العالم الإسلامي قائلاً: وقد يتضح لنا وفق هذه الرواية مدى التقهقر والتخلف الذي أصاب الأمة الإسلامية وأنّ ما قاله الإمام كيف يتطابق تطابق النعل بالنعل مع الحاضر الذي تعيشه هذه الأمة.

فنشهد من جانب: التوجه العام والمطّرد نحو حفظ ألفاظ القرآن في بلاد كالعربية السعودية ومصر وسائر البلدان الإسلامية ليصبح ظاهرة عامة لم يستثنى منها حتى الأطفال بينما نلاحظ من جانب آخر: إهمال أحكام هذا الكتاب وعدم الالتزام بها. وأما حال العلماء الحقيقيون في هذا الوضع وفق الرواية المنقولة فهو الحزن وتجرع مرارة الألم بعيون باكية وقلوب دامية وأيدٍ مكبلة.

فالتوجه نحو اللحن الجميل والتجويد يفوق التوجه نحو التفسير وبيان الأحكام، وهذه خطّة نفذت بعد انحراف خط الإمامة من بعد النبي صل الله عليه وآله واستمرت حتى اليوم. إنها سياسة مشؤومة نفذت بعد النبي بنشر قراءة القرآن دون تفسيره. ونأمل أن يأتي يوم نصحو به ونلجأ إلى القرآن لعلاج جميع ما يؤلمنا وخاصة ألم الفرقة والنفاق فالقرآن عروة وثقى أمرنا نحن بالتمسك به (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقواً)[2][3]. ‏

نعمة الزواج؛ سياسة استراتيجية لمواجهة الأضرار الاجتماعية

إنّ الانتشار اللامحدود للأضرار الاجتماعية في عصرنا الحاضر ظاهرة تهدد حياة المجتمعات البشرية الطيبة وتضعها أمام مخاطر وتحديات جمة. لذا كان انتهاج استراتيجية الإمام الجواد(عليه السلام) المفصلية من شأنه أن يتخذه ساسة القضايا الاجتماعية دستوراً شاملاً في الوطن في نشر ثقافة الزواج الميسر.

الزواج الميسر والاهتمام بتشكيل الأسرة

وبعد الشرح الذي قدمه سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حول هذه الرواية، قام بتقديم السياسات التطبيقية التي يمكن انتهاجها لمواجهة الأخطار الاجتماعية قائلاً:

من الجانب العلمي هناك سبل مختلفة لعلاج «الشهوانية» في المجتمع ومنها:

1- إن أحد أفضل السبل العمليّة وأكثرا كفاءة للخلاص من دوامة الشهوات هو العمل على الإشباع للرغبات والميول الجنسية على النحو الصحيح؛ فلو أشبعت الرغبات والميول المودعة في نفس الإنسان من طريقها الصحيح، لن يبق بعدها أيّ آثار ضارة ومخربة. وبتعبير آخر لا يجب قمع هذه الرغبات بل لا يمكن ذلك، وإنّما يجب توجيهها نحو مجراها الصحيح والبنّاء، وفي غير هذه الحالة يمكن أن تتحول الى سيل جارف مدمر يهلك الحرث والنسل[4]. ‏

ولهذا السبب فقد أجاز الإسلام الترفيه السليم والاستمتاع المعتدل بالرغبات المودعة في النفس الإنسانيّة، بل شجّع الفرد المسلم عليها. وهناك خطبة معروفة نقلت عن الإمام الجواد حول عقد زوجته تدل على هذا الأمر؛ فيقول الإمام(عليه السلام) في هذه الخطبة: «امّا بَعْدُ فَقَدْ كَانَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ عَلَى الْأنَامِ أنْ أغْناهُم بِالْحَلالِ عَنِ الْحَرامِ[5]‏»[6].

والتأمل بهذا المبدأ المهم والمطروح من قبل الإمام الجواد(عليه السلام)، يهدينا الى سياسات رئيسة ومصيرية أخري للحد من المخاطر والأضرار الاجتماعية حيث يمكن – بحسب رأي سماحة المرجع – الانتقال من السياسة الأولى نحو بلوغ هذه السياسات.

2- ومن هذه السياسات – أي السبل الكفيلة بالتخلص من الشهوانية- سياسة التخطيط الدقيق لجوانب الحياة الشخصية؛ فإن كان الإنسان يمتلك خطة لملء الفراغات في حياته اليومية(بأن كانت مشتملة على برامج ترفيهية أو رياضية) لن يبق مجال للانزلاق في هوة الفساد الشهواني.

3- ومن السبل الأخرى في الوقاية من الشهوانية أو علاجها، استئصال أركان هذا الفساد لأن إمكانية التلوث بالشهوات ترتفع في الأماكن الملوثة. بمعنى آخر لو كان المحيط مملوءً بالشهوات وإمكانية الوقوع فيه متاحة للجميع وذلك في ظل وجود حرية نسبية، فعند ذاك يكون من الصعب جداً التخلص من التلوث خاصة للشباب ولمن كان في مستوى معرفي ديني متواضع[7][8]. ‏

4- إن إحياء الشأن الروحي والإنساني لشخصيات أفراد المجتمع من أهم الطرق لعلاج التلوث الشهواني والوقاية منه فلو تعرف الإنسان على قيمة نفسه الوجودية وشأنه الإنساني ووقف على حقيقة أنه خلاصة عالم الكون وأشرف مخلوقات الله وخليفته على الأرض، لم يكن ليركن إلى الشهوات بسهولة أبداً.

والنقطة المهمّة الأخيرة هي أننّا يجب أن نولي هذا الموضوع أهمية بالغة بالعمل على تحقيق المكافحة العملية؛ ليس في قضية الشهوات وحسب بل في جميع حالات المفاسد الأخلاقية.

بمعنى آخر كلما تحرك الإنسان نحو المواجهة مع الرذائل وتحرك خلافاً لتيارها الجارف، انكفأت تلك السيئات وتقهقرت، حيث تترقّى هذه المواجهة من الفعل إلى الحالة ومن الحالة إلى العادة ومن العادة إلى الملكة ليتكون في الإنسان خلق ثانوي رفيع يقف في مواجهة ذلك الخلق الرديء. فمثلاً لو دأب البخيل على العطاء والبذل، فستخمد نيران البخل في جسده شيئاً فشيئاً لتنطفئ في النهاية.

ولو صمد أهل الشهوة أمام ثورة الشهوات واستقاموا، لتراجعت الشهوات لتحل مكانها روح العفة والإيمان[9]. ‏

انتظار الظهور العملي؛ مؤشر رئيس في مبدأ وجود الموعود

وفي سياق شرح سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي لأحد أهم الروايات المضيئة الواردة عن الإمام الجواد(عليه السلام) في موضوع انتظار الفرج وتقدم الانتظار العملي على الانتظار القلبي واللفظي وعلاقته بقضية تحقيق العدالة أشار سماحته قائلاً:

إن الانتظار عمل مهمّ والانتظار القلبي واللفظي سهل يسير وغالباً ما يقوم به الشيعة ولكن على من ينتظر أن يقوم بإعداد نفسه وإعداد الآخرين. يجب أن يستعد من حيث الخلق والايمان والفرائض والأعمال والعقيدة ويقوم كذلك بإعداد الآخرين[10]. ‏

وقال سماحته في تفسير نظرية الانتظار ومبدأ الموعود في تعاليم الإمام الجواد(عليه السلام) بأن هناك حديث ورد عن الإمام الجواد(عليه السلام) حول الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف نقله السيد عبدالعظيم الحسني يقول فيه:

«قال: دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام) وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْقَائِمِ أَهُوَ الْمَهْدِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَابْتَدَأَنِي فَقَالَ لِي يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُنْتَظَرَ فِي غَيْبَتِهِ وَيُطَاعَ فِي ظُهُورِهِ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ وُلْدِي وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله بِالنُّبُوَّةِ وخَصَّنَا بِالْإِمَامَةِ إِنَّهُ لَوْ لَمْ‏ يَبْقَ‏ مِنَ‏ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ فَيَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيُصْلِحُ لَهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ كَمَا أَصْلَحَ أَمْرَ كَلِيمِهِ مُوسَى(عليه السلام) إِذْ ذَهَبَ لِيَقْتَبِسَ لِأَهْلِهِ نَاراً فَرَجَعَ وهُوَ رَسُولٌ نَبِيٌّ»[11].

انتظار الفرج؛ أفضل الأعمال في التعاليم الشيعية

استرسل سماحة آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في شرح أهمّ ركيزة في هذه الرواية المهمة وبيان الخطوط العريضة في قضية الانتظار؛ حيث قال: إن الإمام الجواد(عليه السلام) يقسم بالله بحتمية ظهور الإمام المهدي(عجل الله تعالي فرجه الشريف) حتي لو بقي يوم من عمر الدنيا، وأن الله سبحانه سوف يصلح أمره في ليلة واحدة، فلو أراد الله شيئاً لا يحتاج في ذلك إلى تمهيدات فمثلما بعث سبحانه موسى(عليه السلام) نبياً في ساعة واحدة، يستطيع بأن يمكّن للإمام أمره في ليلة واحدة أيضاً[12].

وأوضح سماحته بالاستناد على الركيزة الأساسية للرواية المضيئة المنقولة عن الإمام الجواد(عليه السلام)، أهمية الانتظار في المجتمع الإسلامي بشكل عام وضرورة نشر ثقافة الانتظار العملي بشكل خاص حيث عداها من أهم فرائض ورسالات شيعة الأئمة المعصومين عليهم السلام الحقيقيين وأضاف قائلاً:

إن العبارة الأخيرة التي وجهها الإمام الجواد(عليه السلام) لعبدالعظيم الحسني تضمنت فضل الفرج حين قال الإمام: «أَفْضَلُ أَعْمَالِ شِيعَتِنَا انْتِظَارُ الْفَرَجِ»[13].

وانتظار الفرج على ثلاث مراتب: قلبي ولفظي وعملي. والمرتبة الأولى تعني أن أفئدتنا تتلهف له شوقاً وتنتظر قدومه كما أن غيابه يقلقنا، وأما المرتبة الثانية وهي الانتظار اللفظي فمعناه الدعاء لظهور حضرته ولكن المرتبة الثالثة فتكون في الاستعداد الخارجي لظهوره روحي فداه وهذا النوع من الانتظار مهم جداً.

فالانتظار القلبي واللفظي سهل يسير وغالباً ما يصدر من شيعة أهل البيت ولكن على من ينتظر أن يقوم بإعداد نفسه وإعداد الآخرين. يجب أن يستعد من حيث الخلق والإيمان والفرائض والأعمال والعقيدة ويقوم كذلك بإعداد الآخرين[14].

آثار وبركات الجهاد مع النفس

للتقوى والجهاد مع النفس موقع خاص ومتميز في سيرة الإمام الجواد(عليه السلام) الدينية وقد تطرق سماحة المرجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي إلى هذا الجانب من شخصية الإمام مبيناً الخطوط العريضة لتعاليمه في هذا المجال ومشيراً إلى حديث ورد في البحار قائلاً: نقل المرحوم العلامة المجلسي عن الإمام الجواد(عليه السلام) هذا الحديث: َقالَ لِلْجَوَادِ(عليه السلام) رَجُلٌ أَوْصِنِي قَالَ وتَقْبَلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَوَسَّدِ الصَّبْرَ واعْتَنِقِ الْفَقْرَ وارْفَضِ الشَّهَوَاتِ وخَالِفِ الْهَوَى واعْلَمْ أَنَّك لَنْ تَخْلُوَ مِنْ عَينِ اللَّهِ فَانْظُرْ كيفَ تَكون[15].

الصبر على الطاعة وترك المعصية؛ عنصر نابع من جهاد النفس

استرسل سماحته في الحديث بشأن هذه الرواية شارحاً آثار وبركات الجهاد مع النفس وموكداً على عنصر الصبر الأخلاقي المهم حيث قال: إننا نشاهد سعادة الدنيا والآخرة متمثلة في هذه العبارات الصادرة عن الإمام الجواد(عليه السلام). فالصبر على الطاعة يعني تحمل أعباء الطاعة والصبر على ترك المعصية يعني تطويع مصاعب ترك المعصية كما يقصد من الصبر على المصيبة بعدم الجزع والخنوع أمام المشاكل. فالحياة متلازمة ومحفوفة بالمشاكل ولا يمكن تصور حياة دون مشاكل[16].

التقوي؛ مفتاح نيل السعادة الدنيوية والأخروية

وقال سماحته في شرح المقطع الثاني من الرواية: قسم آخر من حديث الإمام الجواد(عليه السلام) يدور حول الفقر ونعني به هنا الحياة البسيطة البعيدة عن الكماليات. إن الحياة البسيطة تعني الابتعاد عن الكماليات والتزام البساطة والعفوية في جميع جوانب الحياة من السفر والبيت والأجهزة المنزلية ومهور النساء والزواج وغيرها من شؤون الحياة.

وأما دور التقوي في تحقق السعادة الدنيوية والأخروية فقد كان المحور الأخير في خطاب سماحة المرجع والمفسر القرآني الكبير حيث بين دورها بالاستناد إلى المقطع السابق من رواية الإمام الجواد(عليه السلام) قائلاً:

إن الإمام(عليه السلام) يتحدث عن قضية الشهوات والأهواء النفسانية لأنها مما يجب تركها من قبل الإنسان؛ لأن عبد الشهوات يرمي نفسه في حضن الشيطان وساء ذلك مصيراً وأما من خالف ونهى النفس عن الهوى فيخرج من جند الشيطان إلى سلطان الرحمن لينعم ويسعد بالدنيا والآخرة. والقرآن الكريم حدد هذه البوصلة في سورة النازعات لسبيل الجنة وهو ترك هوى النفوس ومخالفتها حين قال عز من قال: «وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى.‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِي الْمَأْوى[17][18].

مسك الختام

وإن لم يكن حظ الإمام من الحياة وافراً حيث استشهد على يد زوجته في الـ 25 من عمره، لكنه وبالرغم من هذه الحظوة القليلة قد أوضح وأجاب عن الكثير من الأسئلة في فترة عمره القصيرة[19].

ليشهد بذلك علماء السنة حيث أكدوا في مصادرهم التاريخية على انفراده العلمي وورعه إلى جانب أبعاد شخصيته. وقد تحدث بشتى ألوان الحكم الدينية والعلمية والمعرفية الفريدة. وتأكيداً على ما جاء نقول بأن الإمام الجواد(عليه السلام) تمكن في فترة حياته القصيرة(25 عاما) من ترويج ونشر ثقافة مدرسة أهل البيت عليهم السلام ما سنحت له الفرصة إلى ذلك من قبل الحكام وقام في بعض الأحيان بالمشاركة في حل العقد الفقهية التي واجهها الخليفة أو تقديم الحلول في المعضلات الفقهية المطروحة في المناظرات بين علماء ذلك العصر[20].

وقد تحدث كبار علماء أهل السنة حول عظمة شخصيته العلمية والاخلاقية وذكر ابن حجر الهيثمي بأن المأمون اختاره صهراً لأنه ومع صغر سنه كان قمة متفوقة على جميع العلماء من حيث العلم والحلم[21]. وقال سبط ابن الجوزي بأنه كان على سيرة أبيه في العلم والورع والزهد والعطاء[22][23].

ومن منطلق ما تقدّم ذكره فإن رسالة أتباع هذا الإمام الهمام ومسؤولياتهم تتضاعف في تبيين ونشر سيرته العلمية والعملية. إذن علينا التزود بمعين معارف هذا الإمام والسعي في السلوك وفق تعليماته الرفيعة[24].

 

الهوامش:

[1] بحار الانوار، ج 78، ص 358، الطبعة القديمة( في مواعظ الامام الجواد( عليه السلام))؛ فروع الكافي، ج 8، ص 53؛ ميزان الحكمة، ج 8، ص 85.

[2] آل عمران، الآية 103.

[3] الاخلاق الاسلامية في نهج البلاغة (خطبة المتقين) ؛ ج‏1 ؛ ص482.

[4] الاخلاق في القرآن ؛ ج‏2 ؛ ص301.

[5] بحار الانوار، ج 50، ص 76.

[6] الاخلاق في القرآن؛ ج‏2 ؛ ص302.

[7] الاخلاق في القرآن، ج‏2، ص: 302.

[8] الاخلاق في القرآن، ج‏2، ص: 303.

[9] نفس المصدر.

[10] كلمة سماحته في درس خارج الفقه بمسجد أعظم بمدينة قم، 10/2/1394.

[11] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ‏۵۱، ص ۱۵۶، كمال الدين وتمام النعمة، الشیخ الصدوق، ج ‏۲، ص ۳۷۷؛ كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، علي بن محمد خزاز القمي‏، ص ۲۸۰.

[12] كلمة سماحته في درس خارج الفقه بمسجد أعظم بمدينة قم، 10/2/1394.

[13] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ‏۵۱، ص ۱۵۶، كمال الدين وتمام النعمة، الشیخ الصدوق، ج ‏۲، ص ۳۷۷؛ كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، علي بن محمد خزاز القمي‏، ص ۲۸۰.

[14] كلمة سماحته في درس خارج الفقه بمسجد أعظم بمدينة قم، 10/2/1394.

[15] بحار الانوار، ج 75، ص 358.

[16] كلمة سماحته في درس خارج الفقه بمسجد أعظم بمدينة قم، 2/7/1393.

[17] سورة النازعات، الآ]ة 41-40.

[18] كلمة سماحته في درس خارج الفقه بمسجد أعظم بمدينة قم، 2/7/1393.

[19] نفس المصدر.

[20] للاطلاع على مناظرات الامام الجواد عليه السلام مع يحيى بن الأكثم أنظربحار الأنوار، ج 50، ص 78- 75. وكذا فتاواه عليه السلام حول كيفية قطع يد السارق في مجلس المعتصم العباسي وبحضور فقهاء العصر دليل صارخ على على علمه بالفقه. (أنظر: وسائل الشيعة، ج 18، ص 490، ابواب حدّ السرقه.

[21] الصواعق المحرقة، ص 205.

[22] تذكرة الخواص، ص 359.

[23] دائرة معارف الفقه المقارن ؛ ج‏1 ؛ ص104.

[24] كلمة سماحته في درس خارج الفقه بمسجد أعظم بمدينة قم، 9/2/1394.

 

إعداد ودراسة شعبة الأخبار في المكتب الإعلامي التابع لسماحة آية الله مكارم الشيرازي(دام ظله) Makarem.ir

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky