الاجتهاد: صدر الجزء الرابع من موسوعة أصول الفقه المقارن عن المركز العالي للدراسات التقريبية التابع لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية.
هذه الموسوعة التي احتوت امهمات البحوث الاُصولية, مرتّبة ترتيباً الفبائيّاً, فقامت بشرح هذه البحوث بصورة مبسطة بعيداً عن التعقيد الموجود اليوم في المباحث الاُصوليّة, مقارنة بين المذاهب الاسلاميّة الكبرى، مزاوجة بين الاصول القديمة والاصول الحديثة.
یحتوى هذا الجزء على المداخل التالية:
الحاظر والمبيح
الحسن القبح
حظر
حق الطاعة
حقيقة ومجاز
حكاية الحال
حكمة
حكومة
خبر الواحد
خلاف
دلالة
دلالة الاشارة
دلالة الاقتران
دلالة الاقتضاء
دلالة الايماء
دليل الخطاب
ذريعة
رأي
زمان
سبر وتقسيم
سد الذرائع
شرط
شرع من قبلنا
شريعة
شهرة
الصحيح والاعم
ضد
ضررويات
ظن
ظهور
أهمية هذه الموسوعة ( من مقدمة الجزء الأول (الشيخ أحمد المبلّغي)
تقيَّم أهمية موسوعة أصول الفقه المقارن من جوانب عدّة، أحدها: كونها موسوعة لعلم الأصول، وثانيها: كونها مقارنة، وثالثها: اشتمالها على التجديد فى طرح علم الأصول، ورابعها: كونها تصدر لأول مرة في تأريخ هذا العلم.
إنَّ أهميّتها من حيث موضوعها ناشئة من كون أنّا نشهد أنَّ أصول الفقه ـ وخلافاً لكثير من العلوم ـ يفتقد الموسوعة التي تحمل المواصفات الموسوعية، وجلّ ما يوجد هو قواميس ومعاجم قد لا تكون كاملة ولا جامعة.
وتعدُّ هذه الموسوعة الماثلة بين أيدي الباحثين والمحقّقين أوّل موسوعة شاملة ومقارنة لهذا العلم، وبهذا العمل يشهد أصول الفقه تحولاً كبيراً; وذلك باعتبار أنّ الموسوعة عبارة عن مسعى علمي اجتهد في طرح مسائل ونظريات هذا العلم في قالب فني تندرج بحوثه ضمن مداخل محدّدة، مع تقرير وإشارة لأمّهات البحوث بشكل مكثَّف.
إنّ هذه الموسوعة تسعى إلى وضع كلٍّ من الآراء والأقوال إلى جنب بعضها البعض، في أحدث شكل من التبويب والتدوين; لغرض تسهيل رجوع الباحثين إليها، وتحقيقاً لأعلى مستوى من الإفادة.
إذ أنَّ الفائدة التي ينالها المحقّقون والباحثون من الرجوع إلى هذه الموسوعة قد لا ينالونها من الرجوع إلى أيِّ مصدر آخر،وهو امتياز يسجَّل لها وإن كانت تشترك مع الموسوعات ـ عموماً ـ في كونها بوّابات مشرفة نحو المصادر الأصلية، تمنح المحقّق سرعة وسهولة في الوصول إلى المراد.
و دور الموسوعات في تطوير العلوم محوري، فهي أداة ربط بين الحاضر والماضي من أدوار العلم ومراحل تطوّره، كما أنّها توفّر الأرضية للإبداع فيما إذا نظر المحقّق إلى ماضي الموضوع وحاضره، فمن خلال هذه النظرة وما تمنحه من امكانيات تتوافر أرضية الإبداع والانفتاح على البحوث الجديدة.
ورغم أنّ الموسوعات لا تغني الباحث عن الرجوع إلى المصادر الأصلية، لكنّها تفتح الطريق أمامه، وتمنحه سرعة كافية للوصول إلى المصادر المطلوبة، من دون مشقّة وهدر للوقت.
من هنا تبدو أهمية الموسوعة، وبخاصة بالنسبة إلى علم الأصول الذي امتدّت أبحاثه وتراكمت طوال أكثر من ألف عام، دون أن تتداول وتطرح وتناقش في سفر واحد، ممّا استدعت الحاجة إلى تدوين موسوعة تفي بهذا الأمر، وتحرّره على نحو تقرير علمي.
ولا نغفل عن التذكير بصعوبة وتعقيد التقرير العلمي الموسوعي، وبخاصة إذا كانت الغاية بيان مجمل الآراء وعرض مختلف الأقوال والتوجُّهات والمدارس وبنسق فنّي وأدبي يتواءم ولغة هذا العلم في الوقت الحاضر.
كما تبرز أهمية هذه الموسوعة من حيثية المقارنة، فإنّ البحوث المقارنة ـ عموماً ـ في العالم الإسلامي نادرة، وإذا وجدت فهي جزئية ومقتصرة على مجالات محدودة وإن كان بعضها يمتاز بالجودة نسبياً، إلاّ أنّ الأكثر ندرة في مجال المقارنة هو البحث الأصولي، لا سيّما من الصنف الموسوعي، فإنّ الندرة والضعف مشهود بوضوح على هذا الصعيد.
إذ يندر أن نرى وضع آراء الشيعة إلى جنب آراء السنّة، وإن حصل هذا الوضع بنحو موسوعي فإنّه يعدُّ تحولاً كبيراً، ومنعطفاً بارزاً على مستوى العلوم والمعارف الإسلامية، وهو ما طمحت إليه وحققته هذه الموسوعة بنحو نأمل أن يحظى بالتقدير عند جميع الباحثين.
ومن الضروري التأكيد على اعتبار هذه الموسوعة خطوة مباركة ومهمة، وصعوبة هكذا عمل غير خافية على المحقّقين والكُتّاب في علم الأصول، فإنّ الكاتب في هذا الموضوع يسعى إلى معرفة وتدوين آراء علماء تختلف أقلامهم وعصورهم وتوجّهاتهم المذهبية، وهو صعب للغاية، وتحقيقه يعدُّ عملاً جبّاراً في هذا المجال.
لأجل ذلك نعدُّ الموسوعة ـ الماثلة بين أيدي القارئ ـ مشروعاً إسلاميّاً كبيراً، نطمح أن يلقى مكانته المناسبة في العالم الإسلامي، بل وغير الإسلامي أيضاً.
لقد دوّنت هذه الموسوعة بناءً على المواصفات والمعايير المستخدمة في تدوين الموسوعات، وتجنّب كتَّابها إبداء الآراء الشخصية، بل وسعوا إلى تدوين وتبويب خلاصة ما ورد عن القدماء والمتقدمين والمتأخرين، بل والمعاصرين من الأصوليين أيضاً على مستوى العالم الإسلامي.
على أنّ عدم إبداء الرأي لا يعني الجمود في التدوين وإن على مستوى العناوين والتبويب، فإنّ الموسوعة كظاهرة علمية حديثة تمنح الكاتب الصلاحية في هذا المجال، وتفتح يده للإبداع والتدوين بما تقتضيه الصناعة الموسوعية، فكانت لهم المندوحة في ذلك، إضافةً إلى الجهود المبذولة في إطار اختصار العبارات وتدوينها بنحو ينسجم مع اللغة العصرية قدر الإمكان، ولا تخرج عن الجو الأصولي.
وأمّا من ناحية التجديد في الطرح، فقد سعينا إلى طرح علم الأصول بنحو يختلف عن الطرح التقليدي الرائج، سواء على مستوى الصياغة البيانية، أو التبويب، أو التصنيف، أو العناوين المختارة… وكثير من الأمور الأخرى.
وأمّا من ناحية كونها عملاً غير مسبوق، فإنّ من الواضح أنّ العمل الأوّل يمنح امتيازات خاصة قد لا تمنح للأعمال اللاحقة، ونحن نتمنى أن يكون عملنا نافعاً ومحقّقاً لأهدافه التي على رأسها: إحراز رضاه سبحانه، وتعزيز وحدة المسلمين.