خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
خانه / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 44 حوار خاص / موسوعة آيات الأحكام: من المقارنة الفقهية إلى التبليغ لفقه أهل البيت (ع)
موسوعة آيات الأحكام قدرت أنصاري

موسوعة آيات الأحكام: من المقارنة الفقهية إلى التبليغ لفقه أهل البيت (ع)

خاص الاجتهاد: بحسب تقرير الموقع الإخباري للمنتدى الدوري للأساتذة، تُعدّ “موسوعة آيات الأحكام” إنجازاً خالداً تم تتويجه بجهود وسنوات من البحث والتحقيق بذلها سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ قدرت أنصاري وفريقه. في الجزء الأول من هذه المقابلة، تناولنا الدوافع الكامنة وراء هذا العمل وخصائصه الفريدة. أمّا في هذا الجزء، فسنستعرض منهجية البحث والتدوين، والمحتوى، والتوصيات المقدّمة للباحثين والأكاديميين الذين يعتزمون العمل في حقل آيات الأحكام. كما سنناقش ضرورة استمرار الدراسات في هذا المجال ودورها في الترويج لفقه أهل البيت (عليهم السلام).

كيف كانت آلية التحقيق وجمع المعلومات لهذه الموسوعة؟ وما هي التحديات التي واجهتموها في هذا المسار؟

كانت مراحل التحقيق وجمع المادة لهذه الموسوعة واسعة جدًا واستغرقت وقتًا طويلاً. في البداية، أُعدّ خطةٍ أوليةٍ للبحث في مجال آيات الأحكام. لكن، نظرًا لاتساع نطاق الموضوع، ظهرت الحاجة الملحّة للتعاون والاستعانة بجهود أفراد ومؤسسات مختلفة.

بعد عرض الخطة على المركز الفقهي بإشراف آية الله الفاضل (ره)، وعدم حصولها على القبول، تمّ، بمساعدة أحد الأصدقاء (المرحوم السيد إمامي) الذي كان على صلة بسماحة آية الله مكارم الشيرازي (حفظه الله)، تقديم هذا الخطة إليه، حيث حظي بالقبول والتأييد. وقد أدى آية الله مكارم الشيرازي دورًا بالغ الأهمية في توجيه وإرشاد الباحثين، وتقديم الآراء والمقترحات السديدة، ودعم هذا المشروع.

انطلق التحقيق في مدرسة الإمام السجاد (عليه السلام) تحت إشراف سماحة آية الله مكارم الشيرازي، واستمر لحوالي خمسة عشر شهرًا. وقد أُنجز المجلد الأول للموسوعة هناك. لكن، نظرًا لكثرة مشاغل آية الله مكارم الشيرازي، لم تتسنّ إمكانية مواصلة العمل في ذلك المكان.

بعد أخذ الإجازة منه، استُكمل التحقيق في هذه الموسوعة بالتعاون مع معهد باقر العلوم (عليه السلام) للدراسات والأبحاث (پژوهشکده باقرالعلوم). وقد اضطلع المعهد بدور محوري في توفير الإمكانيات، وتهيئة البيئة المناسبة للبحث، ودعم الباحثين. في البداية، كانت الإمكانيات محدودة، بل كان هناك شعور بالحاجة إلى شراء الكتب وتأمين مكان مناسب للتحقيق. ومع مرور الوقت وبفضل الجهود المبذولة، توفرت الإمكانيات اللازمة، ووصل عدد الباحثين إلى اثني عشر باحثًا.

خلال هذه المسيرة، ظهرت تحديات جمّة، منها: نقص الإمكانيات الأولية في مطلع العمل، وصعوبات التنسيق والتعاون مع المؤسسات المختلفة، واتساع الموضوع والحاجة إلى التحقيق في مراجع ومصادر متعددة. ومن أهم التحديات أيضًا، تلك المتعلقة بتطبيق ومقارنة آراء فقهاء الشيعة وأهل السنة. فكانت صعوبة الوصول إلى مصادر أهل السنة، والفروقات الموجودة في الاصطلاحات ومنهجيات الاستنباط، والحاجة إلى فحص الآراء بدقة وموضوعية، من أبرز هذه التحديات. بالرغم من كل ذلك، وبفضل جهد ومثابرة الباحثين وتعاون الجهات المعنية، تجاوزنا هذه التحديات وتمّ إنجاز موسوعة آيات الأحكام.

منهجية العمل في تدوين “موسوعة آيات الأحكام”

كيف كانت آلية العمل في تدوين “موسوعة آيات الأحكام”؟

 تُقسّم منهجية العمل في تدوين “موسوعة آيات الأحكام” إلى ثلاث مراحل أساسية:

المرحلة الأولى: تأليف الأجزاء العشرة الأولى وفق المنهج الموضوعي

في هذه المرحلة، أُلِّفت الأجزاء العشرة الأولى من الموسوعة بالطريقة الموضوعية والمنهج الفقهي التقليدي (من كتاب الطهارة إلى كتاب الديات). كان ذلك يتم على النحو التالي: تُجمع أولاً الآيات المتعلقة بكل موضوع فقهي (مثل الطهارة، الصلاة، الصوم، وغيرها)، ثم تُعرض آراء فقهاء الشيعة والروايات المرتبطة بتلك الآيات. كان الهدف من هذه المرحلة هو تقديم مجموعة شاملة ومرجعية لآيات الأحكام في الموضوعات الفقهية التقليدية

المرحلة الثانية: تأليف الأجزاء السبعة التالية بتركيز على المسائل المستحدثة والحاجات المجتمعية

بعد إتمام الأجزاء العشرة الأولى، تبيّن أن هناك آيات أخرى يمكن الاستفادة منها لاستنباط الأحكام الفقهية، لا سيما في المسائل المستحدثة وقضايا المجتمع المعاصرة التي تتطلب معالجة. ولهذا السبب، انطلقت المرحلة الثانية من تأليف الموسوعة.

في هذه المرحلة، خُصِّصت الأجزاء السبعة التالية لدراسة الموضوعات التي قلّما تناولتها الكتب الفقهية أو لم تَرِد فيها مطلقاً. شملت هذه الموضوعات مسائل مثل: نُصرة المظلوم، اتخاذ الموقف تجاه الظالم، الانتخابات، التوسل والزيارة، إقامة العزاء، الشورى والاستشارة، بيت المال، والبدعة. كان الهدف من هذه المرحلة هو الاستجابة للاحتياجات المجتمعية الراهنة وتقديم الرؤى الفقهية حول المسائل المستحدثة.

المرحلة الثالثة: تأليف الأجزاء الثلاثة الأخيرة بتركيز على المسائل المستجدة والمعاصرة ومنهجٍ جديد

في هذه المرحلة، خُصِّصت الأجزاء الثلاثة الختامية من الموسوعة لدراسة المسائل المستجدة والمستحدثة وقضايا العصر، مُتبعةً منهجاً بحثياً مُبتكراً. شملت الموضوعات التي تمّ بحثها: حكم الطرق، ومباحث المرور والقيادة، وأسلحة الدمار الشامل، والمعاملات البنكية والمصرفية، والتضخم، والمسائل المتعلقة بالمياه المُلوّثة، والتخطيط العمراني.

كان الهدف من هذه المرحلة هو تقديم الرؤى الفقهية حول القضايا المُعقّدة والجديدة التي تُطرح في العصر الحاضر. وقد بُذل الجهد في هذه المرحلة لمعالجة المسائل العويصة والمستجدة في عصرنا، وذلك بالاستفادة من مناهج البحث الحديثة، ومع الأخذ في الحسبان المباني الفقهية الراسخة.

الفوارق بين أقسام الموسوعة

يُمكن استعراض الفروق بين أقسام الموسوعة المختلفة في ثلاثة محاور أساسية: الموضوعات قيد البحث، ومنهج التأليف، والهدف المنشود.

المحور الأول: الموضوعات

القسم الأول تناول الموضوعات الفقهية التقليدية كـ: الطهارة، والصلاة، والصوم، والديات.

في المقابل، ركّز القسم الثاني على المسائل المستحدثة والحاجات المجتمعية مثل: نُصرة المظلوم، والانتخابات، والشورى.

أمّا القسم الثالث فقد اهتمّ، بـمنهجٍ مُتجددٍ، بـمسائل العصر المستحدثة مثل: حكم الطرق، والمعاملات البنكية، والتخطيط العمراني.

المحور الثاني: منهج التأليف

القسم الأول أُلِّف بالطريقة الموضوعية والتقليدية، حيث جُمعت الآيات الخاصة بكل موضوع فقهي، وعُرضت آراء الفقهاء والروايات المرتبطة بها.

في حين أنّ القسمين الثاني والثالث قد أُلفا بـمنهج دراسة المسائل المستحدثة وقضايا العصر، حيث سُعِيَ فيهما إلى تلبية المتطلبات المجتمعية الراهنة بالاستناد إلى الآيات القرآنية الكريمة.

المحور الثالث: الهدف

تمّ تدوين القسم الأول بهدف تقديم مجموعة شاملة ومرجعية لـآيات الأحكام في الموضوعات الفقهية التقليدية.

أما القسمان الثاني والثالث، فبالإضافة إلى هذه الغاية، يسعيان إلى الاستجابة للاحتياجات المجتمعية الراهنة وتقديم الرؤى الفقهية بشأن المسائل المستحدثة وقضايا العصر.

إنّ هذا المُؤَلَّف، بوجه عام، يؤدي دورًا محوريًا في الترويج للفقه الشيعي وجعله تطبيقياً في الحياة اليومية لعموم المسلمين.

موسوعة آيات الأحكام

دور القواعد الفقهية المستنبطة من الآيات

يختص القسم الثاني من الموسوعة بـالقواعد الفقهية المستخلصة من الآيات؛ فما هو الدور الذي سيؤديه هذا القسم في فهم واستنباط الأحكام الفقهية؟

تُعدّ القواعد الفقهية إحدى الأدلة الفقهية التي يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية. هذه القواعد تُستند إلى الروايات، والإجماع، وآيات القرآن الكريم، وتضطلع بدور مهم في إيجاد الانسجام ووحدة المنهج والروية في عملية استنباط الأحكام.

كان الهدف من “موسوعة آيات الأحكام” هو تقديم القواعد الفقهية القابلة للاستخراج من القرآن، مصحوبة بـمستنداتها القرآنية. بفضل الله تعالى، تم إنجاز هذا العمل في المجلدين الأخيرين من الموسوعة، حيث عُرضت قرابة سبعين ونيف من القواعد الفقهية التي تُستمدّ من الآيات القرآنية.

لقد تم استنباط هذه القواعد عبر التحليل الدقيق والتمحيص في آيات الذكر الحكيم، مع الأخذ بعين الاعتبار المباني الفقهية، وهي بذلك تصلح لأن تكون مورداً لاستخدام الفقهاء في استخراج الأحكام الشرعية. إنّ الجمهور المستهدف بهذا القسم من الموسوعة هم المحققون والباحثون في حقلي العلوم القرآنية والفقهية في الحوزات العلمية. بإمكان هؤلاء الأفاضل الاستفادة من هذه القواعد كمرجع أصيل وأمّ في بحوثهم، وتدريسهم، وعملية استنباط الأحكام.

كذلك، تُسهم هذه القواعد، من خلال تقديمها للمباني والأصول الكلية، في مساعدة الفقهاء على استنباط الأحكام في المسائل المستحدثة والجديدة. ونأمل أن يكون هذا الأثر خدمة متواضعة لـالمحققين والباحثين في ميدان العلوم القرآنية.

نظرًا للحجم الواسع للمادة وتنوع الآراء ووجهات النظر، كيف تمكنتم من الحفاظ على الانسجام والنظام المنطقي في هذه الموسوعة؟

إنّ صيانة الانسجام والنظام المنطقي في هذه الموسوعة تطلبت دقة وعناية خاصتين. لقد سعينا إلى جمع وترتيب الموضوعات المختلفة بطريقة تضمن تقديم بحث شامل وفي الوقت نفسه تجنب تكرار المطالب.

أولاً: المنهج الموضوعي والآية كمَبنى أساسي

من أبرز الخصائص المميزة لهذه الموسوعة هو الاعتماد على آيات القرآن الكريم كـمَبنى أساسي للبحث، واستخدام المنهج الموضوعي. من خلال هذا المنهج، عُرضت الموضوعات المختلفة بـصورة مُنظّمة ومُبوّبة ومُصنّفة، ما حال دون التشتت والتكرار في المادة.

لقد اتبعنا الآلية التالية: كنا نتوجه أولاً إلى الآيات ذات الصلة بكل موضوع، ثم نقوم بـتمحيص آراء الفقهاء والروايات المرتبطة بتلك الآيات، مع مراعاة الترتيب الزمني وبـمنظور نقدي. لقد ساعد هذا المنهج على تحقيق الانسجام والتناسق اللازم في عرض المادة العلمية.

ثانياً: مقارنة الآراء الفقهية وشموليتها

كما بذلنا جهداً لإيلاء الاهتمام بـالآراء المتباينة، وخاصة آراء فقهاء أهل السنة، ومناقشتها ودراستها في ضوئها. عبر المقارنة بين آراء فقهاء الشيعة وأهل السنة، تم تحديد نقاط القوة والضعف في كل نظرة، مما أسهم في تقديم رؤية أشمل وأدق. هذا المنحى زاد من جاذبية المادة وأهميتها، وساعد الجمهور المُطّلِع على استيعاب ارتباط الأفكار بـالآراء المختلفة بشكل أفضل.

ثالثاً: اتساع نطاق آيات الأحكام

فيما يخص عدد آيات الأحكام، توجد وجهات نظر مختلفة. فبعضهم يرى أن عدد هذه الآيات يبلغ حوالي خمسمائة أو ستمائة آية، لكننا توصلنا في هذا التحقيق إلى أن عدد آيات الأحكام يفوق ذلك بكثير. في الحقيقة، بناءً على المباحث المطروحة في الأقسام المختلفة من الموسوعة، يمكن القول إن عدد آيات الأحكام يبلغ أضعاف العدد الذي يُذكر عادة.

ما هو توقعكم لـردود الأفعال ومدى الاستقبال الذي ستحظى به الأجزاء المنشورة من “موسوعة آيات الأحكام”؟ وما هي المقترحات التي لديكم لـتحسين وإكمال هذا المُؤَلَّف؟

في رأيي، سيكون استقبال هذه الموسوعة حسناً؛ وذلك لما طرحته من مباحث قرآنية جديدة ومبتكرة. فالقرآن الكريم كالبحر، ودائماً ما يمكن استنباط مواد علمية جديدة منه.

لتحسين هذا الأثر وإكماله، أُقدّم المقترحات التالية:

مقترحات التطوير والتبليغ

التعريف والتبليغ المناسب بالأثر: إنّ التعريف والتبليغ اللائق بهذه الموسوعة لدى المحققين وأهل النظر له أهمية قصوى. فهذا الأثر هو ثمرة لسنوات من الجهد والعناء من قِبل فريق بحثي، ومن الجدير أن يُعرض بأحسن وجه ممكن. إنّ الترويج والتعريف المناسبين سيساعد المحققين والباحثين على الاطلاع على هذا الأثر القيّم والاستفادة منه في تحقيقاتهم وبحوثهم.

تلخيص الأثر باللغة العربية: نظراً لـضخامة حجم هذا المُؤَلَّف، فإنّ تلخيصه قد يكون مفيداً للأفراد الذين لا تسنح لهم الفرصة لمطالعة جميع الأجزاء.

ترجمة وتلخيص الأثر إلى الفارسية واللغات الشائعة الأخرى: بما أنّ الجمهور المخاطب للفقه الحوزوي هو غالباً من الناطقين بالفارسية، فإنّ ترجمة هذا الأثر وتلخيصه إلى اللغة الفارسية من شأنه أن يوسّع دائرة المخاطبين. كذلك، فإنّ ترجمته إلى لغات أخرى يمكن أن يجعله مُطروحاً على المستوى الدولي. إنّ تلخيص وترجمة الأثر يساعد الجمهور غير الناطق بالعربية، وأيضاً من لا يتوفر لديهم الوقت لمطالعة كافة المجلدات، على الاستفادة من محتواه.

دور المؤسسات العلمية والثقافية: سيكون مؤثراً ونافعاً جداً لو قامت الجهات المسؤولة الكريمة والمؤسسات العلمية والثقافية باتخاذ مثل هذه الإجراءات فيما يتعلق بـ”موسوعة آيات الأحكام”.

بالنظر إلى التجربة التي مررنا بها في تلخيص وترجمة كتاب “أحكام الأطفال“، أرى أنّ تطبيق هذه المقترحات على “موسوعة آيات الأحكام” سيكون مؤثراً ومفيداً للغاية أيضاً. آمل أن تتخذ الجهات المسؤولة الكريمة الإجراءات اللازمة في هذا الصدد.

على أعتاب تدشين هذا المُؤلَّف، ما هي التوصيات التي تقدّمونها لـالمحققين والباحثين الذين يعتزمون العمل في حقل آيات الأحكام؟

إنّ توصيتي لـالمحققين والباحثين في مجال آيات الأحكام هي أن يضعوا هذا الأثر تحت الدراسة الدقيقة والتحليل النقدي إلى جانب مطالعاتهم الخاصة. يجب على الباحثين أن يقوموا بـمطالعة متعمقة وتحليل محتوى المُؤَلَّف، ليتسنّى لهم تمحيص نقاط قوته وضعفه، والمساهمة في تحسينه وإكماله عبر تقديم الآراء الموثقة والمستندة.

 

ضرورة استمرار البحث ودور الفقه في التبليغ

 في الختام، إن كان لديكم نقطة أخيرة لم تُذكر، أو توصية للمحققين والمخاطبين بـ”موسوعة آيات الأحكام”، خاصة فيما يتعلق بـضرورة مواصلة البحث في هذا المجال ودوره في التبليغ لفقّه أهل البيت (عليهم السلام)، فتفضلوا بالإفادة.

 بالإضافة إلى النقاط التي ذكرناها آنفاً، أؤكّد أنّ هذا الأثر ليس كافياً، وتجب ضرورة قيام فرق بحثية أخرى بالتحقيق والدراسة في موضوعات قرآنية متنوعة.

نظراً لـديناميكية المجتمع وتطوراته المتسارعة، فإنّ الحاجة قائمة ومستمرة لـالبحوث الجديدة في مجال آيات الأحكام، ليتسنى لنا الإجابة على المسائل المستجدة وتبيين فقه أهل البيت (عليهم السلام) على وجه صحيح.

إنّ القرآن الكريم هو منبعٌ لا ينضب وبِكرٌ لـاستنباط الأحكام الفقهية. ونحن أنفسنا كنا نعتزم إضافة مجلدين أو ثلاثة على الأقل لهذه المجموعة، لكن ذلك لم يتيسر لأسباب خارجة عن الإرادة.

القرآن الكريم والروایات: ركنا الاستنباط

آمل أن يتم، من خلال التبليغ والتعريف اللائق بهذا الأثر، استقطاب الفرق البحثية المهتمة للولوج في ميدان التحقيق في آيات الأحكام. فالقرآن الكريم هو مخزنٌ غنيٌ لـالفقه الشيعي، وبالاستناد إلى روايات أهل البيت (عليهم السلام)، يمكن استنباط الأحكام الفقهية بدقة وذكاء أكبر. إنّ روايات أهل البيت (عليهم السلام)، عبر تبيانها لمفاهيم ومصاديق الآيات، تساعد على الفهم الأدق والأشمل لآيات الأحكام.

وتُذكّرنا الآية الشريفة: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (النحل/44) بأنّ القرآن الكريم نزل لبيان حاجات الناس، وفي موازاة ذلك، تساعدنا روايات أهل البيت (عليهم السلام) على فهم باطن الآيات.

بناءً عليه، يقع على عاتق الحوزة العلمية والمسؤولين فيها واجب تشكيل فرق بحثية للتحقيق في مختلف الموضوعات القرآنية، ليتم بذلك تلبية احتياجات المجتمع والتبليغ لفقّه أهل البيت (عليهم السلام) في آن واحد.

يمكن للحوزة العلمية أن تسهم في تنشئة المحققين والباحثين المتخصصين في هذا الحقل، من خلال إقامة الدورات التعليمية والبحثية. ونأمل أن يتخذ المسؤولون الكرام الإجراءات الضرورية، نظراً لـأهمية هذا الموضوع الجوهري.

 

 

تقريظ المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني لموسوعة آيات الأحكام

بسْمِ اللهِ الرَّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه محمد وآله الطاهرين أما بعد، فإن القرآن المجيد هو المصدر الأول لاستنباط الأحكام الشرعية، ولذلك عكف غير واحد من أعلام الأمة على دراسة الآيات المتضمنة للأحكام الشرعية، على اختلاف في كيفية دراستها، فالشيعة الإمامية تدرسها دراسة موضوعية، بمعنى جمع الآيات بحسب الموضوعات فالآيات الباحثة عن الطهارة في باب، والباحثة عن الصلاة في باب آخر، على خلاف الآخرين، حيث يدرسونها حسب ترتيب السّور.

والموسوعة الماثلة أمام القارئ، جامعة لآيات الأحكام طبقا لمذهب أهل البيت مع المقارنة بالمذاهب الأخرى، ونحن نبارك هذا الأثر النفيس، الذي هو ثمرة جمع من المحققين، الذين عكفوا على هذه الدراسة القيمة.

تحرير عشية يوم الاثنين الخامس من ربيع الثاني عام ١٤٣٧هـ

جعفر السبحاني

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *