لماذا يعتبر حج هذا العام حج براءة؟

الاجتهاد: لم نشهد في أي عام آخر صحوة الطبقة المثقفة في العالم دعما لأهل غزة ووعيهم بالتطورات الجارية في العالم.

لماذا يعتبر حج هذا العام حج براءة؟

عندما يتعلق الأمر بالبراءة، يتوق العقل دون وعي إلی جانبه السياسي. هذا علی الرغم من أن بارات قبل النظر في الجانب السياسي لقضية ما، يهتم بالجانب الديني والتربوي.

التبرئة من أعداء الله وما يعيق نمو الإنسان وتطوره والطريق إلی سعادته، قبل أن يكون لها بعد سياسي اجتماعي، لها بعد ديني وتربوي، والمؤمن، كدافع إيماني ومع وينبغي أن يتبرأ الرجاء في الله ورسوله من كل ما يقف في طريق الله، ومن يتصرف في موقف عداوة مع شعب الله، عليه أن يقطع فأسه وأهوائه الروحية والعملية بجراثيم الفساد والفساد هذه.

ويجب عليهم ألا يصادقوا أعداء الله في كثير من الأحيان وقد انتبه القرآن إلی هذا المبدأ الإيماني المهم وذكره في سورة المباركة، الآية 22، وهم يخاطبون نبي الإسلام ويقولون: لا تَجِدُ قوماً يؤمنُون بالله و اليَوم الآخر يوادّون من حادّ الله و رسوله و لو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو اِخوانهم أو عشيرتهم، اولئك كتب في قلوبهم الإيمان و أيّدهم بروح منه و يدخلهم جنّات تجري مِنْ تحتها الأنهار خالدين فيها، رضي الله عنهم و رضوا عنه، اولئك حزب الله ألا إنَّ حزب الله هم المفلحون.

والنقطة المثيرة للاهتمام في هذه الآية هي الانضمام إلی حزب الله، وحزب الله في طليعة تبرئة أعداء الله، وقبل الاهتمام بالجانب السياسي للحج، عزز حزب الله جوانبه الدينية والتربوية ممن هم في هذا الطيف أو الطبقة وبما أنهم يفهمون واجب الحج الإلهي من حيث العقيدة والتعليم، فيمكنهم أيضًا تمثيل البراءة السياسية للحج.

1. ومن جميع الآيات الكريمة في القرآن الكريم في هذا الصدد يمكن أن نستنتج أن البراءة لم تكن مجرد مفهوم ومسألة سياسية لفترة زمنية محددة أمر الله نبيه والمسلمين بذلك. بل البراءة هي حقيقة إيمانية أوجب الله علی عبده أدائها في كل عصر وزمان.

2. إن مفهوم البراءة يتجاوز النفور من السعي كمسألة قلبية وعاطفية ويتطلب البعد والعزلة والرفض العملي للمشركين ومن يتآمرون في معسكر المسلمين وربما البشرية جمعاء.

3. ولا ينبغي إغفال نقطة واحدة وهي أن الغرض من البراءة هو إرشاد الناس الذين سلكوا طريق الباطل ومن خلال التآمر وبدء الحرب وسفك الدماء يقصدون اضطهاد المسلمين المضطهدين وربما غير المسلمين في العالم، حتی لا يفعلوا ذلك.

واتبع طريق بغضهم وعداوتهم، ومن الطبيعي أنه عندما يتوقف المشركون والظالمون عن أعمالهم العدائية ويستسلمون أمام الحق، لا يتم تبرئتهم فحسب، بل يتم توفير أرضية التقرب منهم أيضًا.

ومن هذا المنظور، في السنوات التي سبقت الثورة الإسلامية في إيران وفي بداية الثورة، كان الإمام الخميني يحذر دائمًا رجال الدولة الأمريكيين من التوقف عن التآمر علی الأمة، وعندما رأوا أنه لم يحدث أي تغيير في سلوك الأمريكيين شعار “الموت لأمريكا” والبراءة اصبحت أساس العمل مع الحكومة الأمريكية المتآمرة.

4. إعلان البراءة هو عمل ديني وسياسي وإعلامي لتنتبه الدول والحكومات الإسلامية وغير الإسلامية لأولئك الذين يريدون جعل الحياة صعبة علی الناس بسبب حربهم الباردة والساخنة.

ولذلك فإن إعلان البراءة يعني الاستعداد لمواجهة المشركين وتحذيرهم من توقع مواجهة المسلمين في أي لحظة بجبهة الكفر.

5. وفي الواقع فإن البراءة تنصح المسلمين، وخاصة المؤمنين، ألا يخافوا من العدو تحت أي ظرف من الظروف، وأن لا يخافوا إلا الله، أن الله سينزل النكبة والعذاب علی العدو بأيدي المؤمنين، ويطمئن قلوب المؤمنين. المؤمنين.

6. لكن لماذا أطلق قائد الثورة الإسلامية الإيرانية علی حج هذا العام اسم “حج البراءة”؟ ألم تكن تتم في السنوات الماضية تكفير المشركين في مراسم الحج بصحراء عرفات والتي سميت هذا العام بهذا الاسم؟

الأمر المؤكد هو أنه رغم كل صرامة الحكومة السعودية في السنوات الماضية، حتی داخل خيم الحجاج الإيرانيين، أقيمت مراسم تبرئة للمشركين وقُرئ القرار النهائي، وتعالت صرخات الحجاج الإيرانيين بصوت عالٍ. “الموت لإسرائيل” و”الموت لأمريكا”. لكن هذا العام الوضع مختلف تماما، ومن ذلك ما يلي:

أ) لم يشهد العالم في السنوات الماضية هذا المستوی من الوحشية والغطرسة التي يمارسها الصهاينة في قطاع نواز غزة الذي تبلغ مساحته 360 كيلومتراً مربعاً، والذي كان يأوي أكثر من 2 مليون بريء ومظلوم وبأقل المرافق.

لقد مرت ثمانية أشهر والعالم يشهد أكبر عدوان للصهاينة في هذا المجال، وجميع المنظمات الدولية، من مجلس الأمن الدولي إلی منظمة الدول الإسلامية التي تضم 57 عضوا والجامعة العربية، تلتزم الصمت عمليا.

وأدانتهم بأنهم مكتفون ذاتيا وأنهم غير مستعدين حتی لقطع علاقاتهم السياسية والاقتصادية مع هذا النظام.

ولذلك فإن حج هذا العام، وقد جرح الرأي العام للمسلمين، وانتفضت الدول الإسلامية وغير الإسلامية احتجاجاً علی النظام الصهيوني، فهو فرصة جيدة للبراءة عن النظام الصهيوني وداعمه أمريكا في هذا العام. الصراخ بصوت عالٍ و البراءة، لتجاهل المنظمات الدولية غير المسؤولة وقادة البيت الأبيض وشيوخ المنطقة العرب المميزين.

ب) لم نشهد في أي عام آخر صحوة الطبقة المثقفة في العالم لدعم أهل غزة ووعيهم بالتطورات الجارية كما في هذا العام، من الأساتذة والطلاب في أكبر الجامعات في أمريكا، الذين تجنبوا حتی الآن الحروب مثل العراق وأفغانستان، إلی المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم، وقفوا لدعم شعب غزة.

ولذلك فإن مراسم الحج هذا العام يمكن أن تكون براءة للأعداء الذين قرروا مثل هذا المصير لأهل غزة والأطفال المدفونين تحت الأنقاض.

ج) في حج هذا العام، ذلك الشاب اليمني الذي يطلق كل يوم صواريخه يقطع السفن التجارية للصهاينة ويذلها لدرجة أنها تبتعد مئات الكيلومترات لتجنب صواريخ الجيش اليمني وفي حج هذا العام حاضر المقاتل العراقي الذي يستهدف كل يوم القواعد الإسرائيلية بصواريخه دفاعا عن أهل غزة المظلومين داخل الأراضي المحتلة.

وفي حج هذا العام، يحضر حزب الله اللبناني ليبث الرعب مرة أخری في الجسم الصهيوني المتحلل بإطلاق صواريخه علی منظومة القبة الحديدية والقواعد الصهيونية في الأراضي المحتلة شمال فلسطين من خلال هتاف براءته هذا العام ومن المؤكد أن مسلمي شرق وجنوب شرق آسيا وأمريكا وأوروبا وأفريقيا سيكونون حاضرين مع الحجاج الإيرانيين، مما سيقدم تعريفا جديدا وموحدا للبراءة من المشركين. ولذلك، وبهذا الرأي وأحداثه ينبغي اعتبار حج هذا العام “حج براءة”.

 

 

المصدر: منامة اون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky