الاجتهاد: يبحث كتاب الحرکة العلمية في البحرين تأليف: السيد سعيد الوداعي عن مراكز العلماء والمدارس والإنتاج العلمي في البحرين في حقبة حصرها المؤلف في حدود سبعة أو ثمانية قرون.
أهم النقاط :
أهمية موضوع الكتاب
قصة طبع الكتاب
محتويات الكتاب(الفصل الأول-الثاني)
المحدثون والأصوليون
أهمية موضوع الكتاب
إننا نستحضر تفاصيل الأيام التي نعيشها، وكثير منا يستحضر تاريخ السنوات القريبة الماضية، ولكن بعد عدة سنين ستختفي هذه التفاصيل على الأجيال اللاحقة كما قد غابت عنا تفاصيل السنين البعيدة، ولن تبقى إلا تلك الوريقات في الكتب إن أردنا حفظ تاريخنا وتراثنا خصوصا في بلد مثل البحرين الذي له تاريخ يضرب بجذوره أعماق الأرض، ولذلك كانت كتابة التاريخ أمراً مهما للغاية، والكاتب وفِقَ في هذا المجال حيث وثّق تاريخ النشاط العلمي في البحرين.
قصة طبع الكتاب
قدم المؤلف كتابه هذا إلى وزارة الإعلام طلبا للإذن في الطباعة، ولكنها لم تجب على ذلك ايجابا أو سلبا إلى أن طبعه المؤلف في بيروت ولما وصلت نسخه إلى البحرين صادرتها الوزارة المذكورة! وقد طبع الكتاب مرتين خارج البحرين.
محتويات كتاب الحرکة العلمية في البحرين
فيه فصلان:
الفصل الأول: نشأة وتطور المدارس العلمية في البحرين.
الفصل الثاني: إسهامات علماء البحرين في العلوم.
الفصل الأول
بدايات الحرکة العلمية في البحرين: يرى الكاتب السيد سعيد الوداعي بأنه لم يبحث أحد في تحديد بداية للتاريخ العلمي في البحرين، وقد ذكر أن أول عالم بحراني مترجم هو ناصر الدين ت: ٦٠٥هج، وهو فقيه لغوي.
ولكننا نقول بأن قوام التاريخ بشخصياته، ولذلك تعتبر تراجم العلماء سيما الكبار منهم علامة كاشفة عن الجذور التاريخية للحركة العلمية. وقد نقل عن بعض الرحالة الأسبان أن وصفه البحرين بأنها جامعة الشيعة.
قبل خمسة قرون لم يكن الشيعة في البحرين يتجاوزون ٤٠ أو ٥٠ ألفا، وقد ذكر أنه عُقد مجلس فاتحة قد حضره ٣٠٠ عالما، وهذا كاشف عن مدى كثرة العلماء فيها مقارنة مع عدد السكان.
المدرسة العلمية: النشأة والتطور
ذكر المؤلف سببا واحدا لعدم تأريخ المدارس البحرانية كما قد أُرّخ لبقية المدارس العريقة كمدرسة النجف والحلة:
الجغرافيا: فكانت البحرين جزيرة محاطة بالمياه من كل جانب فيصعب الوصول إليها، ولم تكن متصلة بالحواضر العلمية الكبيرة كالحلة وبغداد.
ولذلك كتب علماء الحلة رسالة للشيخ ميثم البحراني يعاتبونه فيها على انزوائه في البحرين مما سيؤدي إلى اندثاره.
ولكن منذ ذلك الزمان وبجهود الشيخ ميثم بدأ اتصال البحرين بالحواضر العلمية، فمن ذلك هجرة الشيخ حسين بن عبدالصمد والد الشيخ البهائي إليها، وتكشف رسالته إلى ابنه البهائي عن أن البحرين بلد ايمان لا بلد علم فقط.
الشيخ مفلح الصيمري، وهل النسبة إلى صيمر بلد في العراق أو هو بحراني ؟ هذا الأمر ليس واضحا، وعلى كل حال فهو قد استقر في سلماباد وقبره هناك.
وبالعكس أيضا فإن بعض العلماء هاجروا إلى شيراز وصاروا مشايخ للإسلام فيها كالشيخ صالح بن عبدالكريم الكرزكاني ت: ١٠٩٨هج.
المراكز العلمية
كان الطلاب البحرانيون يهاجرون إلى بعض القرى التي احتوت على مدرسة علمية وعلى أحد العلماء الكبار ومنها:
الماحوز: حيث كان فيها الشيخ سليمان الماحوزي وقد هاجر إليها الشيخ عبدالله السماهيجي وحضر عند الماحوزي.
البلاد القديم: وربما تعد أكبر مركز علمي في البحرين وهذا يعود إلى أنها العاصمة السياسية آنذاك ومركز القضاء وأمور الحسبة.
جزيرة أُكُل أو النبيه صالح مؤخراً: مدرسة الشيخ داود في هذه الجزيرة، ولم يفصل فيها المؤلف مع أنها من أعرق وأبرز المدارس البحرانية، يكشف عن ذلك هجوم العمانيين عليها حيث أدى إلى استشهاد ما يقرب من سبعين عالما حتى سميت بكربلاء البحرين.
جدحفص: وفيها عدة مدارس كمدرسة الشيخ داود بن شافيز ومدرسة مسجد السدرة.
الشاخورة: بعدما انتقل الشيخ حسين العصفور إليها بنى فيها مدرسة وتصدرت مدارس البحرين فاجتمع له الكثير من طلاب العلم أحصى الباحث الشيخ فاضل الزاكي منهم ٣٢ عالما.
قرية الخارجية بسترة: حيث كان فيها الشيخ عبدالله الستري وقد توجهت الأنظار إليه بعد شهادة الشيخ حسين العصفور وهاجر إليه طلبة العلم، وفي نفس الوقت كان متسلما للزعامة في البحرين، وقد اعتبره المؤلف خاتمة العلماء الكبار قبل بدء تراجع الحوزة البحرانية.
تمويل هذه المدارس
الأعداد الكبيرة للعلماء تتطلب مصروفات كثيرة، ولم يستمر التمويل بوتيرة واحدة بل كان يمر بفترات وافرة وفترات ضائقة، رسالة الشيخ ميثم البحراني إلى نصير الدين الطوسي تكشف عن ضائقة مالية في زمانه فقد شكا فيها حال طلبة العلم بشكل خاص.
ولم يبين المؤلف سر اختيار النصير الطوسي، ولعل السبب أن النصير كان شيخ الطائفة في زمانه وكانت له مكانة عند الإسماعيلية الذين تسنموا السلطة آنذاك.
وفي فترة أخرى مرّت الحوزة برخاء مالي وتحديدا في زمان الحاكم محمد بن ماجد البلادي وظاهره أنه شيعي وقد كان متكفلا برعاية الحوزة بأمواله الخاصة، وكان ذلك في زمان شيخ الإسلام في البحرين الشيخ محمد بن ماجد الماحوزي ت: ١١٠٥هج، وذات مرة غضب هذا الشيخ على الحاكم وتفل في وجهه، فخاف أن يقطع الأموال عن الحوزة وأن يلحق به ضررا، ولكن في
الليل أرسل هذا الحاكم أموالا وخلعا إلى الشيخ وتلامذته. هذا واضح الدلالة على قوة العلماء وأن مكانتهم فوق مكانة الحاكم.
سبب انتشار علم الحديث في البحرين
الشيخ علي بن سليمان القدمي ت:١٠٦٤هج أول من نشر علم الحديث في البحرين، وولعله يعلل سبب انتشاره في هذا الزمان بالتحديد بأنه استجابة غير مباشرة لتوجه السلطة الصفوية المتبنية للنهج الأخباري في قبال الأصوليين، كما أنها شجعت على احياء التراث الصوفي أيضا. ولكن هذه المعلومة تحليلية وغير مؤكدة نقلها عن بعض الكتاب ولذا يقول الكاتب في الصفحة 51: “وقد يظن ظانٌ أن المدرسة الشيعية لم تعرف الحديث ولا علمه إلا في عهد الصفويين وهو ظن لا تؤيده الشواهد التاريخية…”
مظاهر نشاط الحوزة العلمية في البحرين
كثرة التأليف: المخطوطات القديمة لعلماء البحرين تعد بالآلاف ولكن لم يبق لنا منها إلا القليل جدا، فقد كانت هناك حركة مشجعة للكتابة ونقاش للمكتوب.
المحدث الشيخ عبدالله السماهيجي ألف رسالة في ضمان البهائم فعرضها على أستاذه الأصولي الشيخ سليمان الماحوزي فقرر الاستاذ أن ينقضها فقبل السماهيجي بشرط: أن ينقضها بالرواية لا الاجتهاد، وشروحات المتون والحواشي وغيرها كانت علامات على نشاط الحوزة العلمية.
مناظارت العلماء: وكانت تتم بطريقتين: مكتوبة وشفهية، أما الأولى فكانت هناك رسائل متبادلة بين علماء البحرين وغيرهم، والثانية فمثلما حصل مكررا بين الشيخ داود بن شافيز المعروف بقوة حجته وبين الشيخ حسين بن عبدالصمد والسيد حسن الغريفي، وقد نقل عن الشيخ سليمان الماحوزي أن الغلبة في الظاهر للشيخ شافيز ولكنه في الليل يذهب لبيت السيد الغريفي ويعتذر له ويقول الحق ما قلته.
بعد تلك الحركة العلمائية الضخمة حصل خمول للمدرسة البحرانية، ولكن متى بدأ ذلك؟
يرى المؤلف أن تقهقهر الحوزة البحرانية بدأ مع تدهور الدولة الصفوية، وهذا التدهور نشأت عنه عوامل عجلت على خمول ذلك النشاط، ومنها:
١. حملات الخوارج على البحرين، من يلاحظ بعض المخطوطات التاريخية عن البحرين يجد أن داعش نسخة عن خوارج عمان، حتى قيل بأن البحارنة كادوا أن يمحوا من الوجود بسبب الخوارج، يغزون البحرين وتُباح لهم ستة أيام يقتلون وينهبون ويحرقون الكتب النفيسة.
الفصل الثاني: إسهامات علماء البحرين في العلوم
الفقه: أول ما وصل إلينا هو شرح ألفية الشهيد الأول للشيخ إبراهيم بن منصور ت: بعد ٨٠٧ هج.
وشرح قواعد العلامة الحلي للشيخ أحمد بن عبدالله المتوج ت: ٨٢٠ هج، وكتب أيضا النهاية في خمس مائة آية وهو كتاب في آيات الأحكام ويعتبر كتابا ثانيا بعد كتاب الراوندي، وقد اعتُمد عليه من بعده فمن يلاحظ كتاب كنز العرفان للمقداد السيوري يجد أنه قد أكثر النقل عن كتاب ابن المتوج.
وكتاب الحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني، وهذا الكتاب أكبر من أن يوصف، وينقل أن السيد الخوئي كان يحضر لبحثه من كتابين أو ثلاثة أحدها الحدائق.
وكتاب الأنوار اللوامع للشيخ حسين العصفور، وهو شرح على مفاتيح الشرائع للفيض الكاشاني.
القرآن: ابن المتوج البحراني كان له قصب السبق فيه حيث ألف ثلاثة تفاسير ورسالة الناسخ والمنسوخ، وتفسير البرهان للسيد هاشم البحراني، والشيخ محمد علي المقابي كتب صفوة الصافي والبرهان وهو تفسير مزج فيه بين الروائي واللغوي، وتفسير نزهة الناظرين في تفسير القرآن المبين وهو تفسير لغوي للشيخ عبدالله الستري.
الحديث: السيد ماجد الجدحفصي أول من نشر علم الحديث في شيراز، والشيخ علي بن سليمان القدمي أول من نشر علم الحديث في البحرين، وقد ألفوا في الحديث مجاميع مثل كتاب الشهاب في الحكم والآداب وهو ألف حديث صحيح عن النبي محمد (ص) ألفه الشيخ يحيى بن عشيرة، وجمعوا أحاديث تدور حول محور واحد مثل الإنصاف في النص على الأئمة الاثني عشر الأشراف للسيد هاشم البحراني، وكتبوا شروحات على الأحاديث كشرح الشيخ محمد بن علي المقابي على وسائل الشيعة، كما قد كتبوا في التوثيق والتضعيف ككتاب معراج الكمال إلى معرفة الرجال للشيخ سليمان الماحوزي.
الكلام: يستقرب المؤلف أن أول علم نشأ في البحرين هو علم الكلام والفلسفة مستشهدا بالمشايخ الثلاثة الذين أحيوا المدرسة البحرانية وهم الشيخ أحمد بن سعادة وتلميذه الشيخ علي الستراوي وابن ميثم البحراني الذي له عدة كتب كلامية أبرزها قواعد المرام.
اللغة: لم يشر المفهرسون إلى كتب لغوية لعلماء البحرين إلا نهاية القرن الثامن علي يد إسماعيل بن عطية البحراني.
المحدثون والأصوليون
البحرين إحدى المحطات المهمة للخلاف بين الأخباري والأصولي، وتميزت البحرين بالاتجاه الأخباري غالبا، وقد سجل علماء البحرين رأيهم في هذا الخلاف بأنه خلاف علمي نشأ بسبب الاختلاف في اعتماد المنهج الاستنباطي، ولم تكن هناك حزازات شخصية بين العلماء بل كل منهم يتبع الدليل حتى لو كانت نتيجته موافقة لنتيجة الاتجاه الآخر، فمن الغريب ما أطلقه علي الجابري في كتابه الفكر السلفي عند الشيعة الاثنا عشرية على الشيخ عبدالله السماهيجي حيث وصفه “بالمتصلب السلفي”، ولا نحسبه إلا جاهل أو متجاهل بمؤلفات السماهيجي الذي أكثر المدح لأستاذه الأصولي الشيخ سليمان الماحوزي، ثم إن من يقرأ مقدمات الحدائق الناضرة يجد الخلاف علميا تابعا للدليل وإن اتسم بالشدة في نقد الاتجاه الآخر.
عنوان الكتاب: الحرکة العلمية في البحرين، تأليف: السيد سعيد الوداعي
المتحدث: سماحة الشيخ عزيز الخضران.
المكان: منتدى السيدة المعصومة (عليها السلام) الثقافي – قم المقدسة